مِن أفضل ما في الكُتب الروابط التي تصنعها. عند الكُتاب، الكُتب بمثابة أطفالنا، نُعاني كثيرًا جدًّا في مخاضها، ونمر بالكثير جدًّا من الترقب والألم والاضطراب والأمل والحُب، وما إن تَخرُج إلى العالم تُذهِلنا بالأماكن السحرية التي تأخذنا إليها والأناس الرائعين الذين تُقدمهم إلينا. عن طريق الكُتب ارتبطتُ بكم، وبالكويت، وبمكتبة تكوين الرائعة، وبهذه المؤسسة الثقافية العظيمة التي يُعد مبناها نفسه عملًا فنيًّا واحتفاءً بالخيال، بما يطيب لي أن أسميه «جمهورية الخيال».
هذا هو سحر الكُتب، التي تُقرأ أولًا وأخيرًا بدافع البهجة الحسية الخالصة المتمثلة في القراءة والاكتشاف، وفي المغامرات غير المتوقعة في بقاعٍ مجهولة، وفي إشباع فضولنا ومنحنا هدية التقمص العاطفي الفعلي. تبث فينا القراءة نوعًا فريدًا من السرور، ألا وهو أن نحتفظ بالخصوصية وفي الآن نفسه نكون جزءًا من تجربةٍ جماعية. من خلال الكُتب، يُمكنك دون أن تُغادِر غُرفتك أن تلتقي العديد من مختلِف الناس وترتبط بملايين من القراء الآخَرين لم تُقابِلهم قَط وقد لا تُقابِلهم أبدًا. لهذا السبب أدعو القراء بالغُرباء الحميمين. قد يكون بعضهم غريبًا عن بعض، لكنهم يشتركون جميعًا في الشغف نفسه بالقراءة واكتشاف الأماكن الجديدة والناس الجُدد. ما يربط الكُتاب بقرائهم هو حقيقة أنهم -وراء ما ندعوه بالواقع- يشتركون في ما يُعرفه ڤلاديمير نابوكوڤ بأنه «إحساس بأن يكون المرء مرتبطًا بشكلٍ ما في مكانٍ ما بأطوارٍ أخرى من الوجود يكون فيها الفن (الفضول، العطف، الرأفة، النشوة) هو الوضع الطبيعي». على غرار بلاد عجائب آليس، يُمكننا أن ندعو ما وصفَه نابوكوڤ «بشكلٍ ما في مكانٍ ما» بجمهورية الخيال، ذلك العالم الآخر الذي يمضي بالتوازي مع عالم الواقع. مفتاح هذا العالم هو الفضول، الرغبة الغامرة في المعرفة، الحافز المتعذر تعريفه على ترك العالم العادي، العالم الثابت الملموس الذي تُشعِرنا فيه بالأمان والطمأنينة أحكام العادة والتوقعات الجاهزة. لسنا نَكتُب ونقرأ لأننا نعرف بالفعل، وليس في سبيل أن نُرسخ عاداتنا وتوقعاتنا، وإنما لأننا نبحث عما لا نعرفه، عما هو -لدرجةٍ خطرة- جديد لا يُمكن التنبؤ به