نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


"كروس" فيلم وثائقي يستعرض مسيرة حياة نجم ريال مدريد الألماني توني كروس




برلين – يهرول توني كروس مسرعا عبر دهاليز الفندق. يصعد ويهبط الدرج. يجري جلسة تصوير في حجرة صغيرة، يبتسم أو تتحول ملامحه إلى الجد وفقا لما يطلبه منه المصور. في حجرة أخرى يجري مقابلة صحفية. لا يتوقف. وبالرغم من ذلك، فإن الانطباع العام الذي يخرج به المشاهد من الفيلم الوثائقي " كروس " عن نجم ريال مدريد الألماني المتألق، هو أنه يتمتع بشخصية هادئة ورزينة.


ما إن يخرج كروس ، الذي تتسم شخصيته بالطابع المحافظ، من جلسة التصوير، إلى الردهة، حتى يمد يده مصافحا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني انفانتينو: "كيف الحال؟ على خير ما يرام وأنت؟ كل شيء على ما يرام". نشاهد أيضا دييجو أرماندو مارادونا، ولكن مع أيقونة كرة القدم الأرجنتيني، لا تجري المحادثة بنفس القدر من البساطة والسطحية. وهذه إذن بعض مشاهد فيلم " كروس" الوثائقي، عن النجم الألماني العالمي توني كروس الذي حقق مع مع النادي الملكي العديد من البطولات المهمة. والفيلم من إخراج مانفريد اولدنبرج، وهو مخرج أفلام وثائقية متميز من أبرز أعماله "كفاحي: الكتاب الممنوع" عن حياة الزعيم النازي أدولف هتلر أو "سقوط المستشار" عن حياة المستشار الألماني الأسبق فيلي براندت. يتتبع الفيلم حياة لاعب الكرة منذ طفولته في بلدة جريفزفالد، شرق ألمانيا، وحتى الآن، حيث يلعب في أحد أهم رابطات الدوري في العالم ومع واحد من أعظم فرق كرة القدم في أوروبا والعالم، وهو نادي ريال مدريد. هدؤه، سلامه الداخلي، وشهادة جميع زملائه ومدربيه ومعجبيه بحقه، بدءا من يواكيم لوف، ويوب هاينكز أو زين الدين زيدان، وجاريث بيل أو صحفيين مثل مارسيل ريف وبول انغنداي، بأن كروس لا يصدر منه تصرف شائن، ولا يعطي تمريرة سيئة. ما لا يسمعونه هو أصوات ناقدة مثل أصوات بيرند شوستر، الذي كان في وقت ما لديه كلمات غريبة معه عند مقارنته بـ "جرار الديزل". أما الرئيس السابق لبايرن ميونيخ حتى عام 2014 ، أولي هونيس، فلا تعليق لديه عن كروس سوى المديح فقط، على الرغم من أن اللاعب لم يكن سعيد دائمًا بوضعه هناك. الهدوء المميز لكروس هو موضوع الفيلم الذي تم عرضه لأول مرة في كولونيا أواخر الشهر الماضي ووصل للتو إلى دور العرض السينمائية التجارية الألمانية. في النهاية، الهدوء هو مبرر الفيلم الوثائقي. فضلا عن أنه أنجح لاعب كرة قدم ألماني. ولكن ما الذي يجب أن يقوله الآن إذا كانت مسيرته مع الساحرة المستديرة لم تنته بعد؟ ثم لماذا يقدم فيلم عن توني كروس، الشاب الأشقر، والذي تعتبر جاذبيته أحد أسباب عدم شهرته؟ إنه الهدوء الذي يميز الخبير الاستراتيجي بمنطقة خط الوسط، وهو ما يجعل منه شخصية غير عادية. هذه السكينة عندما يلمس الكرة، هي التي تحدد أسلوب لعبه وهذا بالتحديد ما يزعج متابعيه. وهي خصلة تميزه ويلتزم بها أيضا خارج المستطيل الأخضر. إلا أنها في الوقت نفسه تعرضه للمخاطر. وجد كروس المنيع، الذي يتعذر اختراقه، نفسه في خضم هذا العالم الذي يقدر حجم نشاطه بالملايين والأقرب إلى عالم الاستعراض. كما يظهر جده وجدته في الفيلم، ليتحدثا عن سر هدوء وسكينة نجم كرة القدم الألماني العالمي. يقول الجد "لقد ورثه عن جدته؟" فترد الجدة متسائلة باندهاش: "مني أنا؟"، وتضيف "بالتأكيد أخذ هذا عن والده". وبالفعل يعتبر الأب رولاند أكثر شخصية أثرت في سنوات كروس الأولى في عالم الساحرة المستديرة، فقد كان مدرب جريفزفالد ودرب أيضا روستوك، وتجمعهما كأب بإبنه علاقة حميمة بكرة القدم، وهو أمر لا نراه كثيرا في هذا العالم. ولكن بطبيعة الحال، عندما بدأ نجمه يسطع ويلعب مع فرق كبيرة مثل ميونيخ وليفركوزن، تولى آخرون أمر كروس، وكان الأمر أصعب بكثير على الأب أن يتخلى عن ابنه من انسلاخ الابن من عباءة أبيه، حيث يرى كروس الابن أن التغيير كان إيجابيا، كما أصبح لديهما مساحة يتحدثان فيها عن أمور أخرى بخلاف كرة القدم. ويمارس فيلكس، شقيق كروس الأكبر كرة القدم أيضا، ويعلق في الفيلم أنه في المنزل جرت العادة ألا يكون للمشاعر مكان في الأحاديث الأسرية، وأنه اضطر لاكتساب هذه العادة. يحكي فيلكس أن هذا الأمر مازال من الصعوبة بمكان على توني، ويشير إلى أن هناك ما يشبه بدرع واق يحيط بشقيقه داخل الأسرة، وهذا ما يجعله منيعا كما يظهر في هذا الفيلم شديد الخصوصية. حينما بلغ كروس السادسة عشرة من عمره ترك منزل والديه ورحل ليجرب حياة المراهقة في ميونيخ، على مبعدة مئات الكيلومترات عن شاطئ بحر البلطيق. في ذلك الوقت كان هوينس مازال صاحب السلطة العليا في البايرن ميونيخ. وتعتبر ميونيخ نقطة ضعفه. يوضح اللاعب الذي حصد مع فريقه الألماني لقب الدوري لأربع مرات بخصوص بداياته مع النادي البافاري "لطالما قالوا لي إنني كنت رائعا وإن ما أفعله ممتاز. ولكنهم لم يكونوا يتركونني ألعب". وحتى بعد عودة كروس لميونيخ من بايرن ليفركوزن، حيث كان معارا موسمي 2009 و 2010، لم يشعر مطلقا بأي تقدير حقيقي. تقول والدته برجيت كروس "بعد عشر دقائق من تمديد عقده في مكتب كارل هاينز رومنيجه، شعر كروس بالندم مجددا". حدث الانفصال عام 2014، عقب الفوز بمونديال البرازيل في ريو دي جانيرو، وبعدها الانتقال إلى ريال مدريد، وهو مكان للمفارقة، يعتبر أكثر مكان صاخب في عالم كرة القدم، وأبعد ما يكون عن الهدوء الذي ينشده اللاعب الألماني.

ارني ريختر
الجمعة 26 يوليوز 2019