نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر


سيناريو هروب بن علي مع "الجنية والمشعوذبن" ودور رشيد عمار في كبح طموحات السرياطي




تونس - صوفية الهمامي - مند الخلع المباغت والمغادرة الغامضة للرئيس التونسي بن علي والأخبار السياسية والميدانية تتواتر وتتسابق لدرجة أن الإعلام لم يكد يسيطر عليها، لكن سر هروب بن علي المفاجئ فتح بابا لتأويلات الشارع التونسي، وحفز الإعلام للبحث فيه، وفي محاولة من صحيفة الهدهد الدولية لتقصي حقيقة السيناريو الشائك، اتصلنا بأكثر من مصدر وشاهد عيان لفك بعض الغموض.


بن علي وخلفه ليلى وصهرها الخطير - ارشيف
بن علي وخلفه ليلى وصهرها الخطير - ارشيف
يؤكد مصدرنا الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن عملية انقلابية حبكها علي السرياطي المدير العام للأمن الرئاسي سنة 2009 للاستيلاء عن الحكم، لكن ليلى الطرابلسي المتيقظة دوما انتبهت لنيته وحذرته، لكنها لم تستغن عن خدماته بل أغدقت عليه هو وجماعته من مغانم القصر الكثير.
ولأن علي السرياطي هو الوحيد المؤهل لتسيير جميع أعمالها وأعمال أشقائها و كل رهط من الطرابلسية أجمعين مجتمعين متناسلين كالنّمل فوق التراب، فهو من يقوم بتصفية الحسابات مع التونسيين الدين يتم الاستيلاء على ممتلكاتهم كتلفيق التهم أو الترحيل أو إتمام إجراءات المعاملات من تدليس وما شابه، ويتم كل هدا في سرية تامة ودون علم الرئيس المخلوع بن علي.

خاصة بعد كشف أمر عائلتها وممارسة إخوانها للنهب وافتكاك أرزاق الناس من قبل مدير الأمن الرئاسي السابق عبد الرحمن بلحاج لبن علي، حيث كان يعلمه بكل صغيرة وكبيرة حول تحركات بناته والممارسات القدرة التي كان يقوم بها أفراد عائلتها، لكن بلحاج أقيل من مهامه نزولا عند رغبة الجنية الزرقاء ليلى وإلحاحها، ليحل محله علي السرياطي لكثرة تفانيه في خدمة طموحات المرأة المصرفية.
ولامتصاص غضب بلحاج تم تعيينه سفيرا لتونس في موريتانيا ثم سفيرا غير مقيم لدى حكومة مالطا، وعينه الجنرال رشيد عمار بعد سقوط بن علي واعتقال السرياطي مجددا مديرا للأمن الرئاسي بقصر قرطاج بدلا من توفيق الدبابي الذي تم تعيينه اليوم الجمعة 21 يناير مديرا عاما للأمن الوطني.
وبالعودة إلى شرارة الثورة المنطلقة من فعل "صادر"، نجد أن فعل "المصادرة" بصيغة الجمع، شكل الحياة السياسية والاجتماعية في تونس وشكل أيضا الثورة والسقوط والدخول في الفوضى.
تسألني أيها المتابع لأحوال تونس: كيف لفعل "صادر" أن يكتب ثورة ويسقط نظاما ؟

ــ البوعزيزي أشعل الثورة في تونس بحرق نفسه انتقاما لكرامته، لأن فادية حمدي عون التراتيب البلدية صفعته وصادرت بضاعته، والمسئولين الجهويين بسيدي بوزيد صادروا حقه وأحلامه، والأمن صادر حق المحتجين في التظاهر السلمي وقمعهم وقتل العشرات منهم بالرصاص، والسلطة صادرت آراء الشعب التونسي مجتمعا مدنيا وصحافة وحقوقيين وفنانين، وليلى الطرابلسي صادرت حق بن علي في إدارة أمن البلاد بإخفائها الحقائق، ففشل في حل المشكلة واحتواء الجماهير الغاضبة، لعدة أسباب أهمها خطاباته الفاشلة حين هدد وحين تحدث باللين، وعلي السرياطي المسير لشؤون القصر ودهاليزه صادر أحلام ليلى في الوصول إلى الحكم وأجهضها برميها هي وبن علي وابنهما في طائرة وعلقهم في الجو، والجنرال رشيد عمار رئيس أركان جيش البر صادر أطماع السرياطي في الاستيلاء على الحكم واعتقله بصالة المطار الرئاسي بالعوينة بعد أن أصدر أخر أمر له وهو إطلاق الطائرة في الغشاء الفضائي.

المؤشرات تدل أن الجيش كان السبب الرئيسي في سقوط بن علي، وأن بن علي لم يغادر إلا عندما تأكد بأن الجيش أوقف دعمه ومساندته له، فالجيش على ما يبدو قرر عدم التدخل منذ البداية كجزء من السيناريو.
تخلي الجيش تعزيه أسباب كثيرة، لعل أبرزها سوء العلاقة بين مؤسسة الجيش و"مؤسسة القصر"، التي يغلب عليها الطابع العائلي، فضلا أن الرئيس المخلوع ذاته لم يقدم لضباط الجيش ما يجعلهم موالين له.
كما أن المؤسسة العسكرية استغلت الثورة الشعبية، وأملت شروطا على بن علي لاحتواء الأزمة، فخلال الساعات الحرجة طلبت منه تغيير وزير الداخلية لإرباك العمل بداخلها، وقد تمت بالفعل إقالة رفيق الحاج قاسم يوم الخميس 13 يناير ليحل محله أحمد فريعة كجزء من السيناريو أيضا.
تحرك الجيش أرعب ليلى وشقيقها بلحسن الطرابلسي، الأمر الذي أجبر بن علي على إذلال نفسه مساء الخميس 13 يناير 2011 أمام الشعب التونسي والعالم . إذ لم يسجل التاريخ العربي ولو على سبيل الاستثناء، حاكم عربي واحد اعترف يوما وتنازل عن ديكتاتوريته وشدته وقسوته أمام شعبه.

ولكن الجماهير المنتفضة بالآلاف بشارع الحبيب بورقيبة وفي كل شوارع وأنهج القرى والمدن التونسية، ساعدت علي السرياطي مدير الأمن الرئاسي و رئيسَ أركانِ الجيش التونسي رشيد عمار على إتمام مخططيهما.
في الساعة الرابعة والنصف من مساء الجمعة 14 يناير 2011 دخل علي السرياطي إلى مقر السكن الخاص لزين العابدين بن علي، وهو قصر بديع ينتصب فوق هضبة تطل على البحر في جهة سيدي بوسعيد، مهددا شاهرا سلاحه إدا لم يتم تطبيق وتنفيذ تعليماته بالمغادرة.
كانت ليلى الطرابلسي تقود سيارة عادية لكنها مصفحة ضد الرصاص، باتجاه المطار الرئاسي بالعوينة وهي في حالة هستيرية، يتبعها السرياطي وتحيط بها ميليشياته وليس الحرس الرئاسي كما تتردد وإلى جانبها كان بن علي منهارا ومعهما ابنهما محمد عزيز، وقد أكد مصدر قريب من الرئيس المخلوع أن بن علي كان يبكي وهو يغادر بيته.
السرياطي لم يترك الفرصة لبن علي أن يستعين بمناديل ثكالى القصرين والرقاب وأم البوعزيزي وفلاحات سيدي بوزيد لكفكفة دموعه.

رئيس أركانِ الجيش التونسي رشيد عمار الرجل العسكري بامتياز لمع نجمه قبل أن يظهر بن علي على الساحة، إذ شغل منصب "مدير ديوان" وزير الدفاع وهو لا يزال شابا يافعا كان على علم بكل تحركات ومخططات علي السرياطي التي جعلها جزءا من مخططه هو...
تسألني أيها المتابع لأحوال تونس: كيف تم دلك ؟
الجنرال رشيد عمار غابت أخباره مند ثلاثة أسابيع وتسربت إشاعة تقول أن بن علي أقاله من مهامه، وأخرى تقول لقد تمت تصفيته، لكن رشيد عمار ظهر في اللحظة الحاسمة، فقد التحق بالسرياطي إلى مطار العوينة وأشل حركته تماما واعتقله بقاعة المطار بعد دقائق بعد ارتفاع طائرة الرئيس المخلوع في الغلاف الجوي، وصادر حلمه في الاستيلاء على الحكم في زنزانة بدهاليز وزارة الداخلية.
رشيد عمار كشف عن جنسية مخططه حين نسق مع الولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد وجهة لبن علي، فالسعودية مستودع الأمريكان تودع فيه الهاربين من شعوبهم وقد جاء دور بن علي بعد نواز شريف.
لكن أمريكا أرادت أن تكرم بن علي بإبقائه في السعودية بعد أن أبلغته خلال بداية يناير الجاري بتقاعده من المخابرات الأمريكية التي تعامل معها لسنوات بعد فضحه في وثيقة نشرها موقع الويكليكس.

رشيد عمار طلب أيضا من المشرف على قاعة العمليات بالقصر الرئاسي أن يظل في مكانه ويؤدي مهامه كما جرت العادة بل يعزز صفوفه بدعوة العناصر المتغيبة، وهو من عين يوم السبت 15 يناير توفيق الدبابي مديرا للأمن الرئاسي ثم عوضه يوم الجمعة 21 يناير بعبد الرحمن بلحاج ليتم تكليفه مديرا عاما للأمن الوطني، وقد حافظ الأمن الرئاسي على صفوفه وهدوئه ولم يطلق رصاصة واحدة كما يتردد.
ويتواجد الجنرال رشيد عمار حاليا بمقر وزارة الداخلية التي تحيط بها الدبابات من كل جهة، ويشرف بنفسه على جميع الأعمال الأمنية، والتنسيق بين غرف العمليات المختلفة الاختصاصات بمقر الوزارة، وبعد أن صادر أصدر تعليماته للجيش بعدم إطلاق الرصاص، كما غض الطرف على الفوضى التي عمت البلاد من سرقة ونهب وحرق والسماح لميليشيات السرياطي بالانتشار لإغراق البلاد في مزيد من الفوضى.
حتى يقتنع الشعب بدور الجيش حينها قد يظهر رشيد عمار على السطح وتعود تونس للمربع الأول مربع الديكتاتورية وهو مخطط ذكي وسيناريو قد يتحقق؟؟
ميليشيات علي السرياطي
بالعودة إلى هده الميليشيات التي روعت الشعب التونسي خاصة في المدن الداخلية التي سقط فيها عشرات الشهداء، فقد أكد شهود عيان في محافظة القصرين أن القناصة في الشوارع كانوا يرقصون نشوة فوق الجثث التي تسقط برصاصهم وأن النساء القناصة فوق السطوح كن يرفعن الخوذة ويرقصن بشعورهن بعد كل قنص، وهدا لم يحدث حتى مع الجنود الإسرائيليين، ويؤكد مصدر للهدهد أن الرصاص الذي تم إطلاقه في الرقاب وسيدي بوزيد وتالة والقصرين جاء بأمر من السرياطي وبلحسن الطرابلسي المستعين دوما بخبرة الشيطان لبعض أفراد الميليشيا التي فرضت انضمامها إلى صفوف الأمن الوطني.
وبالتحري حول هوية هؤلاء، تبين لنا من بعض المصادر المؤكدة أنهم من أبناء قرية "إس.أو.إس" بقمرت، أو ما كان يطلق عليهم في السابق بأطفال بورقيبة، كنوع من التعويض المعنوي والإحاطة من الرئيس السابق لكل من ولد خارج إطار الزوجية.

وقد انتدبهم علي السرياطي بصفة سرية وتم تدريبهم تدريبا عاليا، وتجهيزهم لأي طارئ قد يحدث مع تمكينهم من كل الامتيازات، سيارات وشقق فاخرة وأموال، وبطاقات مهنية مزيفة تسهل حركتهم، لكن الأمن الرئاسي والبوليس بشكل عام لم يكن على دراية بهؤلاء عدا علي السرياطي وليلى.
وبالعودة إلى المواجهات المسلحة الواقع نهاية سنة 2006 وبداية 2007 بين مجموعة قيل أنها سلفية تسمى "جند أسد بن الفرات" والقوات المسلحة التونسية بالضاحية الجنوبية في مدينة سليمان من ولاية نابل أسفرت عن مقتل 14 شخصا بينهم عونا أمن أحدهما برتبة نقيب و12 من بين عناصر المجموعة وتم إلقاء القبض على باقي العناصر بعد أسبوع من الاشتباكات وتقديمهم للمحاكمة، كشف مصدر للهدهد الدولية أن جند أسد بن الفرات هم في الحقيقة ميليشيات علي السرياطي كشفهم الأمن التونسي بمساعدة سكان سليمان عندما كانوا يتدربون.
لكن السرياطي أقنع بن علي أنهم أعضاء جماعة "سلفية إرهابية" تسللوا للبلاد عبر الحدود مع الجزائر.
وقد أفادنا شاهد عيان بمنطقة الكبارية الحي الشعبي الأكثر كثافة سكانية بالعاصمة تونس، أن شباب الحي ألقوا القبض على ثلاثة من هدا النوع البشري بعد أن أطلقوا الرصاص وقتلوا شابا وأصابوا آخر في كتفه، وقد ضربوهم حتى الموت وهم تحت التعذيب كانوا يرددون "يحيا بن علي" ويقول شاهد العيان لقد اقتربت من أحدهم وقلت له : "انطق الشهادة أنت ستموت، رد علي : أمي ليلى وبابا الزين تفوه عليك ثم مات بعد خمس دقائق".

ويؤكد مصدر آخر أن الرصاص الذي يسمعه التونسيون في الليل والنهار بعد خلع بن علي فمأتاه من ميليشيات السرياطي المشردين في الشوارع اليتامى"ثانيا" بعد هروب ليلى وبن علي و"ثالثا" بعد اعتقال السرياطي وعددهم يفوق الثلاثة آلاف والجيش لم يتمكن حتى الآن إلا من 500 نفر.
طمع ليلى أوقعها في شر أعمالها
ليلى أحضرت من المغرب سحرة ومشعوذين أشداء للقصر بمساعدة شقيقها بلحسن الطرابلسي لتلهية بن علي وتنويمه نهائيا وجعل الحكم آخر اهتماماته، كما كانت فنانة في حبك الأكاذيب والمقالب والتقارير، وأشياء جمة أخرى ذات صلة دموية بالشر، ومع اندلاع أزمة الاحتجاجات في سيدي بوزيد وانتقالها الى تونس لم تكن ليلى تسمح بدخول أي أحد لمقابلة بن علي إلا بعد أن تعلم هي بكل حيثيات الزيارة، لكنها أوكلت له مهمة ملاعبة ومداعبة ابنهما محمد عزيز، وفي داخلها طموحات لا حدود لها للحفاظ على السلطة داخل عائلتها، لكنها أجبرت على الرحيل تحت تهديد رجل غدر بها لأجل السلطة.
الأكيد في تونس: رئيس مخلوع حطت طائرته التائهة في بقعة ما من بلاد العرب، والشعب الكريم بصق ويبصق على الوجوه ويزيح الصور المهترئة. والثورة السمراء بشعاعها الخمري باسمة نائحة تذرف الياسمين على الأرصفة، فهل لسكان العمائم مكان في شوارع الياسمين، وهل للبدلة خضراء مكان في قلوب التونسيين، وهل لهتافات الشعب مستمعين...




صوفية الهمامي
الاحد 23 يناير 2011