وكيف لا يكون بوتين سعيداً وقد أخرج نفسه من مأزق الاستنزاف اليومي بملايين الدولارات دون أن يستطيع كسر إرادة الشعب السوري؟ نعم لقد خسرنا العديد من المناطق بفعل القصف الهمجي الروسي ولكن خمس سنوات من الثورة علمتنا دائماً أن نستعيد مانخسره ونعود لنجدد إرادة القتال من جديد.
كيف لا يكون بوتين سعيداً وقد استثنت الهدنة المزعومة بشكل واضح جبهة النصرة من القصف؟ والكل يعلم أن مقاتلي الجبهة ومقراتها منتشرون في طول البلاد وعرضها ومن شمالها لجنوبها؟
جاء التدخل الروسي أساساً في سوريا بحجة محاربة تنظيم الدولة, لكن الطيران الروسي هدم الأبنية فوق رؤوس المدنيين وقتل النساء والأطفال وشرد عشرات الألوف واستهدف مقاتلي وقادات مختلف الفصائل بكل انتماءاتها حتى في مناطق لا يتواجد فيها تنظيم الدولة منذ فترات طويلة جداً, فإذا كانت تلك هي طبيعة القصف بحجة تنظيم الدولة فكيف سيكون بحجة تنظيم الدولة وجبهة النصرة معاً وهذه المرة تحت غطاء (هدنة) وبحجة حقن دماء المدنيين؟
كنت أتأمل من إخواننا في بقية الفصائل أن يصروا على عدم استثناء أي فصيل من وقف إطلاق النار كي يحظى بقبولهم, وخصوصاً في ضوء سياسة الكيل بمكيالين التي انتهجها إعلان الهدنة, فإذا كان ما يسمى بالمجتمع الدولي يرى في مجرمي حزب حسن نصر إيران وحركة النجباء العراقية وعشرات العصابات الطائفية الإيرانية والأفغانية والباكستانية وحتى الكورية الشمالية إذا كان يرى فيهم ملائكة, فهذا المجتمع الأعمى مطالب بمواقف أشد تصلباً منه تنزع من أيدي نظام الأسد المجرم وحلفائه الروس والإيرانيين ذريعة قصف الجميع بحجة محاربة مايسمونه بـ( الإرهاب).
ومن جانب آخر ولو فرضنا جدلاً أن روسيا جادة في وقف إطلاق النار مع ضعف هذا الافتراض, ولكن لو فرضنا صحته فهل (تمون) روسيا على تلك العصابات القذرة أن تكف جرائمها بحق المدنيين؟ وهل سيلتزم نظام الأسد المجرم بأوامر المشغل الروسي؟ وماذا لو حصل تناقض بين مصالح أسياده الإيرانيين مع أسياده الروس ؟ ألن يدفع الشعب السوري بدمائه الثمن كما في كل مرة؟
نحن لا نتكلم جزافاً ونعلم الاختلال في موازين القوى كما نعلم تواطؤ العديد ممن يدعون صداقتهم مع قضيتنا, لكننا يجب ان نكون متأكدين أن بيدنا من أوراق الضغط ما يمكننا من تحسين شروط تفاوضنا لحماية شعبنا وحقن دمائه.
يجب أن نعلم يقيناً أن هذا المجتمع الدولي لم يكن ليفرض هذه الهدنة لولا مصالحه الخاصة, روسيا التي تئن اقتصادياً وأوباما الذي ينتظر الانتخابات وأوروبا التي تكاد تنهار وحدتها بفعل اللاجئين كل تلك الجهات تريد أن تجد حلاً في سوريا ولكن على حساب دمائنا وعذابات أهلنا.
مفتاح نصرنا هو الذي نتحدث عنه دائماً وأبداً, الكلمة السحرية (وحدة الصف)..ومع أن كلنا شوق لرؤية اليوم الذي ينعم فيه أطفالنا وأهلنا بالأمان بعيداً عن القصف والقتل والدمار, فإننا متيقنون أن هذا لن يتم ونظام الأسد المجرم ما زال موجوداً كيقيننا الدائم بأن وحد صفنا هي السبيل الوحيد لدحر عدونا وتحرير أرضنا.
----------------------------------------
 هادي العبد الله - خاص لموقع مرآة سوريا