تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


الاسلام ضحية برامج الراديو والتلفزيون الباحثة عن جمهور والساسة الباحثين عن نجاح




أمستردام - ابراهيم حمودة - أثناء حديث احد المتخصصين بالإسلام في برنامج تلفزيوني عن الشباب والجريمة لم ترد كلمة الاسلام ولو لمرة واحدة بشكل صريح، تم تركيب حديث الضيف علي خلفية من لقطات الأرشيف لنساء محجبات، ورجال يرتدون الجلاليب وبعض الشبان المهاجرين المتسكعين بالشارع، لتصير رسالة المتحدث بالتالي واضحة: الأجانب هم سبب الإجرام


الاسلام ضحية برامج الراديو والتلفزيون الباحثة عن جمهور والساسة الباحثين عن نجاح
هذا هو المدخل الذي استخدمه الكاتب البلجيكي ايكو مالي المتخصص في الثقافات المقارنة في كتابه الصادر حديثا المسمى: ماكينة الحضارة – نحن والاسلام. الذي يتناول فيه منشأ وتطور ظاهرة النظرة الثقافية واستخدامها كأداة لتعليل كل ما له علاقة بالأحداث التي يكون المسلمون طرفا فيها.
لم يتطرق الكتاب بالطبع الى طبيعة الاشكالات في العالم الاسلامي، ولا إلى دور المسلمين في مهاجرهم في البلدان الاوروبية في تنامي وتوطد هذه النظرة.
يرجع الكاتب فكرة تسييس الثقافة الى نهاية الثمانينات، الى انهيار جدار برلين، انهيار المعسكر الاشتراكي، واعلان الغرب عن انتصاره في الحرب الباردة وتأكيد تفوقه الحضاري ليتمظهر ذلك في كتابات مثل نهاية التاريخ لفرانسيس فوكاياما، وصدام الحضارات لهنتنغتون. كتابات تركز على أن قيم الديمقراطية وحقوق الانسان، حرية الرأي واحترام الآخر، هي مميزات جينية منسوجة في شعوب الغرب الرأسمالي المتفوق، تفوق يبلغ حد الكمال ولا يقبل أية تحسينات.
هذا في مقابل آخر مندثر هو المعسكر الاشتراكي، وآخر صاعد هو الإسلام الذي يشكل خطرا علي كل هذه القيم غير المنسجمة مع تركيبته ولا يمكن تبنيها من قبل الشعوب التي تعتنقه شرقا وغربا، وذلك بسبب ثقافة هذه الشعوب التي تقع في مرتبة ادني بحسب فوكوياما، والتي تقف عائقا امام تبنيها لمثل هذه القيم.
تأكيد النبوءة
بمجئ حرب الخليج الأولي وضربات الحادي عشر من سبتمبر، وحرب الخليج الثانية والحرب في افغانستان، أخذت هذه النظرة تأخذ مشروعيتها كنبوءة تحققت ليلتقطها الساسة والاعلام مستخدمين اياها كأداة تفسر الواقع في كل الاحوال وتحت كل الظروف والشروط. الامر الذي أدى الى حبس شعوب كاملة داخل ثقافتها، وتجاهل الغرب لأصوات كثيرة داخل هذه الثقافة تنادي بالديمقراطية، بحقوق الانسان، بحرية التعبير والصحافة، بتحسين اوضاع المرأة و بالاصلاح السياسي. يحدث كل هذا وفي الخلفية يقبع شبح الذهب الأسود، النفط ، الذي لولاه لما اعار الغرب كل هذا الاهتمام للإسلام والعالم الاسلامي.
في لقاء بالكاتب ايكو مالي، كان مدخل الحديث مقولته التي اوردها في الكتاب بأن الاسلام اصبح بمثابة (الطريدة) هنا في الغرب ليتكالب عليه الجميع كل حسب غرضه.
وسألناه إن كان حديثه يعني تبرئة المسلمين من كل مسئولية في ما يجري؟ ليقر بأن هنالك الكثير من الاشكالات والمشاكل المتعلقة بالفئات الاجتماعية المسلمة والمهاجرة: "هناك بالتأكيد الكثير من المشاكل، ولكن اذا شرعت في تحليل هذه المشاكل بشكل فعال، سترى ان هناك مجموعة من الأسباب المعقدة خلف هذه المشاكل، تتعلق بوضعية الناس في المجتمع، انظر مثلا لإحصائيات الفقر لترى أن 52% من فئات المغاربة والاتراك يعيشون تحت خط الفقر، ولكن الناس ينظرون مباشرة للإسلام لتعليل ما يطرأ من ظواهر واشكالات، من الشباب المتسكع الي ظواهر التطرف. بهذه الطريقة اقول إن الاسلام ضحية البرامج التلفزيونية وبرامج الراديو الباحثة عن جمهور والساسة الباحثين عن نجاح".
العولمة والهوية
هنالك بالطبع عوامل لا يمكن انكارها في مسألة الخوف من الاسلام ،على رأس هذه العوامل العولمة التي جعلت الشعوب باكملها تبحث عن هويتها وعن مكان لها في عالم اليوم.
هذا القلق على الهوية تمت ترجمته إلى برامج سياسية تركز وتلعب على القومية والخصوصية المحلية. لننظر كيف رفض الناس في هولندا وفرنسا واسكتلندا، دستور الاتحاد الاوربي في الاستفتاءات التي جرت في هذه البلدان؟
ومسألة الهوية لم تطرح يوما في ظل ظروف عادية، اذ تطرح في اوقات الازمات، لتعمل على نحت الفروقات بينها وبين الاخر.
ولكن استخدام الهوية كورقة حتى في زمن الأزمات لا يخلو من التعسف، بحسب الكاتب البلجيكي ايكو مالي: "الهوية ليست أمرا محسوما، ولا يحددها المنحدر العرقي، فالمرء قد يكون أما أو ابا، يمينيا او يساريا، رجل أعمال او تربويا الخ، نستخدم مسألة الهوية هنا لنقول أننا في الغرب شيء واحد منسجم ونتبني جميعنا ونتقاسم نفس القيم والتقاليد، والآخر كمسلم، أو غيره من الأقليات يتقاسم هوية واحدة ايضا تحددها الثقافة التي ينتمي اليها، وبالتالي يتقاسم نفس القيم والتقاليد، القول بمثل هذه ا لفرضيات لا ينسجم مع الواقع والحقيقة".
تجارة رائجة
اصبحت مثل هذه الطريقة في تفسير الأحداث، والتي تجنح لتسيس مسائل ذات طابع ثقافي او اجتماعي اقتصادي، تضمن إقبال الجماهير علي استهلاك الرسالة، ايا كان موضوعها. لنشهد عشرات برامج النقاش والرأي تتناول الإسلام كموضوع، وعشرات الكتب تحاول تحليل الخطر الإسلامي، ليتحول الأمر إلي صناعة.
اما على الصعيد السياسى فإن مهاجمة هذه الفئة الاجتماعية، وفئة المهاجرين على وجه العموم، اصبح الوسيلة المجربة لضمان اصوات الناخبين في معظم الدول الأوروبية، من الراحل يورغ هايدر في النمسا، وفيليب دو فينتر وكتلة الفلاميين في بلجيكا الى فورتاون ، فردونك وخيرت فيلدرز في هولندا.
وحينما لا يكفي الهجوم وحده تتم المطالبة بإلغاء مادة المساواة من الدستور كما طالب فيلدرز في هولندا. وبتوسيع امكانية حرية التعبير كما طالب زعيم الحزب الليبرالي مارك روتا، ليصبح شتم فئة اجتماعية وإهانتها أمرا عاديا وعلى هذه الفئة ضبط النفس وتعلم التعايش مع حرية التعبير.
الكاتب ايكو مالي مع حرية التعبير بكل تأكيد ولكن: "حين تتحدث في منبر عام هنالك ضوابط تضبط اللغة والخطاب، العنصرية مثلا لا تقع تحت حرية الرأي او حرية التعبير، ينسى الناس أن اللغة لها جانبها الذي يقع تحت طائلة العنف وإيذاء الآخر. ولها تأثيرها على الوئام الاجتماعي، أرى من الطبيعي ألا نسمح بحدوث مثل هذا العنف اللغوي والنيل من الآخر

ابراهيم حمودة - وكالات - إذاعة هولندا العالمية
الاربعاء 11 نوفمبر 2009