تقرير أميركي : استراتيجيتنا تجاه روسيا غير ناجحة وتحتاج لمراجعة

ويشير التقرير إلى أن هناك تراجعا فى توفر الآليات الدبلوماسية التى ساعدت فى الحيلولة دون حدوث أى صراع مسلح أثناء فترة الحرب الباردة، كما أن هناك احتمالا بأن تنهار النظم الخاصة بالحد من سباق التسلح وكذلك إمكانية التحقق من ذلك. وفى الوقت نفسه فإن العقوبات الكثيرة للغاية التى فرضتها الولايات المتحدة على روسيا لم يكن لها أي تأثير واضح على السياسة الخارجية الروسية؛ حيث حققت روسيا تقاربا ملحوظا مع الصين، التى تعتبر المنافس الرئيسي للولايات المتحدة فى العالم. كما زادت جرأة روسيا فى تحديها للولايات المتحدة وحلفائها، فى الوقت الذى تقوم فيه بتوسيع نطاق نشاطها التجاري والأمني على المستويين الإقليمي والعالمي.
وذكرت دوجيرتى وزاموسنتى في تقريرهما أن الاجتماعات الرسمية ومنتديات التفاوض بين الولايات المتحدة وروسيا لم تعد إلى حد كبير متوفرة فى الوقت الحالي، كما أن الاتصالات بين المواطنين الأمريكيين والروس تقلصت إلى درجة أنه لم يعد بإمكانهم فهم كل منهم الآخر، وأن هناك حاجة لمراجعة الاستراتيجية الأمريكية تجاه روسيا، تحتم أولا تحديد المصالح الأمريكية طويلة المدى؛ مع مراعاة أن الأمن القومى يمثل الاهتمام الرئيسي للولايات المتحدة.
وأشار الكاتبان إلى أن روسيا هي الدولة الوحيدة التى تمتلك القدرة على تدمير الولايات المتحدة بالأسلحة النووية، بالإضافة إلى أن موسكو تطور حاليا جيلا جديدا من الأسلحة التى تفوق سرعتها سرعة الصوت، ما يمكنها من تجنب الدفاعات الأمريكية. كما أن روسيا لديها أساليب تمكنها من إحداث اضطراب في سير الحياة الأمريكية الخاصة، بل أيضا تمكنها من تدمير الأسلحة الأمريكية المتقدمة، وذلك من خلال القيام بهجمات سيبرانية ضد شبكات الكمبيوتر الأمريكية. فقد استطاعت روسيا على سبيل المثال استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2016 لتقويض الديمقراطية الأمريكية من خلال حملات التضليل. وأكد التقرير أنه من الطبيعي أن الولايات المتحدة أيضا تمتلك القدرة على إلحاق الضرر بروسيا، لكن هذا يعنى أن الدولتين سوف تنغمسان في عملية تبني للتدمير المتبادل.
وأشار التقرير إلى أن روسيا أيضا لها مصالحها الاستراتيجية التى فى ضوئها يتعين- من أجل الحفاظ على الأمن الأمريكى- محاولة فهم دوافع روسيا، وتحليل أهدافها بصورة موضوعية تساعد فى التعرف على كيفية تحقيق الأهداف الأمريكية أو مواجهة أى تصرفات روسية فى المستقبل.

وذكر الكاتبان أن إعادة تقييم الاستراتيجية الأمريكية تحتم الحاجة إلى المزيد من الآليات، وإلى أن تكون الاستراتيجية أكثر مرونة، من أجل توفير القدرة على التصدي للأخطار والتحديات من جانب روسيا، وأنه على الرغم من أن المواجهة قد تكون أمرا ضروريا فى بعض الأحيان، فإنه يتعين مراعاة أمرين آخرين مهمين، وهما التنافس والتعاون بين الدولتين. وفى جميع الأحوال فإن هذه الأمور الثلاثة: المواجهة، والتنافس، والتعاون خيارات سياسية مشروعة حسب ما يتطلبه الموقف، لكن يتعين دائما قياس المكاسب التى يحققها كل خيار بالمقارنة بتكاليفه وتداعياته المحتملة. وألمح الكاتبان إلى أن الخيارات الأخيرة التى اتخذتها الولايات المتحدة تمت على أساس افتراض أنها لا تسبب أى تكاليف للمواطنين ولا تلحق أى أضرار بالمصالح الأمريكية المهمة، وقدما أمثلة على ذلك من بينها السماح بتقلص أو حتى انتهاء نظم الحد من التسلح، ومواصلة معاقبة الأفراد الروس والكيانات الروسية.
وأكد الكاتبان على ضرورة أن تتضمن الاستراتيجية الجديدة التأكيد على الاستقرار الاستراتيجي من خلال اتفاقيات للحد من التسلح يمكن التحقق منها، وبذل جهود مشتركة للحيلولة دون انتشار الأسلحة النووية، وكذلك ضرورة امتلاك قدرة حرب سيبرانية هجومية ودفاعية إلى جانب الدخول فى حوار مع روسيا وغيرها من الدول من أجل تعزيز الاستقرار الاستراتيجي فى المجال السيبرانى، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون هناك من جديد اتصالات رسمية وكذلك اتصالات بين المواطنين الأمريكيين والروس لضمان توفر قنوات حوار لإدارة التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا وتحسين التفهم المتبادل بين الدولتين.
وفى ختام تقريرهما، أكد الكاتبان أنه ليس هناك احتمال فى أن تتحسن العلاقات الأمريكية الروسية بدرجة كبيرة فى المستقبل القريب، لكن يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات فى الوقت الراهن لضمان ألا يؤدى التنافس المتزايد مع روسيا إلى تغيير المسارات بشكل يهدد المصالح الأمنية الأمريكية الرئيسية؛ إذ أن جزءا من تأمين أمن الولايات المتحدة يعتمد على بناء المسارات إلى روسيا.