نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور


الجامعات الأمريكية - الليبرالية تشكو من التضييق على حرية التعبير




واشنطن ( د ب أ ) - يبدو أنه في الكثير من الجامعات الأمريكية هذه الأيام باتت "حرية الروح الانسانية التي لا تعرف حدودا"، والتي كان قد بشر بها الرئيس الأمريكي الأسبق توماس جيفرسون، أمرا "حاضرا بغيابه"، نظرا لأن أعمال أدبية كلاسيكية مثل "جاتسبي العظيم" لسكوت فيتزجيرالد، أو "التحولات" لأوفيد، أو "السيدة دولواي" لفيريجينا وولف أصبح التعامل معها يتم بحذر شديد على اعتبار أن ما تتضمنه من عنف جسدي وجنس أو مخططات للانتحار يمكن أن تجرح مشاعر الطلبة، فيما يرى البعض أن "قتل الطائر المغرد" لهاربر لي تبدو عملا شديد العنف.


إزاء هذا الوضع، تشكو العديد من الجامعات الأمريكية من جو التضييق السائد على حرية التعبير. "أنا أستاذ ليبرالي، وطلبتي الليبراليون يخيفونني"، صرح أستاذ جامعي لموقع "فوكس"، بالرغم من ذلك تم تداول النص الذي يرغب الأستاذ الجامعي في إلغائه من المقرر الدراسي، كإجراء احترازي، أكثر من 200 ألف مرة على موقع فيس بوك. من يشتكون من هذه "الانتهاكات البسيطة"، بعبارة أخرى، التحذيرات الواعية أو غير الواعية المتعلقة بشأن لون البشرة أو النوع أو الدين، هم في الغالب من الطلاب الليبراليين، حيث يعتبرون أنه في إطار نوع من سياسة التصحيح الشاملة والمقبولة ضمنا، هناك حدود للنقد، ويرتبط هذا بصورة مباشرة مع الجدل الدائر منذ فترة حول ارتفاع معدلات التحرش والاعتداءات الجنسية داخل الجامعات، ليصبح الناتج خليطا مثيرا للجدل. وصفت مجلة "ذي اتلانتيك" الأمر مؤخرا بأنه نوع من "سوء تربية الروح الأمريكية"، ونشرت مع المقال صورة طفل عمره عامان، ملفوف في كنزة صوفية تحمل شعارا جامعيا ويكتب بصورة عشوائية على جهاز حاسوب محمول. في هذا السياق يوضح خبير التربية جريج لوكيانوف وعالم النفس جوناثات هيدت بجامعة نيويورك أن "هذه الفرضيات لها عواقب كارثية على الصحة النفسية للأجيال الشابة وكذلك على تكوين وعيها الثقافي".

ووصل الأمر إلى حد أن تطرق إليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال لقاء جمعه بطلبة من جامعة أيوا "لا أرى أنه يجب تدليل طالب دخل الجامعة وحمايته من أراء مختلفة عن أرائه"، ويرى أوباما أن الطلبة الجامعيين يجب أن يكونوا قادرين على مواجهة الآراء الخلافية والدخول في مناقشات حولها. "لا يجب إجبارهم على الصمت مدعين: لا يجب أن تأتي لأن لدي حساسية شديدة تجاه أرائك. هذا ليس أسلوب تعبير".

تحكي أستاذة القانون المرموقة بجامعة هارفارد، جيني سك في مقابلة مع جريدة "ذي نيويوركر"، عن مدى صعوبة إلقاء محاضرات في "عصر التحذيرات" هذا، عن الجرائم الجنسية، والسبب؟ لأنه ببساطة بعض الطلاب يرون أن تفاصيل جرائم الاغتصاب على سبيل المثال، قد تسبب لهم مشاكل نفسية. تؤكد الأستاذة الكبيرة أن هذا الوضع أصابها بالارتباك، حيث تتساءل "هل يمكن أن نتصور طالب طب يريد أن يتخصص في الجراحة، ولكنه يخاف من منظر الدماء؟ ماذا بوسع الأستاذ أن يفعل حيال هذا؟ حساسية الطلاب الأمريكيين المفرطة، جعلت نجوم الكوميديا الذين لطالما كانوا موضع ترحيب يتحاشون التردد على الجامعة، فبحسب ما رواه النجم الكوميدي جيري سينفيلد في حوار للإذاعة مع بيل ماهر مقدم برنامج "وقت حقيقي"، أن زملائه حذروه من الاقتراب من بعض الكليات لأنها تتبع سياسات "تصحيحية مبالغ فيها".

يوضح أحد النقاد أن "سياسة الحمائية الزائدة" تعد من أهم أسباب تراجع ثقافة الحوار في الجامعات، مؤكدا أن كثير من الآباء الأمريكيين يربون أبناءهم هذه الأيام على هذه السياسة. يضاف إلى ذلك عاصفة من الشكاوي ضد موجة التحرر التي تشهدها العديد من مناطق المهمشين والأحياء العشوائية. فضلا عن ذلك تغير موازين القوى في الجامعات حيث أصبح الطالب الذي يدفع مصاريف ضخمة نظير قبوله في جامعة مرموقة، يعامل معاملة الزبون على قاعدة أن "الزبون دائما على حق" وبالتالي يجب أن تكون الخدمة المدفوعة عند حسن ظنه.

بالتزامن مع هذا تراجع بشكل ملحوظ عدد الأساتذة الجامعيين الذين يحظون بدوام كامل وعقود ثابتة، حيث تشير الأرقام إلى أن الربع فقط بين أساتذة الجامعة في كل الولايات المتحدة لديهم عقود ثابتة، ولهذا بالنسبة للباقين، قد تؤدي أية شكوى من أحد الطلاب لضياع مستقبل المدرس. "يجب ألا نلوم الطلاب، العيب في المنظومة الجامعية"، علق أستاذ جامعي فضل عدم ذكر اسمه على موقع "فوكس".

"زملائي الذين يتركون طلابهم يملون عليهم برنامج المقرر الدراسي، حفنة جبناء"، انتقدت أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة أوهايو كوريثا ميتشل هذا الوضع، حيث ترى "لا أستطيع تغيير المناهج لأن هذا يشعر بعض الطلاب بمزيد من الارتياح. أنا امرأة وسوداء. لا يزال وجودي يثير امتعاض بعض الطلاب. هيئتي لا تتماشى مع صورة المدرس الخبير لديهم".

ولهذا يحلو لميتشل إثارة مناقشات حول موضوعات معينة مثل شكاوى بعض الطلاب الذين يدعون أن المقرر يضم كما كبيرا من الأعمال الأدبية لكتاب سود في محاضرات اللغة الإنجليزية. بالنسبة لها الأمر واضح تماما: "بوسعي التعبير عن رأيي بوضوح لأن لدي رأي واضح".

اندريا بارثيلمي
الاربعاء 6 أبريل 2016