نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة

تأملات في الثورة الفاشلة

16/03/2024 - ماهر مسعود


"10 أيام قبل الزفة"... فيلم يمني يحكي للجمهور مأساة الحرب






صنعاء - أمل اليريسي - بات الفيلم اليمني"10 أيام قبل الزفة"، من أكثر الأفلام والأعمال الدرامية والسينمائية التي برزت بشكل لافت في البلاد التي تشهد حربا عنيفة منذ حوالي أربع سنوات، خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وعشرة أيام قبل "الزفة"، يقصد به تلك الأيام التي تسبق زفاف العريس أو العروس، وهو تقليد متوارث منذ فترة طويلة باليمن، يتم فيه سماع الأغاني الفرائحية بمكبرات الصوت، التي تعبر عن الزفاف أو الزواج، بالإضافة إلى الرقص، وممارسة طقوس فرائحية أخرى.
وهذا الفيلم الذي أنتج في أيام الحرب، تم بدأ عرضه مؤخرا على الجماهير بمقابل مادي رمزي، في مدينة عدن جنوبي اليمن.
و يعتبر كأول فيلم يمني جماهيري في تاريخ البلاد، حيث سبق أن تم إنتاج أفلام محلية في السابق؛ ولكن كلها كانت تذهب لمهرجانات، أو تعرض في عروض خاصة، ولم تكن تقدم للجمهور المحلي، كما حدث في "10 أيام قبل الزفة".


 
وتدور أحداث هذا الفيلم، بين(البطلين) الشابة رشا والشاب مأمون، حالت الحرب التي اندلعت في اليمن في عام 2015 دون زفافهما؛ غير أنهما يحاولان باستماته إتمام مراسيم الزفاف في عام 2018، وحين تتبقى 10 أيام لزفافهما، تقف في طريقهما مجموعة من العقبات... كل عقبة تمثل بشكل أو آخر إحدى تبعات الحرب.
كما شرحت أحداث الفيلم، معاناة الشابين، ابتداء بنزوحهما جراء الحرب، وتحكم تجار الحروب في مصائر النازحين، مرورا بالجماعات المسلحة المنتشرة في البلاد، وانتهاء بالأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف باليمن، وكفاح العروسين لمسابقة الزمن، من أجل إتمام الزفاف في موعده المحدد خلال 10 أيام.
ويعاني الشباب في اليمن الراغبين بالزواج من عوائق كبيرة تحول دون إتمام زفافهم، إما لظروف معيشية واقتصادية في الدرجة الأولى خصوصا أيام الحرب، أو مشكلات أسرية تكون سببا في تأخير تحقيق حلم الشباب في بناء الأسرة.
تجربة سينمائية في ظل الحرب
وبالنظر إلى الهدف من إنتاج هذا الفيلم اليمني، يقول عمرو جمال، مخرج ومؤلف "10 أيام قبل الزفة"، لوكالة الأنباء الألمانية( د. ب. أ)" كان هدفنا هو صناعة فيلم يمني محلي يعرض على الجمهور في صالات مجهزة للعرض السينمائي، عبر شباك التذاكر ليعيش الجمهور في مدينة عدن التجربة السينمائية مكتملة".
وحول الدافع للقيام بإنتاج الفيلم وعرضه، أضاف جمال" أردنا تسليط الضوء على الوضع الإنساني والاجتماعي في اليمن، في هذه الفترة البائسة من تاريخه، ونقل معاناة اليمنيين للعالم عبر الفيلم".
وأوضح أن عدد الممثلين في الفيلم، وصل إلى 48 شخصا، وهو يعتبر عددا كبيرا، مقارنة بأعمال يمنية أخرى.
وقد امتدت فترة إنتاج الفيلم الذي مدته ساعتين كاملتين، بين تجهيزات وبروفات وتصوير ومونتاج، إلى ستة أشهر، بالإضافة للكتابة التي أخذت أربعة أشهر أخرى، حسب جمال.
بين مخاوف الواقع وترحيب الجمهور
وعلى الرغم من الأوضاع الصعبة التي تمر بها اليمن، استطاع طاقم الفيلم إنجاز هدفه بإخراجه إلى الجمهور بشكل مميز.
وعلى هذا السياق يقول مخرج الفيلم عمرو جمال" كانت لدينا مخاوف كبيرة بسبب الأخبار المستمرة حول الوضع الأمني المتردي في عدن؛ وهو السبب الذي يوقف العروض المسرحية و تصوير المسلسلات الدرامية هناك ؛ ولكننا قررنا تحدي الوضع وتصوير الفيلم".
وتابع" فوجئنا بكمية الترحاب من الشارع في عدن... الكل دون استثناء احتضنا بشكل غير مسبوق، وتم تسهيل كل الصعاب لنا ...حتى الناس كانت تقدم الماء والعصائر لفريق العمل من منازلها".
وأشار إلى أن" فريق العمل واجه عوائق أخرى، أبرزها التمويل، حيث أن الدولة والتاجر في اليمن لا يؤمنون بدعم الفنون، وحصولنا على تمويل متواضع أخذ منا مجهودا خارقا ومذلا".
وأردف "عانينا من العوائق التي يعاني منها كل الشعب اليمني، كانهيار الخدمات العامة، والكهرباء التي تنقطع أكثر من نصف اليوم، واضطرارنا للتصوير باستخدام مولدات تحتاج للديزل(السولار) وسط معاناة في انعدام المشتقات النفطية بين وقت وآخر، بالإضافة إلى انهيار شبكات الاتصالات، وهذه كانت عائقا كبيرا يحول دون تواصلنا مع الممثلين وطاقم العمل ما أدى إلى تأخير جداول العمل".
ويبدي جمال سعادة كبيرة لإقبال الجماهير على الفيلم، ويتابع لـ(د.ب.أ)، بالقول" ردود أفعال الناس كانت مفاجأة كبرى لنا؛ فلم نتوقع كل هذا النجاح الكبير ... العروض تكون مكتملة العدد ومحجوزة لعدة أيام مسبقا، وهو شيء غير مسبوق إطلاقا في اليمن، فقد تحدينا أنفسنا بتجهيز قاعتي عرض، وفي كل قاعة 4 عروض أي بواقع 8 عروض يوميًا وكل العروض شبه مكتملة، ما اضطرنا لإضافة عرض تاسع إضافي في فترة العيد".

ومضى قائلا" تدفق الجمهور كان معجزة حقيقية خصوصا بعد “ الدعاية” السيئة عن الوضع الأمني في عدن طوال السنوات الثلاث الماضية بعد الحرب، ولكن الناس تحدت المخاوف لتثبت أن أبناء عدن يحبون الحياة والفعاليات الثقافية ويسعون لتطبيع الحياة.
واختتم جمال قائلا" تكاثف الناس ومحبتهم ومساندتهم لبعض، هو ما تبقى لنا في بلداننا المثقلة بالحروب... الناس هم الوحيدون القادرون على أن يجعلوا الفرح يولد من بين ركام الحرب كما حدث في فيلمنا".
عطش يمني للسينما
محسن الخليفي، المنتج المنفذ للفيلم، يرى في حديثه لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ)، أن هذا الفيلم أثبت بأن الجمهور اليمني متعطش بشكل كبير للسينما، وهو ما تم لمسه من حيث الإقبال الكبير على مشاهدة "عشرة أيام قبل الزفة".
وفيما يتعلق بما أضافه الفيلم للواقع الدرامي والسينمائي في اليمن، أوضح الخليفي أن "الفيلم قدم مستوى مرتفعا وجديدا ومختلفا عن المتعارف عليه في الدراما اليمنية، سواء على صعيد مستوى التمثيل، أو في سياق الحبكة الدرامية والتقدم التقني".

وتابع" الفيلم نقل الواقع بدون استحياء بكل شوائبه ومزاياه، من غير تجميل أو تحسين".
وبخصوص ظروف إنتاج الفيلم أضاف الخليفي" في بلد تعاني من الأزمات بشكل روتيني؛ كان التحدي الكبير لنا بجانب تحدي إنتاج الفيلم بصورة تقنية وفنية متكاملة، هو تجاوز رداءة الخدمات وتوفير حلول بديلة كلفتنا الكثير من الوقت والمال، ولكن بالأخير تجاوزنا كل الصعوبات بجهود جميع افراد الطاقم".
لم تكن تكاليف إنتاج الفيلم باهظة، حسب ما أوضح الخليفي، وكانت متواضعة جداً، وتوازي نصف ميزانية كليبات أغاني يمنية تنتج سنويا.
وقال" الإنتاج في ظل عدم توفر دعم كاف، كان التحدي الأكبر لنا ،وتجاوزناه بتعاون الجميع".
وفي الوقت الحالي يتم الترتيب لعروض للفيلم خارج إطار عدن داخلياً، وعرضه خارج اليمن، ويقول الخليفي "ستكون هناك مشاريع أخرى جديدة بالمستقبل القريب؛ لكن الحديث عنها لازال مبكرا جداً".
ويرى الخليفي، أن هناك الكثير من المبدعين والمحترفين في مجال صناعة الأفلام في اليمن؛ لكن نفتقر إلى الشق التجاري من هذه الصناعة، وتحديداً جانب الأفلام الجماهرية.

واختتم قائلا" السبب الأول والأخير لذلك، هو عدم توفر بنية تحتية وسوق سينما تتبنى هذه النوعية من الأعمال".
إشراق العمل الفني
شهرة هذا الفيلم وإقبال الكثير من اليمنيين على مشاهدته رغم الظروف الصعبة التي تمر بها بلادهم، يشير إلى أن ذلك يعتبر تحولا جماليا، ويعد قيمة كبرى في سبيل نشر الفن بدلا من الصراعات والحروب، حسب متابعين.
وعلى هذا السياق، يقول نشوان العثماني، كاتب يمني، إن الفيلم كان جميلا، وشكل تحولا نحو إشراق العمل الفني والثقافي والإبداعي في مدينة عدن التي ظلت طوال سنوات تعاني من الحرب ومرحلة ما بعد الحرب التي كانت أقسى من الحرب نفسها، ومازالت تعيش صراعات عديدة تخدش جمالها حتى الآن.
وأضاف العثماني الذي شاهد الفيلم، في تصريح لـ (د.ب.أ)، "أن 10 أيام قبل الزفة، كان رائعا جدا، وأُجمع علي أهميته من حيث الإقبال الكبير عليه في صالات العروض بعدن".
وأردف" الفيلم جاء كتعبير مكثف جدًا عن المدينة التي كانت ضحية الحرب ومرحلة ما بعد الحرب".
وأوضح أن زيادة إقبال الناس على الفيلم، يؤكد على عطش السكان في عدن للفن الذي يعتبر انتصارا للجمال، "الذي يعالج جروحاتنا ونفسياتنا المتشظية جراء الواقع مخدوش الملامح".
ومضى بالقول" إعادة رسم هذه الملامح، هي مهمة الفنان والمبدع؛ وبالتالي تشكل تحفيزا للشباب لصالح أن تكون هناك مشاريع فنية قادمة، ينتصر فيها الوعي لصالح بناء الإنسان والمحبة، مع مناقشة مشكلات المجتمع ومعاناته عبر الفنون المتنوعة".
تجدر الإشارة إلى أن اليمن تفتقر إلى وجود دور السينما والمسارح الفنية منذ سنوات.

أمل اليريسي
الخميس 20 سبتمبر 2018