الشاعر الاسباني الاشهر فيديريكو جارثيا لوركا
وبعد اعتقال الشاعر بيومين اصدر رئيس الحرس المدني بالمدينة خوسيه بالديس جوثمان امرا بنقل الأديب مع مجموعة من رفاقه على متن سيارة بويك من طراز قديم الى بلدة بيثنار بالقرب من بلدة الفاكار، ليتم اعدامهم جميعا رميا بالرصاص.
وبدا على الجنود المخولين بتنفيذ المهمة الغيظ الشديد من المجموعة وخاصة الشاعر صاحب العمل الدي حظى بشهرة عالمية -"عرس الدم"-، فقاموا بالبصق على وجهه قبل ان يطلقوا عليه الرصاص ليردوه قتيلا في الحال، ثم القوا بجثته في واحدة من المقابر الجماعية الى جوار رفاقه.
في هذه الاثناء يقال ان الجندي الذي قام باغتياله ويدعى خوان لويس تريسكاسترو تباهي بسرد الواقعة امام مجموعة من الاشخاص في بار "باساخي" بمدينة غرناطة فقال: " قتلنا الشاعر فيديريكو جارثيا لوركا منذ قليل. أتعرفون ..وجهت رصاصتين الى مؤخرة هذا الشاذ الحقير".
ويعد لوركا من اهم الشعراء الاسبان على الاطلاق، كما انه ينتمي الى الجيل الادبي الاسباني الذي عرف بـ جيل الـ 27 ، وضم باقة متنوعة من الاصوات الشعرية الخالدة، وقتل في شرخ شبابه ومجده الادبي، فلم يتجاوز عمره حينئد 38 عاما، وقد رثاه زميله الشاعر أنطونيو ماتشادو بالابيات التالية:
كانوا قد رأوه
يسير بين البنادق
خرج من شارع طويل
خرج الى الحقل البارد
كانت النجوم تلمع في السماء
مع ان الوقت كان فجرا
قتلوا فيديريكو
ولم يكد ضوء الصباح يبزغ
شرذمة الجلادين
لم تقدر على النظر الى وجهه.
اغلق جميعهم اعينهم
وصلوا: حتي الرب .. لن يتمكن من انقاذك
ميتا سقط فيديريكو
دماء على جبهته ورصاص في احشائه.
اتعرفون .. كانت الجريمة في غرناطة
مسكينة يا غرناطة
فيك يا غرناطة.
واعدم الشاعر لكونه "جمهوريا"، ولانه "شاعر الشعب"، فضلا عن انه مثلي الميول الجنسية، وكانت آنذاك تهمة خطيرة، واعتادوا القول بان "أبياته كانت اكثر خطرا من سلاح قاتل"، وكان ان نجح هؤلاء وانتهى الامر بانتصار الفاشيين ليمتد حكم الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو من عام 1939 الى 1975 ، وكان لوركا قد اسس عام 1931 جمعية المثقفين المناهضين للفاشية مع صديقه الشاعر المتألق رافائيل البرتي (1902-1999).
وبمرور 73 عاما على مقتل شاعر غرناطة لا زالت القضية تثير الجدل، فما زال فتح المقبرة الجماعية المفترض انه مدفون بها يؤجج الرأي العام، كما انها نظرت امام القضاء وتلى ذلك العديد من الاجراءات الادارية، نظرا لأن العديد من اقارب الضحايا المدفونين الى جوار لوركا في المقبرة الجماعية طلبوا استخراج رفات ذويهم بداية من شهر تشرين أول /اكتوبر الماضي، بالرغم من المعارضة التي اظهرها اقارب لوركا الراغبين في ان يرقد رفاته في سلام.
وإلى الان لم يعثر فريق الخبراء المختصين على اية بقايا أدمية في المقبرة الجماعية، واشارت مصادر من حكومة الاندلس الاقليمية لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) ان عمليات الحفر والتنقيب تتم "ببطء شديد".
وتجري العمليات في اجواء تحيطها السرية والكتمان بعيدا عن أعين المتطفلين، وتم إحاطة الموقع بسور قطره مئتي متر مربع في المكان الذي عثر فيه على ست مقابر جماعية، سيجري التنقيب في اربع منها في المرحلة الاولي. وتعرف المنطقة باسم "فوينتي جراندي" وقد تحولت اليوم إلى متنزه كبير نصب فيه حجر تذكاري تخليدا للشاعر الاسباني وبقية الضحايا كتب عليه " تخليدا لذكرى فيديريكو جارثيا لوركا وجميع ضحايا الحرب الاهلية الاسبانية".
ومن المعروف انه تم دفن جثمان المعلم الغرناطي الجمهوري ديوسكورو جاليندو الى جوار جثمان لوركا، فضلا عن اثنين من مساعدي مصارعي الثيران وهما فرانسيسكو جالادي وخواكين اركوياس. وتردد مؤخرا احتمالية ان يكون مدفونا الى جوار الشاعر مفتش البلدية فيرمين رولدان، واحد مواطني مدينة غرناطة العاملين في مجال الترميم ميجيل كوبو بيلتشيس الذي قتل عام 1937 .
ويبقي التساؤل الاكبر.. هل ترقد في هذه المقبرة رفات لوركا بالفعل أم ان الامر عاري من الصحة؟ ويعارض ورثة لوركا، وهم ستة من أبناء اخواته نقل الرفات من مكانها، إلا أن العائلة تحتفظ بحقها في اجراء اختبار الحامض النووي في حالة استلزم الامر ذلك.
واختلف موقف الاسرة عما كان عليه لسنوات طويلة حين اعلنت منذ أكثر من عام، لاورا جارثيا لوركا – حفيدة شقيق الشاعر- قبول عائلتها لفكرة استخراج الرفات من المقبرة. واعلن في ذاك الحين القاضي الاسباني بالتاسار جارسون قرار استخراج الرفات في اطار التحقيقات في جرائم الحقبة الدكتاتورية الفرنكوية.
وتبرر عائلة لوركا موقفها برفضها لان يتم تمييز شخص الشاعر على حساب الضحايا الاخرين الذين لا يقلون اهمية من وجهة نظرهم، باعتبار أنه من المتوقع انه يرقد في هذه البقعة التي تضم المقابر الجماعية مئات من جثامين الضحايا مجهولي الهوية، مشيرين إلى أن غايتهم " الدفاع عن كرامة وذكرى عمنا".
ويأمل ذوو لوركا في أن يتم الاعلان عن المنطقة بصفتها مقبرة بشكل رسمي حتى تبقى رفات لوركا في مكانها بلا مساس. في سياق متصل يشكك اخرون في أن مخاوف الاسرة الحقيقية تتمثل في خوف اقارب الشاعر من فتح المقبرة وعدم العثور على رفات لوركا بها ، وهو ما تردد كثيرا في الاونة الاخيرة.
ومن الاقاويل التي تتردد ايضا أن اسرة الشاعر تسلمت جثته فور مقتله وقامت بدفنها بمنطقة "ويرتا دي سان بيثنتي"، في نفس الموضع الذي يوجد بها في الوقت الحالي دار ومتحف الشاعر الكبير. فيما يشيع البعض ان لوركا لم يقتل اعداما بالرصاص وتوفي عام 1954 بعد ان فقد القدرة على النطق.
وتؤكد لاورا لوركا ان جميع المزاعم السابقة لا اساس لها من الصحة، مشير ة إلى أن المبالغات وصلت مداها حين اشاع البعض انها تحتفظ بجثة لوركا في خزانة بمنزلها الصيفي.
من جانب آخر يؤكد الخبراء أن عملية التعرف على رفات لوركا سوف تكون غاية في السهولة نظرا لان جمجمة الشاعر كانت كبيرة الحجم بشكل مميز، أي اكبر من الحجم المعتاد. ونفس الحال مع جاليندو المدفون إلى جواره الذي بترت ساقه، مع العلم ان عائلة الاخير لا زالت ايضا تعارض عملية استخراج الرفات، إلا ان ذوي الضحايا الاخرين يؤيدون الإجراء.
ولن يتم الاعلان عن اية أنباء أو نتائج عن عمليات البحث والتنقيب إلا بموافقة اقارب الضحايا، وذلك بموجب الاتفاق الموقع مع حكومة اقليم الاندلس.
وتسبب عدم اليقين بشأن وجود رفات لوركا في المقبرة المشار اليها في حالة من الضيق للعديد من الخبراء، وايضا لجمعية "استعادة الذاكرة الوطنية" التي تعمل منذ سنوات على البحث عن رفات 120 الف ضحية من ضحايا الحرب الاهلية الاسبانية (1936-1939) الراقدة في العديد من المقابر الجماعية بعرض وطول البلاد.
وتعتبر هذه المؤسسة ان جارثيا لوركا رمزا جوهريا للقمع الذي وسم حقبة الدكتاتورية الفرنكوية، حتى أن رئيسها اميليو سيلفا يصر على أنه يستحق "جنازة رسمية"، وهو نفس ما ينادي به الكاتب مانويل بيثنتي الذي انتقد بقاء رفات لوركا في المقبرة الجماعية مثله " مثل الكلب" لافتا الى ضرورة دفنه في حدث مهيب لكي " تستعيد بلادنا ماء وجهها بعد الطريقة المهينة التي اغتيل بها لوركا".
ويشاطر الكاتب الايرلندي الاصل ايفان جبسون المتخصص في سيرة وأدي جارثيا لوركا رأي سيلفا، علما بأنه كرس عشرات السنين لدراسة حياته ونتاجه الادبي، وكان هو في 1971 أول من حدد موضع المقبرة المفترض أن رفات لوركا ترقد بها، بناء عما كشفه له مانويل كاستيا الذي عرف بـ "مانولو الشيوعي"، وهو الرجل الذي دفن جثمان لوركا يوم اغتياله في شهر اب/ اغسطس عام 1936 .
ويرى الباحث الايرلندي ضرورة استخراج رفات الشاعر من موضعها والتذكير بحادثة اغتياله على النحو المؤلم الذي نفذت به.
ويرى الباحث الايرلندي ان عائلة لوركا تعتقد انه السفير الثاني للبلاد بعد الكاتب العظيم ميجيل دي ثربانتس صاحب رائعة الادب الاسباني "الكيخوته"، ولكنه يشير الى ان " لوركا لا ينتمي الى عائلته وحسب، بل الى الانسانية بأسرها".
ويؤكد جبسون انهم يرغبون في معرفة ما اذا كان لوركا قد تعرض للتعذيب أم لا قبل وفاته، وهل "حطموا جمجمته أثناء قتله أم لا مثلما اشيع"، مؤكدا انهم سوف يبذلون قصارى جهدهم للكشف عن الحقيقة وابسطها "هل توجد رفات لوركا أم لا توجد في هذه المقبرة، وأن عدم الافصاح عن هذه التفاصيل سوف يكون غاية في القسوة".
وقد اراد جبسون زيارة المقبرة منذ أيام قليلة، وكان قد رأها اخر مر ة منذ 40 عاما. إلا أن القائمين على حراسة المكان منعوه، وهو ما جعله يشعر بمزيج من "التوتر والحزن ".
ومن جانب آخر فإن اليمين الاسباني يعارض بشدة فكرة فتح المقابر الجماعية التي خلفتها الحرب الاهلية الاسبانية لان من شانها ان تنكأ جراح مغلقة، ليس الا.
كما ان الكاتب الاسباني خوان مانويل دي برادا اشار مؤخرا إلى أن الزوبعة المثارة بشأن التنقيب في مقبرة لوركا الهدف منها ان يقف جبسون او اي "مهووس آخر لتلتقط له صورة الى جوار جمجمة الشاعر الاسباني" لافتا الى ان الامر كله ينطوي على "ايقاظ مشاعر الكراهية الدفينة وحسب".
وبدا على الجنود المخولين بتنفيذ المهمة الغيظ الشديد من المجموعة وخاصة الشاعر صاحب العمل الدي حظى بشهرة عالمية -"عرس الدم"-، فقاموا بالبصق على وجهه قبل ان يطلقوا عليه الرصاص ليردوه قتيلا في الحال، ثم القوا بجثته في واحدة من المقابر الجماعية الى جوار رفاقه.
في هذه الاثناء يقال ان الجندي الذي قام باغتياله ويدعى خوان لويس تريسكاسترو تباهي بسرد الواقعة امام مجموعة من الاشخاص في بار "باساخي" بمدينة غرناطة فقال: " قتلنا الشاعر فيديريكو جارثيا لوركا منذ قليل. أتعرفون ..وجهت رصاصتين الى مؤخرة هذا الشاذ الحقير".
ويعد لوركا من اهم الشعراء الاسبان على الاطلاق، كما انه ينتمي الى الجيل الادبي الاسباني الذي عرف بـ جيل الـ 27 ، وضم باقة متنوعة من الاصوات الشعرية الخالدة، وقتل في شرخ شبابه ومجده الادبي، فلم يتجاوز عمره حينئد 38 عاما، وقد رثاه زميله الشاعر أنطونيو ماتشادو بالابيات التالية:
كانوا قد رأوه
يسير بين البنادق
خرج من شارع طويل
خرج الى الحقل البارد
كانت النجوم تلمع في السماء
مع ان الوقت كان فجرا
قتلوا فيديريكو
ولم يكد ضوء الصباح يبزغ
شرذمة الجلادين
لم تقدر على النظر الى وجهه.
اغلق جميعهم اعينهم
وصلوا: حتي الرب .. لن يتمكن من انقاذك
ميتا سقط فيديريكو
دماء على جبهته ورصاص في احشائه.
اتعرفون .. كانت الجريمة في غرناطة
مسكينة يا غرناطة
فيك يا غرناطة.
واعدم الشاعر لكونه "جمهوريا"، ولانه "شاعر الشعب"، فضلا عن انه مثلي الميول الجنسية، وكانت آنذاك تهمة خطيرة، واعتادوا القول بان "أبياته كانت اكثر خطرا من سلاح قاتل"، وكان ان نجح هؤلاء وانتهى الامر بانتصار الفاشيين ليمتد حكم الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو من عام 1939 الى 1975 ، وكان لوركا قد اسس عام 1931 جمعية المثقفين المناهضين للفاشية مع صديقه الشاعر المتألق رافائيل البرتي (1902-1999).
وبمرور 73 عاما على مقتل شاعر غرناطة لا زالت القضية تثير الجدل، فما زال فتح المقبرة الجماعية المفترض انه مدفون بها يؤجج الرأي العام، كما انها نظرت امام القضاء وتلى ذلك العديد من الاجراءات الادارية، نظرا لأن العديد من اقارب الضحايا المدفونين الى جوار لوركا في المقبرة الجماعية طلبوا استخراج رفات ذويهم بداية من شهر تشرين أول /اكتوبر الماضي، بالرغم من المعارضة التي اظهرها اقارب لوركا الراغبين في ان يرقد رفاته في سلام.
وإلى الان لم يعثر فريق الخبراء المختصين على اية بقايا أدمية في المقبرة الجماعية، واشارت مصادر من حكومة الاندلس الاقليمية لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) ان عمليات الحفر والتنقيب تتم "ببطء شديد".
وتجري العمليات في اجواء تحيطها السرية والكتمان بعيدا عن أعين المتطفلين، وتم إحاطة الموقع بسور قطره مئتي متر مربع في المكان الذي عثر فيه على ست مقابر جماعية، سيجري التنقيب في اربع منها في المرحلة الاولي. وتعرف المنطقة باسم "فوينتي جراندي" وقد تحولت اليوم إلى متنزه كبير نصب فيه حجر تذكاري تخليدا للشاعر الاسباني وبقية الضحايا كتب عليه " تخليدا لذكرى فيديريكو جارثيا لوركا وجميع ضحايا الحرب الاهلية الاسبانية".
ومن المعروف انه تم دفن جثمان المعلم الغرناطي الجمهوري ديوسكورو جاليندو الى جوار جثمان لوركا، فضلا عن اثنين من مساعدي مصارعي الثيران وهما فرانسيسكو جالادي وخواكين اركوياس. وتردد مؤخرا احتمالية ان يكون مدفونا الى جوار الشاعر مفتش البلدية فيرمين رولدان، واحد مواطني مدينة غرناطة العاملين في مجال الترميم ميجيل كوبو بيلتشيس الذي قتل عام 1937 .
ويبقي التساؤل الاكبر.. هل ترقد في هذه المقبرة رفات لوركا بالفعل أم ان الامر عاري من الصحة؟ ويعارض ورثة لوركا، وهم ستة من أبناء اخواته نقل الرفات من مكانها، إلا أن العائلة تحتفظ بحقها في اجراء اختبار الحامض النووي في حالة استلزم الامر ذلك.
واختلف موقف الاسرة عما كان عليه لسنوات طويلة حين اعلنت منذ أكثر من عام، لاورا جارثيا لوركا – حفيدة شقيق الشاعر- قبول عائلتها لفكرة استخراج الرفات من المقبرة. واعلن في ذاك الحين القاضي الاسباني بالتاسار جارسون قرار استخراج الرفات في اطار التحقيقات في جرائم الحقبة الدكتاتورية الفرنكوية.
وتبرر عائلة لوركا موقفها برفضها لان يتم تمييز شخص الشاعر على حساب الضحايا الاخرين الذين لا يقلون اهمية من وجهة نظرهم، باعتبار أنه من المتوقع انه يرقد في هذه البقعة التي تضم المقابر الجماعية مئات من جثامين الضحايا مجهولي الهوية، مشيرين إلى أن غايتهم " الدفاع عن كرامة وذكرى عمنا".
ويأمل ذوو لوركا في أن يتم الاعلان عن المنطقة بصفتها مقبرة بشكل رسمي حتى تبقى رفات لوركا في مكانها بلا مساس. في سياق متصل يشكك اخرون في أن مخاوف الاسرة الحقيقية تتمثل في خوف اقارب الشاعر من فتح المقبرة وعدم العثور على رفات لوركا بها ، وهو ما تردد كثيرا في الاونة الاخيرة.
ومن الاقاويل التي تتردد ايضا أن اسرة الشاعر تسلمت جثته فور مقتله وقامت بدفنها بمنطقة "ويرتا دي سان بيثنتي"، في نفس الموضع الذي يوجد بها في الوقت الحالي دار ومتحف الشاعر الكبير. فيما يشيع البعض ان لوركا لم يقتل اعداما بالرصاص وتوفي عام 1954 بعد ان فقد القدرة على النطق.
وتؤكد لاورا لوركا ان جميع المزاعم السابقة لا اساس لها من الصحة، مشير ة إلى أن المبالغات وصلت مداها حين اشاع البعض انها تحتفظ بجثة لوركا في خزانة بمنزلها الصيفي.
من جانب آخر يؤكد الخبراء أن عملية التعرف على رفات لوركا سوف تكون غاية في السهولة نظرا لان جمجمة الشاعر كانت كبيرة الحجم بشكل مميز، أي اكبر من الحجم المعتاد. ونفس الحال مع جاليندو المدفون إلى جواره الذي بترت ساقه، مع العلم ان عائلة الاخير لا زالت ايضا تعارض عملية استخراج الرفات، إلا ان ذوي الضحايا الاخرين يؤيدون الإجراء.
ولن يتم الاعلان عن اية أنباء أو نتائج عن عمليات البحث والتنقيب إلا بموافقة اقارب الضحايا، وذلك بموجب الاتفاق الموقع مع حكومة اقليم الاندلس.
وتسبب عدم اليقين بشأن وجود رفات لوركا في المقبرة المشار اليها في حالة من الضيق للعديد من الخبراء، وايضا لجمعية "استعادة الذاكرة الوطنية" التي تعمل منذ سنوات على البحث عن رفات 120 الف ضحية من ضحايا الحرب الاهلية الاسبانية (1936-1939) الراقدة في العديد من المقابر الجماعية بعرض وطول البلاد.
وتعتبر هذه المؤسسة ان جارثيا لوركا رمزا جوهريا للقمع الذي وسم حقبة الدكتاتورية الفرنكوية، حتى أن رئيسها اميليو سيلفا يصر على أنه يستحق "جنازة رسمية"، وهو نفس ما ينادي به الكاتب مانويل بيثنتي الذي انتقد بقاء رفات لوركا في المقبرة الجماعية مثله " مثل الكلب" لافتا الى ضرورة دفنه في حدث مهيب لكي " تستعيد بلادنا ماء وجهها بعد الطريقة المهينة التي اغتيل بها لوركا".
ويشاطر الكاتب الايرلندي الاصل ايفان جبسون المتخصص في سيرة وأدي جارثيا لوركا رأي سيلفا، علما بأنه كرس عشرات السنين لدراسة حياته ونتاجه الادبي، وكان هو في 1971 أول من حدد موضع المقبرة المفترض أن رفات لوركا ترقد بها، بناء عما كشفه له مانويل كاستيا الذي عرف بـ "مانولو الشيوعي"، وهو الرجل الذي دفن جثمان لوركا يوم اغتياله في شهر اب/ اغسطس عام 1936 .
ويرى الباحث الايرلندي ضرورة استخراج رفات الشاعر من موضعها والتذكير بحادثة اغتياله على النحو المؤلم الذي نفذت به.
ويرى الباحث الايرلندي ان عائلة لوركا تعتقد انه السفير الثاني للبلاد بعد الكاتب العظيم ميجيل دي ثربانتس صاحب رائعة الادب الاسباني "الكيخوته"، ولكنه يشير الى ان " لوركا لا ينتمي الى عائلته وحسب، بل الى الانسانية بأسرها".
ويؤكد جبسون انهم يرغبون في معرفة ما اذا كان لوركا قد تعرض للتعذيب أم لا قبل وفاته، وهل "حطموا جمجمته أثناء قتله أم لا مثلما اشيع"، مؤكدا انهم سوف يبذلون قصارى جهدهم للكشف عن الحقيقة وابسطها "هل توجد رفات لوركا أم لا توجد في هذه المقبرة، وأن عدم الافصاح عن هذه التفاصيل سوف يكون غاية في القسوة".
وقد اراد جبسون زيارة المقبرة منذ أيام قليلة، وكان قد رأها اخر مر ة منذ 40 عاما. إلا أن القائمين على حراسة المكان منعوه، وهو ما جعله يشعر بمزيج من "التوتر والحزن ".
ومن جانب آخر فإن اليمين الاسباني يعارض بشدة فكرة فتح المقابر الجماعية التي خلفتها الحرب الاهلية الاسبانية لان من شانها ان تنكأ جراح مغلقة، ليس الا.
كما ان الكاتب الاسباني خوان مانويل دي برادا اشار مؤخرا إلى أن الزوبعة المثارة بشأن التنقيب في مقبرة لوركا الهدف منها ان يقف جبسون او اي "مهووس آخر لتلتقط له صورة الى جوار جمجمة الشاعر الاسباني" لافتا الى ان الامر كله ينطوي على "ايقاظ مشاعر الكراهية الدفينة وحسب".


الصفحات
سياسة








