
وبهذا العبارة الوحيدة البسيطة أثار كولينز عالم الآثار الأمريكي جدلا في أوساط العالم الأكاديمي، حيث أن السعي الذي يقوم به للتنقيب عن واحدة من أكثر المدن الملعونة في الديانات الإبراهيمية أحدث انقساما في دوائر علماء الآثار والأردنيين على حد سواء.
ولا تثير منطقة تل الحمام اهتمام الزائر لتدعوه إلى التوقف عندها حيث تشكل تلا ترابيا قاحلا تحيط به بساتين الموز وحقول قصب السكر ويبعد بمسافة بضعة كيلومترات من الحدود الأردنية الإسرائيلية، وبالتالي لا تستحق هذه المنطقة هذا الجدل الساخن الدائر حول العلم والدين.
ومع ذلك فعندما أعلن كولينز في وقت سابق من العام الحالي أن التل لا يحتوي فقط على بقايا أكبر مدينة من العصر البرونزي في الشرق الأوسط وإنما أيضا على مدينة سدوم ذات السمعة السيئة فقد وضع هذا الموقع النائي على خارطة الحفريات الأثرية العالمية.
كما وضع هذا الإعلان تل الحمام في مركز جدل مستمر منذ عدة عقود حول صلاحية الاعتماد على النصوص التوراتية في الحفريات الأثرية.
ولأكثر من خمسة أعوام ظل فريق كولينز التابع لجامعة ترينتي ساوث وست بولاية أريزونا يعمل في هذا الموقع، وبعد إزالة كميات من الأتربة والأحجار التي يرجع تاريخها لعدة قرون زعم الفريق أنه كشف عن دليل ملموس يربط بين وادي الأردن والمدينة سيئة السمعة.
وكشف الفريق في حفرياته عن مدينة من العصر البرونزي مساحتها ثلاثة كيلومترات مربعة تقع فيما يسمى بدائرة الأردن وهي سهل دائري يقع شمالي البحر الميت الذي يشير الإنجيل إليه كموقع لسدوم.
وقد اكتشف الفريق الأثري في مدينة العصر البرونزي وجود أنظمة دفاعية مكثفة وأبراج ومعابد تجعل مثيلتها في أريحا المجاورة تبدو كالقزم، ويزعم كولينز أنه من المرجح أن تكون تل الحمام التي تنافس مدينة العصر البرونزي قد تمتعت في الماضي بالقوة وكانت مدينة لأحد الملوك ربما الكنعانيين مثل حاكم سدوم.
ويقول كولينز للزوار : " أمامكم هنا أكبر مدينة في هذه الأنحاء " ويضيف : " إذا كنتم تبحثون عن ملجأ تهربون إليه كما فعل لوط فإن هذه المدينة ستكون أول مكان تذهبون إليه ".
ومع ذلك فوسط أطلال المعابد والأبراج يقول كولينز إن فريقه لم ينجح حتى الآن في العثور على أقوى دليل يربط بين الموقع وسدوم.
ويقول الفريق بعد سنوات من تحليل قطع الفخار إنه يتعين عليه الكشف عن أثر مفرد لمستوطنة بشرية كانت موجودة خلال الفترة بين منتصف العصر البرونزي وأوائل العصر الحديدي ( خلال الفترة بين عام 1500 قبل الميلاد وعام 1000 قبل الميلاد ) تشير إلى أنه تم النزوح من هذه المنطقة لمدة 500 عام تقريبا.
ويجادل كولينز بأن منطقة تل الحمام ظلت مهجورة بينما استمرت المدن المجاورة التي كانت لها صفة الدولة مثل أريحا في الازدهار، ووصف هذا الدليل بأنه يدل على حدوث " كارثة مدمرة " أصابت بالذعر أجيالا من سكان المنطقة في العصر البرونزي وجعلتهم يفرون منها.
ويؤكد كولينز أن هناك أسسا لمدينة حصينة مزودة بإمدادات المياه العذبة وتتمتع بقطاع زراعي يعد من الأفضل في المنطقة ويشير كولينز إلى أن ما حدث في ذلك الموقع وجعل الناس يبتعدون عنه لمدة خمسة قرون لا بد وأن يكون شيئا كارثيا.
كما يشير إلى الملامح السائدة في تل الحمام والتي تتوافق مع الوصف الذي جاء في الكتاب المقدس، وإلى الفجوة في الدلائل التي تمثلها المستوطنة " غير الواضحة "، وكذلك اكتشاف هياكل عظمية في أوضاع غير طبيعية " مشوهة " باعتبار كل ذلك " دليلا ملموسا " على أن تل وادي الأردن يحتوي على بقايا المدينة الملعونة ويقول كولينز متحديا : " إذا كان لديكم موقع أفضل من ذلك يمكن اعتباره مدينة سدوم القديمة فأرجوكم أروني إياه ".
وعلى الرغم من الحماس الذي يبديه الفريق قوبل هذا الاكتشاف بمعارضة من جانب جماعة علماء الآثار التي ترفض مزاعم كولينز وتصفها بأنها " لعبة بهلوانية لغرض الدعاية " تهدف إلى جمع التبرعات للجامعة التي ينتمي إليها وأبحاثه التي يقوم بها.
ويتهم معاوية إبراهيم ممثل الأردن في منظمة اليونسكو والخبير في آثار وادي الأردن الفريق بتحريف الأدلة وإعادة طلاء الأبحاث السابقة من أجل مساندة مزاعمه " المثيرة ".
ويقول إبراهيم إن عمليات البحث والتوثيق التي استمرت لعقود تثبت أن وادي الأردن كان مأهولا بالسكان بشكل مستمر خلال العصر البرونزي، ونفى أن يكون الوادي قد تعرض إلى كارثة مدمرة أو تكون هناك ما يصفه كولينز بفجوة المستوطنة ويضيف إبراهيم إن جهود فريق كولينز تعد حالة كلاسيكية لباحث يضع فرضية أولا ثم يجمع ويتخير الحقائق التي تتناسب معها محاولا إثباتها.
ويرفض باحثون آخرون كولينز باعتباره " عالم أثري توراتي " عصري مثل المستكشفين الأوروبيين والأمريكيين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الذين كانوا يتجولون في " الأرض المقدسة " - والتي يقصد بها المنطقة من نهر الأردن حتى البحر المتوسط - وهم يمسكون بجاروف في يد وبالإنجيل في اليد الأخرى باحثين عن المدن المذكورة في العهد القديم.
ويشير الخبراء إلى أن اعتماد كولينز " بشكل غير مهني " على نص توراتي وعلى نزعة دينية للجامعة التي ينتمي إليها وهي ترينتي ومعناها الثالوث والتي مهمتها " التمسك بالسلطة المقدسة للإنجيل " إنما هو علامة على أنه يكمن وراء عملية الاستكشاف جدول أعمال ديني صريح.
ويقول غازي بيشيح المدير السابق لهيئة الآثار الأردنية إنه لا يمكنك مجرد أن تفتح صفحات الإنجيل أو أي نص ديني آخر ثم تحدد تبعا لذلك مكانا لموقع أثري.
ويضيف قائلا إنه في هذه الحالة سيكون لديك مجموعة من الأشخاص تنقب في الأرض بحثا عما يؤكد ما يؤمنون به دون أن يكون لديهم أي اهتمام بالتاريخ أو اعتبار لما يقومون بالكشف عنه بالفعل وهذا يمثل خطورة بالنسبة لكل من الأردن ومجال الحفريات.
وفي الوقت الذي شجعت فيه مزاعم كولينز نزعات التشكك في الدوائر الأكاديمية فإنها قوبلت بمشاعر عدائية من جانب سكان وادي الأردن الذين يخشون من التأثير السلبي لهذا الاكتشاف على حياتهم اليومية.
ويقول محمد عدوان وهو من سكان وادي الأردن إنه بسبب معتقد خرافي محلي ستلقي " وصمة " سدوم بتأثيرها على جميع جوانب حياة السكان المحليين وتمنعهم من بيع الأراضي وتزويج بناتهم وحتى بيع المحاصيل التي يزرعونها على سفوح تلال الأطلال المزعومة للمدينة الملعونة.
ويضيف عدوان وهو يكوم كراتين الطماطم عند منصة بيع الخضراوات التي يمتلكها على جانب الطريق وتقع على مسافة بضعة أمتار من تل الحمام إنه إذا اعترفت الحكومة بأن هذا الموقع هو سدوم فلن يرغب أي شخص في وضع قدمه في وادي الأردن ويستطرد قائلا : " وقتها سيصير وادي الأردن ميتا مثلما حدث في اليوم الذي دمر فيه الرب سدوم ".
ويرد كولينز بحجة معاكسة قائلا إن رفض الخبراء قبول فكرة وجود سدوم في تل الحمام ينبع من سمعتها السيئة، ويزعم أن ارتباط المدينة بالخطايا والمثلية جعلها " إبن السفاح غير المرغوب فيه " من بين المواقع التي جاء ذكرها في الكتاب المقدس.
وقد سارعت كل من الأردن وإسرائيل في الترويج لمواقع ومدن يزعم أنها مذكورة في الإنجيل ابتداء من أريحا إلى كهف لوط المفترض أن يكون النبي لوط قد لجأ إليه مع بناته الثلاث بعد أن نجوا من الدمار الذي لحق بسدوم.
غير أن الأردن لا تتعجل في أن تصبح معروفة بأنها تضم مدينة دمرها الرب بسبب ما ارتكبه سكانها من آثام ويقول كولينز إنه بمجرد أن تنطق باسم " سدوم " يقف الناس وكأن على رؤوسهم الطير وكأنهم لا يريدون سماع هذه الكلمة.
وعلى الرغم من تأكيدات كولينز بأن مزاعمه بشأن سدوم تسندها أدلة تقوم على " علم دقيق " إلا أن بعض الاستنتاجات الأخرى التي توصل إليها فريقه تتطلب الثقة العمياء حتى من جانب أكثر المؤمنين بتل الحمام.
ويزعم فريق جامعة ترينتي ساوث وست أنهم اكتشفوا أماكن دفن تنتمي لعصر الكنعانيين وبقايا العمالقة وهم كائنات يبلغ طول الواحد منهم ستة أقدام وله ستة أصابع وهم من نسل الملائكة وفقا لرواية العهد القديم والتي تقول إن الملائكة كانوا يتجولون قديما في هذه المنطقة.
ويؤكد توماس فايدر الذي كان يعمل ملاحظا لعمال البناء وأصبح تحت رعاية كولينز ومديرا مشاركا للمشروع أنه تم اكتشاف سدوم وتم اكتشاف العمالقة وهذه هي مجرد البداية ويضيف فايدر قائلا إن ما ذكره الإنجيل عن موقع المدينة أصبح تحت أقدامنا وصار في قدرتنا الكشف عنه.
وحتى كولينز يعترف بأنه ينبغي عليه أن يتوصل إلى " دليل علمي " عندما تعرض لضغوط لإيضاح نوعية الكارثة الطبيعية التي يمكن أن تكون قد دمرت تل الحمام بينما تركت المدن الأخرى المجاورة سالمة.
والنظرية السائدة حاليا عند كولينز الذي يبلغ من العمر 60 عاما وتفسر اختفاء سدوم المبكر ترجع السبب إلى حادث انفجار جوي يعرفه العلماء بأنه ظاهرة متعلقة بالأرصاد الجوية، وأدى مثل هذا الانفجار إلى تدمير نحو 400 فدان من غابات سيبيريا في مطلع القرن العشرين وحير العلماء لعقود.
وعلى الرغم من تصاعد الجدل حول ما إذا كانت المزاعم حول سدوم هي نتاج أدلة سليمة تتعلق بعلم الآثار أو أنها مجرد هذيان لرجل يأخذه الحماس الديني بعيدا إلا أن هذا الجدل لم يعرقل كثيرا عمل الفريق.
ومن المقرر في وقت لاحق من العام الحالي أن يعود فريق الجامعة إلى تل الحمام للموسم الثامن له على التوالي لإجراء مزيد من الحفريات لاكتشاف مجمع معابد وبرجين يبلغ ارتفاع الواحد منهما 25 مترا، ويعتقد الفريق أنهما البوابتان التي وقف النبي لوط أمامهما منذ آلاف الأعوام ومن ناحية أخرى لا يزال كولينز واثقا من أن الفريق بمرور الوقت سيكتشف مزيدا من الأدلة الكافية لإقناع حتى أشد المتشككين في وجود سدوم بالمنطقة.
ويقول كولينز إنه سواء آمن الناس بأن الإنجيل كلام الرب أو أنه مجموعة من القصص والروايات المختلقة إلا أنه توجد هنا مدينة حقيقة ألهمت نظرية وجود مدينة سدوم ويضيف قائلا : " إن كل ما نقوله هو إننا نعتقد بأننا عثرنا على هذه المدينة وليس ثمة خطيئة في ذلك ".
ولا تثير منطقة تل الحمام اهتمام الزائر لتدعوه إلى التوقف عندها حيث تشكل تلا ترابيا قاحلا تحيط به بساتين الموز وحقول قصب السكر ويبعد بمسافة بضعة كيلومترات من الحدود الأردنية الإسرائيلية، وبالتالي لا تستحق هذه المنطقة هذا الجدل الساخن الدائر حول العلم والدين.
ومع ذلك فعندما أعلن كولينز في وقت سابق من العام الحالي أن التل لا يحتوي فقط على بقايا أكبر مدينة من العصر البرونزي في الشرق الأوسط وإنما أيضا على مدينة سدوم ذات السمعة السيئة فقد وضع هذا الموقع النائي على خارطة الحفريات الأثرية العالمية.
كما وضع هذا الإعلان تل الحمام في مركز جدل مستمر منذ عدة عقود حول صلاحية الاعتماد على النصوص التوراتية في الحفريات الأثرية.
ولأكثر من خمسة أعوام ظل فريق كولينز التابع لجامعة ترينتي ساوث وست بولاية أريزونا يعمل في هذا الموقع، وبعد إزالة كميات من الأتربة والأحجار التي يرجع تاريخها لعدة قرون زعم الفريق أنه كشف عن دليل ملموس يربط بين وادي الأردن والمدينة سيئة السمعة.
وكشف الفريق في حفرياته عن مدينة من العصر البرونزي مساحتها ثلاثة كيلومترات مربعة تقع فيما يسمى بدائرة الأردن وهي سهل دائري يقع شمالي البحر الميت الذي يشير الإنجيل إليه كموقع لسدوم.
وقد اكتشف الفريق الأثري في مدينة العصر البرونزي وجود أنظمة دفاعية مكثفة وأبراج ومعابد تجعل مثيلتها في أريحا المجاورة تبدو كالقزم، ويزعم كولينز أنه من المرجح أن تكون تل الحمام التي تنافس مدينة العصر البرونزي قد تمتعت في الماضي بالقوة وكانت مدينة لأحد الملوك ربما الكنعانيين مثل حاكم سدوم.
ويقول كولينز للزوار : " أمامكم هنا أكبر مدينة في هذه الأنحاء " ويضيف : " إذا كنتم تبحثون عن ملجأ تهربون إليه كما فعل لوط فإن هذه المدينة ستكون أول مكان تذهبون إليه ".
ومع ذلك فوسط أطلال المعابد والأبراج يقول كولينز إن فريقه لم ينجح حتى الآن في العثور على أقوى دليل يربط بين الموقع وسدوم.
ويقول الفريق بعد سنوات من تحليل قطع الفخار إنه يتعين عليه الكشف عن أثر مفرد لمستوطنة بشرية كانت موجودة خلال الفترة بين منتصف العصر البرونزي وأوائل العصر الحديدي ( خلال الفترة بين عام 1500 قبل الميلاد وعام 1000 قبل الميلاد ) تشير إلى أنه تم النزوح من هذه المنطقة لمدة 500 عام تقريبا.
ويجادل كولينز بأن منطقة تل الحمام ظلت مهجورة بينما استمرت المدن المجاورة التي كانت لها صفة الدولة مثل أريحا في الازدهار، ووصف هذا الدليل بأنه يدل على حدوث " كارثة مدمرة " أصابت بالذعر أجيالا من سكان المنطقة في العصر البرونزي وجعلتهم يفرون منها.
ويؤكد كولينز أن هناك أسسا لمدينة حصينة مزودة بإمدادات المياه العذبة وتتمتع بقطاع زراعي يعد من الأفضل في المنطقة ويشير كولينز إلى أن ما حدث في ذلك الموقع وجعل الناس يبتعدون عنه لمدة خمسة قرون لا بد وأن يكون شيئا كارثيا.
كما يشير إلى الملامح السائدة في تل الحمام والتي تتوافق مع الوصف الذي جاء في الكتاب المقدس، وإلى الفجوة في الدلائل التي تمثلها المستوطنة " غير الواضحة "، وكذلك اكتشاف هياكل عظمية في أوضاع غير طبيعية " مشوهة " باعتبار كل ذلك " دليلا ملموسا " على أن تل وادي الأردن يحتوي على بقايا المدينة الملعونة ويقول كولينز متحديا : " إذا كان لديكم موقع أفضل من ذلك يمكن اعتباره مدينة سدوم القديمة فأرجوكم أروني إياه ".
وعلى الرغم من الحماس الذي يبديه الفريق قوبل هذا الاكتشاف بمعارضة من جانب جماعة علماء الآثار التي ترفض مزاعم كولينز وتصفها بأنها " لعبة بهلوانية لغرض الدعاية " تهدف إلى جمع التبرعات للجامعة التي ينتمي إليها وأبحاثه التي يقوم بها.
ويتهم معاوية إبراهيم ممثل الأردن في منظمة اليونسكو والخبير في آثار وادي الأردن الفريق بتحريف الأدلة وإعادة طلاء الأبحاث السابقة من أجل مساندة مزاعمه " المثيرة ".
ويقول إبراهيم إن عمليات البحث والتوثيق التي استمرت لعقود تثبت أن وادي الأردن كان مأهولا بالسكان بشكل مستمر خلال العصر البرونزي، ونفى أن يكون الوادي قد تعرض إلى كارثة مدمرة أو تكون هناك ما يصفه كولينز بفجوة المستوطنة ويضيف إبراهيم إن جهود فريق كولينز تعد حالة كلاسيكية لباحث يضع فرضية أولا ثم يجمع ويتخير الحقائق التي تتناسب معها محاولا إثباتها.
ويرفض باحثون آخرون كولينز باعتباره " عالم أثري توراتي " عصري مثل المستكشفين الأوروبيين والأمريكيين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الذين كانوا يتجولون في " الأرض المقدسة " - والتي يقصد بها المنطقة من نهر الأردن حتى البحر المتوسط - وهم يمسكون بجاروف في يد وبالإنجيل في اليد الأخرى باحثين عن المدن المذكورة في العهد القديم.
ويشير الخبراء إلى أن اعتماد كولينز " بشكل غير مهني " على نص توراتي وعلى نزعة دينية للجامعة التي ينتمي إليها وهي ترينتي ومعناها الثالوث والتي مهمتها " التمسك بالسلطة المقدسة للإنجيل " إنما هو علامة على أنه يكمن وراء عملية الاستكشاف جدول أعمال ديني صريح.
ويقول غازي بيشيح المدير السابق لهيئة الآثار الأردنية إنه لا يمكنك مجرد أن تفتح صفحات الإنجيل أو أي نص ديني آخر ثم تحدد تبعا لذلك مكانا لموقع أثري.
ويضيف قائلا إنه في هذه الحالة سيكون لديك مجموعة من الأشخاص تنقب في الأرض بحثا عما يؤكد ما يؤمنون به دون أن يكون لديهم أي اهتمام بالتاريخ أو اعتبار لما يقومون بالكشف عنه بالفعل وهذا يمثل خطورة بالنسبة لكل من الأردن ومجال الحفريات.
وفي الوقت الذي شجعت فيه مزاعم كولينز نزعات التشكك في الدوائر الأكاديمية فإنها قوبلت بمشاعر عدائية من جانب سكان وادي الأردن الذين يخشون من التأثير السلبي لهذا الاكتشاف على حياتهم اليومية.
ويقول محمد عدوان وهو من سكان وادي الأردن إنه بسبب معتقد خرافي محلي ستلقي " وصمة " سدوم بتأثيرها على جميع جوانب حياة السكان المحليين وتمنعهم من بيع الأراضي وتزويج بناتهم وحتى بيع المحاصيل التي يزرعونها على سفوح تلال الأطلال المزعومة للمدينة الملعونة.
ويضيف عدوان وهو يكوم كراتين الطماطم عند منصة بيع الخضراوات التي يمتلكها على جانب الطريق وتقع على مسافة بضعة أمتار من تل الحمام إنه إذا اعترفت الحكومة بأن هذا الموقع هو سدوم فلن يرغب أي شخص في وضع قدمه في وادي الأردن ويستطرد قائلا : " وقتها سيصير وادي الأردن ميتا مثلما حدث في اليوم الذي دمر فيه الرب سدوم ".
ويرد كولينز بحجة معاكسة قائلا إن رفض الخبراء قبول فكرة وجود سدوم في تل الحمام ينبع من سمعتها السيئة، ويزعم أن ارتباط المدينة بالخطايا والمثلية جعلها " إبن السفاح غير المرغوب فيه " من بين المواقع التي جاء ذكرها في الكتاب المقدس.
وقد سارعت كل من الأردن وإسرائيل في الترويج لمواقع ومدن يزعم أنها مذكورة في الإنجيل ابتداء من أريحا إلى كهف لوط المفترض أن يكون النبي لوط قد لجأ إليه مع بناته الثلاث بعد أن نجوا من الدمار الذي لحق بسدوم.
غير أن الأردن لا تتعجل في أن تصبح معروفة بأنها تضم مدينة دمرها الرب بسبب ما ارتكبه سكانها من آثام ويقول كولينز إنه بمجرد أن تنطق باسم " سدوم " يقف الناس وكأن على رؤوسهم الطير وكأنهم لا يريدون سماع هذه الكلمة.
وعلى الرغم من تأكيدات كولينز بأن مزاعمه بشأن سدوم تسندها أدلة تقوم على " علم دقيق " إلا أن بعض الاستنتاجات الأخرى التي توصل إليها فريقه تتطلب الثقة العمياء حتى من جانب أكثر المؤمنين بتل الحمام.
ويزعم فريق جامعة ترينتي ساوث وست أنهم اكتشفوا أماكن دفن تنتمي لعصر الكنعانيين وبقايا العمالقة وهم كائنات يبلغ طول الواحد منهم ستة أقدام وله ستة أصابع وهم من نسل الملائكة وفقا لرواية العهد القديم والتي تقول إن الملائكة كانوا يتجولون قديما في هذه المنطقة.
ويؤكد توماس فايدر الذي كان يعمل ملاحظا لعمال البناء وأصبح تحت رعاية كولينز ومديرا مشاركا للمشروع أنه تم اكتشاف سدوم وتم اكتشاف العمالقة وهذه هي مجرد البداية ويضيف فايدر قائلا إن ما ذكره الإنجيل عن موقع المدينة أصبح تحت أقدامنا وصار في قدرتنا الكشف عنه.
وحتى كولينز يعترف بأنه ينبغي عليه أن يتوصل إلى " دليل علمي " عندما تعرض لضغوط لإيضاح نوعية الكارثة الطبيعية التي يمكن أن تكون قد دمرت تل الحمام بينما تركت المدن الأخرى المجاورة سالمة.
والنظرية السائدة حاليا عند كولينز الذي يبلغ من العمر 60 عاما وتفسر اختفاء سدوم المبكر ترجع السبب إلى حادث انفجار جوي يعرفه العلماء بأنه ظاهرة متعلقة بالأرصاد الجوية، وأدى مثل هذا الانفجار إلى تدمير نحو 400 فدان من غابات سيبيريا في مطلع القرن العشرين وحير العلماء لعقود.
وعلى الرغم من تصاعد الجدل حول ما إذا كانت المزاعم حول سدوم هي نتاج أدلة سليمة تتعلق بعلم الآثار أو أنها مجرد هذيان لرجل يأخذه الحماس الديني بعيدا إلا أن هذا الجدل لم يعرقل كثيرا عمل الفريق.
ومن المقرر في وقت لاحق من العام الحالي أن يعود فريق الجامعة إلى تل الحمام للموسم الثامن له على التوالي لإجراء مزيد من الحفريات لاكتشاف مجمع معابد وبرجين يبلغ ارتفاع الواحد منهما 25 مترا، ويعتقد الفريق أنهما البوابتان التي وقف النبي لوط أمامهما منذ آلاف الأعوام ومن ناحية أخرى لا يزال كولينز واثقا من أن الفريق بمرور الوقت سيكتشف مزيدا من الأدلة الكافية لإقناع حتى أشد المتشككين في وجود سدوم بالمنطقة.
ويقول كولينز إنه سواء آمن الناس بأن الإنجيل كلام الرب أو أنه مجموعة من القصص والروايات المختلقة إلا أنه توجد هنا مدينة حقيقة ألهمت نظرية وجود مدينة سدوم ويضيف قائلا : " إن كل ما نقوله هو إننا نعتقد بأننا عثرنا على هذه المدينة وليس ثمة خطيئة في ذلك ".