نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


السعوديون والحراك الجنوبي ...هل تمكن صالح من انتزاع موقف سعودي داعم لوحدة اليمن ؟




صنعاء - ياسر العرامي - في حين تزداد حرارة الأوضاع المتفاقمة في اليمن يوماً عن آخر، عقد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالرياض قمة ثنائيـة مع نظيره الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعوديـة . وذلك قبل ثلاثة أيام من زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمملكة .


الملك عبدالله والرئيس اليمني وعلي عبدالله صالح
الملك عبدالله والرئيس اليمني وعلي عبدالله صالح
المصادر اليمنية الرسميـة وصفت الزيارة بأنها بروتوكولية وليست طارئـة لبحث الأحداث المتصاعدة في اليمن . لكن مصادر أخرى أكدت إنها تتعلق بذات القضية ، خصوصاً مع تزايد دعوات الإنفصال جنوب البلاد وظهور رئيس اليمن الجنوبي سابقاً علي سالم البيض بعد مضي 15 عاماً من الصمت قضاها في سلطنة عمان قبل انتقاله إلى النمسا خلال الشهر الماضي.
وتحدثت بعض المصادر إن هدف صالح من الزيارة للمملكة تأتي في هذا الإطار ، وخصوصاً في محاولـة منه لمطالبتها بإيقاف الدعم المالي الذي يعتقد إن السعوديـة تضخها للقيادات الجنوبيـة سواء تلك المقيمة هناك كرئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس ، أو العناصر المتواجدة داخل اليمن .
وكان العطاس قد دعا مؤخراً صراحة إلى ما أسماه " فك الارتباط " بين جنوب اليمن وشماله ، ودعا الرئيسان علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض بالتوجه إلى مقر الجامعة العربية لتوقيع وثيقة من هذا النوع . مشدداً على أن مشاكل اليمـن لن تحل إلا في ظل قيام دولتان .
والعطاس يقيم متنقلاً بين المملكة العربية السعوديـة ودولة الإمارات منذ نزوحه إلى هناك أثناء حرب صيف 1994م التي خاضها الرئيس صالح ضد الجنوب بعد أن حاول الرئيس علي سالم البيض الانفصال هناك ، إلا أنه فشل ومني بالخسارة أمام صالح .

وكشف العطاس مؤخراً في برنامج " زيارة خاصة " عبر قناة الجزيرة ، إنه يتلقى دعماً مالياً من السعوديـة فضلاً عن منحـه منزلاً فخماً هناك، ورغم إنه حصر هذا الدعم فيما يكفيه لحياة كريمة وقال " السعوديون يقدمون ما يساعدنا على الحياة ". إلا أن مراقبون لم يستبعدون تلقيـه دعماً مالياً لتنشيط ما بات يعرف بـ " الحراك " جنوب البلاد الذي يقود مسيرات ومظاهرات احتجاجيـة شبه يوميه منذ 2007 .
ويحيط موقف السعودية من وحدة اليمن غموض والتباس لدى الكثيريـن ، فهي إلى جانب إنها دعمت الانفصال في 94 بزعامة البيض ، كما إن الوحدة اليمنية قامت عام 1990 بغير رضا السعودية، ولكن برضا وبمباركة أميركية، وقد حاولت السعودية جهدها لإفشال الوحدة . إذ كانت تخشى السعوديـة أن تكون الوحدة مقدمة لقيام دولة قوية تحتل كل الجزء الجنوبي من حدودها ، في حين أنها تعتبرها بمثابة حديقتها الخلفية ، والمكان المفضل الذي تمارس فيه السعودية هيمنتها. وكانت تكمن خشية السعودية تحديداً في تفوق اليمن عليها في عدد السكان وكما أنها افترضت تطورها اقتصادياً كون الجزء الجنوبي من اليمن مصدراً للنفط وحينها ستستغني اليمن عن مساعداتها وبذلك تفقد نفوذها ، إن لم تتفوق عليها على المستوى الدولي والإقليمي . لكن ما حدث العكس ، وقد سارع الرئيس صالح بعد ذلك إلى ترسيم الحدود مع المملكة، بل إن قوى يمنية تتهم صالح بالتنازل عن أراضي يمنية لصالح المملكة وهو الأمر الذي لم تكن تتوقعه .
السعوديـة من جهتها أكدت خلال الأيام القليلة الماضية وقوفها ودعمها للوحدة اليمنية ، وهذا هو الموقف العلني للسعودية حتى الآن . لكن ثمة من يرى غير ذلك وأنها تمتلك أجندة أخرى ، وإلا كيف يمكن تفسير احتوائها لقيادات جنوبيـة تدعو للانفصال . كما إن هناك من يرى أن التحركات الأخيرة لتلك القيادات تمت بموافقة خليجية بينها السعوديـة .
وفي هذا السياق، يعتقد مراقبون محليون إن الرئيس صالح هدف من الزيارة الحصول على دعم سعودي واضح وقوي إزاء الوحدة اليمنية، وتوجيه رسائل سياسية بهذا الشأن عبر الرياض إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي سيزورها الرئيس باراك أوباما بعد يومين .

وقال المحلل السياسي عبد الحكيم هلال لـ "الهدهد الدولية" الرئيس يريد الاطمئنان على الموقف السعودي عن قرب ، لكنها ستعمل وفقاً لمصالحها الموجودة على الأرض الآن ، بغض النظر عن مواقفها التاريخية". ولم يستبعد هلال أن تدعم السعودية الانفصال مرة أخرى طالما سيوفر لها ذلك ما تبتغيه من اليمن كالحفاظ على ترسيم الحدود المشتركة بين البلديـن . لافتاً إلى أن علي سالم البيض وجه في خطابه مؤخراً للمملكة رسالة قوية من هذا النوع ، حينما أكد على التزامه باتفاقيات الحدود الموقعة مع البلدان المجاورة في عهد صالح . وهو بذلك أراد أن يطمأن السعوديـة بشأن ذلك .
وأضاف هلال " إن السعودية قد تلجأ إلى خيار ثالث ، وتقف من جميع الأطراف اليمنية موقف متساو ، وبذلك تحقق استقرار اليمن الذي تخشى من تأثير انفلاته على أمنها ، وتحافظ على علاقتها بالقيادة اليمنية في ذات الوقت " ولفت في هذا الحال إن المملكة قد تسعى لقيادة وساطة بين الرئيس صالح ، والطرف الآخر في الجنوب الداعي للانفصال ، والعودة إلى طاولة الحوار بحيث يحقق ذلك استمرار الرئيس صالح في الحكم ويحافظ على استقرار اليمن الذي تتخوف من اضطرابه ، مقابل إجراءه لإصلاحات جوهرية على نظام الحكم والتعامل مع الحقائق على أرض الواقع في المحافظات الجنوبيـة وتلبية المطالب هناك ".

من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي منير الماوري لـ " الهدهد الدولية " إن الموقف السعودي تجاه اليمن يبدو متخبطا بسبب غياب صاحب القرار الأول حول الملف اليمني وهو ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز".
لكن الماوري - وهو أمريكي من أصل يمني – يؤكد إن تعامل السعوديـة مع وضع اليمن سيكون تعاملاً أمنياً قبل أن يكون سياسياً ، وحينها فإنها ستعمل على منع تحويل اليمن إلى مرتع للهاربين السعوديين من أتباع القاعدة ، ولن تفرق بين المملكة بين أي شخص أو أي خيار في سبيل التخلص منه طالما يهدد أمنها .
ويشير الماوري إلى أنه في حال صدقت المواقف السعودية المعلنة حالياً بشأن الوحدة اليمنية ، فإن " الدعم السعودي لعلي عبد الله صالح لن يكون عسكريا بالطبع بل سيقتصر على ضخ أموال قد تمكنه من شراء ولاءات البعض لفترة وجيزة، أو تأجيل المشكلة لفترة أخرى، ولكن أبناء الجنوب يرون أن يدي الرجل ملطخة بدمائهم ولن يقبلوا باستمرار الوحدة اليمنية مطلقا إلا بزوال هذا الرجل، وتصحيح مسار الوحدة مع شركاء جدد من الشمال لم تتعمد أياديهم بدماء أهل الجنوب. ولهذا فإن الجهود السعودية قد تساعد على تأجيل حل المشكلة ولكنها لن تمنع انفجارا حتميا قد يشمل كامل الأرض اليمنية إن لم يمتد إلى الأراضي السعودية " .

وكان صالح قد أوضح أثناء وصوله الرياض أمس أن العاهل السعودي، كان له موقف واضح في 'دعم اليمن وأمنه واستقراره ووحدته ودعمه الكبير لجهود التنمية في اليمن باعتبار أن قوة اليمن وأمنه واستقراره هي قوة للمملكة والعكس'.
وقال"ليس بغريب على أخي خادم الحرمين الذي له دوما مواقف أخوية صادقة وأصيلة في الوقوف إلى جانب اليمن في مختلف الظروف'.
مضيفاً "نحن على ثقة بان هذه الزيارة ـ للسعودية ـ و كما هو حال كافة الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، ستعمل على تطوير علاقتنا الأخوية المتميزة والدفع بها قدما وبما يحقق كافة الأهداف والغايات المنشودة ويترجم تطلعات شعبينا الشقيقين في الرخاء والرقي والتطور".
وعند المغادرة قال صالح : لقد كانت الزيارة ناجحة ومثمرة بكل المقاييس وتخدم مصالح شعبينا الشقيقين على مختلف الأصعدة.
وأضاف: لمست حماسا كبيرا لدى الأشقاء في المملكة، وفي مقدمتهم أخي خادم الحرمين الشريفين الذي أبدى حرصا كبيرا على الدفع بوتيرة التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات لخدمة المصالح المشتركة وتلبية تطلعات الشعبين الشقيقين في تحقيق المزيد من التطور والنماء، وكذا حرصه على اليمن وأمنه واستقراره ووحدته باعتبار أن أمن اليمن من أمن المملكة والعكس، وأن استقرار اليمن يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة كلها.

وفي غضون ذلك قالت مصادر جنوبية، إن السلطات اليمنية سلمت السعودية قائمة من المطلوبين الجنوبيين الناشطين على أراضي المملكة والبالغ عددهم 35 شخصاً.
وكانت صنعاء قد طالبت السعودية وعمان بـ 200 شخص جنوبي وصفتهم بالعناصر العدائية كان على رأسهم علي سالم البيض وحيدر أبو بكر العطاس.
ولكن يبقى السؤال ملحاً .. هل تمكن الرئيس صالح فعلاً من انتزاع موقف سعودي قوي حيال الوحدة اليمنية ، وضمان وقوفهم إلى صفـه ؟! هذا ما ستكشفه الأيام القليلة القادمة ومدى التغير في طريقة تعامل صنعاء مع الملف الجنوبي والاحتجاجات المتصاعدة جنوب البلاد .

صنعاء - الهدهد - ياسر العرامي
الاربعاء 3 يونيو 2009