نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


نحات إسباني ينقذ روح المدن العالمية المميزة بمنحوتات عملاقة لمبانيها




برلين - روزا اراندا - بدأ الفنان والنحات الأسباني خوان جارايزابيل من العاصمة الألمانية برلين مشروعه العالمي القائم على فكرة إنقاذ روح المدن وإحياء ذاكرتها عن طريق تصميم وإقامة منحوتات تذكارية عملاقة تمثل المباني المميزة في المدن والتي عفا عليها الزمن. وتتضمن مشاريعه العديد من المدن ومنها مدريد وفالنسيا وباريس ومكسيكو سيتي ونيويورك وطوكيو.


  نحات إسباني ينقذ روح المدن  العالمية المميزة بمنحوتات عملاقة  لمبانيها

يقول الفنان الإسباني وهو من مواليد مدريد عام 1971 والذي يقيم بصفة دائمة في برلين في حوار له مع وكالة الأنباء الألمانية ( د.ب.أ) "يروقني العمل مع النسبية المطلقة للزمن، مع مبان كانت وستظل موجودة ومجال حوار حتى لو اختفت فعليا"، ويضيف خوان قائلا "سوف أجعل من المنحوتات المعمارية سبيلا وحيدا لتعويض غياب هذه الأماكن وإحياء طاقاتها من جديد".

 
عاد جاريزابيل إلى برلين بعد انتهاء فترة معرضه الذي أقيم في متحف الفن المعاصر ARCO أركو في مدريد حيث عرض هناك إحدى القطع الرئيسية لمشروعه وقدم منحوتة تمثل عتبات معدنية تم استنساخها من البوابة الغربية لكنيسة بيت لحم في برلين.

هذا المبنى تم بناؤه عام 1730 م في العاصمة الألمانية لاستقبال التشيك المنفيين من بلادهم والذين تم اضطهادهم و استبعادهم بسبب عقيدتهم البروتستانتية وقد هدم هذا المبنى عام 1963 بعد تعرض أجزاء كبيرة منه للدمار أثناء الحرب العالمية الثانية ( 1939- 1945 ) ولم يتبق منه إلا بعض قطع جداريات من المنمنمات، والتي ينظر الألمان إليها بفخر على بعد بضعة أمتار من نقطة تفتيش تشارلي التي كانت منفذ العبور الحدودي الرئيسي خلال الحرب الباردة والتي تعد من مناطق الجذب الرئيسية في المدينة .
 
قام جاريزابيل بتصميم هيكل الكنيسة والذي يستغرق إقامته ثلاثة أيام من العمل حيث يصل ارتفاعه إلى نحو 30 مترا بينما يبلغ وزنه 29 ألف طن ليعطي في النهاية شكل خطوط معدنية تظهر مضيئة أثناء الليل.
 
يقول جاريزابيل إن الهدف من بناء مثل هذه المنحوتة الهائلة هو إحياء التسامح والكرم و تأكيد هذه القيم لدى الإنسانية عن طريق تذكير الناس بهذه الكنيسة التى قدمت في الماضي مثالا للتسامح حين سمحت للمستوطنين لتشيك بممارسة شعائرهم الدينية في سلام ودون اضطهاد بل بفضل هذا التسامح ازدهرت البروتستانتية في ألمانيا
 
يؤكد الفنان أنه لا يحب العمل الذي يذكر بالمرض والمعاناة، متذكرا تجربته في بوخارست عام 2007 بعد مشاركته في مهرجان "الليالي البيضاء" حيث اشترك في البيت الريفي لتشاوشيسكو، ذلك البيت الذي كان وسيظل رمزا للديكتاتورية حيث بني على انقاض العديد من الأحياء وتسبب في هدم معبدين لليهود وثلاثة أديرة و12 كنيسة وأكثر من 7000 منزل.
 
يقول خوان "في هذا الوقت شعرت وعرفت أنني لا أحبذ هذه الأعمال التي لا تذكرنا إلا بالمعاناة وقررت أن تكون أعمالي علامة للتذكير بكل قيمة إيجابية ،ويعتز خوان الفنان المدريدي بجذوره من إقليم الباسك وبهذا المعنى يرى أنه يمكنه أن يحقق رؤيته للذاكرة التاريخية في إسبانيا، مؤكدا أن بلاده لها مكان دائم في فكره ومخيلته ومع ذلك فهو يرى أنه غير مهتم بوجهات النظر السياسية المختلفة وأنه لا يهتم إلا بالجمال والقيم الجمالية فهو لديه وجهة نظر رومانسية لكثير من المباني التي كانت موجودة .

ويتميز جارايزابيل بأسلوبه الخاص في طرح الأشياء ويقول "دائما يمكننا استعادة كل شيء وبقليل من البحث يمكننا أن نجد شيئا يوحد جميع الأطراف المتنازعة لا أنكر انه دائما ما يوجد تناقضات وتحيز ولكن لا يمكنني أن أتخيل أحدا يستخدم الفن كعنصر ضد شيء معين" .
 
هذا الفنان المسافر العنيد المغامر الذي اشتهر في أسبانيا بحديقة الزهور التي أقامها في فالنسيا بمناسبة كأس الأمريكيتين للقوارب الشراعية عام ،2006 يكرر دائما أنه لا يعتقد في البلدان ولكنه يؤمن بأوروبا، موضحا "لا أحب المحليات ولكني احب عالم الأفكار".
هذا الفنان الشاب الذي ترك العمل بالشركات من أجل الفن يعمل حاليا على مشروعين طموحين في وطنه الأم، الأول هو أرشيف القصر الملكي في فالنسيا الذي دمر خلال حرب الاستقلال والثاني هو سوق (أولابيدي) في إحدى الميادين الرئيسية بمدريد والذي تهدم عام 1974 .

ولأنه مهووس بالمساحات المفتوحة فقد قام خوان بعمل هيكل طبق الأصل من قصر التويلري الذي تأسس عام 1564و دمر في حريق بباريس عام 1871 وكان نابليون بونابرت قد اتخذه مسكنا له وكذلك عمل خوان على مشروع بناء هيكل المعبد الكبير (تينوتشتيتلان) في المكسيك وكنيسة بوسط (جراوند زيرو) بنيويورك .

 
يقول خوان إنه لأمر رائع أن يكون لنا تراث ويجب علينا ألا ننساه وأن نتناوله بشتى الطرق، موضحا أنه من أجل أن تتحول مبادرته الكبيرة "ذكريات المدن" إلى حقيقة واقعة كان عليه أن يتخلى عن روح المغامرة وحياة الترحال التي كان يعيشها كفنان، ووجب عليه أن يضفي على حياته المزيد من العمق والاستقرار والتركيز من أجل مشروعه ولهذا كان قراره بالاستقرار في برلين، فبالنسبة له لا يوجد مكان أفضل من برلين يصلح كبداية لمشروعه فالعاصمة الألمانية بها الآلاف من المباني التي في طريقها إلى التغيير والتحول كما يرى أنها مدينة إلهامه ولهذا قرر أن يكون مرسمه بها منذ عام 2008 .
 
يرى خوان أن برلين تمثل له عالم الأفكار والمرافق حيث النواحي الجمالية مكتملة بها وعلى الرغم من أنها وحى إلهامه إلا أنه يعرف أنه لن يكمل حياته بها وأنه سوف ينتقل للعيش في أمريكا اللاتينية التي يعتبرها من أكثر الأماكن جاذبية وإثارة للاهتمام بالنسبة إليه وأنها ستكون وجهته التالية بعد أوروبا وقد أقام الفنان الشاب بالفعل العديد من المعارض في المكسيك وكولومبيا والبرازيل فالحياة مليئة بالإلهام ومستمرة بعد برلين.

روزا اراندا
الاحد 22 أبريل 2012