نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


100 مشروع لتقسيم الدولة العثمانية.. هذا أحدها (إضاءات عثمانية)





عام 1914، ظهرت في باريس النسخة الأولى لكتاب يحمل عنوان "مئة مشروع لتقسيم تركيا" من تأليف "ت. ج. دجوفارا"، الذي شغل منصب وزير دولة رومانيا في بلجيكا ولوكسمبورغ


 
- عدّد الوزير الروماني ت. ج. دجوفارا في كتابه "مائة مشروع لتقسيم تركيا" محاولات قام بها سياسيون ومفكرون وبابوات لتقسيم الدولة العثمانية عبر 6 قرون مرت على الدولة
- منها مشروع البابا أكليمنضوس الثامن الذي سعى بجدية لتأليب ملوك وحكام أوروبا المسيحية للقضاء على الدولة العثمانية وتقسيمها بدافع ديني باعتبارها واجهة العالم الإسلامي
- امتدت جهود البابا إلى داخل الدولة العثمانية نفسها، حيث سعى لاستعادة سنان باشا إلى أحضان الكنيسة الكاثوليكية والثورة على الدولة العثمانية إلا أنه ظل على ولائه للدولة حتى مات
 
عام 1914، ظهرت في باريس النسخة الأولى لكتاب يحمل عنوان "مئة مشروع لتقسيم تركيا" من تأليف "ت. ج. دجوفارا"، الذي شغل منصب وزير دولة رومانيا في بلجيكا ولوكسمبورغ، ومنصب القائم بالأعمال في بلغراد، وله دراسات في الأدب والاجتماع، وكتب في المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة برومانيا.
الكتاب يحصي 100 محاولة لتقسيم الدولة العثمانية، تقدم بها سياسيون ومفكرون وقساوسة وأطباء، بين 1281 ـ 1913، أي حوالي 6 قرون، على اعتبار أن الدولة العثمانية كانت واجهة العالم الإسلامي في تلك الحقبة.
وعلق على الكتاب، أمير البيان شكيب أرسلان، والذي عرضه عرضا وافيا خلال تناوله للتعصب الأوروبي ضد العالم الإسلامي.
ومن مشاريع تقسيم الدولة العثمانية التي أوردها دجوفارا في كتابه، مشروع البابا أكليمنضوس الثامن، الذي تولى بابوية الكنيسة الكاثولوكية منذ عام 1592، وفور تنصيبه راسل الإمبراطور رودلف لمحاربة العثمانيين.
ولم يقتصر نشاطه ضد العثمانيين على مراسلة رودلف، بل كان ذا عمل دؤوب للتأليب على الدولة العثمانية، فأرسل إلى مختلف بلاد الشرق عددا كبيرا من دعاته لتحريض المسيحيين على الثورة ضد الدولة.
كما سعى كثيرا لإقناع سجيسموند، أمير ترانسلفانيا بعداوة الأتراك، لأن الأخير كان يهوّن أمر خطورة العثمانيين على ملوك أوروبا.
وكان البابا أكليمنضوس يوبّخ البولونيين على عدم محاربتهم للعثمانيين، كما استعدى الإسبان على العثمانيين وأغرى بهم ملك فرنسا هنري الرابع، والذي تأثر بدعوة البابا، وأرسل إلى سفيره في الأستانة يقول له: "إن الأب الأقدس يأبى إلا أن أنضم إلى ملك إسبانيا وسائر ملوك المسيحيين ونحارب الترك".
كما أرسل مندوبا عنه إلى فيينا عام 1600، يطالب الإمبراطور بالدخول في حلف مسيحي ضد العثمانيين.
وشرع بعدها في تحفيز هنري الرابع لمحاربة العثمانيين بإعطائه وعدًا ضمنيا بأن يُولَّى إمبراطورًا على النمسا بعد إقصاء آل أوتريش عائلة النمسا الملكية، وسعى للتوفيق بينه وبين ملك إسبانيا فيليب الثالث لمحاربة العثمانيين.
ولم تقتصر جهود البابا أكليمنضوس في النيل من الدولة العثمانية على العوامل الخارجية، بل امتدت يده إلى داخلها، فقد كان هناك رجل من أعاظم رجالات الدولة العثمانية يدعى سنان باشا، وأصله من المسيحيين الطليان، وقع في أسر الأتراك فأسلم وحسن إسلامه.
وبعدها جرى إدماجه في الحياة العثمانية إلى أن صار من أعظم رجالها، فبذل البابا محاولات مضنية لإعادته إلى المسيحية، وأرسل إليه الراهبين اليسوعيين أنطونيو وفنسرنو سيكالا، وكانا من أسرته، لإقناعه بالعودة إلى المسيحية والثورة على الدولة العثمانية.
وبناء على ما كان يؤمل من استمالة سنان باشا، أرسل البابا إلى مدريد أنطونيو سيكالا، يلتمس من ملك إسبانيا التعاون على إسقاط الدولة العثمانية التي سيقوم سنان بالثورة عليها بعد عودته إلى أحضان الكنيسة الكاثوليكية، وتعششت في خياله أن تتولى أسرة مسيحية عرش الأستانة وأن يحمل الشعوب التركية على المسيحية.
وعد البابا أكليمنضوس سنان باشا بأنه إن ثار على العثمانيين فسيكون من ورائه ملك إسبانيا وجميع الملوك المسيحيين، وأن جميع ما ينتزعه من أيدي العثمانيين من الولايات تصير إقطاعًا له بما في ذلك القسطنطينية، واستثنى بعض الولايات تكون من نصيب ملوك مسيحيين أوروبيين، ضمن التقسيم الذي رسمته مخيلة هذا البابا.
عام 1603، بعث أكليمنضوس كتابين إلى سنان، وعده فيهما أن يكون ملكا على الولايات العثمانية التي يفتحها بشرط أن يحول أهلها إلى المسيحية الكاثوليكية، ودعاه إلى التبرؤ من الدين الإسلامي أمام الملأ.
لكن محاولات أكليمنضوس لاستمالة سنان باشا باءت كلها بالفشل، فقد ظل الأخير وفيًا للدولة العثمانية، ومات كمدًا وغمًا لتلقيه الهزيمة في معركة عام 1605 ضد الشاه عباس الصفوي.
أما أكليمنضوس، فقد ذهبت كل محاولاته لتقسيم الدولة العثمانية أدراج الرياح، ومات قبل سنان باشا بتسعة أشهر.
والحق أن ما كان يرمي إليه هذا البابا خيالي إلى حد بعيد، فلو سلمنا بأنه كان يستطيع استمالة سنان باشا، فهل ستنقلب الدولة العثمانية إلى دولة مسيحية تابعة للبابا بهذه البساطة؟!
لكنها على كل حال، إحدى المحاولات المستميتة التي قام بها الغرب من أجل تقسيم الدولة العثمانية بعد إنهائها، لأنها كانت تمثل واجهة العالم الإسلامي.
ويلاحظ على هذه المشاريع جميعًا أن القائمين عليها كانوا لا يملون ولا يكلّون من محاولات تنفيذها رغم فشل معظمها، حيث إن إسقاط الدولة العثمانية وتقسيمها كان غرضا متفقا عليه من قبل أوربا.
وقد عزا دجوفارا في هذا الكتاب تلك المحاولات المستميتة إلى البعد الديني، والعداوة التي يكنها الغرب للمسلمين الذين حمل العثمانيون الراية الجامعة التي ينتمون إليها.

إحسان الفقيه / الأناضول
الجمعة 15 أبريل 2022