نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


هل تصلح لافتات الشوارع ما أفسده "صالح" أم هي محاولة متأخرة لتعزيز مفهوم الوحدة اليمنية




صنعاء - خالد المهدي - عند مفترق طرق لا يبعد كثيرا عن القصر الرئاسي بالعاصمة اليمنية صنعاء تحمل لافتة عملاقة رسالة مختصرة وواضحة: "الوحدة عنوان القوة، والعزة والكرامة"،إنها واحدة من عشرات اللافتات الضخمة التي تحتل مواقع إعلانات الشركات الكبرى في شوارع صنعاء، والعديد من المدن اليمنية الرئيسية


تحمل اللافتات تلك عبارات وشعارات مختلفة تحض على الوحدة
تحمل اللافتات تلك عبارات وشعارات مختلفة تحض على الوحدة
وذلك في إطار حملة غير معهودة أطلقها طلقهاأمسئولون يمنيون سعيا لحشد المواطنين خلف شعاري "قوتنا في وحدتنا" و"اليمن أولا"، وسط تصاعد أعمال العنف في جنوب البلاد، مع تنامي مشاعر انفصالية أضحت تضع وحدتها على المحك.

تقود الحملة هيئة غير حكومية شكلها مسئولون قريبون من الرئيس صالح، برئاسة طارق محمد عبدالله صالح، قائد الحرس الرئاسي الخاص، في كانون ثان/يناير الماضي تحت اسم "الهيئة الوطنية للتوعية".

يقول عارف الزوكا، المدير التنفيذي للهيئة إنهم يسعون من خلال الحملة إلى "تشكيل وعي وطني لحماية البلاد من الأفكار الهدامة والثقافات المنحرفة والمخططات التآمرية".

يرى الزوكا أن المهمة الرئيسية للهيئة هي "تجذير الوعي الوطني الذي يرسخ الانتماء والولاء الوطني، ويعمل على إيقاظه في قلب كل يمني، لنقف جميعا أمام ما يتهدد هويتنا وانتمائنا الوطني".

وتشهد مدن رئيسية في جنوب البلاد منذ نهاية عام 2007 احتجاجات عنيفة واشتباكات بين قوات الأمن وأنصار جماعات مناوئة للوحدة تجمعت تحت مظلة ما يعرف بـ "الحراك الجنوبي"، وهي حركة تدعو إلى إعادة فصل جنوب اليمن عن الدولة الموحدة التي شكلت عام 1990 بإعادة توحيد الشطرين الشمالي والجنوبي للبلاد

وتقول تلك الحركة إن الحكومة المركزية في صنعاء تمارس التمييز ضد سكان الجنوب.

ويعتقد أستاذ علم الاجتماع في جامعة عدن، محمود شائف، أن هذه الحملة جاءت متأخرة وأنه يتعين "على الحكومة أن تعجل باتخاذ معالجات عملية لمطالب مواطنيها في الجنوب".

يقول شائف: "أعتقد انه لا تزال هنالك إمكانية لتلافي الأمر بحلول عملية، دون أي تأخير".

ويضيف: "كانت مطالب الناس بسيطة،ولكن الآن بدأ سقف المطالب يرتفع، من مطالب بسيطة جدا قبل ثلاث سنوات، تتمثل في حقوق وعودة إلى الوظيفة، إلى الحديث الآن عن الفيدرالية والكونفيدرالية والانفصال".

وقد ترافقت أعمال العنف شبه اليومية مع مشاعر كراهية متنامية في معظم مناطق الجنوب تجاه سكان الشمال، والتي تجسدت في اعتداءات استهدفت محالا تجارية في مدن جنوبية، مملوكة لتجار من الشمال، أيضا سيارات تحمل لوحات مرور صادرة في محافظات شمالية.

كما أضحى لزاما على الشماليين تفادى السفر إلى مدن كالضالع والحبيلين والحوطة في الجنوب اليمني، في أعقاب تكرار أعمال العنف والاعتداءات التي تستهدف الشماليين وسياراتهم أثناء مرورهم عبر تلك المدن خلال الأشهر القليلة الماضية.

وأطلقت مجالس البلدية في صنعاء وعدن، كبرى مدن الجنوب، حملة دعائية مماثلة تقوم على وضع لافتات عملاقة على الطرق الرئيسية وتوزيع ملصقات ومنشورات، وتقديم إعلانات تلفزيونية تحث على الحفاظ على الوحدة ونبذ ثقافة الكراهية والعنف

تسعى السلطات من وراء هذه الحملة إلى الرد على دعوات الانفصال التي تطلقها الحركة الجنوبية، وترى الحكومة أنها تعمل على بث الكراهية وثقافة العنف بين مواطني "اليمن الموحد".


تحمل اللافتات عبارات مثل: "وحدتنا قوتنا" و "عزتنا في وحدتنا".
ويرى البائع الجائل في صنعاء علي سنان، في حجم الحملة وأيضا في الحجم الكبير لتلك اللافتات المعضلة التي تواجهها حكومة صنعاء في تعاملها مع المشاعر الانفصالية المتزايدة في الجنوب.

يقول سنان: "من حجم هذه اللافتات، ترى أن حجم المشكلة في الجنوب كبير".

محمد مفتاح (34 عاما) هو أحد سكان مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج الجنوبية، أفرجت عنه السلطات في أيار/مايو الماضي مع 18 شخصا آخرين كانت الشرطة اعتقلتهم أثناء أعمال شغب في المدينة، أحرق خلالها متظاهرون محالا تجارية يملكها شماليون.

وقال مفتاح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إنه بإمكان الحكومة "تفويت الفرصة على مثيري الشغب من خلال تلبية مطالب الناس".

وأوضح: "بعض الناس يطالبون بوظيفة، هناك خريجون من الجامعات منذ خمسة أعوام ينتظرون في منازلهم لفرصة عمل.. وهناك آخرون يطالبون باستعادة أرض استولى عليها نافذون".

وأضاف: "إذا نظرت الحكومة إلى مثل هذه المطالب المشروعة، ستفوت الفرصة على من يستفيد من هذا الوضع لإثارة القلاقل والشغب".

ويرى منتقدون في إنشاء "الهيئة الوطنية للتوعية" والحملة التي تقودها لتعزيز مفهوم الوحدة عملا غير ضروري وأنه كان الأجدر بالحكومة المركزية في صنعاء الالتفات إلى مطالب سكان الجنوب التي تتمثل في تحسين أوضاعهم المعيشية ومحاربة الفساد.

واعتبر المحلل السياسي عبدالسلام محمد أن الهيئة الوطنية للتوعية تمثل "صورة من صور الفساد في البلاد"، حيث يقول: "مئات الملايين أنفقت على لوحات ضوئية وقماشية وأعلام ملونة وريبورتاجات إعلانية في الإذاعات والفضائيات والصحف وكلها تحت شعار (اليمن في قلوبنا)".

وتساءل، "هل خرجت اليمن فعلا من قلوبنا حتى تصرف كل هذه الأموال في عمل دعائي يرى مموله أنه سيعيد الوطنية إلى ملايين اليمنيين؟".

هذا الرأي أستاذ الاجتماع، شائف، الذي اعتبر أن "مفهوم الانتماء مشفوع بالقدر نفسه بمدى قدرة الحكومة على تلبية مطالب مواطنيها واحتياجاتهم وتوفير الأمن والاستقرار والرفاهية واحترام حقوق ومشاعر المواطنين".

يعتقد أنصار الحركة الجنوبية التي تتبني الدعوة إلى الانفصال أن ما يصفونه بعدم كفاءة الحكومة يساهم في حشد التأييد لتلك الدعوات.

يقول قاسم داوود القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني المعارض، الذي حكم جنوب اليمن لمدة تزيد عن عشرين عاما قبل الوحدة، "الناس بحاجة إلى حكم رشيد وإلى سياسات مسئولة وإصلاحات عميقة جذرية وشاملة لأحوال البلاد، لا إلى لافتات وشعارات".

خالد المهدي
الاربعاء 28 يوليوز 2010