الكيان السوري: من العروبة إلى السلالة

ليس تاريخ الوطنية السورية مُعادلاً لتاريخ ظهور الكيان السوري، ولا من باب أولى لنصف القرن الأخير من الحكم العثماني و«النهضة العربية». أخذ الكيان السوري بالظهور مع نهاية الحرب العالمية الأولى، وكانت سورية وقتها تعني بلاد الشام أو سورية الكبرى التي كان البريطانيون والفرنسيون اتفقوا على تقسيمها، وقسموها بالفعل. احتلت فرنسا سورية بُعيدَ بدء ظهورها على مسرح التاريخ، وفرّقت البلد ثم جمعته غير مرة على أسس طائفية وجهوية. وفكر مقاومو الاحتلال الفرنسي في أنفسهم كعرب لا كسوريين، ليس لحداثة سن الكيان الذي وَجدوا أنفسهم فيه، ولكن كذلك لأن العروبة تُتيح تجاوز الانقسامات الدينية والمذهبية بين أهل البلد، فتُوحِّد ما كان الفرنسيون يعملون على تقسيمه، ثم لأن الصراع مع سياسات التتريك العثمانية ورفع راية العروبة في مواجهتها كان لا يزال حياً في الذاكرات وقتها. شكري القوتلي الذي سيصير أول رئيس لسورية المستقلة تعرَّضَ للاعتقال والتعذيب في أواخر الحكم العثماني.
سورية الحالية استقرت على صورتها الجغرافية الاستقلالية عام 1943. وكان وعي النخبة الاستقلالية عروبياً، وكانت مشاريع الهلال الخصيب أو الاتحاد الهاشمي في الجو، وهي انعكاس لسيولة جغرافيا المنطقة وقتها وهشاشة الحدود الفاصلة بين الدول الناشئة، فضلاً عن مطامع الأسر الحاكمة في العراق الأردن. وحين رفع شكري القوتلي علم دولة الاستقلال تعهد ألا يرتفع فوقه علم غير العلم العربي، يوماً. كانت العروبة السورية في ذلك الوقت مُحافِظة اجتماعياً ومتحفظة سياسياً، وأوضاع البلد غير مستقرة بفعل فتوة الكيان وتحديات إقليمية ودولية عاصفة: التجاذب الهاشمي (عراقي أردني) السعودي- المصري، والحرب الباردة والمشاريع الأميركية والغربية للدفاع عن الشرق الأوسط في وجه الاتحاد السوفييتي ومعسكره، وأخطر من كل ذلك ظهور الكيان الإسرائيلي عبر مجازر وعمليات تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني. في تلك السنوات، كان التصور العربي لسورية حياً ونشطاً، وليس مجرد بلاغة جوفاء كما سيصير لاحقاً.
ولأن سورية كانت بلداً بلا سوابق تُشكِّلُ تقليداً، مفتقرة إلى إجماعات وطنية ودون مؤسسات راسخة، فقد كانت الحيوية السياسية تفيض في كل اتجاه: انقلابات مُيسَّرة بأصابع دولية، اندراج في الاستقطابات الإقليمية، اغتيالات، وأخيراً هروب إلى الأمام من حل مشكلات البلد بالانحلال في الوحدة السورية المصرية، وتشكيل الجمهورية العربية المتحدة. هنا جرى إلغاء فوقي للحياة السياسية في البلد، أثار استياء أعداد متزايدة من السوريين، لكن الوحدة كانت ترجمة لقوة المشاعر العروبية بين قطاعات واسعة من عموم السوريين ونخبتهم. انحلت الوحدة بعد ثلاثة أعوام ونصف، وخرجت سورية منها دائخة وغير مستقرة من جديد. اسم «الجمهورية العربية السورية» اعتُمِد من قبل «الحكم الانفصالي»، وهو ينطوي على مزايدة في العروبة على مصر الناصرية، لكنها مُزايدة تضمر أن العروبة صفة يحسن التحلي بها أو انتحالها. الانقلاب البعثي الأول جاء بعد عام ونصف من «الانفصال»، ودخلنا عبره زمن عروبة ثورية، هائجة، تحجب بضوضائها ضعف الكيان وانقسامات النخبة الجديدة.
العروبة البعثية المطلقة (كلنا عرب دون تمايز بيننا، والفارق بيننا وبين غيرنا تمايز مطلق بالمقابل) كانت قوة انقسام عربية لأنها خطابة حربية، قائمة على المزايدة والاتهامات والتخوين، ويحفزها صراع على السلطة والشرعية بين الأجنحة البعثية وعلى المستوى العربي. لكنها في الداخل أدمجت بقدر غير مسبوق العلويين والاسماعيليين في الحياة العامة. كان الدروز أكثر اندماجاً من قبل، ومنذ الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش (ولم يؤثر قمع نظام أديب الشيشكلي للاحتجاجات الدرزية وقصفه للمدينة جدياً على ذلك؛ إسقاط حكم الشيشكلي باحتجاجات ثم تمرد عسكري بدأ في حلب سهَّلَ تجاوز الأمر). العروبة تُسهّل دمج المسيحيين، لكنها تستبعد الكُرد. أول حزب كردي سوري ظهر عام 1957.
انقلاب حافظ الأسد كان نقلة نوعية في الحياة السياسة السورية، وإن لم يظهر ذلك إلا بعد سنوات. استمر التصور العربي العروبي لسورية، المركزي والوحدوي، سائداً في الإعلام والثقافة والخطابات الرسمية، كما في الدستور ومناهج التعليم، ثم في المؤسسات (الجيش العربي السوري، التلفزيون العربي السوري، المواطن العربي السوري…)، وفي وسم البلد ذاته: القطر العربي السوري.
منذ وقت مبكر من حكم حافظ الأسد كان يجري تطييفُ الركائز العسكرية والأمنية للنظام. وبعد أقل من عقد شهدنا تفجراً عنيفاً لأزمة وطنية واجتماعية، سقط ضحيتها عشرات الألوف واعتقل وعُذِّبَ عشرات الألوف، وهذا وقت كان سكان سورية 9 ملايين نسمة. أسست هذه الجولة من العنف الطائفي ذي الملامح الإبادية لـ«سورية الأسد»، التعبير الذي أخذ يُستخدم قبل نهاية السبعينيات، كما أسست للتحول السلالي للحكم الأسدي عند بداية القرن الحالي. وبعد عقد من التوريث تفجرت أزمة وطنية واجتماعية جديدة، أشد حدة وعنفاً، انتهت بعد نحو 14 عاماً من صراع بالغ القسوة متعدد الأطراف بسقوط حكم السلالة الأسدية واستيلاء إسلاميي هيئة تحرير الشام على السلطة في البلد.

 الفصام السوري

هذا للقول إنه ليس صحيحاً أن للوطنية السورية تاريخاً هو تاريخ ظهور الكيان السوري. تاريخ سورية هو تاريخ استعمار أجنبي، ثم حكم استقلالي غير مستقر عروبي التوجه، قبل أن يصير حكم قوميين عرب، وينتهي إلى حكم السلالة الأسدية. سورية المستقلة هربت من نفسها إلى ما فوق الوطنية من عروبة وإلى ما دونها من سلالة، وتبدو اليوم مرشحة للهروب في الوقت نفسه إلى ما فوق الوطنية من إسلامية وما دونها من كيانات إثنية وطائفية أصغر. ولم يتطابق في أي وقت وجود الكيان مع إيديولوجية ودستور ومؤسسات تُشرِّعه وتثبته وتتجاوز انقسامات سكانه عبر هذه الإيديولوجية الجامعة.
الإيديولوجيات السورية، العروبية والإسلامية والشيوعية، لا توحد السوريين لأن الواقعة السورية كانت عارضة بالنسبة لها. و«القومية السورية» ذاتها تتكلم على سورية موهومة تشمل فيما تشمل شبه جزيرة سيناء وقبرص، فضلاً عن بلدان الشام الأربعة. هذه مفارقة تبدو اليوم غريبة أكثر وأكثر، لكنها حقيقية، وتتكثف بصورة خاصة في واقعة أن النُخَب القومية العربية كانت تُشرِّع حكمها عن طريق نفي شرعية الكيان الذي تحكمه، فحكمها شرعيٌ أكثر إن كان سورياً أقل، ما يرد البلد إلى ركيزة عارضة لحكم تلك النخب. وهذا تصور بقي حياً حتى ثمانينيات القرن العشرين. المرحوم جورج طرابيشي ألف مطلع الثمانينات كتاباً يأسف فيه على «تقومن» الدول العربية (الدولة القطرية والنظرية القومية، 1982). بعد الثمانينات صارت سورية معرضاً لصور حافظ الأسد وتماثيله واسمه. وحتى عام 2000 لا تجد كتاباً واحداً ألفه سوري أو سوريون يتكلم على سورية كلاماً نقدياً. ليس هذا خشية من الرقابة وخوفاً من نظام حافظ الأسد المخيف بالفعل فقط (معروف مصير الفرنسي ميشال سورا، مؤلف كتاب الدولة المتوحشة)، وإنما هو كذلك خشية من إضفاء الشرعية على الكيان السوري من قبل مثقفين كانوا عروبيين وقوميين عرباً بإخلاص، وإن انتقدوا جوانب مهمة من التفكير القومي العربي، وإن كان أغلبهم يساريو المنشأ. وفي مطالع هذا القرن، وقبل عام من رحيله اغتيالاً، سيلحظ الشهيد سمير قصير أن لبنان المستقل ليس وحده غير المُعترَف به في المناهج التعليم السورية (العربية السورية، بالأحرى)، مثلما يشتكي لبنانيون كثيرون، بل إن سورية ذاتها كانت غير مُعترَف بها (كتابه: ديمقراطية سوريا واستقلال لبنان، 2004).
كان هذا وضعاً فصامياً، طال أكثر مما هو معقول، فكأنما كانت أجسامنا تعيش في عالم ورؤوسنا في عالم آخر. وهو ما أعاق التراكم السياسي والفكري إلى أقصى حد. يَحولُ الفصام بين واقع البلد الذي نولد ونعيش ونموت فيه وبين الخطابات الشرعية عنه دون تطابق الوجود السياسي للسوريين مع وعيهم له، أي دون تطور وعي ذاتي سوري، فيحول بالتالي دون عقلنة الكيان والمجتمع والدولة. لن نُعقلن شيئاً لا نعترف بوجوده أو نعتبر وجوده شيئاً عابراً عارضاً لا يستحق الجهد. وكان ذلك الفصام مناسباً جداً للطغيان الأسدي لأنه وفَّرَ له هوامش مناورة واسعة في الداخل السوري وفي المجال العربي والشرق أوسطي. فمقابل حقوق السوريين تقف الحقوق العربية، ولحجب التلاعب الطائفي ترفع راية المواقف القومية، ومقابل انعدام الحريات في البلد يعلو صوت الصمود القومي. الوطنية السورية لم تكن موجودة لا كتعبير ولا كفكرة ولا كمشروع سياسي حتى مطلع هذا القرن. 

ظهور الوطنية السورية

استُخدمَ تعبير الوطنية السورية للمرة الأولى على الإطلاق في العام 2001، في محاضرة ألقاها برهان غليون في دمشق في «منتدى الحوار الوطني» الذي كان يُعقَد في منزل الصناعي الدمشقي رياض سيف في صحنايا. بعد أيام جرى حلُّ المنتدى واعتقل عدد من أعضاء مجلس إدارته، بمن فيهم سيف نفسه. وكانت موجة الاعتقالات هذه التي وقعت في أوائل أيلول 2001، وطالت كذلك رياض الترك وحبيب عيسى وآخرين، نهاية «ربيع دمشق».  
محاضرة غليون التي تستحق بالفعل أن تسمى تاريخية بسبب الأجواء التي قُدمت فيها، كما بسبب مضمونها، كانت تدعو إلى عقد وطني جديد، فهي تربط بين الوطنية السورية وتَصوُّر نظام سياسي سوري جديد. وتقديري أنه كان يُبطِّن المحاضرة التي كانت من أوجه استعادة الكلام والسياسة في سورية وقتها بعد عقدين من الصمت المفروض شيئان؛ أولاً التحول السلالي الذي جرى قبل عام، وإن لم يسمه غليون كذلك، والثاني تدهور التصور القومي العربي لسورية، الذي تَحوَّلَ في العقود السابقة إلى حكي معلق في الهواء. وما بدا أنه يردُّ على هذين الشيئين هو فكرة الديمقراطية التي كانت الفكرة/ الشعار/ القيمة الجامعة للأطياف السورية المعارضة وقتها. قضايا السلالية والطائفية وأزمة التصور القومي والديمقراطية أخذت تدخل النقاش بالتدريج في العقد الذي أعقب ربيع دمشق الموؤود. كان ربيع دمشق قد تمثَّلَ بخاصة في ظاهرة المنتديات التي كانت تَجمُّعات لعشرات أو مئات قليلة من الأشخاص في مساكن خاصة، يتكلمون فيها في الشؤون السياسية كلاماً نقدياً. وبذلك كانت المنتديات تنتهك مُحرَّمين سياسيين أسديين: التجمع الطوعي، والكلام في السياسة. وهي فوق ذلك فضاءات كان يلتقي فيها لأول مرة معتقلون سياسيون سابقون بمن لم يُعتقلوا من مواطنيهم المهتمين بالشؤون العامة، ومثقفون يعيشون خارج البلد ببعض مواطنيهم. كان غليون يعيش في فرنسا منذ نحو ثلاثة عقود أيام ربيع دمشق.
وإنما في ذلك العقد فقط بدأ الكتاب السوريون يتكلمون على سورية والمجتمع السوري والشؤون السورية، وليس على الدول العربية مثلما كان العُرف المستقر حتى ذلك الوقت. وهو ما يعني ظهور وعي ذاتي سوري لأول مرة، أو يعني اتجاه واقعِ الكيان ووعيه إلى التقارب. هذا بالمناسبة لم يكن حال مصر ولا لبنان ولا أي من البلدان العربية. يمكن القول بالتالي إن الوطنية السورية أخذت تتلامح في ربيع دمشق والسنوات اللاحقة، وارتبطت تكوينياً بفكرة الديمقراطية وبجهود سوريين متنوعين لامتلاك السياسة والكلام.
صحيح أنه ليس هناك تنظير حول الوطنية السورية، وليس هناك كتاب واحد بحدود ما أعلم يتناول الفكرة ويحاول بسط أوجهها والنظر في تاريخها وعلاقتها بالكيان السورية المعاصر، وهذا خلافاً للقومية العربية التي كتب في شأنها كثير، وخلافاً للإسلامية كذلك. لكن الفكرة حاضرة، باسمها أو بدونه، في معظم ما كتبه سوريون بصفتهم كذلك عن سورية خلال ربع القرن الأخير، وبخاصة بعد الثورة. لأول مرة أخذ سوريون كثيرون يعلمون على تمثيل بلدهم معرفياً، في سياق الصراع العنيف والمحبط غالباً من أجل التمثيل السياسي. 
والتجربة السياسية الأكبر للوطنية السورية هي الثورة التي كانت جهداً جمعياً هائلاً لإدارة عنق السياسة إلى الداخل الاجتماعي والسياسي الوطني، متوجهة بصورة حصرية ضد أنظمة الحكم القائمة، التي جمعت بين الإزمان والفساد وانعدام المسؤولية. وماذا كانت الثورة السورية؟ كانت نقلاً لربيع دمشق من المساكن الخاصة إلى الفضاءات العامة، ومن أطر نخبوية ضيقة إلى جمهور شعبي واسع، لكنها ظلت استمراراً لمحاولات امتلاك السياسة والكلام. ومثل الثورات العربية الأخرى لم تكُن الثورة السورية ثورة قومية عربية، وإن كانت في الوقت نفسه تؤشر على مجال عربي يتمثل الناس فيه التطلعات التحررية لبعضهم بيُسر لافت. كان «الربيع العربي» مسلسل ثورات اجتماعية سياسية من أجل تغيير النُظُم السياسية، ثورات جاءت على خلفية إفقار سياسي مديد وضعف القوى المنظمة، ما سهَّلَ من صعود الإسلاميين فيها كلها.
هناك نقاش طويل ممكن في هذا الشأن، لا لزوم لخوضه هنا. لكن صعود الإسلامية وهزيمة الثورة السورية كتطلُّع إلى وطنية سورية جامعة كانا وجهين متلازمين لواقع السنوات الطويلة بعد بدء الثورة. العدد الكبير من الشهداء والمغيبين واللاجئين واليائسين، ومن المجازر والبراميل والمسالخ البشرية، وتعدد القوى المحتلة في البلد والميليشيات التابعة لها، والانقسام الجغرافي الفعلي طوال سنوات، قوَّضَ سورية دولة ومجتمعاً، فلم يكد يبقى من ممثلين للوطنية السورية غير أفراد وشبكات متناثرة، معظمها في الشتات. غليون نفسه الذي تكلم على الوطنية السورية في مطلع القرن، خرج مريراً من تجربته السياسية في الثورة والحرب السورية (ينظر كتابه عطب الذات، وقائع ثورة لم تكتمل، 2019)، وكان آخر كتاب له قومياً عربياً وليس وطنياً سورياً (سؤال المصير، 2023). كان سقوط الحكم الأسدي حدثاً عظيماً، استحضر الروحية الجامعة للثورة في البدايات، لكنه حين سقط كانت سورية أقرب إلى ركام. حكم الإسلاميين الحالي يبني على هزيمة التجربة السياسية الأساسية للوطنية السورية: الثورة. 
والخلاصة أن الوطنية السورية ابنة القرن الحادي والعشرين، وأن نحو ربع قرن من عمر الفكرة عرف أكبر ثلاث ظواهر مشرفة في تاريخ البلد: ربيع دمشق، الثورة السورية، ثم سقوط الحكم الأسدي، وأنها تبقى مشروعاً للتحقق. وبتكوينها النقدي والثوري هي الأرضية الأوسع والأصلب للاعتراض على أسلمة الدولة والكيان الوطني اليوم، لأنها قائمة منذ البداية على الاستيعاب والتعدد والتعاقد، ولأنها ديمقراطية تكوينياً، ومن كتبوا في شأنها هم بالتحديد من يدعون ويناضلون من أجل الديمقراطية.

ضد فتشية الوحدة والوطنية العقارية

لأن الثورة استمرارٌ لربيع دمشق وانتفاضةٌ للوطنية السورية، فإنها هي ما يُستنَد إليها سلفاً اليوم لنقد الحكم الجديد في البلد. ليس هذا الحكم استمراراً للثورة (أحمد الشرع قال ذلك صراحة) ولا تجسيداً للوطنية السورية. وما يحدث اليوم بعد سقوط الحكم الأسدي ليس التحول من الفصام إلى اللافصام، أو إلى التطابق بين الكيان ووعيه ومؤسساته وقوانينه، بل التحول من شكل للفصام إلى شكل آخر، من شكل عربي إلى شكل إسلامي. هذا الفصام هو بالضبط ما يمكن تعريف مشروع الوطنية السورية بالسعي إلى تجاوزه، باتجاه ينفتح ويستوعب التعدُّدَ السوري الداخلي، ويندرج إيجابياً في المحيط وفي العالم. الوطنية السورية ليست قومية عربية مقلوبة (كلنا سوريون مثل بعضنا، ونختلف عن جميع غيرنا اختلافاً مطلقاً)، ليست قومية سورية، ولا هي تنويعة من سورية أولاً، بل هي الفكرة السياسية التي تتصور الدولة والسياسة في سورية مُتشكِّلَتين حول التعدد السوري، كما حول كون سورية جزءاً من متعدد أو متعددات أكبر منها المجال العربي والعالم.
وليس في تصور الوطنية السورية ما يتعارض مع حقوق أي جماعات أهلية، سواء غير عربية أو غير مسلمة أو غير سُنّية، بل إنها ليست موجهة أساساً ضد انفصال من يريد الانفصال. قد يبدو أن هذا تقدير مثير للجدل، لكن الوطنية السورية لا تقوم على فتشية الوحدة أو تراب الوطن وأرض الأجداد مثلما قامت القومية العربية، ولم تَعرِض قط شيئاً من الافتخار الترابي والعرقي. إنها تقوم على تصور تعددي استيعابي وتعاقدي لسورية، ليس ضد دعوات تقسيم وانفصال حصراً (لم تكن مطروحة تقريباً قبل أشهر قليلة)، بل ضد الحكم الاستبعادي الواحدي المتطرف أساساً. ميلاد الفكرة النضالي والنقدي يشهد لها. ليست الوطنية السورية أطروحة استبعادية عنيفة تقف مقابل أطروحات استبعادية عنيفة أخرى، بل هي فكرة جامعة وتطلُّعٌ إلى المساواة. وبهذه الصفة، ومثلما أن مجرد وجود كيان سوري، اسمه منذ 64 عاماً هو الجمهورية العربية السورية، لا يعني ولم يعن قط وطنية سورية تنضبط بها سياسات الحكم ودستوره، فإن الوطنية السورية لا تُطابِق كذلك الوحدة السورية. إنها مرةً أخرى تَصوُّر لسورية لا يستبعد أي قطاع من السكان، ويدعو إلى الديمقراطية، ويوجه الحياة السياسة نحو الداخل، ويقوم على التعاقد بين سوريين متساوين. وهو بعد ذلك تصور علماني جوهرياً، وإن لم يتحمس لصيغ من الخطاب العلماني، أو كان نقدياً حيالها. ومثلما ليس ثمة تَصوُّرٌ للوطنية السورية يقوم على أساس قومي عربي، فليس لها تصور يقوم على أساس إسلامي، لا الإسلاميين يدعون إليها، ولا فكرتها نشأت من أجل مكانة خاصة لهم. التصور المطابق للوطنية السورية يقوم على السوريين كأمة وعلى سورية كدولة مواطنة تجمع بينهم.
الكيان السوري هو بمثابة الحامل المادي، الجغرافي والبشري والمؤسسي للوطنية السورية، لا تقوم هذه من دونه، لكنه هو يقوم من دونها؛ وقد قام، وفكَّرَ بنفسه كـ«قطر عربي سوري»، قبل وبعد أن انقلب إلى قاعدة لحكم سلالي دونَ وطني. 
 نعترض على تقسيم سورية وانفصال أجزاء عنها، وكاتب هذه السطور شديد الاعتراض، ولكن ليس لأن تصور الوطنية السورية يقتضي ذلك مهما يَكُن الثمن. تقسيم سورية أقل سوءاً من حروب ومجازر وكراهيات لا تنتهي. ما يمكن تسميتها بالوطنية العقارية التي تتعامل مع البلد وأرضه كملكية عقارية تكون أحسن كلما كانت أكبر، ليست هي ما يجري الدفاع عنه هنا. أما إذا لم تكن الحروب والمجازر هي الثمن، فإن الاعتراض على التقسيم يصدر عن اعتبارات عملية تتصل بفرص السلم أساساً، ثم بفرص التنمية، فالترقي الفكري والسياسي في الكيانات الجديدة. جرت مناقشة هذه القضية قبلاً ، وهنا استعادة سريعة لها. ما عدا السويداء ليس هناك أقاليم قريبة من حد أدنى من التجانس، بحيث تصير كيانات جديدة لا تواجه المشكلات ذاتها التي تواجه سورية اليوم. لا الجزيرة ككل، ولا حتى محافظة الحسكة تشكل إقليما كردياً. ولا الساحل، دع عنك «إقليم وسط وغرب سورية»، يشكل إقليما علوياً. السويداء أقل تعدداً، وخاصة بعد تهجير البدو. لكن المشكلة هنا تأتي من اتجاه آخر: قلة موارد الإقليم وتَوضُّعه في جوار غير داعم، ما يقتضي رعاية خارجية مستمرة لها أثمانها. فلا السلم هنا مضمون ولا التنمية. فإذا تصورنا التقسيم مع ذلك، فيصعب تصوُّر سِلْم داخلي في الأقسام الناشئة لأن قطاعات من سكانها لا تتماهى بالكيانات الجديدة، ولا سلماً سورياً عاماً لأن التجربة تنشأ في إطار عدائي سلفاً، ولأن الصراع على الموارد والأرض والسكان سيكون حاضراً من البداية، ثم لتعارُض الولاءات الإقليمية والدولية لهذه الكيانات. وهو ما يُرجَّح أن يعني مجازر وعمليات تطهير ونقل سكان (ترانسفير) ونزعات توسُّع جغرافي، أي مزيج من أوسع أرض مع أقل اختلاط سكاني، ما يعني نَسْخَ النموذج الإسرائيلي. تُرى، إذا كانت هذه هي الحلول، فمم تشكو المشكلة؟ هل الموت أفضل فعلاً من الفصام؟
الموت انتحاراً. ذلك أن من شأن التقسيم أن يكون شكلاً آخر للانتحار السوري بعد الشكل القومي، الذي تمثَّلَ في الوحدة السورية المصرية. في جسد سورية استعدادٌ انتحاري، يدعو إلى تفكير جدي به. والأرجح أننا نكون في وضع أفضل لتجاوز أفكارنا الانتحارية إن عملنا على التعافي من فصامنا. 

الأسوأ وسياساته

تتطلع الجماعات إلى حياة كريمة في مَواطن استقرارها، مع احترام ما ارتضت لنفسها من عقائد وعوائد وأعراف. هذا فشلَ فيه حُكم إسلاميي الشرع فشلاً ذريعاً. لكن الوطنية السورية ليست فكرة لأحمد الشرع وجماعته، وإن كان للجماعة فكرة فهي ليست كذلك، بل ضده. الوطنية السورية تقود إلى الاعتراض عليهم لا إلى الولاء لهم ولأموييهم الموتورين. هؤلاء الأخيرين انفصاليو التكوين، اجتماعياً وسياسياً ونفسياً، وهم إن لم يسيطروا (والسيطرة شكل من الانفصال عن المسيطر عليهم)، فإن الانفصال الجغرافي خيارٌ لهم أيضاً. وإذا تهددت سيطرة الفريق الحالي جدياً، فلا يَبعدُ أن يرتضي بالسيادة على إقليم سوري خاص به؛ «كيان سني» جديد.
والواقع أن الشكل الذي أخذته السُنّية السورية بعد نهاية الأسدية لا ينبثق من هيولى سُنّية لا تاريخية مماثلة لذاتها دوماً، ولا حتى من السلفية الجهادية، بل من سنوات الصراع المُكلِف اليائس بعد الثورة والشكل الإبادي والإذلالي للأسدية في مواجهة البيئات السُنّية غير المدينية. السلفية الجهادية، أو بلغة سوسيولوجية أكثر، «الإسلامية البرّيّة»، تملك ميزة كبيرة على غيرها، تتمثل في وجود إجابة واضحة على سؤال: ما العمل في مواجهة بيئة شديدة القسوة، يسودها نظام عنيف، يريد التأبيد في الحكم باستخدام العنف، ويستنفر أعماقاً طائفية وحلفاء طائفيين لهذا الغرض؟ جواب الإسلاميين: نواجه العنيف بالعنف، ومزيج العنف والإسلامية هو الجهاد. لم تكن لدى غير الإسلاميين إجابة، والاعتراضات على عسكرة الثورة لم تستطع، ولم تحاول أصلاً، أن تكون جزءاً من استراتيجية ثورية لا عنفية. استنفدت نفسها في الاعتراض على الأسلمة والعسكرة، وهو اعتراضٌ يتعايش مع الحكم الإبادي الأسدي، إن لم يكن منحازاً إليه بالقلب في بعض الأحيان.   
 اختزال الأمر اليوم إلى السُنّية، والتعتيم على دور هياكل وعلاقات سلطة، سابقة وراهنة، تقوم على التمييز وتولي بقاءها أولوية عليا، لا يختلف في شيء عن تفسير الأسدية بـ«النصيريين» مثلما يفعل الطائفيون السُنّيون، وأصحاب أحد الاختزالين لا يختلفون في شيء عن أصحاب الاختزال الآخر.   
والحال أن السُنّية الحاكمة الحالية تشارك شريكاتها من قوى الأمر الواقع الحالية في شيء محدد: كان الجميع ما بين متحفظين ومعادين للثورة السورية، ومنذ البداية. السلفيون الجهاديون بحكم طائفيتهم وعنفهم المبدئييَن، قسد كانت أقرب إلى النظام من أي معارضين له حتى وقت سقوطه، والشيخ الهجري وما يمكن تسميته بتيار الكيانية الدرزية حتى آب 2023. هيئة تحرير الشام ابتعدت عن الجذر السلفي الجهادي، لكنها لم تقترب من الثورة وتَصوُّرِ الوطنية السورية الجامعة. أحمد الشرع نفي كونه امتداداً للربيع العربي كما للحركات الجهادية (هو في الواقع يَدين لتقاطعهما بكل شيء). إيديولوجيو التقسيم الصاعدين شركاء في خلطة التحفظ أو العداء للثورة السورية، وإن باستثناء ينبغي أن يُسجَّلَ للدروز منهم، ممن صدمتهم المجازر والانتهاكات الإجرامية ضد أهلهم ودون سبب. هنا تروما هائلة، لم يُعتذَر عنها ولم يُعمَل على جبر الأضرار، المعنوية والسياسية والأخلاقية قبل المادية. هذا لا يزال واجباً، وسيبقى كذلك ولو بعد سنوات من اليوم أو عقود. أما خارج الدائرة الدرزية، فالنفض المتعجل لليد من الوطنية السورية أقرب إلى استمرار للموقف السلبي أو المنسحب من الثورة السورية.
ليس الغرض من هذه الفقرات الأخيرة الرد على جدال فيه الكثير من الهوى والهوية فقط، وإنما أساساً الدفاع عن وجوب الطرح العلائقي والكلي للصراعات بالأمس واليوم. الدفاع عن تقسيم سورية يقوم على تقسيم زمني واجتماعي للصراع، تجزئة للذاكرات وزجِّها في وجه بعضها، والامتناع عمّا يفترض أنه الواجب البديهي للربط بين المشكلات الاجتماعية، والنظر إليها في إطار تحليل نُظُم السلطة والسيطرة وتغيراتها، فالعمل على تحويل البنية الكلية. تاريخ سورية لم يبدأ اليوم ولا منذ 9 أشهر، ولا من بداية الثورة، ولا حتى من بداية الحكم الأسدي. فإذا كان لنا أن نفهم مشكلات اليوم، فلا بد من النظر إليها في سياقات أطوال، وفي نطاقات اجتماعية أعرض، وعلى أرضية قيمية لا تُشرِّر وتنزع الإنسانية عن أي قطاع أهلي من السوريين. التحليل السياسي، وفي المركز منه علاقات السلطة ونمط ممارسته، وليس تحليلات هوياتية، هو ما يُتيح فهم مشكلات اليوم، وهو ما يؤسس لإدانة المجازر والانتهاكات، كما للمعالجات والحلول السياسية لصراعات اليوم. 
الغرض كذلك الاعتراض على سياسة الكارثة أو سياسة الأسوأ، حيث كلما كانت الأمور العامة أسوأ كان ذلك أحسنَ لدعاة هذه السياسة، لأنه يثبت أنهم على صواب. ليست هذه سياسة أنانية فقط، وإنما هي مضادة لمفهوم السياسة ذاته من حيث هي مسعى للأفضل.    
وفي حين أن الوطنية السورية ولدت ولادة نقدية وحوارية وفي أجواء من الأمل والإقبال على الحوار، تظهر الدعوات إلى تشييع الوطنية السورية ودفنها عدائية، مفعمة بالكراهية وقلة الاحترام، متلهفّة على إصدار أحكام ماهوية لا تاريخية بحق قطاعات من السوريين، مسكونة بروح القطيعة، كلماتها ومسالكها تقطع مثل السواطير روابطَ اجتماعية وشبكات تفاعل بشري سوي، وتقطع أصحابها بالذات عن تواريخهم. وهذا في عالم من شفاهة مكتوبة يميز وسائل التواصل الاجتماعي، يسوق أصحابَهُ سَوقاً نحو المزايدة على أنفسهم أكثر ممّا حتى على غيرهم. ما يقال اليوم لا يلبث أن يصير واقعاً صلباً يُبنى عليه غداً، وهكذا في انفصال متصاعد عن العالم الواقعي وتعقيداته وتفاصيله، وفي شغف بالإثارة والدراما. كما في منزع يقيني لا يأتيه شك في صوابه حتى ليبدو من لا يرى ما تراه مُصاباً في عقله (وهذا تعريف جيد للتعصب). لا يختلف هذا المَسلكُ في شيء عن مَسلكِ العدمية الجهادية المزايد، وقد تسبب بكوارث للمسلمين أكثر من غيره، وغالبا دون غيرهم، أو عن مَسلكِ البعثيين في عز مزايداته قُبيل وبُعيد كارثة 1967. الفارق أن الصراع الوجودي اليوم موجه ضد مركب شرير، يتواتر أن يوصف بأنه عربي وسني، وليس ضد إسرائيل.
وليس مُصادَفة أن فلسطين ليست موجودة في التفكير والنقاش كلياً. لا نقول ذلك إحراجاً أو مزايدة. نقوله لإبراز ضرب من محو الذاكرة ومحو جانب كبير من الواقع، عضوي الصلة بإرادة محو الوطنية السورية ذاتها وفصل نواتج التقسيم عن تاريخها ومحيطها، بل زجها في مواجهتهما. هذه المَسالك العدمية تذكر بمسالك الجهاديين، المفعمة مثلها بالكراهية، والمعادية جذرياً لقطاعات من السوريين، والمسكونة مثلها بروح القطيعة والتعصُّب.   

عقد مع سورية

قبل نهاية هذه المناقشة، لنفترض كتمرين ذهني أن الدعوات لتقسيم سورية انتصرت، وأننا حصلنا على أربع سوريات: السويداء وأريافها في الجنوب، و«إقليم وسط وغرب سوريا»، وقسد في الشمال الشرقي، وما تبقى من سورية، واطمأننا كذلك على أن إسرائيل ستُثابر على قصف «دولة ما تبقى» هذه (مثلما كان غسان سلامة قد وصفَ سورية بعد نشوء لبنان الكبير وإقامة أمارة شرقي الأردن ووصاية بريطانية على فلسطين قبل تسليمها للصهيونيين؛ كتابه الدولة والمجتمع في المشرق العربي). إن تحقق هذا النصر، فسنكون لسنوات طويلة في أقرب وضع لـ«حرب الجميع ضد الجميع»، الجميع في السوريات الفرعية الناشئة بأثر التماهي غير المتكافئ بهذه السوريات من قبل سكانها، كما جميع هذه السوريات مع «دولة ما تبقى» التي قد تكون بدورها في حالة احتراب أهلي بفعل تفاعل تَعدُّدها الداخلي مع شرط الحرب المحيط بها، والبلاء الإسرائيلي المقيم. حرب الجميع ضد الجميع هو الشرط الاجتماعي الذي تكلم عليه هوبس في اللفياثان ويشبه شرطنا اليوم، وأسَّسَ عليه فكرة العقد الاجتماعي. بتقسيم أو بدونه نحن هنا اليوم، ولا شيء يعلو مطلب عقد اجتماعي سوري، يُحوِّلُ سورية إلى وطن لجميع سكانها، على قدم المساواة فيما بينهم.
ليست إعادة هيكلة سورية تعاقدياً بالأمر الصعب جداً، بل هو أهون من بدائله، سواء الحكم الفئوي الحالي الذي يريد تركيز السلطة بأيد طائفية، وفي الوقت نفسه احتكار هذه السلطة للسلاح؛ أو تقسيم البلد على خطوط إثنية وطائفية. لعل السياسة الأصح اليوم العمل على بناء طيف واسع داعم لوطنية سورية ديمقراطية، والدفع نحو مؤتمر إعادة تأسيس وطني ومصالحة وطنية. هذه الدعوة متفوقة سياسياً وأخلاقياً على غيرها، وفي ظروف سورية المتقلبة بحدة قد تكتسب في أي وقت راهنية شديدة.    
المضمون الراهن للوطنية السورية يتمثل في الاعتراض على النظام القائم والتصور الإسلامي لسورية، وعلى كاريكاتيره الأموي الركيك، كما بالاعتراض على التقسيم الطائفي والإثني. لكنه لا يتعارض مع أشكال من التوزيع الجهوي الإثني للسلطة حيث أمكن وفقاً لقاعدة الضرر الأقل. الوطنية السورية تبقى فكرة تقدمية جديرة بالدفاع عنها، إذا استمر حكم الإسلاميين الحالي أم سقط، وإذا انفصلت أجزاء من سورية أم لم تنفصل. إنها لبُّ النضال الديمقراطي في البلد.
فإذا صح أن الوطنية السورية تتطلَّعُ إلى تجاوز الفصام بين الكيان ووعيه، تَعيَّنَ أن يُكتَبُ هذا التطلع في اسم البلد ذاته: الجمهورية السورية. وليس في ذلك ما يستبعد العرب، أو يقطع روابط العرب السوريين بغيرهم من العرب (أو الكُرد بغيرهم من الكُرد). بل إنه يحرر العرب السوريين قبل غيرهم من عبء نفسي وسياسي وأخلاقي لما يرتكب باسم «الجمهورية العربية السورية» من جرائم.
ويبقى أن عبارة الجمهورية لا تقل أهمية في تسمية سورية غير المنفصمة. المبدأ الجمهوري لا يتقابل فقط مع المبدأ المُلوكي السُّلالي، الأسدي أو غيره، ولا مع نزعات نخبوية تحديثية تفضل حكماً تسلطياً أو حتى إبادياً ما دام معادياً للإسلاميين، ولكنه كذلك ضد إسلامية طائفية، من صنف ما لدينا في الحكم اليوم (تنظر مقالتي: الفكرة الجمهورية والثورة السورية ، 2014).
الوطنيةُ السورية هي الوعدُ الذي يمكن أن يجمع السوريين والجمهوريةُ هي عنوانُها السياسي.
---------------
الجمهورية نت