نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


كلارا شومان ...أبرز عازفي البيانو في الفترة الرومانسية في ألمانيا







لايبزيج - فون تيريزا هيلد – ظلت صورتها تزين لعقود الورقة فئة 100 مارك ألماني، إنها كلارا شومان، واحدة من أبرز المؤلفات الموسيقيات وعازفات البيانو خلال عصر الرومانسية الألمانية. وقد ذاع صيتها لأسباب أخرى بالإضافة إلى تميزها في العزف على البيانو. وبالمقارنة بنساء كثيرات في عصرها، بلغت المسيرة الفنية لهذه العبقرية الموسيقية في التلحين والعزف وإدارة الفرق الموسيقية شأنا كبيرا وتبوأت أرفع المناصب المهنية، وهذا جعلها في فترة من فترات حياتها العمود الفقري الذي تعتمد عليه الأسرة كمصدر وحيد للدخل.
يشار إلى أنه بفضل عملها الفني وموهبتها الفنية الأصيلة في الموسيقى الكلاسيكية كعازفة بيانو، أصبحت، الفنانة المولودة في مدينة لايبزيج، من أبرز الشخصيات المحورية في الموسيقى الألمانية خلال القرن التاسع عشر. ولدت شومان في الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر قبل 200 عام، ومازالت حتى الآن نموذجا يحتذى لكثير من النساء الألمانيات المعاصرات.


 
تزوجت كلارا، ضد إرادة والدها من الملحن الموسيقي روبرت شومان، الذي ظل حبها الكبير لآخر عمرها. وبمناسبة مرور مئتي عام على ميلادها يقام معرض فني دائم بمؤسسة "منزل متحف" شومان هاوز في لايبزيج، ويخصص على الجوانب الإبداعية لهذين الفنانين التقدميين.
يشرف على تنسيق المعرض خبيرة الفنون بياتريكس بروشارد، وقد افتتح في يوم ميلاد كلارا شومان، ويبرز بصفة خاصة السنوات الأولى من حياة تلك الزيجة، خلال الفترة بين 1840-1844 بمنزل الأسرة بشارع انزشتراسي في مدينة لايبزيج. تنقل عروض الوسائط المتعددة، وأعمال فنية عبارة عن جداريات والجو العام الذي تم الحفاظ عليه بعناية فائقة، انطباعا عن كيف كانت حالة التعايش بين هذين الزوجين الفنانين الموهوبين.
يقول جريجور نوفاك، مدير مؤسسة شومان هاوز، "إنه المعرض الوحيد الذي يوثق بصورة متكاملة حياة وأعمال والعلاقة بين الفنانين الاثنين". كما يسلط المعرض الضوء أيضًا على التوترات بين الموسيقيين، على سبيل المثال، حقيقة أن روبرت شومان، كان ينزعج من عزف كلارا على البيانو، وكان دائم الشكوى من عدم قدرته على التأليف بسبب الضوضاء التي تتسرب عبر الجدران الرقيقة.
كما تسجل اليوميات الزوجية التي كانت لدى شومان في سنوات زواجها الأولى أن روبرت شومان عارض في البداية جولات الحفل الموسيقي لزوجته ، رغم أن كلارا كانت تسعى من خلال عملها لتحسين ميزانية الأسرة.
وتسرد الوثائق والنصوص أيضا محاولات البحث عن حلول في إطار العلاقة العاطفية، خاصة وأن ارتباطهما لم يكن سهلا على الإطلاق فقد كان روبرت شومان يدرس البيانو على يد حميه والد كلارا، فريدريش فييك، وكان معلما موسيقيا ذائع الصيت، وكان هناك أيضا فارق السن بينهما، حيث كان روبرت أكبر من كلارا بتسع سنوات. نشأت بينهما صداقة وسرعان ما تحولت إلى قصة حب.
وعلى الرغم من أن فريدريك وييك كان أبا متفتحا مقارنة بعصره ولم يعارض مسيرتها الفنية ودراستها للبيانو، إلا أنه عارض بشدة زواج ابنته من روبرت شومان. وبعد معركة طويلة، حصل روبرت وكلارا على تصريح من المحاكم لعقد القران وتزوجا عام 1840. يذكر أنه خلال أعوام زواجهما الأولى ألفا معا مجموعة أغاني الربيع أو (Liederfrühling) ومجموعة 12 أغنية (Op. 37) ثلاثة منها من تأليف كلارا وحدها.
تؤكد الخبيرة بورشارد أنه بدون تواجدهما معا ما كان أيا منهما ليحقق النجاح الذي وصل إليه. وبعد نشاط مكثف استمر لأربع سنوات في لايبزيج، انتقل الزوجان إلى بلدة درسدن.
يوضح مدير مؤسسة منزل شومان هاوز أن الزوجين كانا يتوقعان تحسنا ملموسا في الحالة المعنوية لروبرت شومان، نظرا لأنه كان يعاني في تلك الفترة من نوبة اكتئاب حادة.
كافح الفنان من أجل الخروج من الأزمات المختلفة التي عصفت بحياته الشخصية بسبب طبيعة عمله. وفقا لبروشارد، سرعان ما تهاوت الآمال في قرب تعافيه التام، فيما انتهز روبرت فترات الصحوة القليلة لاستكمال بعض أعماله الأوبرالية أو تأليف مقطوعات موسيقية شعبية، مثل "ألبوم من أجل الشباب".
عام 1850 كبر تعداد الأسرة بعد أن رزق الزوجان بخمسة أبناء، فاضطرت للانتقال إلى دسلدورف. وهناك ترملت كلارا شومان وهي ماتزال في الـ36 من عمرها. قبل ذلك بعامين دخل روبرت المصحة النفسية عقب أول محاولة انتحار، ومنذ ذلك الحين أصبحت كلارا تتولى بمفردها رعاية الأبناء الذين أصبحوا سبعة. رفضت تماما قبول أية مساعدات وردت كل الأموال التي كان زوجها قد اقترضها.
يقول شادي ينكي "تمثل كلارا شومان نموذجا قويا لتحرر المرأة في القرن التاسع عشر". توضح المسؤولة الثقافية بمدينة لايبزيج أن كلارا لم تكن محترفة فقط في مجال الموسيقى، بل في إدارة الشؤون الاقتصادية، فقد أدارت باقتدار تنظيم حفلاتها بنفسها، وخططت لعروضها الفنية، ونظمت الجولات، وأدارت الحملات الإعلانية، وتفاوضت على التعاقدات وأتعاب الحفلات والمؤلفات الموسيقية.
عقب وفاة زوجها، انتقل أفضل أصدقائها وعشيقها بعد ذلك، يوهان برامز للإقامة مع الأرملة للعناية بها وبأبنائها، ولكن كلارا أنهت العلاقة بينهما بعد فترة وجيزة من ذلك. يرجح نوفاك أنها كانت تريد أن يذكرها التاريخ على أنها زوجة روبرت شومان، لدرجة أنها بعد وفاته عملت على تخليد ذكراه من خلال إعادة تقديم أعماله والترويج لها في كل الحفلات التي كانت تقدمها.
انتقلت كلارا للإقامة في برلين عام 1857، وبعد ذلك قضت بضعة أعوام في بادن بادن. انتقلت عام 1878 إلى فرنكفورت، حيث وافتها المنية نتيجة نزيف في المخ عام 1896. ظلت كلارا شومان حتى بلوغها سنا متقدمة تقيم الحفلات وتقدم العروض الموسيقية في أوج الشتاء. أما أوقات الصيف فكانت تقضيها مع أبنائها.
يقول بورشارد إن كلارا شومان كانت نموذجا للمرأة الذكية المكافحة، فضلا عن كونها أما متفانية وزوجة وفية، وفوق كل كل ذلك، واحدة من أشهر عازفات البيانو في عصرها، مؤكدا "منحتها مهارتها الفائقة في العزف على البيانو وأسلوبها الفريد في الأداء سطوة لا مثيل لها".
كانت عروض كلارا شومان الفنية تتضمن مؤلفات موسيقية متنوعة وغالبًا ما تتضمن أعمالا مرتجلة. ومن التفاصيل الطريفة أنها كانت تتميز بكفين كبيرين، سمحتا لها بالعزف على البيانو بسهولة أكبر.

فون تيريزا هيلد
السبت 28 سبتمبر 2019