نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


عشرات الطرق الصوفية بالصعيد تحظى بمكانة ونفوذ كبيرين





الأقصر -حجاج سلامة - في نهاية عام 2011، وفى أعقاب تفجر ثورة الـ 25 من يناير بمصر، وما تبعها من انفلات أمنى، استيقظ أهالي قرية حاجر الشويخات، بمركز قنا، فى صعيد مصر، على نداءات عبر مكبرات الصوت، تناديهم بالتجمع أمام ضريح الشيخ حنفي، أحد الأولياء، الذى يفد المواطنون لزيارة قبره، والتبرك به، وما أن تجمع المواطنون، حتى جاء الإرهابي الهارب، عمرو سعد عباس إبراهيم، ومن خلفه مجموعة من عناصر خليته الإرهابية، وقام عمرو سعد ومرافقوه ، بإلقاء كميات من المواد البترولية شديدة الاشتعال، واشعلوا النيران بالضريح، ثم، هدموه وقاموا بطمس كل معالمه.


  وفى إثر تولى مرشح جماعة الإخوان محمد مرسى، منصب رئيس الجمهورية، كانت محافظة الأقصر التاريخية، بصعيد مصر، مسرحا لصراع فكرى علني، بين جماعة الإخوان المسلمين، وانصار فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والذى ينتمى لعائلة صوفية معروفة، بصعيد مصر. وتفجر ذلك الصراع على خلفية الهجوم الإعلامي والرسمي، من قبل جماعة الإخوان المسلمين، على شيخ الأزهر، حيث خرج الآلاف للتظاهر ضد جماعة الإخوان، وانضمت الطرق الصوفية، إلى أنصار شيخ الأزهر من القبائل، والأقباط، وشباب الأزهر، وكانت ساحة الشيخ الطيب، معقل أعضاء الطريقة الصوفية الخلوتية، التى يقودها الشقيق الأكبر لشيخ الأزهر، فضيلة الشيخ محمد الطيب، هي نقطة الانطلاق لتظاهرات حاشدة، شاركت فيها الطرق الصوفية، بمختلف مدن وقرى صعيد مصر. وفى عام 2013، وبعد فوز المشير عبدالفتاح السيسي، في انتخابات الرئاسة، خرجت الطرق الصوفية إلى الشوارع بكل مدن وقرى مصر، وبخاصة فى الصعيد، للاحتفال بفوز السيسي، ونهاية عصر جماعة الإخوان المسلمين. لكن الهجوم الإرهابي، على مسجد الروضة، بمدينة بئر العبد فى سيناء، كان هو الحدث الفاصل، في حالة الصراع الدائرة بين الصوفيين وقوى العنف والتطرف بمصر، إذ خرج الصراع من دائرة حملات الهجوم الإرهابي والتظاهرات، إلى دوائر العنف والقتل. وبرغم ما ساقه مراقبون ومحللون من أسباب، لوقوع هجوم الجماعات الإرهابية على مسجد الروضة، اتخذت المنابر الإعلامية لتلك الجماعات المتطرفة، على شبكات التواصل الاجتماعي، من تمركز رجال الصوفية، بذلك المسجد، مبررا لهجومهم الدامي، الذى ترفضه كل الشرائع السماوية والمبادئ الإنسانية. وفيما يشبه إعلان تحديها للجماعات الإرهابية المتطرفة، شاركت عشرات الساحات والطرق الصوفية، فى محافظات الصعيد ، فى احتفالات المولد النبوي الشريف، ككل عام، عبر المواكب الشعبية التي تسمى بـ " دورة المولد " والتي طافت المدن والقرى، ككل عام دون تغيير . وقد احتفلت القرى التي تنتشر فيها الطرق الصوفية، وأضرحة الأولياء والعارفين، وخرجت "دورة المولد " في صبيحة يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول في صورة كرنفالات شعبية نظمها رجال الطرق ، ويتقدمها الخيالة وراكبي الإبل المزدانة بقطع القماش المزركشة، يليها أتباع الطرق الصوفية حاملين الدفوف والسيوف، وتبعهم أصحاب الحرف المختلفة وطافوا أرجاء القرى والمدن وبدأوا تلك المواكب من أمام أضرحة العارفين وينتهون عندها في حركة دائرية حول القرية. وفى الطريق ألقت عليهم النساء من شبابيك وشرفات المنازل الحلوى " ورشت " عليهم الروائح العطرية وتصدح بالزغاريد والدعاء بان تعود تلك المناسبة والجميع في خير وسلام. وبحسب مراقبين، ومشايخ فى الطرق الصوفية، فإن حادثة الهجوم الإرهابي، على مسجد الروضة بسيناء، لم يكن له أي تأثير على أنشطة الطرق الصوفية المصرية، التي استمرت مظاهر احتفالاتها بالمولد النبوي الشريف، وبموالد العارفين والأولياء، فى مختلف المدن والقرى، دون أن تعطى تلك الطرق اهتماما لما تطلقه الجماعات المتشددة، من رفض لتلك الاحتفالات، أو تهديد لمنظميها، أو المشاركين بها. وتلعب الطرق والساحات الصوفية بصعيد مصر، دورا دينيا واجتماعيا بارزا، وباتت تلك الطرق والساحات، صاحبة حظوة ونفوذ، بين العامة والخاصة، وصارت قِبٌلَةً يزورها ، ويحتمى بها، ويطلب دعمها حتى لهؤلاء الطامعين في الفوز بمقد في البرلمان، أو منصب حكومي. وبحسب دراسة لمركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، فإن الطرق الصوفية، تنتشر في قرى مصر وخاصة في الصعيد، بصورة واسعة فلا تخلو قرية مصرية من وجود طريقة صوفية بها منذ مئات السنين الأمر الذي يجعل لشهر رمضان بها ذو طابع خاص جدا . ويقال أن عدد الطرق الصوفية بلغ في عصر الدولة العثمانية 80 طريقة، ولكل منها فروع في القرى والمدن وكان لكل طريقة ومازال شعارها وأورادها الخاصة بها ...ويحرص اتباع كل طريقة على ترديد الأوراد الخاصة بهم ويتلونها بشكل جماعي في وقت يحدده شيخ الطريقة. وقد ساعد ارتباط تلك الطرق بأسماء بعض المشايخ والأولياء في انتشارها في الريف وانتشارا واسعا وذلك مثل الطريقة الشاذلية نسبة إلي الشيخ أبو الحسن الشاذلي والطرق الاحمدية نسبة إلي احمد البدوي والطريقة الرفاعية نسبة إلي احمد الرفاعى .كما يحرص المسلمون في الأقصر خلال الأعياد على زيارة الأضرحة الخاصة بالمشايخ والأولياء والعارفين والذي يعتقد الناس في كرامتهم وبركاتهم فيزورون أضرحتهم للدعاء أملا في أن يتقبل الله الدعاء ببركة هؤلاء المشايخ والأولياء . وللساحات الصوفية في الأقصر دور كبير في نشر مفاهيم الإسلام الصحيحة، ومحاربة التطرف والغلو حيث تشهد الساحات بشكل دوري عشرات المحاضرات لكبار علماء الإسلام بجانب مجالس وحلقات الذكر الشرعي . بجانب مساعدة الفقراء ونصرة المظلومين وإتمام المصالحات بين المتخاصمين ووجود لجان مصالحات دائمة بها لفض أية نزاعات قبلية . يذكر أن صعيد مصر، يشتهر بالموالد والاحتفالات الصوفية الصاخبة فى معظم المدن والقرى ، ويحتفظ الصوفية والأهالي فى تلك المدن والقرى، بكثير من العادات والموروثات الشعبية، وفى مقدمتها موالد الأولياء، وتجتذب تلك الاحتفالات الصوفية، وما تشهده من عادات متفردة، ومثيرة، أنظار كثير من السياح، والباحثين المعنيين، بتاريخ الشعوب وعاداتها وتقاليدها، وصارت بعض الموالد قبلة لكثير من القنوات ووسائل الإعلام العالمية، التي تحرص على تصوير الألعاب التاريخية الشهيرة التي يمارسها المصريون في تلك الموالد والاحتفالات.


حجاج سلامة
الثلاثاء 12 ديسمبر 2017