وبعد مرور عشرة دقائق على انطلاق مجموعة الرحالة من ساحة انتظار السيارات بمنطقة ألفاشاين ينفتح الطريق على ساحة واسعة، وفجأة تظهر للعيان القناطر الثلاث وبرج الكنيسة المشيدة على طراز الرومانيسك المعماري في بلدة ميستال وكأنها صورة من الظلال في مواجهة الزرقة الداكنة للسماء في الليل .
ويتذبذب وميض الشموع خلف النوافذ المستديرة ذات الأسطح المقوسة، ويأتي من الداخل طنين عال من الأناشيد الدينية المسيحية، ويقوم المنشدون بفرقة فوكال كانتوري الموسيقية بالتدريب على أداء مجموعة من الترانيم والتراتيل الكاثوليكية المهيبة التي تنشد في الصباح الباكر.
ويتم الترنم بهذه التراتيل داخل الكنيسة في الساعة الخامسة والنصف فجرا باعتبارها فقرة أساسية بمهرجان أوريجين الذي يعد احتفالا فريدا من نوعه بتاريخ الرومانش الثقافي، وينظم في عدة مواقع كل عام بإقليم أوبرهالبشتاين الواقع بمنطقة جبال الألب شرقي سويسرا، واتخذ وادي سورسيز اسمه من لغة الرومانش التي يتحدث بها سكان كانتون جرسيونز السويسري، وهو واد مرتفع يقع غربي وادي إنجادين.
وتعد لغة الرومانش ذات الأصل اللاتيني إحدى اللغات الوطنية الأربع في سويسرا إلى جانب الألمانية والإيطالية والفرنسية، وعلى الرغم من أن الرومانش لا يتم التحدث بها على نطاق واسع في جمهورية سويسرا الواقعة في منطقة الألب إلا أنها اللغة الأم لنحو 40 ألف مواطن في هذه الأنحاء.
وتأتي كلمة " أوريجين " من لغة الرومانش وترتبط بكلمة إنجليزية مشابهة، ويدور مهرجان أوريجين حول الموسيقى والمسرح في إطار التراث الروحي المسيحي، وتتركز العروض على الصراع الأزلي بين الإنسان والطبيعة
وتعد قلعة ريوم هي المكان الرئيسي لاستضافة المهرجان ولا يستطيع أي زائر للمنطقة في الصيف أن يتجاهل مشاهدتها، وهذا الحصن المنيع الذي توجد بداخله قاعة كبرى من ثلاثة طوابق ويعلوه برج ضيق ويغطيه سقف على شكل الخيمة يسيطر على المنظر الطبيعي حوله ويقع على الطريق الهابط إلى الوادي من قرية تيفنكاسل باتجاه ممر جولير الجبلي، ولعدة سنوات ظلت الرحلات إلى منطقة ريوم والقلعة المسماة باسمها والتي يرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر لا تستحق الجهد المبذول فيها.
وفي القرن التاسع عشر تم إهمال ريوم التي كانت في السابق مقرا لحكومة المقاطعة وظلت خاوية من السكان لعدة عقود، ولكن منذ عام 2006 صارت مركزا لمهرجان أوريجين.
ولإقامة فضاء مسرحي رائع في هذا المبنى شيد المعماريون " مبنى داخل مبنى " مستقل يستوعب 220 متفرجا، وكان التأثير الدرامي مذهلا وتم استخدام هذا الموقع خلال الأعوام الأخيرة لاستضافة عدد من عروض الأوبرا بلغة الرومانش التي تقدم للمرة الأولى والتي تم تأليفها خصيصا لجمهور المهرجان
وعلى مقربة من ريوم تقع بلدة سافوجنين التي تعد منطقة الجذب السياحي لوادي سورسيز، ويتجمع هنا هواة رحلات السير على المرتفعات ومحبو ركوب الدراجات فوق الجبال خلال أشهر الصيف حيث أن بعض معالم الجذب الرئيسية بالمنطقة يسهل الوصول إليها، وتشمل المناظر الطبيعية الرائعة مناطق المستنقعات المرتفعة في فليكس ألب أو سكك راتيان الحديدية التاريخية الجميلة بمنطقة ألبولا والتي تربط بلدة ثوسيس بمنتجع سان موريتز الصحي في وادي إنجادين، وقد أدرجت منظمة اليونسكو هذا الخط الحديدي في قائمة التراث العالمي عام 2008 ..
ويعد جيوفاني نيتزر الرجل الذي أسس مهرجان أوريجين ويديره حاليا روح هذا الحدث، وولد جيوفاني الذي يبلغ 43 عاما من العمر في سافوجنين وشب عن الطوق هناك، ثم غادرها للدراسة بمدينة تشور ثم بميونيخ وعاد بعدها لبلدته بعد إكمال أطروحته حول دراما الرومانش في عصر الباروك، وقد عاد وفي جعبته ما اعتقد الكثيرون أنه مشروع مجنون، فقد أراد أن يفتتح تجربة مسرحية غير عادية في الوادي الذي يعيش فيه وهو منطقة يعيش فيها 2900 نسمة فقط، وكان الهدف هو مزج عناصر من أغاني ومسرح الرومانش الشعبي مع المسرح الغنائي المعاصر.
وجمع نيتزر مجموعة رائعة من المساهمين وأقنعهم بالتبرع بالمال والموارد لتنفيذ المشروع، وحيث أن سمعة مجموعته من الفنانين الشباب نمت بشكل مطرد فإن منتج ومدير الفرقة السويسري حقق نجاحا كبيرا، وأقنع المعماري البارز بيتر زومثور بتحويل قلعة ريوم إلى ساحة فنية راسخة كما تبدو اليوم
وفي الصيف الماضي جاء 8600 زائر لمشاهدة المهرجان معظمهم من المواطنين السويسريين والراغبين في تمضية العطلات الذين تصادف وجودهم في المنطقة، وجاء كثيرون من زيوريخ حيث تنشر وسائل الإعلام المحلية الكثير من التقارير عن أوريجين، ولا يرى نيتزر هذا المهرجان باعتباره فقط مزيجا من الثقافة الشعبية والمسيحية في هذا الوادي الذي تقطنه أغلبيه كاثوليكية بل أيضا باعتباره مقابلة بين السكان المحليين والمسرح الذي ينتمي إليهم وأبرز ما فيه الطبيعة ذاتها.
ويقام مهرجان هذا العام خلال الفتر ة بين الأول من تموز/ يوليو إلى 15 آب/ أغسطس المقبل وموضوعه " الفردوس "، ومن أبرز العروض عرض الأوبرا الجديدة " ميكائيل " والكوميديا التي ستعرض على المسرح المقام في الهواء الطلق بعنوان " كاسبر " وتدور حول مزارع يحاول أن يرشو الموت، ويتضمن البرنامج أيضا مجموعة من الترانيم في الكنيسة في ميستال.
ويعلم أي شخص شاهد مثل هذا العرض أن النهوض مبكرا للوصول إلى المكان يستحق العناء، ويستمر الغناء حتى الساعة السادسة صباحا تقريبا مما يترك الفرصة أمام الزوار للاستمتاع بكامل اليوم واستكشاف فردوس الطبيعة بوادي الألب.
ويتذبذب وميض الشموع خلف النوافذ المستديرة ذات الأسطح المقوسة، ويأتي من الداخل طنين عال من الأناشيد الدينية المسيحية، ويقوم المنشدون بفرقة فوكال كانتوري الموسيقية بالتدريب على أداء مجموعة من الترانيم والتراتيل الكاثوليكية المهيبة التي تنشد في الصباح الباكر.
ويتم الترنم بهذه التراتيل داخل الكنيسة في الساعة الخامسة والنصف فجرا باعتبارها فقرة أساسية بمهرجان أوريجين الذي يعد احتفالا فريدا من نوعه بتاريخ الرومانش الثقافي، وينظم في عدة مواقع كل عام بإقليم أوبرهالبشتاين الواقع بمنطقة جبال الألب شرقي سويسرا، واتخذ وادي سورسيز اسمه من لغة الرومانش التي يتحدث بها سكان كانتون جرسيونز السويسري، وهو واد مرتفع يقع غربي وادي إنجادين.
وتعد لغة الرومانش ذات الأصل اللاتيني إحدى اللغات الوطنية الأربع في سويسرا إلى جانب الألمانية والإيطالية والفرنسية، وعلى الرغم من أن الرومانش لا يتم التحدث بها على نطاق واسع في جمهورية سويسرا الواقعة في منطقة الألب إلا أنها اللغة الأم لنحو 40 ألف مواطن في هذه الأنحاء.
وتأتي كلمة " أوريجين " من لغة الرومانش وترتبط بكلمة إنجليزية مشابهة، ويدور مهرجان أوريجين حول الموسيقى والمسرح في إطار التراث الروحي المسيحي، وتتركز العروض على الصراع الأزلي بين الإنسان والطبيعة
وتعد قلعة ريوم هي المكان الرئيسي لاستضافة المهرجان ولا يستطيع أي زائر للمنطقة في الصيف أن يتجاهل مشاهدتها، وهذا الحصن المنيع الذي توجد بداخله قاعة كبرى من ثلاثة طوابق ويعلوه برج ضيق ويغطيه سقف على شكل الخيمة يسيطر على المنظر الطبيعي حوله ويقع على الطريق الهابط إلى الوادي من قرية تيفنكاسل باتجاه ممر جولير الجبلي، ولعدة سنوات ظلت الرحلات إلى منطقة ريوم والقلعة المسماة باسمها والتي يرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر لا تستحق الجهد المبذول فيها.
وفي القرن التاسع عشر تم إهمال ريوم التي كانت في السابق مقرا لحكومة المقاطعة وظلت خاوية من السكان لعدة عقود، ولكن منذ عام 2006 صارت مركزا لمهرجان أوريجين.
ولإقامة فضاء مسرحي رائع في هذا المبنى شيد المعماريون " مبنى داخل مبنى " مستقل يستوعب 220 متفرجا، وكان التأثير الدرامي مذهلا وتم استخدام هذا الموقع خلال الأعوام الأخيرة لاستضافة عدد من عروض الأوبرا بلغة الرومانش التي تقدم للمرة الأولى والتي تم تأليفها خصيصا لجمهور المهرجان
وعلى مقربة من ريوم تقع بلدة سافوجنين التي تعد منطقة الجذب السياحي لوادي سورسيز، ويتجمع هنا هواة رحلات السير على المرتفعات ومحبو ركوب الدراجات فوق الجبال خلال أشهر الصيف حيث أن بعض معالم الجذب الرئيسية بالمنطقة يسهل الوصول إليها، وتشمل المناظر الطبيعية الرائعة مناطق المستنقعات المرتفعة في فليكس ألب أو سكك راتيان الحديدية التاريخية الجميلة بمنطقة ألبولا والتي تربط بلدة ثوسيس بمنتجع سان موريتز الصحي في وادي إنجادين، وقد أدرجت منظمة اليونسكو هذا الخط الحديدي في قائمة التراث العالمي عام 2008 ..
ويعد جيوفاني نيتزر الرجل الذي أسس مهرجان أوريجين ويديره حاليا روح هذا الحدث، وولد جيوفاني الذي يبلغ 43 عاما من العمر في سافوجنين وشب عن الطوق هناك، ثم غادرها للدراسة بمدينة تشور ثم بميونيخ وعاد بعدها لبلدته بعد إكمال أطروحته حول دراما الرومانش في عصر الباروك، وقد عاد وفي جعبته ما اعتقد الكثيرون أنه مشروع مجنون، فقد أراد أن يفتتح تجربة مسرحية غير عادية في الوادي الذي يعيش فيه وهو منطقة يعيش فيها 2900 نسمة فقط، وكان الهدف هو مزج عناصر من أغاني ومسرح الرومانش الشعبي مع المسرح الغنائي المعاصر.
وجمع نيتزر مجموعة رائعة من المساهمين وأقنعهم بالتبرع بالمال والموارد لتنفيذ المشروع، وحيث أن سمعة مجموعته من الفنانين الشباب نمت بشكل مطرد فإن منتج ومدير الفرقة السويسري حقق نجاحا كبيرا، وأقنع المعماري البارز بيتر زومثور بتحويل قلعة ريوم إلى ساحة فنية راسخة كما تبدو اليوم
وفي الصيف الماضي جاء 8600 زائر لمشاهدة المهرجان معظمهم من المواطنين السويسريين والراغبين في تمضية العطلات الذين تصادف وجودهم في المنطقة، وجاء كثيرون من زيوريخ حيث تنشر وسائل الإعلام المحلية الكثير من التقارير عن أوريجين، ولا يرى نيتزر هذا المهرجان باعتباره فقط مزيجا من الثقافة الشعبية والمسيحية في هذا الوادي الذي تقطنه أغلبيه كاثوليكية بل أيضا باعتباره مقابلة بين السكان المحليين والمسرح الذي ينتمي إليهم وأبرز ما فيه الطبيعة ذاتها.
ويقام مهرجان هذا العام خلال الفتر ة بين الأول من تموز/ يوليو إلى 15 آب/ أغسطس المقبل وموضوعه " الفردوس "، ومن أبرز العروض عرض الأوبرا الجديدة " ميكائيل " والكوميديا التي ستعرض على المسرح المقام في الهواء الطلق بعنوان " كاسبر " وتدور حول مزارع يحاول أن يرشو الموت، ويتضمن البرنامج أيضا مجموعة من الترانيم في الكنيسة في ميستال.
ويعلم أي شخص شاهد مثل هذا العرض أن النهوض مبكرا للوصول إلى المكان يستحق العناء، ويستمر الغناء حتى الساعة السادسة صباحا تقريبا مما يترك الفرصة أمام الزوار للاستمتاع بكامل اليوم واستكشاف فردوس الطبيعة بوادي الألب.


الصفحات
سياسة








