رسم ليحي الطاهر عبدالله
قدمة يوسف إدريس لمجلة «الكاتب» كما قدمه (عبد الفتاح الجمل) فى الملحق الأدبى بجريدة المساء،، وسرعان ما احتل مكانته كواحد من أهم وأبرز كتاب القصة والروائيين المصريين الذين عرفوا بجيل أدباء الستينيات في مصر .
رحل عن العالم مبكرا في العام 1981 ، تاركا ميراثا ادبيا متميزا و ممثلا في اربع روايات و اربع مجموعات قصصية ، نُشرت آخرها بعد وفاتة ، من أعمالة القصصة ، النموذجين التاليين :
الغُــول
وقف المطرودُ من أهله،وتفل على الأهل القساة،ورمى بنظرةٍ أخيرة على البيوت القصية.
وكم كانت فرحته كبيرة بوفاء الحيوان لما وجد قطته الحبلى تتبعه .
سار،وسارت خلفه وطال سيرهما إلى أن أوغلا في القفر فاستبد بهما العطش والجوع ، وكانت القطة الحبى قد ولدت عددًا من القطط الصغار العميان،وسدّت جوعها بلحم واحد من أولادها الصغار، وروت عطشها بدمه ،قلّد المطرود من أهله فعلة الحيوان _إلا أنه لم يستطب اللحم النئ،فضرب حجرين وأشعل النار في حطب لمّهُ،وشوى قطة وأكلها،وما إن أحس بقسوة العطش حتى شرب دم ضحيةٍ جديدة.
وهكذا مر اليوم حتى وجد المطرود نفسه في يوم هو وقطته يتعاركان،إلا أن دان له النصر فأكل لحمها.
وواجه صاحبنا ابن ذلك الزمان وحدهُ الجوع والعطش والوحدة والخوف من الوحش،فقرض أظافرهُ ،وقرض نصف أصابعه،وأوقد النار العالية ليرهب الوحش ويهدي الضال والضارب في القفر نفقد يعود يومًا إلى دنيا الناس.
وما إن واجه المطرود الإنسان الضال حتى غلب عليه الخوف من العودة إلى الجماعة،فصرع ابن جنسه وشرب دمه والتهم لحمه نيئًا ومشويًا.
ومع الوقت تمكنت منه العادة، وأصبح هذا طبعه وبمرور الزمن ذاع صيته لما هاجم جماعة الأحياء ،وتفنين الناس قي وصف ورسمه،وأصبحت الأم ترهب ابنها إن عصاها بالغول،وتحذر زوجها المسافر والد ابنها من الغول.
* * *
أنا وهي ..وزهور العالم
كنا بالحديقة_أناوهي،وكنتُ طامعًا في علاقة تربطني بها: أي علاقة .
وكان بالحديقة شجرمورق،وحشائش خضراء،وطير بأجنحة،وعين ماء_أراها مرة ياقوتة ومرة زمردة ._
إنه الربيع : وتلك شمسهُ اللينة تنفذُ من بين أفرع الشجر بشعلع كأنه الفضة النقية _وقد رمت فوق الحشائش: الضوء واللون والظل والشكل .
كان للشجر رائحة،وللأرض رائحة، وللحشائش رائحة،ولشعرها رائحة،ولفمي رائحة .
هو الربيع،وتلك طيور الربيع عند عين الماء تطلب الماء،وتغتسل وتنفض عن ريشها الماء،وتتمرغ بالحشائش وتنط وترف في الجو بأجنحة وتصوصو وتحتمي بأفرع الشجر.
_ أحب الموت،وكلما أجدني على حافته أحب الحياة.
_ أود لو أمتلك زهرة سوداء .
_ ثمة زهور سوداء بالعالم..ثمة زهور سوداء .
* * *
بالحديقة كنا_ أناوهي،وكنتُ طامعًا في علاقة تربطني بها: أي علاقة .
كان بالحديقة شجرٌ سقط ورقه وحشائش يابسة وكل الطيور ،وكانت الشمسُ طالعة ،وعين الماء قلّ فيها الماء وغطّاها الورق اليابس والكلس، إنه الخريف .
_ أحب الحياة، وكلما أجدني فيها أعرف أنها الموت..
_أودّ لو أمتلك زهرةً بيضاء ..
_ ثمة زهور بيضاء بالعالم..ثمة زهور بيضاء .
رحل عن العالم مبكرا في العام 1981 ، تاركا ميراثا ادبيا متميزا و ممثلا في اربع روايات و اربع مجموعات قصصية ، نُشرت آخرها بعد وفاتة ، من أعمالة القصصة ، النموذجين التاليين :
الغُــول
وقف المطرودُ من أهله،وتفل على الأهل القساة،ورمى بنظرةٍ أخيرة على البيوت القصية.
وكم كانت فرحته كبيرة بوفاء الحيوان لما وجد قطته الحبلى تتبعه .
سار،وسارت خلفه وطال سيرهما إلى أن أوغلا في القفر فاستبد بهما العطش والجوع ، وكانت القطة الحبى قد ولدت عددًا من القطط الصغار العميان،وسدّت جوعها بلحم واحد من أولادها الصغار، وروت عطشها بدمه ،قلّد المطرود من أهله فعلة الحيوان _إلا أنه لم يستطب اللحم النئ،فضرب حجرين وأشعل النار في حطب لمّهُ،وشوى قطة وأكلها،وما إن أحس بقسوة العطش حتى شرب دم ضحيةٍ جديدة.
وهكذا مر اليوم حتى وجد المطرود نفسه في يوم هو وقطته يتعاركان،إلا أن دان له النصر فأكل لحمها.
وواجه صاحبنا ابن ذلك الزمان وحدهُ الجوع والعطش والوحدة والخوف من الوحش،فقرض أظافرهُ ،وقرض نصف أصابعه،وأوقد النار العالية ليرهب الوحش ويهدي الضال والضارب في القفر نفقد يعود يومًا إلى دنيا الناس.
وما إن واجه المطرود الإنسان الضال حتى غلب عليه الخوف من العودة إلى الجماعة،فصرع ابن جنسه وشرب دمه والتهم لحمه نيئًا ومشويًا.
ومع الوقت تمكنت منه العادة، وأصبح هذا طبعه وبمرور الزمن ذاع صيته لما هاجم جماعة الأحياء ،وتفنين الناس قي وصف ورسمه،وأصبحت الأم ترهب ابنها إن عصاها بالغول،وتحذر زوجها المسافر والد ابنها من الغول.
* * *
أنا وهي ..وزهور العالم
كنا بالحديقة_أناوهي،وكنتُ طامعًا في علاقة تربطني بها: أي علاقة .
وكان بالحديقة شجرمورق،وحشائش خضراء،وطير بأجنحة،وعين ماء_أراها مرة ياقوتة ومرة زمردة ._
إنه الربيع : وتلك شمسهُ اللينة تنفذُ من بين أفرع الشجر بشعلع كأنه الفضة النقية _وقد رمت فوق الحشائش: الضوء واللون والظل والشكل .
كان للشجر رائحة،وللأرض رائحة، وللحشائش رائحة،ولشعرها رائحة،ولفمي رائحة .
هو الربيع،وتلك طيور الربيع عند عين الماء تطلب الماء،وتغتسل وتنفض عن ريشها الماء،وتتمرغ بالحشائش وتنط وترف في الجو بأجنحة وتصوصو وتحتمي بأفرع الشجر.
_ أحب الموت،وكلما أجدني على حافته أحب الحياة.
_ أود لو أمتلك زهرة سوداء .
_ ثمة زهور سوداء بالعالم..ثمة زهور سوداء .
* * *
بالحديقة كنا_ أناوهي،وكنتُ طامعًا في علاقة تربطني بها: أي علاقة .
كان بالحديقة شجرٌ سقط ورقه وحشائش يابسة وكل الطيور ،وكانت الشمسُ طالعة ،وعين الماء قلّ فيها الماء وغطّاها الورق اليابس والكلس، إنه الخريف .
_ أحب الحياة، وكلما أجدني فيها أعرف أنها الموت..
_أودّ لو أمتلك زهرةً بيضاء ..
_ ثمة زهور بيضاء بالعالم..ثمة زهور بيضاء .


الصفحات
سياسة








