ويتبنى مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي وافقت الحكومة العراقية عليه في شباط/ فبراير الماضي وأحالته الى البرلمان لمناقشته مبادىء المدرسة الفقهية الجعفرية لدى الشيعة التي أسسها الامام جعفر الصادق، سادس أئمة الشيعة.
ويتكون القانون من 254 مادة موزعة على خمسة أبواب وعدد من الفصول في أحكام الوصية والوصاية والزواج وتحديد سن الزواج بعمر 9 سنوات والطلاق والإرث والاحكام الختامية فيما ضم قانون الاحوال الشخصيةالنافذ من خمسينيات القرن الماضي 92 مادة قانونية.
ويستند قانون الاحوال الشخصية الذي صدر في العراق عام 1959 والمعمول به حاليا الى أحكام الشريعة الاسلامية، مستوحاة من فقه المذاهب الاسلامية دون تمييز والذي حدد سن الزواج بـ18 عاما بالنسبة للرجال والنساء وشهد القانون كثيرا من التعديلات خلال ستينيات وسبعينات وثمانينات القرن العشرين، لاضافة مباديء جديدة لانصاف المرأة.
وكان مجلس الحكم الانتقالي وهو اول كيان سياسي عراقي تشكل بعد الغزو الامريكي للعراق ربيع عام 2003 أصدر قرارا بإلغاء قانون الاحوال الشخصية واعادة العمل بالقضاء المذهبي لكن هذا القرار قوبل برفض شعبي ومظاهرات واسعة الامر الذي أدى إلى الغائه.
وقال وزير العدل العراقي حسن الشمري في كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي إن "القانون الجعفري جاء لرفع الحيف والظلم الذي وقع على المرأة طيلة العقود الماضية جراء القوانين الوضعية والتقاليد الاجتماعية المتخلفة".
وأضاف أن "قانون الأحوال الشخصية الجعفري أعطى امتيازات كبيرة للمرأة منها ما يتعلق بالزواج وتحديد سن البلوغ والميراث مما يرفع من مكانتها ويصون كرامتها ويعزز من موقعها الاجتماعي ويمكنها من ممارسة حريتها وفق الضوابط والأسس الشرعية".
وأوضح: "القانون الجعفري يعطي للمرأة حق الحصول على حقوقها وميراثها عند بلوغ التاسعة من عمرها".
وقال: "القانون الجعفري يعتبر المرأة هي الوريث الشرعي الوحيد لأبيها (اذا كانت الوحيدة له)عكس ما نص علية قانون الأحوال الشخصية الحالي والذي يعطيها نصف الميراث والنصف الاخر يذهب لأقارب ابيها كماان القانون الجعفري يعطي للمرأة حق تضمين عقد الزواج وبحسب ما تراه من شروط ملزمة للزوج".
من جانبه، قال فوزي الاتروشي وكيل وزارة الثقافة لوكالة الانباء الالمانية(د.ب.أ): " نحن في غنى عن هذا القانون بسبب ان قانون الاحوال الشخصية العراقي لسنة 1959 النافذ هو قانون متقدم على كثير من البلدان الاسلامية وهو قانون منصف ومعمق ويضم آراء المراجع الاربعة وهو جامع وعامل توازن للمذاهب ومبنى على حالة الموائمة بين الفقة الاسلامي".
وأضاف: "علينا الاعتراف بأن قانون الاحوال الشخصية العراقي كتب بلغة قانونية وفقهية ومذهبية رصينة وليست فضفاضه كما هو الحال في قانون الاحوال الجعفرية المطروح حاليا على البرلمان، فضلا عن أن هذا القانون لايمثل رأي جميع المراجع الشيعية، بل هو رأي مرجعية وزير العدل وهي مرجعية محدودة وليست كمرجعية الامام علي السيستاني التي تحفظت على القانون وهي تمثل طيفا واسعا من الشعب العراقي".
وذكر أن "قانون الاحوال الجعفري يتعارض مع التزامات العراق في الاتفاقيات والقوانين الدولية وخاصة منظمات حقوق الانسان والطفل واشكال العنف".
وقالت النائب في البرلمان العراقي عن كتلة الفضيلة سوزان السعد: "الأصوات النشاز التي تقف ضد القانون الجعفري تعيش عزلة عن الواقع وتحدياته كون القانون الجعفري هو ضرورة ملحة للمشاكل التي يعانيها أبناء المذهب الجعفري في العراق".
وأضافت: "أغلب الدول تعمد الى اعتماد قوانين متعددة في الأحوال الشخصية رعاية للتقاضي العادل لأبناء الشعب وفق المعتقدات والأديان والمذاهب ، وحتى في العراق فان أبناء الطائفة المسيحية يتقاضون في أحوالهم وفق القانون المسيحي للأحوال الشخصية ولم نشهد وجود نزعة دينية بين المسلمين والمسيحين بسبب هذا القانون".
وتابعت: "نريد من المعترضين على القانون أن يكونوا ايجابيين في اعتراضهم وان يقدموا اعتراضاتهم على شكل مقترحات تسهم في تنضيج القانون وتعجل باقراره".
وبحسب آراء العراقيين، سيشكل قانون الاحوال الجعفري عقبة امام تطلعات المرأة العراقية في عصر الديمقراطية في ممارسة حياتها بحرية في اختيار العمل والتحرك والسفر فضلا عن انه سيقتل براءة الاطفال لانه يسمح للبنات بالزواج بعمر 9 سنوات .
وخرجت مظاهرات في أرجاء العراق شاركت فيها ناشطات ومنظمات المجتع المدني العراقي رافضة لتشريع قانون الاحوال الجعفرية فيما انطلقت مسيرات مؤيدة لاقرار هذا القانون في عدد من المناطق الشيعية، كما انتشرت لافتات واعلانات في الشوارع ترفض واخرى تؤيد تشريع القانون.
وقالت المحامية اقبال الدايني: "أتعجب كيف يتحدث المسؤولون في العراق عن الديمقراطية والحضارة ومواكبة التطور العالمي والانضمام لمنظمات دولية لمكافحة أشكال العنف ونحن نعمل على تكريس حالات التخلف والتقييد على الحريات العامة والخاصة وأنا اتساءل هل سيوافق وزير العدل على تزويج ابنته وهي بعمر التاسعة ؟".
واضافت: "على وزارة العدل ان تعمل بكل جهد لحسم قضايا المعتقلين وانزال العقوبات بحق المدانين وحماية السجون من المسلحين وليس اصدار قوانين وتشكيل هيئات ومحاكم جديدة قد تثقل ميزانية البلاد".
وقال مهدي حسن /33عاما/وهو موظف: "هذا القانون جزء من أشكال الدعاية الانتخابية حيث تحرص كل جهة أن تتفنن في اختيار نمط دعايتها الانتخابية ووزير العدل العراقي يبدو أنه اختار غريزة الجنس لاستمالة الناخبين الى قائمته التي تتنافس في انتخابات البرلمان المقبلة ليقف بالند من المرشحين الاخرين الذين يدعون لاعادة افتتاح البارات والملاهي الليلية".
وأضاف: "هذه وسيلة رخيصة وتعكس مدى التخبط الذي تعيشه الحكومة في تقييد الحريات بدلا من مواكبة التطور والانطلاق نحو عالم متحضر استنادا الى احكام الشريعة الاسلامية التي تؤكد على سلامة الاسرة كونها النواة الأولى لبناء المجتمع".
وتقول سليمة محمد/50 عاما/،معلم، أن "من يؤمن بالحرية والديمقراطية، عليه قبول الآخر فيما يعتقد ويفكر ويشرع كل ما لا يلحق ضررا بالغير والقرار الفاصل يعود اولا وأخيرا لممثلي الشعب في البرلمان".
وأضافت: " لاضير في أن يتبنى اتباع المذهب الجعفري قانون الاحوال الشخصية الجعفري اذا كانت غالبيتهم معه وفي النهاية لكم دينكم ولي دين".
ومن المستبعد أن يتم مناقشة واقرار قانون الاحوال الجعفري في الدورة البرلمانية الحالية: التي تشارف على نهايتها خلال الاسابيع القليلة القادمة.