
العاصمة برازيليا
وكانت مميزات العاصمة القديمة التي كانت تعرف بالبرتغالية باسم سيدادي مارافيهوسا أي المدينة الخلابة كثيرة ورائعة : الشواطئ ذات الرمال البيضاء والمقاهي الأنيقة وحياة ليلية نابضة بالحيوية.
وقد تساءل الكثيرون وقتذاك عن السبب الذي يدفع الحكومة إلى الانتقال إلى الأراضي القفر في منطقة سيراتو التي تقع داخل أراض تنمو فيها حشائش السافانا العالية بولاية جوياس، ويبعد الموقع المختار للعاصمة الجديدة على مسافة أكثر من 1200 كيلومتر من مدينة ريودي جانيرو الساحلية، وتمثلت الشكاوى في أن المدينة الجديدة التي تم اقتطاع مساحتها من الأراضي المحيطة قبل التنفيذ بأربع سنوات لا تحمل أي معالم للتراث أو رائحة للتاريخ.
ولم تكن هناك أية فائدة من الاعتراضات، وأصبحت برازيليا العاصمة الجديدة في 21 نيسان/ إبريل 1960، غير أنه بحلول ذلك اليوم لم ينتقل إلى أماكن العمل فيها سوى 1 ر1 في المئة فقط من موظفي الحكومة الذين كانوا يقاومون قرار النقل.
ويعيش اليوم 5 ر2 مليون شخص في مقاطعة برازيليا الإدارية، وفي وسط المدينة تبدو المباني الضخمة التي صممها المعماري أوسكار نيميير منفصلة عما حولها وليس لها صلة بالواقع ورقيقة بالرغم من حجمها.
وصارت كاتدرائية برازيليا ومبنى الكونجرس ومبنى المحكمة والقصر الرئاسي من المعالم الرمزية التي تشتهر بها المدينة.
ويعيش معظم السكان في مدن الضواحي بينما يعيش في وسط المدينة نحو مئتي ألف شخص، وكانت منظمة اليونسكو قد أدرجت وسط المدينة في قائمة التراث العالمي.
والبحث عن أسماء للشوارع في برازيليا يعد عملية عقيمة، فعندما يتم البحث عن عنوان يتم إعطاء إحداثيات للمكان ( مثل و3 ، ل2 ، ك1-14 )، وهذه العلامات التي تبدو معقدة كاللغة الهيروغليفية عبارة عن خليط من أرقام البنايات وحرف يمثل ربع دائرة المدينة، وفي هذا الصدد يقول سائق سيارة أجرة يدعى أدريانو إن هذا النظام أسهل من حفظ أعداد لا حصر لها من أسماء الشوارع، وهذا أمر منطقي تماما، وكل ما يتطلبه الأمر منك أن تضع تصورا للمكان وستجد طريقك بسهولة ".
وعند السفر إلى المدينة بالطائرة يتضح السبب في أن معظم الناس تأتي إلى أذهانهم صورة طائرة عندما ينظرون إلى المخطط العام للمدينة من نافذة الطائرة أو على الخريطة، وقد تم تشييد برازيليا في وقت قياسي خلال الفترة من 1957 إلى 1960.
وتبدو المدينة في مخططها العام كما لو أن لها جناحان مع جسم لطائرة بينهما بل حتى قمرة للقيادة وكلها ترسمها الشوارع.
غير أن هذا التشبيه كان يثير ضيق مخطط المدينة لوسيو كوستا الذي توفى عام 1998، وكان يقول إن هذه المقارنة يمكن أن تكون مفهومة ولكن بناء مدينة على شكل طائرة هو قمة السخرية.
وقد أثيرت فكرة أن البرازيل تحتاج إلى عاصمة تقع داخل البلاد منذ فترة طويلة ترجع إلى بداية القرن التاسع عشر، وكان الهدف من هذه الفكرة هو إشراك المناطق الداخلية المتخلفة بالبرازيل بشكل أكثر في عملية التنمية والتقدم.
وطرح الرئيس البرازيلي جتيوليو فاراجاس الذي حكم البلاد خلال الفترة من 1930 إلى 1945 ثم من عام 1951 إلى 1954 شعار " الاتجاه نحو الغرب " وظل يذكر مواطنيه بشكل مستمر بهدف نقل العاصمة إلى الداخل.
ومع ذلك فإن الرجل الذي ينسب إليه فضل تأسيس مدينة برازيليا هو الرئيس جوسيلينو كوبيتشيك دي أوليفيرا الذي يشير إليه البرازيليون بالاسم المختصر جوتا كا.
ويقول لوسيانو تورينهو مدير هيئة السياحة البرازيلية التي نظمت قطاعا كبيرا من الاحتفالات التي أجريت في 21 نيسان/ إبريل الماضي بمناسبة ذكرى مرور نصف قرن على تأسيس المدينة إنه لولا جوتا كا لما كانت هناك برازيليا.
ودشن كوبيتشيك حملة لتنفيذ خطة من ثلاثين نقطة، وفي الرابع من نيسان/ إبريل 1955 في بداية الحملة الانتخابية وعد ببناء عاصمة جديدة وتنفيذ خطة لنقل مقر الحكومة.
وفاز كوبيتشيك في الانتخابات، وفي غضون خمسة أعوام قضاها في الرئاسة أنجز المهمة العملاقة بتنظيم عملية انتقال مقار الحكومة إلى المدينة التي لم تكن على ظهر الوجود عندما تولى منصبه
وفاز مخطط المدينة كوستا بعملية العطاء التنافسية بالتصميم الذي قدمه والذي أطلق عليه اسم " المخطط الرائد "، وقام مع المعماري أوسكار نيميير وهو شيوعي بارز بالبدء في العمل لتنفيذ تصميم طراز شائع من المعمار بحيث تكون المباني فيه متشابهة على الأرض.
ويقول نيميير واصفا دافعه الإبداعي " : عندما يطلب أحد مني أن أصمم مبنى عاما، أحاول دائما أن أبتكر نوعا من المفاجأة، لأنه ينبغي تمكين الفقراء من أن يمروا أمام هذا المبنى على الأقل وتجربة لحظات من البهجة عندما يرون شيئا جديدا.
ولم تكن هناك احتفالات باذخة في 21 نيسان/ إبريل في برازيليا، وتم خفض المبلغ المخصص للاحتفال بالعيد الذهبي للعاصمة من عشرين مليون ريال إلى عشرة ملايين ريال ( ما يوازي 7 ر5 ملايين دولار )، وكان قد تم طرح أسماء مشاهير المغنيين مثل مادونا وبول ماكارتني كمشاركين في الاحتفالات كنوع من الجذب إليها.
ومع ذلك تراجعت هذه الأفكار الطموح بسبب الانتقادات الكثيرة وبسبب أن البرازيل اهتزت من جراء فضيحة فساد ذات أبعاد تاريخية.
ويقف في وسط الفضيحة حاكم برازيليا خوسيه روبرتو آرودا وهو أول حاكم للعاصمة يلقى في السجن، ومع ذلك فقد تم الإفراج عنه بعد أسبوع من سجنه قبل الاحتفالات بالعيد الخمسيني لبرازيليا
وقد تساءل الكثيرون وقتذاك عن السبب الذي يدفع الحكومة إلى الانتقال إلى الأراضي القفر في منطقة سيراتو التي تقع داخل أراض تنمو فيها حشائش السافانا العالية بولاية جوياس، ويبعد الموقع المختار للعاصمة الجديدة على مسافة أكثر من 1200 كيلومتر من مدينة ريودي جانيرو الساحلية، وتمثلت الشكاوى في أن المدينة الجديدة التي تم اقتطاع مساحتها من الأراضي المحيطة قبل التنفيذ بأربع سنوات لا تحمل أي معالم للتراث أو رائحة للتاريخ.
ولم تكن هناك أية فائدة من الاعتراضات، وأصبحت برازيليا العاصمة الجديدة في 21 نيسان/ إبريل 1960، غير أنه بحلول ذلك اليوم لم ينتقل إلى أماكن العمل فيها سوى 1 ر1 في المئة فقط من موظفي الحكومة الذين كانوا يقاومون قرار النقل.
ويعيش اليوم 5 ر2 مليون شخص في مقاطعة برازيليا الإدارية، وفي وسط المدينة تبدو المباني الضخمة التي صممها المعماري أوسكار نيميير منفصلة عما حولها وليس لها صلة بالواقع ورقيقة بالرغم من حجمها.
وصارت كاتدرائية برازيليا ومبنى الكونجرس ومبنى المحكمة والقصر الرئاسي من المعالم الرمزية التي تشتهر بها المدينة.
ويعيش معظم السكان في مدن الضواحي بينما يعيش في وسط المدينة نحو مئتي ألف شخص، وكانت منظمة اليونسكو قد أدرجت وسط المدينة في قائمة التراث العالمي.
والبحث عن أسماء للشوارع في برازيليا يعد عملية عقيمة، فعندما يتم البحث عن عنوان يتم إعطاء إحداثيات للمكان ( مثل و3 ، ل2 ، ك1-14 )، وهذه العلامات التي تبدو معقدة كاللغة الهيروغليفية عبارة عن خليط من أرقام البنايات وحرف يمثل ربع دائرة المدينة، وفي هذا الصدد يقول سائق سيارة أجرة يدعى أدريانو إن هذا النظام أسهل من حفظ أعداد لا حصر لها من أسماء الشوارع، وهذا أمر منطقي تماما، وكل ما يتطلبه الأمر منك أن تضع تصورا للمكان وستجد طريقك بسهولة ".
وعند السفر إلى المدينة بالطائرة يتضح السبب في أن معظم الناس تأتي إلى أذهانهم صورة طائرة عندما ينظرون إلى المخطط العام للمدينة من نافذة الطائرة أو على الخريطة، وقد تم تشييد برازيليا في وقت قياسي خلال الفترة من 1957 إلى 1960.
وتبدو المدينة في مخططها العام كما لو أن لها جناحان مع جسم لطائرة بينهما بل حتى قمرة للقيادة وكلها ترسمها الشوارع.
غير أن هذا التشبيه كان يثير ضيق مخطط المدينة لوسيو كوستا الذي توفى عام 1998، وكان يقول إن هذه المقارنة يمكن أن تكون مفهومة ولكن بناء مدينة على شكل طائرة هو قمة السخرية.
وقد أثيرت فكرة أن البرازيل تحتاج إلى عاصمة تقع داخل البلاد منذ فترة طويلة ترجع إلى بداية القرن التاسع عشر، وكان الهدف من هذه الفكرة هو إشراك المناطق الداخلية المتخلفة بالبرازيل بشكل أكثر في عملية التنمية والتقدم.
وطرح الرئيس البرازيلي جتيوليو فاراجاس الذي حكم البلاد خلال الفترة من 1930 إلى 1945 ثم من عام 1951 إلى 1954 شعار " الاتجاه نحو الغرب " وظل يذكر مواطنيه بشكل مستمر بهدف نقل العاصمة إلى الداخل.
ومع ذلك فإن الرجل الذي ينسب إليه فضل تأسيس مدينة برازيليا هو الرئيس جوسيلينو كوبيتشيك دي أوليفيرا الذي يشير إليه البرازيليون بالاسم المختصر جوتا كا.
ويقول لوسيانو تورينهو مدير هيئة السياحة البرازيلية التي نظمت قطاعا كبيرا من الاحتفالات التي أجريت في 21 نيسان/ إبريل الماضي بمناسبة ذكرى مرور نصف قرن على تأسيس المدينة إنه لولا جوتا كا لما كانت هناك برازيليا.
ودشن كوبيتشيك حملة لتنفيذ خطة من ثلاثين نقطة، وفي الرابع من نيسان/ إبريل 1955 في بداية الحملة الانتخابية وعد ببناء عاصمة جديدة وتنفيذ خطة لنقل مقر الحكومة.
وفاز كوبيتشيك في الانتخابات، وفي غضون خمسة أعوام قضاها في الرئاسة أنجز المهمة العملاقة بتنظيم عملية انتقال مقار الحكومة إلى المدينة التي لم تكن على ظهر الوجود عندما تولى منصبه
وفاز مخطط المدينة كوستا بعملية العطاء التنافسية بالتصميم الذي قدمه والذي أطلق عليه اسم " المخطط الرائد "، وقام مع المعماري أوسكار نيميير وهو شيوعي بارز بالبدء في العمل لتنفيذ تصميم طراز شائع من المعمار بحيث تكون المباني فيه متشابهة على الأرض.
ويقول نيميير واصفا دافعه الإبداعي " : عندما يطلب أحد مني أن أصمم مبنى عاما، أحاول دائما أن أبتكر نوعا من المفاجأة، لأنه ينبغي تمكين الفقراء من أن يمروا أمام هذا المبنى على الأقل وتجربة لحظات من البهجة عندما يرون شيئا جديدا.
ولم تكن هناك احتفالات باذخة في 21 نيسان/ إبريل في برازيليا، وتم خفض المبلغ المخصص للاحتفال بالعيد الذهبي للعاصمة من عشرين مليون ريال إلى عشرة ملايين ريال ( ما يوازي 7 ر5 ملايين دولار )، وكان قد تم طرح أسماء مشاهير المغنيين مثل مادونا وبول ماكارتني كمشاركين في الاحتفالات كنوع من الجذب إليها.
ومع ذلك تراجعت هذه الأفكار الطموح بسبب الانتقادات الكثيرة وبسبب أن البرازيل اهتزت من جراء فضيحة فساد ذات أبعاد تاريخية.
ويقف في وسط الفضيحة حاكم برازيليا خوسيه روبرتو آرودا وهو أول حاكم للعاصمة يلقى في السجن، ومع ذلك فقد تم الإفراج عنه بعد أسبوع من سجنه قبل الاحتفالات بالعيد الخمسيني لبرازيليا