نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


من الملكي النيابي إلى الرئاسي الشمولي.. كيف تغير دستور سوريا خلال 100 عام





شكّلت سوريا، عبر تاريخها الغارق في القدم، عنواناً للتشريع والقانون، وكانت الشرائع المختلفة في سوريا القديمة أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية، تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة، من بابلية وحثيّة وأكّادية وغيرها، ويعود أقدمها إلى تاريخ 2360 ق.م، الذي اكتشف في مملكة ماري، التي أُسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.


 
ومع التطور المدني والاجتماعي، خاصة في التاريخ المعاصر، بقيت سوريا مركز للتشريع والتقنين، على الأقل في محيطها الجغرافي، على الرغم من كل الشوائب والتقلبات السياسية والاجتماعية التي عصفت بها.
ويمكن القول إن التاريخ السوري مر بثلاثة أنواع من أنظمة الحكم: الملكي، النيابي أو البرلماني، والرئاسي، سجّل كل منها قوانينه ودساتيره الخاصة، كُتبت وأُقرت وفقاً للظروف السياسية والاجتماعية في كل مرحلة.
نستعرض في هذا الملف الدساتير المكتوبة التي مرت على سوريا عبر تاريخها الحديث، منذ أيام الحكم العثماني الأخيرة حتى اليوم.
العهد العثماني: أول دستور عصري يشمل سوريا
ألحقت سوريا، منذ العام 1516، بالسلطنة العثمانية، وتذكر كتب التاريخ أن أول دستور عصري تم إعلانه، وشمل سوريا، هو الدستور الذي أقرّه السلطان عبد الحميد الثاني في العام 1876، الذي تضمن تحويل السلطة في السلطنة العثمانية إلى ملكية دستورية برلمانية، وأحدث مجلس وزراء مسؤول أمام السلطة التشريعية.
وأعطى هذا الدستور ضمانات للحريات الشخصية لكل أقاليم السلطنة العثمانية، فضلاً عن استقلال القضاء وفرض التعليم الابتدائي الإلزامي، كما فتح الباب لغير الأتراك للمشاركة في مفاصل الدولة.
في تلك الحقبة كان للسوريين حضور قوي في المناصب الرسمية، نذكر منهم: محمد فوزي باشا العظم، الذي كان عضواً في مجلس ولاية سوريا في العام 1879، وشغل منصب رئيس بلدية دمشق في العام 1891، ووزيراً للأوقاف في العام 1912.
وأيضاً عبد الرحمن باشا اليوسف، الذي شغل منصب وزير الحج في العام 1909، وكان عضواً في مجلس الأعيان العثماني في العام 1914، بالإضافة إلى نواب وأعضاء في مجلس المبعوثان العثماني، منهم: فارس الخوري، بديع مؤيد العظم، عوني بيك القضماني، وغيرهم كثيرون.
لكن ذلك لم يدم طويلاً، حيث عطّل دستور السلطان عبد الحميد بعد عام من إقراره، وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، تخلّت السلطنة العثمانية عن سوريا بموجب معاهدة "سيفر" في العام 1920، لصالح دول الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا).
الدستور الفيصلي: الملكية النيابية والدولة الاتحادية
في أعقاب هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، وخروجهم من البلاد العربية، نُصِّب الملك فيصل الأول بن الحسين ملكاً على سوريا والعراق، وتألفت أول حكومة وطنية سورية برئاسة رضا الركابي في العام 1918.
انبثق عن حكومة الركابي لجنة مؤلفة من عشرين عضواً، برئاسة هاشم الأتاسي، قامت بوضع مشروع دستور مؤلف من 147 مادة، وأقر دستوراً للمملكة السورية في تموز من العام 1920.
ونص دستور المملكة السورية في مواده الأولى على أن حكومة المملكة السورية العربية ملكية مدنية نيابية، شكل الدولة اتحادي، ولكل مقاطعة حكم ذاتي ومجلس نيابي وحكومة محلية، وأعطى ضمانات واسعة للحريات المدنية والدينية والشخصية، وأشار صراحة إلى الطوائف والإثنيات في سياق حقها في إقامة شعائرها الدينية.
كما نص دستور 1920 على أن يكون ملك البلاد محترماً وغير مسؤول ويدين بالإسلام، وهو ما أخذه الملك فيصل عن دستور السلطان عبد الحميد، الذي ربط بين دين الإسلام والسلطة، الأمر الذي استمر في جميع الدساتير السورية اللاحقة.
عهد الانتداب: دساتير سورية بصلاحيات فرنسية
لم يُتح لدستور المملكة السورية أن يستمر طويلاً، فمناخ الحريات الدستورية الذي بدأ في عهد الملك فيصل لم يعجب الدول الاستعمارية الكبرى، بريطانيا وفرنسا، اللتين كانتا تطمعان في اقتسام غنائم الحرب، وبموجب اتفاق الدولتين "سايكس بيكو"، كانت سوريا من نصيب فرنسا.
مع بداية عهد الانتداب الفرنسي أُلغي دستور الملك فيصل، وأُحل مكانه "صك الانتداب"، الصادر في العام 1924، والذي قسم الأراضي السورية لثمانية أقاليم منفصلة، وأحدث دولاً مستقلة لكل من العلويين والدروز.
ومع الضغط الشعبي الذي وفّرته الثورة السورية في العام 1925، اضطر المندوب السامي الفرنسي، هنري بونسو، في العام 1928، إلى إجراء انتخابات عامة وتأسيس أول لجنة دستورية مؤلفة من 27 نائباً، وبدأت بوضع أحكام الدستور، عن طريق لجنة ترأسها فوزي الغزي، الذي كان واحداً من كبار فقهاء القانون الدستوري في ذلك الوقت، ويطلق عليه لقب "أبو الدستور السوري".
أنهت الجمعية التأسيسية صياغة دستور مكوّن من 115 مادة، نصت على استقلال سوريا ضمن نظام نيابي وطني جمهوري، وحددت علاقاتها كدولة مستقلة مع فرنسا بالنصوص التعاهدية التي يمكن أن تعقدها الدولتان في المستقبل.
كما أعطى هذا الدستور صلاحيات واسعة لمجلس النواب، وضَمن الحريات العامة والدينية، إلا أن المادة 116 منه، فرضتها فرنسا وأعطت فيها صلاحيات واسعة لسلطة الانتداب، ونصت على أن "ما من حكم من أحكام هذا الدستور يعارض، ولا يجوز أن يعارض، التعهدات التي قطعتها فرنسا على نفسها فيما يختص بسوريا، لا سيما ما كان منها متعلقاً بجمعية الأمم".
على الرغم من ذلك، اعتمد هذا الدستور بعد أن وقّعت عليه فرنسا في العام 1930، ونُظمت انتخابات نيابية، وأُسّست الجمهورية السورية، لتكون سوريا ثالث دولة في الشرق الأوسط تتبنى النظام الجمهوري بعد تركيا ولبنان.
مهّد مناخ الحريات المدنية الذي وفّره دستور 1930 لإنهاء الانتداب الفرنسي، عبر فتح المجال أمام ظهور المؤسسات الدستورية الوطنية للدولة السورية، والأحزاب والشخصيات الوطنية التي شكّلت أولى بذور المقاومة ضد الفرنسيين.
في العام 1943، وفي أثناء حكم الجنرال ديغول، جرت في سوريا انتخابات نيابية، وأقر المجلس الجديد تعديلات على دستور 1930، منها إلغاء المادة 116، وأدخل منطقة جبال العلويين وجبل الدروز ضمن أراضي الدولة السورية.
كما أقر دستور 1943 النظام الجمهوري النيابي، ونص على تولي مجلس النواب سلطة التشريع وانتخاب رئيس الجمهورية، كما كفل الحقوق التقليدية للسوريين.
حقبة الانقلابات: دساتير بيد العسكر
بعد الاستقلال عن فرنسا، في العام 1946، حافظت سوريا على النظام الجمهوري النيابي وعلى المناخ الديمقراطي، غير أنّ ما عكّر صفو تلك المرحلة هو الانقلابات التي تتالت على البلاد، بدأها قائد الجيش حسني الزعيم، الذي انقلب على الرئيس شكري القوتلي ورئيس الحكومة خالد العظم، في آذار من العام 1949.
عطّل الزعيم دستور 1943، وحوّل النظام البرلماني إلى نظام رئاسي، وحصر جميع الصلاحيات الاقتصادية والاجتماعية بيده، وطغيان صلاحيات السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، ورفع مدة انتخاب رئيس الجمهورية إلى سبع سنوات، إلا أن الوقت لم يسنح للزعيم لإقرار دستور مفصل على مقاسه.
في آب من العام 1949، قام اللواء سامي الحناوي، بالاشتراك مع مجموعة من ضباط الجيش، بالانقلاب الثاني في تاريخ سوريا الحديث، فاعتقل حسني الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي، وأعدمه بعد محاكمة عسكرية سريعة.
قلّد الحناوي نفسه رئيساً للدولة السورية لمدة يومين، ثم سلم الحكم رسمياً إلى هاشم الأتاسي، حيث أُجريت انتخابات وتمّ وضع دستورٍ مؤقت للبلاد، تمهيداً للعودة إلى النظام الدستوري.
في كانون الأول من العام 1949، قام العقيد أديب الشيشكلي بانقلابه الأول، وقضى بدوره على حكم سامي الحناوي، لكن بقيت الحكومة على رأس عملها تحت سيطرة الحناوي، وفي أيلول من العام 1950 تم إقرار دستور جديد، ينص على أن النظام في سوريا برلماني نيابي، ويفصل بين السلطات، ويحدد ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات.
وحافظ الدستور الجديد على وصف الدولة سوريا بأنها "جمهورية عربية ديمقراطية نيابية ذات سيادة تامة"، كما حافظ على المادة الثالثة التي تنص على "دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع".
وتصف بعض المراجع دستور العام 1950 بأنه ليبرالي فُصّل على مقاس طبقة الأغنياء، في الوقت الذي كانت فيه الشريحة الفقيرة في سوريا، وهي الشريحة الأوسع، خارج أي تمثيل ضمن السلطة.
وعلى الرغم من الإيجابيات الواضحة في دستور العام 1950، فإن الشيشكلي لم يتح له الفرصة للتطبيق، حيث قام بانقلابه الثاني في كانون الأول من العام 1951، وعطّل الدستور وقام بوضع دستور عسكري تحت اسم "دستور المجلس العسكري الأعلى"، وبقي العمل به حتى العام 1954.
في العام 1954، أقامت القوى الوطنية السورية تحالفاً ضد الشيشكلي، أفضى إلى تنحيته، وتسلّم هاشم الأتاسي رئاسة الدولة الذي أعاد العمل بدستور العام 1950، واستمر العمل به حتى قيام الجمهورية العربية المتحدة في شباط من العام 1958.
دستور الوحدة مع مصر: التأسيس للنظام الجمهوري
عصفت الوحدة مع مصر بكل الإرث الديمقراطي السوري، وأدخلت سوريا لأول مرة في نادي الدكتاتوريات، حيث تحولت سوريا، ضمن أحلام الرئيس جمال عبد الناصر في دولة الوحدة، إلى النظام الاشتراكي في بلد كانت تزدهر فيه الصناعة والتجارة بشكل كبير جداً.
كما أُطلقت يد الأجهزة الأمنية في الحياة العامة، وأُلغيت الأحزاب السياسية المتعددة، ومُنعت حرية الإعلام ودُمرت الصحافة التي عاشت في تلك الفترة عصرها الذهبي في سوريا.
ويمكن القول إن الدستور الذي وضعه عبد الناصر لدولة الوحدة شكّل مرجعاً أساسياً للدساتير اللاحقة في سوريا، حيث ألغى الحكم النيابي البرلماني، وأقام نظاماً رئاسياً، يعطي صلاحية كبيرة لرئيس الجمهورية، منها تعيين السلطة التشريعية والحق بحلها، وتعيين النواب والوزراء وإعفائهم من مناصبهم، كما استبعد دستور الوحدة تعدد الأحزاب، وحرية الإعلام.
دستور الانفصال: نظام هجين
في أيلول من العام 1961، قام عبد الكريم النحلاوي بانقلاب أنهى حقبة الوحدة مع مصر، ووضع دستوراً مؤقتاً في كانون الأول من العام نفسه، لكنه لم يغير كثيراً من مواد دستور الوحدة.
كان نظام الحكم في دستور النحلاوي هجيناً بين البرلماني والرئاسي، وأعطى الحق لرئيس الجمهورية بحل المجلس النيابي.
في أيلول من العام 1962، أُقر دستور جديد، مكوّن من 166 مادة، بقي معمولاً به حتى آذار من العام 1963.
دساتير "البعث": تقنين الاستبداد
نهاية العام 1962 صدر في سوريا المرسوم التشريعي رقم 51 الذي أعلنت بموجبه حالة الطوارئ، إثر انقلاب نفذه مجموعة من العسكريين بقيادة حزب "البعث"، من أبرزهم صلاح جديد ومحمد عمران وحافظ الأسد، ووضعوا السلطة في سوريا بيد ما سمي "المجلس الوطني لقيادة الثورة"، الذي أقرّ دستوراً جديداً في العام 1964، شكّل انعطافاً حاداً لشكل الدولة نحو النظم الاشتراكية.
تضمّن دستور 1964 مبدأ قيادة الحزب الواحد، وتقسيم الحكم إلى سلطتين إدارية وسياسية، الأولى تنفيذية إدارية يتولاها مجلس الوزراء، ولا تملك أي سلطة سياسية أو تشريعية، والثانية يتولاها مجلسان، الأول سمي "المجلس الوطني للثورة" ويتولى السلطة التشريعية ويراقب عمل السلطة التنفيذية، والثاني سمي "المجلس الرئاسي"، وهو يضع السياسة الداخلية والخارجية ويعيّن الوزراء ويقيلهم ويوجههم ويشرف على عملهم.
في العام 1966، إثر الانقسام السياسي بين تياري البعث، أطاح انقلاب 23 شباط بحكومة صلاح البيطار، وهنا برز اسم حافظ الأسد وأصبح وزيراً للدفاع، وشريكه صلاح جديد في قيادة حزب "البعث"، وتم إيقاف العمل بدستور 1964، وأقر دستور جديد، تضمن تسليم السلطة السياسية للقيادة القطرية، ومن مهامها تعيين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ولها الحق في إقالتهم، والسلطة الإدارية، ويمثّلها رئيس الجمهورية.
في العام 1969، عُقد المؤتمر القطري الرابع الاستثنائي لحزب البعث، وتقرر فيه إصدار دستور مؤقت لحين إصدار دستور دائم من قبل مجلس منتخب، وصدر الدستور في أيار من العام ذاته.
في العام 1971، أقر حزب "البعث" دستور اتحاد الجمهوريات العربية بين سوريا ومصر وليبيا، وهو مؤلف من 71 مادة، لكن أوقف العمل به بعد شهور قصيرة، وأعيد العمل بالدستور المؤقت الذي أقر في العام 1969.
في تشرين الأول من العام 1970 كان الصراع على أشده بين صلاح جديد الذي يسيطر على حزب "البعث"، وبين حافظ الأسد الذي يسيطر على الجيش، لينتهي الصراع مع انقلاب حافظ الأسد واستيلائه على السلطة واعتقال صلاح جديد، وأعيد العمل بالدستور المؤقت لعام 1969.
قام الأسد بتعيين 173 عضواً في مجلس الشعب، كلف لجنة منهم بوضع دستور جديد فصّل على مقاسه، وفي آذار من العام 1973، عرض الدستور الجديد للاستفتاء الشعبي، ليتم اعتماده وسُمي الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية، ليبقى دستوراً لنحو أربعين عاماً.
يشار إلى أن هذا الدستور لم يوضع من قبل جمعية تأسيسية كما حصل مع دساتير أخرى، مثل دساتير 1920 و1943 و1950 و1961، بل جاء مشابهاً إلى حد كبير لدستور الوحدة مع مصر، الذي وضعه جمال عبد الناصر في العام 1958، والذي حظي، كدستور 1973، بنسبة 99,9 % من موافقة السوريين بالرغم من معارضة أغلبية الطيف السياسي والشعبي له في حينه.
ومن خلال الدستور الجديد، سعى حزب "البعث" إلى قولبة المجتمع السوري وفق معتقداته القومية، وفرض على الشعب السوري وعلى الدولة السورية تبني شعاراته وأهدافه والعمل عليها، وهذا ما يبدو واضحاً في مقدمة الدستور التي تليق أن تكون مقدمة لدستور حزب وليس لدولة تاريخية تعددية متنوعة على كل الصعد مثل سوريا، فضلاً عن التركيز المفرط على الطابع الوحدوي والعروبي الذي فشل "البعث" في تحقيقه عبر تاريخه.
استمر العمل بهذا الدستور حتى العام 2012، من دون أي تغيير، باستثناء تعديل في العام 2000، أجمع عليه مجلس الشعب بعد وفاة حافظ الأسد، ليكون على مقاس وريثه، حيث عدّل المادة المتعلقة بسن رئيس الجمهورية لتناسب سن بشار الأسد.
الثورة السورية: دستور تحت الضغط
بعد اندلاع الثورة السورية، وتحت الضغط الدولي، أقر نظام الأسد الابن دستوراً، أقل ما يقال عنه بأنه نسخة مشوّهة عن دستور والده الذي أقره في العام 1973، شمل تعديلات صوريّة من وجهة نظر نظام الأسد.
وعلى غرار والده، خالف إقرار هذا الدستور المنطق الطبيعي لإصدار الدساتير، الذي يقضي بأن تشرّعه وتصدره وتقرّه جمعية تأسيسية منتخبة، ومؤتمر وطني عام وشامل، بعد مناقشة مستفيضة لبنوده ومبادئه الأساسية، وهو ما لم يتوفر في الدستور الجديد، حيث أصدر بشار الأسد مرسوماً تشريعياً يقضي بتأليف لجنة لإعادة كتابة الدستور، برئاسة المحامي مظهر العنبري، المساهم في وضع دستور والده في العام 1973.
وحافظ الدستور الجديد على معظم مواد دستور 1973، ولم يتضمن أي تعديلات جوهرية سوى أنه أضاف 14 مادة وأدخل 47 تعديلاً عليه، بالإضافة إلى إلغاء المادة الثامنة، التي تنص على أن حزب "البعث العربي الاشتراكي" هو القائد للدولة والمجتمع.
كما أن هذا الدستور الذي أقل ما يقال عنه بأنه نسخة "مشوّهة" عن الدساتير التي شرّعت الاستبداد، طرح للاستفتاء العام في ظل انتشار الجيش وقمعه لمناطق واسعة من البلاد، وفي ظل تجاهل لإرادة تيارات وقطاعات واسعة من المجتمع السوري، ما يؤكد أن هذا الدستور لا يعد عقداً اجتماعياً معبراً عن إرادة جامعة للسوريين، بل يمكن اعتباره مبايعة للأسد تحت فوهات بنادق جيشه.
اليوم، ومع اقتراب اجتماعات الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية في جنيف، التي أقرتها الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) مطلع العام 2018، ينتظر السوريون إقرار دستور جديد، قد يفضي إلى إطلاق عملية سياسية وتشكيل رؤية للحل السياسي.
إلا أن إقرار دستور جديد، إن تم التوافق عليه، يرتبط بشكل وثيق بإرادة دولية تلزم النظام بتطبيقه، حيث يسعى الأسد لعرقلة عمل اللجنة الدستورية وإغراقها بالتفاصيل لكسب الوقت، في انتظار التوافقات الأميركية الروسية التركية حول شمال غربي سوريا وشمالي شرقها، فضلاً عن ملف إعادة الإعمار واللاجئين.
--------------
موقع تلفزيون سوريا:

طارق صبح
الاحد 17 أكتوبر 2021