تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري

سورية بين ثلاث مدارس للحكم والسياسة

13/10/2025 - ياسين الحاج صالح

اوروبا تستعد للحرب

13/10/2025 - د. إبراهيم حمامي

من الفزعة إلى الدولة

13/10/2025 - حسان الأسود

انتخاب أم اصطفاء في سورية؟

13/10/2025 - احمد طعمة

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي


تاريخ الثورة ومسؤولية الأدباء





لم تكن الثورة السورية حدثا عابرا في التاريخ السوري المعاصر. فهذه الثورة التي استمرت طوال 14 عاماً، دفع السوريون خلالها فاتورة باهظة من دم وأرواح أبنائهم، وعمران بيوتهم، وتشرد جيل كامل في المنافي، شكلت منعطفا حاداً وأساسياً من منعطفات تاريخهم... ومهما كانت اخطاؤها وعثراتها ومآلاتها، فقد تكللت بانتصار إرادة التغيير، والخلاص من حكم طائفي وعائلي جثم على صدورهم أكثر من نصف قرن.


 
ومن هنا فكتابة تاريخ هذه الثورة وتدوين أحداثها، وحفظ أسماء شهدائها الحقيقيين، تبدو مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للذاكرة السورية، ولاستخلاص العبر والدروس من إخفاقاتها ونجاحاتها، ومما تركته من آثار وندوب وما طهرته من آلام وذنوب... لكن السؤال الملح الذي يفرض نفسه: ما دور الأدباء في كتابة تاريخ هذه الثورة العظيمة؟ أو هل يمكن أن يكون لهم دور بالأساس في كتابة تاريخها؟!
التاريخ علم له قواعد وأصول، وهو في الوقت نفسه واحد من العلوم الإنسانية المفتوحة الأفق، التي تبدل طرائقها وأساليبها من عصر إلى آخر، فتضيف عليها وتحسنها... وخصوصا إزاء الاستفادة من ثورة وسائل الاتصالات والتقنيات الحديثة في إيصال المعلومة وتوثيقها... أما الأدب فهو حالة مختلفة تماماً، يعالج قضايا الواقع لكنه يستخدم الخيال والموهبة الأدبية في التعبير عن الحدث ومعالجة الشخصيات والغوص في أبعادها وأعماقها، وظروف نشأتها ومساراتها، ليصنع منها شخصية من لحم ودم تنبض على الورق، وليس في دروب الواقع الذي أبدعته أو عاشته وحسب.
ويعترض المؤرخون على عمل الأدباء في مجال التاريخ، لأنهم يرون أن لكتابة التاريخ أدوات ووسائل مختلفة في الوصول إلى الحقيقة، وتثبيت الواقع التاريخية... وأنهم قد يشوهون التاريخ وينالون من صدقية وقائعه، وأذكر أن وزارة الثقافة السورية عام 2008، سحبت من الأسواق كتابا تاريخياً عن فتح دمشق حققه أديب سوري مرموق، بسبب اعتراض المؤرخين حينها على ما أسموه "غياب الدقة العلمية في الكتاب". ورغم ذلك فإنني أرى أن للأدباء دوراً مهماً في كتابة تاريخ الثورة، إن لم يكن أساسيا في توثيق الوقائع، فهو موازياً في ترسيخها في الوجدان، وفهم دلالاتها وتحليل مآلاتها.
لا أنسى من بين أوائل الكتب التي قرأتها في حياتي، كتاب (رجال من التاريخ) للشيخ علي الطنطاوي، الذي أشعل شغفي المبكر بالتاريخ والأدب معاً، فقد روى هذا الكتاب سيرا موثقة لرجال من التاريخ الإسلامي، بأسلوب قصصي أدبي، فيه من التأويل والاستقراء ما أغنى تلك الشخصيات ووقائع حياتها الحافلة، ولم تحل لغته الأدبية المشرقة والسلسة دون الالتزام بأساسيات التوثيق ومرجعياته، ولكن مع صياغتها بأسلوب فذ عمّق دلالاتها في وجدان القارئ.
نعم أرى للأدب دورا بل مسؤولية كبرى في كتابة تاريخ الثورة، وتوثيق محطاتها البارزة، وسير أعلامها وشهدائها... وسيحاسبهم التاريخ دون شك إن قصروا في ذلك.
 ---------
الاسبوع الادبي

محمد منصور
الجمعة 31 أكتوبر 2025