نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


أي سر ورءا تغطية حكامنا على الصهيونية والعنصرية والاستعمار والناتو؟





هل بدأ المنهوبون والمفقَّرون، وأبناء الضحايا (ضحايا القتل والنهب المتواصلين) هجوماً مضاداً؟ هل كان لسقوط نظام الفصل العنصري الراسمال/الأبيض في جنوب إفريقيا كل هذه الفائدة للبشرية؟ وهل فتح هذا باب جهنم لطرف والجنة لآخر؟ هل هي بداية ليقف التاريخ البشري على قدميه بعد أن سار على راسه طويلاً خاصة في عصر راس المال بحقبه الثلاث: الاستعمار فالامبريالية فالعولمة؟


من كان يحلم أن يُعقد مؤتمر ديربان ضد العنصرية اصلاً ومن حيث المبدأ؟ من كان يحلم أن هؤلاء السود (وبرأي الرأسمالي الأبيض- العبيد) سوف يقفون على اقدامهم ويُساءلون هذا الأبيض المتغطرس، والسارق والقاتل والحاقد. هذا الذي حتى لو أخفى عنصريته بنص قانوني، فإن العنصرية مطلقة تحت جلده الثقافي والذهني؟، نعم فلا معنى للدساتير.

والأهم من هذا، كيف يمكن أن يُعقد مؤتمراً تحت يافطة الأمم الأمم المتحدة، كمؤسسة لرأس المال الأبيض، ويهرب منه مؤسسوها! نعم، غاب راس المال الأبيض بزعم المقاطعة، لكن حقيقة الأمر أنه هرب من المواجهة!

فمؤتمر ديربان الثاني، كما الأول، ليس لمجرد إدانة العنصرية، بل هو مقدمة للانتقال إلى المعركة الرئيسية وهي تصفية الحساب التاريخي مع لصوص العالم، مع قوى النهب والبلطجة، مع المستعمِر الذي حول المستعمرات إلى جحيم الفقر والمرض والاقتتال وما زال يحتجز تطورها إما عبر الذبح المباشر كما في العراق وأفغانستان ويوغسلافيا، أو عبر التبادل اللامتكافىء، وأخطر من هذا عبر التحالف الخطير بين الطبقات الراسمالية في المركز (كمتحكمة بالعالم الذي جعلت منه قطاعاً عاما معولما لها)وبين كمبرادور المحيط.

هو مؤتمر في منتهى الخطورة إذا أخذ مجراه الحقيقي. هو إعادة كتابة للتاريخ، هو هدم وإعادة بناء. ولن يكون المتهم هو راس المال الأبيض وحده، بل مختلف الأنظمة والطبقات الحاكمة في المحيط التي ما تزال تبيع أوطانها ومواطنيها لتاجر النخاسة الأبيض.

هل لهذا السبب كان الحضور الرسمي العربي خجولاً وضعيفاً وحتى معادياً؟ هل هذا السؤال مجحف ومتجنٍّ وغير مشروع؟

فالمؤتمر حتى دون أن يُكتب فيه نصاً، هو مؤتمر ضد الكيان الصهيوني، وضد الإرث الاستعماري القديم والإمبريالي الطازج والمعولم الجاري. والعرب كأمة هم الضحية النموذجية لكافة جرائم هؤلاء.

من يستطيع أن ينكر أن الكيان الصهيوني أُقيم على أنقاض فلسطين وعظام شعبها؟ والكيان نفسه لا يخفي أنه يطالب العرب الاعتراف به كدولة يهودية خالصة؟ فالكيان يعلن لكل الكون أنه عنصري، يريد دولة يهودية نقية على أرض غيره؟ ومع ذلك يرفض الوفد الفلسطيني إدانة ذلك ولا حتى مجرد ذكره!

لن أستشهد هنا بامتعاض رئيس الوفد الليبي إلى ذلك المؤتمر الذي رفع صوته ليذكر الحضور أن هناك عرباً يحترمون أنفسهم ويدينوا عنصرية الكيان الصهيوني، بل استشهد بحديث سفيرة كوبا إلى المؤتمر التي أكدت أن العرب دعموا اقتراح عدم ذكر الكيان في البيان الختامي للمؤتمر! كما تنازل العرب عن فقرة إدانة عدم احترام الأديان ليرضوا الغرب الأبيض، ومع ذلك فالغرب انقسم بين من رفض الحضور (اميركا ايطاليا، هولندا، بولندا استراليا، نيوزيلندا، تشيكيا ، كندا) والباقي خرجوا حينما ألمح الرئيس الإيراني إلى الكيان الصهيوني!

لست أدري لماذا ذهب وفد فلسطيني إلى ذلك المؤتمر، طالما لم يقف ويطالب علانية بإدانة الكيان الصهيوني ودماء غزة لم تجف ولن تجف! ترى، لو كانت صحافة العالم الرسمي غير منافقة ماذا كانت ستكتب؟

ولكن ايها السادة ليس المهم ما كتبه العالم، بل ماذا سيقول ويعتقد!

هو مؤتمر لإدانة الصهيونية، لإدانة اغتصاب فلسطين، لإدانة الاستعمار وتمهيداً لاسترجاع ما نهب، ولإدانة الأطلسي، لأنه قوة الاحتلال والدمار، ومع ذلك يغيب عنه العرب ولا يقوم الوفد الفلسطيني حتى بالتذكير بفلسطين، فهل يحدث هذا في أي مكان، ومن قبل أية انظمة في العالم؟ كلان ولا حتى في حقبة الاستعمار المباشر منذ 400 سنة.

لنلاحظ، فالدول التي لم تحضر أو انسحبت حين ألقى الرئيس الإيراني كلمته كانت المستوطنات البيضاء التي ليس في إرثها الثقافي أوسع من صفحة العنصرية والنهب، ودول المركز الإمبريالي التي ولَّدت المستوطنات البيضاء، والطرفين معاً يشكلان قوة حلف الأطلسي. ومع ذلك يرفض الحكام العرب إدانة تاريخ هؤلاء وواقع هؤلاء وتاريخ وواقع الصهيونية.

أما اللامعقول، فأن يشنوا هجوماً معاكساً ضد إيران، التي برأيهم اختطفت اللحظة، واختطفت القضية الفلسطينية والإسلام، وحتى المأساة العراقية لتشجب اغتصاب فلسطين واغتصاب العراق ، وشتم الإسلام، وتحديداً الرسول نفسه!. ما الذي على الشعب العربي أن يقوله لإيران؟ لا تتدخلوا في كرامتنا المهدورة، لا تدافعوا عن عارنا وانكشافنا! أي منطق غريب هذا؟

ولكن، هل يمكننا اتهام الأنظمة العربية ببعد النظر إلى الأمام؟ إلى الأمام البعيد جداً، بمعنى أن إدانة ومحاسبة الاستعمار والإمبريالية والعولمة وحلف الأطلسي لا بد أن ينتقل من إدانة أنظمة المركز ليصل إلى توابعها في المحيط بحيث يُتهموا هؤلاء بالعمل ضد شعوبهم؟ نعم، لِمَ لا. بل هذا ما يجب أن يحصل حتى بدون ديربان.






عادل سمارة
الخميس 23 أبريل 2009