نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


ممارسة خطيرة تطبق على الأطفال المولودين بعمليات قيصرية




فرانكفورت/ برلين - ماركو كريفتنج – الآباء على استعداد لعمل أي شيء من أجل الحفاظ على صحة أبنائهم. وقد أدى هذا الشغف المتزايد لانتشار ممارسة خطيرة بدأت من أستراليا، ووصلت حديثًا إلى بريطانيا، وتتمثل في استعمال السائل المهبلي للأم بعد الولادة والمسح به على الطفل المولود حديثًا، بعملية ولادة قيصرية، نظرا لأن تقارير علمية وأبحاث أثبتت أن هذا السائل يحتوي على بكتيريا تفيد في زيادة المناعة لديهم، علما بأن الأطفال المولودين قيصريا يكونون أقل مناعة من


 نظرائهم المولودين طبيعيا، فهل هذه الطريقة بالفعل أثبتت نجاحها؟ وما هي الأضرار التي من الممكن أن تنتج جراء هذا الاتجاه؟
توضح البروفيسر سوزان شتبات من الجمعية الألمانية للأمومة أنه من المعروف أن من علامات قرب الوضع، تمزق كيس مائي تتدفق منه سوائل من مهبل الأم الحامل، أشبه بالماء المالح ولكنها معقمة. فيما بعد يمسح جسم الطفل حديث الولادة بها مع غيرها من آثار المشيمية التي تحتوي على ماء المخاض. ولا يقتصر الأمر على مسح جسد الطفل بل يقطر له من هذا الماء الذي يحتوي على ميكروبات مهولة في العينين والفم، تشير البروفيسر شتبات، مؤكدة أن هناك طلبا متزايدا من الأمهات الحوامل على أن تجرى لأطفالهن تلك الممارسة. ولكن نظرا لأن هذه الممارسة لم يتم اختبارها بفاعلية كما ينبغي، ينصح الخبراء بتوخي الحذر وترقب نتائج المزيد من الدراسات.
خلفيات: يوضح البروفيسر فرانك لوفين بالجمعية الألمانية للنساء والتوليد والمعروفة اختصارا بـ(DGGG) أنه من المعروف أن 90% من خلايا جسم الانسان وما يحيط به عبارة عن بكتيريا، تحمينا بصفة عامة من الكثير من الأمراض، وتتعايش في تناغم مع البشر. إلا أنه في حالة الأطفال المولودين بعمليات قيصرية، تختلف البيئة الحيوية للميكروبات عن غيرهم الذين جاءوا للعالم بطريقة طبيعية. حيث نجد في النوع الأخير من الأطفال أن "النبيت الجرثومي المعوي" وهي مجموعة الميكروبات الموجودة في الجهاز الهضمي الخاص بالإنسان والحيوانات الأخرى، بما فيها الحشرات، مماثلة للأم، نظرا لأن الطفل أثناء عملية المخاض يكون قد ابتلع السوائل المهبلية وبعض سوائل المشيمية خلال مروره بقناة الولادة لدى الأم الحامل. كما يشير البروفيسر لوفين أن بكتريا "النبيت الجرثومي المعوي" مماثلة لمجموعة ميكروبات " النبيت الجرثومي المهبلي".
على العكس يكون لدى الأطفال المولودين قيصريا بكتيريا معوية تصل فقط للوجه والكفين، وهي مجموعة البكتيريا الوحيدة التي يكتسبونها من عملية الولادة، ولهذا يؤكد لوفين أنه "ثبت علميا أن الأطفال الذين يولودون قيصريا يكون لديهم استعدادا أكبر للإصابة بأمراض مثل البدانة والسكري وأنواع مختلفة من الحساسية".
كتب طبيب الأطفال مايكل هاش كتابا أكد فيه أن أطفال العمليات القيصرية يتأخر لديهم لمدة ثلاثة شهور عملية نمو بكتيريا معوية نافعة، وهذا يجعلهم خلال تلك الفترة عرضة لانتشار جسيمات بكتيرية غير نافعة، ما قد يؤدي إلى عدم السماح بوجود البكتيريا النافعة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن ثلاثة أرباع الأطفال الذين يصابون بما يعرف بالخمج المشفوي أو "عدوى المستشفيات" من المولودين قيصريا.
ومن ثم تسعى هذه الممارسة إلى التوصل لعلاج إلى هذه الحالات عملا بشعار: "نبيت جرثومي معوي" مماثل لـ"نبيت جرثومي مهبلي" لزيادة نظام المناعة وحماية الأطفال. ومع ذلك ترى الجمعية الألمانية (DGGG) أنه حتى الآن لا توجد تجارب كافية تبرهن على نجاح هذه الممارسة على المدى البعيد. ولهذا تطالب بتحليل هذه الممارسة من خلال دراسات اكلينيكية، على غرار تلك التي يجري إعدادها حاليا على مستوى العالم، ومن أبرزها تلك التي يشرف عليها حاليا البروفيسر لوفين بمستشفى فرانكفورت الإكلينكي الجامعي، ومن المرتقب أن تظهر النتائج للنور خلال فترة تتراوح بين أربع إلى ست سنوات. ومن بين الأسئلة التي تطرحها هي ما إذا كانت عملية مسح حديثي الولادة بهذه السوائل توفر القدر الكافي من الميكروبات النافعة للطفل أم لا، أخذا في الاعتبار أن المولود قد يستغرق خروجه من الرحم فترات تتفاوت بين 10 ثوان إلى ساعتين، ومن ثم فإن توقيت تطبيق هذه الممارسة عليه قد يصنع فارقا جوهريا.
في عدد أيار/ مايو من مجلة (Foro de Matronas) المتخصصة، تطرح البروفيسرة نينا دريكسليوس عدة أسئلة من بينها: ما هي نوعية البكتيريا النافعة للطفل، ما هي أجزاء الجسم التي يجب مسحها بالسوائل المهبلية، ومدى فاعلية تكرار عملية المسح.
من جانبه يحذر لوفين من تطبيق هذه الممارسة بصرف النظر عن الدراسات العلمية. كما ينتقد أن "هناك العديد من الأمور الحمقاء التي ترتكب في إطار هذه الممارسة، حيث تقدمها المستشفيات كنوع من الخدمة بدون معرفة مدى جدواها، فقط لتثبت للأمهات أنها تواكب موضة العصر. فأصبحت تستخدم كوسيلة دعائية للترويج، وهذا ليس من الطب في شيء. من المهم الحفاظ على المعيار الأخلاقي جنبا إلى جنب مع نتائج الدراسات، وهذا سوف يسهم في ثقة الآباء في جدوى ما يجري.
من جانبها، تؤيد شتبات إجراء الدراسات، على الرغم من أنها لأول مرة علمت بأمر هذه الممارسة أعربت عن تشككها في جدواها، كما تشدد على رفضها وانتقادها لعمليات الولادة القيصرية غير المبررة. في الوقت الراهن أصبحت أكثر انفتاحا على التعامل مع هذه الممارسة، موضحة "إذا كان من المجدي تقوية المناعة فإنه من الأولى الإصرار على الولادة الطبيعية، طالما أن هذا لن يكون فيه ضرر على الأم والطفل". ومع ذلك تعترف بأن الأمر "يمثل طفرة ثقافية: هناك سعي لتطبيق ممارسة طبيعية من خلال وسائل صناعية".
بدوره يوصي البروفيسر هاوش بانتظار ظهور نتائج المزيد من الدراسات حول الموضوع، محذرا "طالما لم تظهر معلومات مؤكدة حول تطبيق هذه الممارسة على المدى الطويل، فعلى الأمهات الشابات الوثوق في أكثر الطرق زيادة للمناعة والمثبتة منذ ملايين السنين وهي الرضاعة الطبيعية. لبن الأم الطبيعي لما يحتويه من فوائد جمة يمكن أن يعوض خلل نشوء الميكروبات المعوية النافعة والمخاطر المرتفعة للإصابة بالحساسية. الرضاعة الطبيعية تساعد بكل تأكيد على تعزيز مناعة الأطفال المولودين قيصريا".

ماركو كريفتنج
الاحد 26 غشت 2018