نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


المكسيك تعلن الحرب على زراعة الخشخاش، والفقراء يعتبرونه رزق





جواتشوتشي (المكسيك) - دنيس دويتمان - داخل عشة خاوية، بجوار حقل الخشخاش، ترك أحدهم ورقة مكتوبة بخط اليد، تعج بالأخطاء الإملائية، يحاول فيها إقناع الجنود بعدم اقتلاع مزروعات النبات الذي تستخرج منه المادة الخام لصناعة مخدر الهرويين. ويطلب فى هذه الورقة من الجنود تركه يكسب مالا حيث أنه فى حاجة ماسة له هو وأسرته التى تحتاج إلى شراء قوتها وثيابها. تتمايل أفرع مزروعات الخشخاش بنعومة مع النسيم، ثم تهتز بعنف تحت دبيب بيادات جنود الجيش الذين هرعوا لاقتلاعها من أحد الحقول بالقرب من جواتشوتشي، إحدى قرى مقاطعة شيواوان شمال المكسيك.


  يحدد قائد المروحية العسكرية الموقع من الجو في البداية، بعد تلقي الأوامر يسرع الجنود باقتلاع المزروعات غير القانونية. يقول العميد مارتين سلفادور، قائد الوحدة "أكثر من ألفي جندي من رجالي، أي نحو 80 في المئة من قواتي منتشرون في المنطقة من أجل اقتلاع مزروعات الخشخاش والماريجوانا غير القانونية بأيديهم، ثم يجمعونها في كومة كبيرة لحرقها، بينما تقوم فرق أخرى من الجنود بحمايتهم مسلحين بمدافع رشاشة". تتصاعد في الجو سحابة دخان كثيف له رائحة نفاذة وسط المنظر الطبيعي الساحر المميز لمنطقة سييرا مادري المكسيكية والتي تعتبر المصدر الرئيسي لمعظم الخشخاش الذي يتحول لهرويين أغرق شوارع الولايات المتحدة، حيث يلقى 35 شخصا مصرعهم يوميا بسبب إدمان هذا المخدر، مما دفع الرئيس ترامب لتصنيف هذا الوضع بـ"الخطير"، حسب تصريحه في آب/ أغسطس الماضي، وإعلان حالة الطوارئ الصحية على الصعيد الوطني بالكامل في الـ26 من تشرين أول/ أكتوبر الماضي. أما في المكسيك، فيدمر الجيش يوميا حقولا مزروعة بالكامل بنبات الخشخاش، بمعدل 300 أردب يوميا من هذه المزروعات، بالرغم من ذلك يوضح تقرير صادر عن الوكالة الأمريكية لمكافحة المخدرات (DEA) أن زراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون ويصنع منه الهرويين زاد بشكل ملحوظ في المكسيك في السنوات الأخيرة، ليصل إلى 32 ألف هكتارا عام 2016، مما يعني تضاعف انتاج الهرويين الخام ثلاث مرات مقارنة بعام 2013. جدير بالذكر أن تركز هذه المزروعات في منطقة سيرا مادري يرجع إلى الظروف الجغرافية والمناخية المناسبة. أثناء موسم الحصاد يقوم الفلاحون بـ"تشريط" زهرة الخشخاش في الفجر، لتنسال عصارتها الحليبية، ثم تترك لتجف أثناء النهار على آشعة الشمس، ثم تجمع بعد ذلك، وتنقل إلى المعامل غير الشرعية المنتشرة بشكل عشوائي في المنطقة لكي يصنع منها الهيرويين. يقدر انتاج الهكتار بنحو 11 كيلوجراما من الأفيون. تقدر عصابتي سينالوا وخواريث، اللتان تتحكمان في تجارة المخدرات في المنطقة، سعر الكيلو بـ25 ألف بيزو، ما يعادل 1100 يورو أو 1300 دولار، ولهذا يعد أكثر ربحية بالنسبة للفلاحين من زراعة الذرة أو البقول، ومع ذلك يؤكد الفلاحون أن الجانب الأكبر من الربح يذهب لكارتيلات تجارة المخدرات. يستخدم 11 كيلو جراما من الأفيون الخام في صناعة كيلو جرام واحد من الهيرويين النقي، تصل قيمته إلى مليون بيزو ما يعادل 90 ألف يورو أو 105 آلاف دولار، نظرا لارتفاع معدلات التعاطي في الولايات المتحدة، ويرجع الخبراء ذلك إلى تساهل الأطباء في وصف أدوية وعقاقير يدخل في مشتقاتها الأفيون مما يدفع المرضى إلى إدمان هذه العقاقير، وينزلقون إلى هاوية إدمان الهرويين عندما يعجزون عن الحصول عليها من خلال التقارير الطبية القانونية، ومعظم كميات المخدر المضبوطة في السوق الأمريكية (93%) وفقا للتقارير مصدرها مكسيكي، حيث تؤكد تقارير أن السبب الأكبر في زيادة حجم المزروعات يرجع إلى تراجع نشاط اقتلاع الخشخاش، وإلى اتجاه كارتيلات المخدرات للتركيز على تهريب الهرويين. في الماضي كان إدمان الهرويين مشكلة تقتصر على الطبقات الدنيا في المناطق المهمشة في الولايات المتحدة، في الوقت الراهن تشهد البلاد زيادة في أعداد أبناء الطبقة المتوسطة من البيض الذين يقبلون على إدمان هذا المخدر. ومن ثم مع تزايد التعاطي، تصبح جهود الجنود المكسيكيين في اقتلاع هذه المزروعات أشبه "بمهمة سيزيف"، الشخصية الأسطورية اليونانية المحكوم عليها دفع صخرة إلى أعلى منحدر، وكلما اقترب من القمة تتدحرج الصخرة إلى أسفل من جديد، في تكرار أبدي. "كلما دمرنا حقلا، يعود الفلاحون لزراعته في اليوم التالي"، يشكو الكولونيل خابيير ماندوخانو اسيبيدو، مشيرا إلى أن الجيش المكسيكي دمر هذا العام في مرتفعات شيواوا وحدها 2260 هكتارا من مزروعات الأفيون، إلا أن التضاريس الوعرة تعوق تقدم الجنود في المنطقة الجبلية، وسط توقعات بوجود مساحات شاسعة مزروعة بالخشخاش في المنطقة. يقول النقيب لويس انريكي تروخييو، قائد إحدى الفرق التي تقتلع الخشخاش "إنه لأمر مثير للإحباط أن تعرف أنهم سرعان ما سوف يعودون لزراعة الأرض مرة أخرى بالنبات المخدر بمجرد رحيلنا. لكننا على قناعة بالعمل الذي نقوم به. لا نريد أن تصل المخدرات إلى أيدي أبنائنا". تعسكر القوة لمدة أسبوع في المكان، ثم تحملهم مروحية بلاك هوك، بعد ذلك لمواصلة العمل في مكان آخر. أما في الأماكن التي يصعب الوصول إليها بسبب وعورة التضاريس فتقوم المروحيات برشها بمبيدات قاتلة للنبات للتخلص منها، حيث يؤكد الطيار دوروتيو روخاس عدم وجود خطورة من عمليات الرش على الأشخاص أو المزروعات الأخرى القريبة مثل الذرة والبقول. ليس من الشائع وقوع مواجهات بين كارتيلات تهريب المخدرات في هذه المنطقة، ومع ذلك يحتفظ الجيش بقاعدة عمليات في جواتشوتشي، حيث يقوم الجنود بدوريات اعتيادية بسيارات دفع رباعي مصفحة، تحمل مدافع سريعة الطلقات، نظرا لأن عصابات الجريمة المنظمة، يفوق تسليحها الشرطة المحلية، ومن هنا تأتي أهمية الدعم الذي يقدمه الجيش.

دنيس دويتمان
السبت 25 نونبر 2017