تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

سبع عشرة حقيبة للمنفى

27/11/2025 - خولة برغوث

في أهمّية جيفري إبستين

26/11/2025 - مضر رياض الدبس

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز


مناوشات المرحلة الانتقالية في اتحاد الكتاب العرب في سورية






لم يكد يعيّن الكاتب والأكاديمي أحمد جاسم الحسين رئيساً لاتحاد الكتاب العرب في سورية، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حتى بدأت أنباء الخلافات تُنشر على صفحات السوشيال ميديا، بين أعضاء من المكتب التنفيذي وبين الرئيس الجديد، حول قضايا أبسط ما يُقال فيها، إنها من المسلّمات التي يفترض حلها بيسر في إطار من الود والتوافق.


 القصة بدأت، عندما قرر أحمد جاسم الحسين، إلغاء المجلات التي يصدرها الاتحاد، وهي: "الموقف الأدبي، والتراث العربي، والآداب الأجنبية، والأسبوع الأدبي"، وتغييرها بمجلة واحدة مع موقع إلكتروني، ضمن اجتماع غير مكتمل للمكتب التنفيذي في الاتحاد، حضره خمسة أعضاء إلى جانب رئيس الاتحاد، وقد صوت ثلاثة منهم لصالح القرار إضافة لرئيس الاتحاد، فيما عارضه اثنان. وتبعاً لما نشره الكاتب محمد منصور ، رئيس تحرير مجلة "الموقف الأدبي" وعضو المكتب التنفيذي، فإن غياب ثلاثة أعضاء عن الاجتماع، يجعل هذا القرار منقوص الشرعية، لأنه صدر بموافقة أربعة أعضاء من أصل تسعة.

وكتب منصور مقالاً يبين فيه معارضته قرار إلغاء المجلات، شارحاً ثغراته القانونية وتداعياته الثقافية، ثم دفعه للنشر في مجلة الأسبوع الأدبي التي يصدرها الاتحاد، لكن قرار عدم السماح للمقال بالنشر، كان حاضراً من رئيس الاتحاد، كما يؤكد منصور، فاضطر منصور لنشره لاحقاً في أحد المواقع العربية.

يبدو أن حال بقية النقابات "الإبداعية" لا يختلف عن اتحاد الكتاب

وخلال أيام شهدت القصة تصريحات تشرح ما جرى، وتصريحات مضادة، فقد حمّل رئيس الاتحاد مسؤولية رفض المقال إلى رئيس تحرير الأسبوع الأدبي، ووصل الأمر إلى إصدار منصور، بياناً وقّع عليه عدد كبير من كتاب سورية، رفضاً لقرار إلغاء المجلات، لكن الأمور لم تحل أيضاً، فقام بعدها منصور بإعلان استقالته من عضوية المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب، وكتب في صفحته الشخصية على فيسبوك: "أغادر الاتحاد، لكن سأبقى في سوريا، بلدي، حيث حلمي الذي تحقق".

وكان من تداعيات قرار منع مقال منصور، إقالة رئيس تحرير الأسبوع الأدبي حسن قنطار، الذي حُمّل وزر الموضوع، في حين أكد منصور أن قرار المنع صدر من رئيس الاتحاد، وجرى تبليغه بالقرار عبر رئيس التحرير.
المشاركة في الاستراتيجية الجديدة

الغريب في صدور قرار جوهري بهذا الشكل، هو طبخته المستعجلة، فبالإضافة إلى غياب اجتماع كل أعضاء المكتب التنفيذي، لأجل حوار مسؤول حول صحة التوجّه الجديد، هناك تجاهل لعدة تجمّعات أدبية أبدت الحماسة للعمل والتعاون مع الاتحاد في صياغة النهج الجديد! يغمز بعض الكتاب بأن قرار جاسم الحسين بإلغاء مجلات الاتحاد، كان "من فوق"، وإلا لما استعجل بإصداره على هذا النحو بمعزل عن اجتماع كامل للمجلس التنفيذي. في حين يقول آخرون إن أسلوب صدور القرار، يشكل إنذار خطر من الفردانية التي يُخشى أن تسيطر على الاتحاد، وتُوقعه في سجالات وخلافات هو بغنى عنها في هذه المرحلة. 

ويبدو أن حال بقية النقابات "الإبداعية" لا يختلف كثيراً عما عصف على الفور باتحاد الكتاب العرب، فنقابة الصحافيين واتحاد التشكيليين السوريين، يعانيان من الأجواء نفسها تقريباً، لكن تلك المعاناة ما زالت حبيسة النفوس ولم تخرج للعلن، على الأقل عبر صفحات السوشيال ميديا. هناك من يرى أن "الشرعية الثورية"، تعتبر مبرراً لعمليات الإنزال المظلي التي حدثت في مكاتب قيادات تلك النقابات "الإبداعية"، لكن المشهد نفسه يدل على فداحة "تعيين" الأشخاص في مراكزهم، عوضاً عن انتخابهم حسب الأصول القانونية والخبرات.

وبالرغم من أن "تنظيف النقابات" من الدخلاء يعتبر ضرورياً، ومثالهم، عشرات الضباط الذين تحولوا لشعراء وروائيين أعضاء في اتحاد الكتاب العرب، بفضل مطبوعاتٍ رثة، إلا أن أعذار "إعادة الهيكلة" في تلك المؤسسات، تثير المخاوف من استبداد جديد قد ينشأ تحت هذا المبرر، أو لربما يؤثر في النهج الثقافي، الذي لا يبدو واضحاً حتى اليوم.
بين حقبتين

بالعودة للوراء قليلاً، سنكتشف أبعاداً كثيرة لمرثية النقابات في سورية، حيث تعرضت تلك المؤسسات، لتدجين وحرفٍ عن المسار، منذ استلام البعث السلطة عام 1963. ويكفي أن نتذكر أن اتحاد الكتاب العرب الذي تأسس عام 1969، على يد أسماء لها باعها في الأدب، مثل حنا مينة وزكريا تامر وحيدر حيدر وصدقي إسماعيل وأنطون مقدسي، بدأ خطه البياني بالهبوط رويداً منذ عام 1972، وصولاً إلى مرحلة بات فيها جزءاً من المنظمات التابعة لحزب البعث، سواء في اختيار المكتب التنفيذي ورئيس الاتحاد، أم في انتساب الأشخاص بناء على عوامل غير إبداعية.

ومنذ 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بدأت هذه التجمعات النقابية تلملم بقاياها المتهالكة، من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، لكن السؤال المطروح اليوم: أين هم كتاب سورية؟ ولماذا لا يشاركون في رسم المسار والحوار المعمق والهادئ حول النهج الجديد؟ تطورات الأوضاع في اتحاد الكتاب العرب، دفعت "رابطة الكتاب السوريين" لإصدار بيان، ذكّرت فيه بمبدأ التشاركية المتفق عليه في إدارة الاتحاد ضمن المرحلة الانتقالية، خاصة أنها مشاركة في عمل المكتب التنفيذي للاتحاد، "مجلس تسيير الأعمال". كما وجه مجلسها التنفيذي خطاباً رسمياً إلى وزير الثقافة، دعاه فيه إلى التدخل لإيقاف التفكك في مجلس تسيير الأعمال، الذي شاركت فيه الرابطة إلى جانب مشاركة روابط وهيئات أخرى للكتّاب نشأت في سياق الثورة السورية، بغرض تسيير شؤون الاتحاد بعد إسقاط نظام الأسد.
وكان من نتائج ذلك، أن اجتمع وزير الثقافة مع رئيس الاتحاد وأعضاء المكتب التنفيذي، وجرى خلال الاجتماع تجاوز الخلافات، والعودة لمبدأ التشاركية في اتخاذ القرارات، حتى إن محمد منصور، تراجع عن استقالته، نزولاً عند طلب الوزير. 

في كل الأحوال، ربما تكون قصة الخلاف في اتحاد الكتاب العرب، درساً لما قد ينشأ في بقية النقابات الإبداعية، حتى لا يضطر المواطن السوري مجدداً إلى التشكيك بإمكانية تشكّل نقابات مستقلة عن السلطة
----------
العربي الجديد.


زيد قطريب
الخميس 4 ديسمبر 2025