نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


من هو دالاي لاما؟ وكيف يعمل مبدأ التناسخ في البوذية التبتية؟






أكد الزعيم الروحي للتبت، الدالاي لاما، الذي يُتمّ عامه التسعين اليوم الأحد، أنه سيكون له خلف بعد وفاته، مشيراً إلى أن "صندوق غادين فودراغ" الذي أسسه بنفسه، هو الجهة الوحيدة المخولة بالاعتراف بتناسخه القادم.جاء هذا الإعلان المنتظر في دارامشالا بشمال الهند، حيث يعيش الدالاي لاما في المنفى منذ خروجه من التبت هرباً من الحكم الصيني. ويأتي في ظل مخاوف من أن تحاول بكين فرض مرشح بديل.


الدالاي لاما في الهند، 14 آب/ أغسطس 2019 © ( من صفحته على فيسبوك)
الدالاي لاما في الهند، 14 آب/ أغسطس 2019 © ( من صفحته على فيسبوك)
 

وردّت الحكومة الصينية بأنها ترى أن التناسخ القادم للدالاي لاما يجب أن يُحدد داخل الصين، وبموافقة الحكومة المركزية.

يُذكر أن الصين الشيوعية ضمّت التبت عام 1951 وتعتبر الدالاي لاما انفصالياً يسعى لتقسيم البلاد.

من هو الدالاي لاما؟

يُنظر إلى الدالاي لاما بوصفه تجسيداً لِـ"أفالوكيتشيفارا" أو "شنريزيغ"، شفيع التبت، أو القديس الراعي للتبت.

وكما في الديانتين الهندوسية واليانية، يعتقد البوذيون أن الكائنات تولد من جديد بعد الموت. وفي التقاليد التبتية، يُعتقد أن من يبلغون درجات عليا من الصفاء الروحي يمكنهم اختيار زمان ومكان ولادتهم التالية.

وُلد الدالاي لاما الحالي في 6 يوليو/تموز 1935 لعائلة قروية فقيرة تعمل في الزراعة في شمال شرقي التبت، وتم التعرف عليه في سن الثانية بوصفه التناسخ الرابع عشر للدالاي لاما.

يقول الدكتور ثوبتن جينبا، الراهب السابق والمترجم الرسمي للدالاي لاما منذ عام 1985، والحاصل على أعلى مؤهل لاهوتي في البوذية التبتية:

"يؤمن التيبتيون بأن روح الدالاي لاما نفسها تتناسخ مراراً وتكراراً".

لكن الدكتور جينبا يضيف أن الدالاي لاما الحالي لا يأخذ هذا المفهوم حرفياً، مشيراً إلى أن "قداسته قال في مناسبات عدة إنه لا يعتقد بالضرورة أن الأربعة عشر تجسيداً هم نفس الشخص تماماً، لكن جميعهم ينتمون إلى سلالة روحية واحدة ذات ترابط خاص".

البوذية عمرها أكثر من 2500 عام، لكن منصب الدالاي لاما أكثر حداثة.

ويقول البروفيسور مارتن ميلز، مدير المركز الاسكتلندي لأبحاث الهيمالايا في جامعة أبردين، إن أول من عُرف لاحقاً بلقب "الدالاي لاما" كان الراهب غدون دروب، المولود عام 1391، لكن "فكرة المعلم البوذي المتناسخ الذي يرث طلاب وممتلكات سابقه تعود إلى ما لا يقل عن 300 عام قبل ذلك".

كيف يُختار الدالاي لاما؟

"عملية اختيار الدالاي لاما شديدة الصرامة والتعقيد"، بحسب الدكتور جينبا.

وقد تستغرق سنوات، كما حدث مع التناسخ الرابع عشر الذي تطلب أربع سنوات من البحث.

يبدأ كبار الرهبان بالبحث عن طفل وُلد في توقيت قريب من وفاة الدالاي لاما السابق، مسترشدين بعدد من العلامات. قد يتلقى أحد الرهبان رؤى في الحلم، كما يُعد اتجاه دخان محرقة الجنازة علامة على موقع التناسخ المحتمل.

وعندما يُعثر على الطفل، يُعرض عليه عدد من المتعلقات الشخصية للدالاي لاما السابق. فإذا اختارها بشكل صحيح، يُعدّ ذلك دليلاً قوياً على أنه التناسخ الجديد.

بعد التأكد، يُخضع الطفل لسنوات من التعليم الديني والدراسات اللاهوتية.

جدير بالذكر أن اثنين فقط من الدالاي لاما وُلدا خارج التبت: أحدهما في منغوليا والآخر في شمال شرقي الهند.

السيطرة الصينية

في عام 1950، أرسلت الصين آلاف الجنود لفرض سيطرتها على التبت. وبعد انتفاضة فاشلة عام 1959، فرّ الدالاي لاما وأسس حكومة منفى في الهند.

ورغم تنحيه عن رئاسة الحكومة في المنفى، لا يزال يُعد رمزاً للمقاومة ضد حكم بكين.

وقد صرّح سابقاً أنه قد يتناسخ خارج التبت، وهو موقف عملي في ظل السيطرة الصينية على الإقليم.

لكن الصين تصفه بأنه "منفي سياسي يمارس أنشطة انفصالية تحت غطاء ديني".

وفي عام 2007، أصدرت بكين لائحة تنظيمية بعنوان "إجراءات إدارة تناسخ الرهبان الأحياء في البوذية التبتية"، وُصفت بأنها محاولة للتحكم في اختيار الدالاي لاما المقبل.

وأعربت منظمات حقوقية عن قلقها من التدخل الصيني في الشؤون الدينية. وقالت مديرة قسم الصين في منظمة العفو الدولية، سارة بروكس، إن "على السلطات الصينية أن توقف فوراً تدخلها السياسي في الممارسات الدينية التبتية، وأن تتوقف عن استخدام مسألة الخلافة الدينية أداةً للسيطرة والإكراه".

الضغوط على التبت

يتعرض المواطنون في التبت لخطر السجن إذا تحدثوا إلى صحفيين أجانب أو عرضوا صوراً للدالاي لاما.

ومن خلال ناشط تبتي مقيم في الهند، تمكّنت بي بي سي من التواصل مع راهبين داخل التبت وأحد أتباع البوذية هناك.

أفاد الثلاثة بأن السلطات تتخذ تدابير لمنع أي احتفال بعيد ميلاد الدالاي لاما. وقال رجل من منطقة أمدو، طلب عدم الكشف عن اسمه: "عقدت قريتنا اجتماعين شتما فيهما الدالاي لاما ووجها تهديدات شديدة لأي شخص يخالف التعليمات".

وأضاف أنه لاحظ تزايد أعداد الشرطة والجنود الصينيين مع اقتراب ذكرى الميلاد.

وقال "شعرنا بوجود أمني مكثف حول الدير".

ويعتقد أن الرقابة الشديدة تسببت في بُعد بعض الشباب عن شخصية الدالاي لاما، مشيراً إلى أن "الكثير منهم لم يروه قط، بل يسمعون اسمه فقط عبر وثائق الدعاية الحكومية الصينية".

ورغم أن كثيراً من الأديرة تخضع للمراقبة المستمرة، فإن البعض لا يزال يرتدي الرداء الديني ويعيش حياة التدين.

"عدد أقل من الرهبان الجدد"

يقول تسيرينغ، وهو راهب يبلغ من العمر 46 عاماً من إقليم سيتشوان الصيني، تم تغيير اسمه لحمايته: "دخلتُ الرهبنة صغيراً بناءً على رغبة والديّ، عندما كنت في السابعة."

لكن القوانين الجديدة في الصين تمنع دخول الرهبنة قبل سن 18، مما أدى إلى تراجع كبير في عدد الرهبان.

"هذا العام، انضم فقط ثلاثة رهبان جدد إلى ديرنا، وعدد الأطفال القادمين من القرى المجاورة للدراسة والعبادة يتناقص باستمرار".

ويضيف أن الفوائد الاقتصادية التي جلبتها الصين جاءت على حساب الثقافة:

"في طفولتي، كنا نعاني من الجوع ونأكل طعاماً سيئاً في الدير... ثم تحسنت الحياة، وتطورت وسائل النقل والتعليم".

لكن "يبدو أن استخدام اللغة التبتية يتدهور يوماً بعد يوم".

ويؤكد راهب آخر من منطقة نغابا في أمدو أن "اللغة والكتابة التبتية بقيتا فقط بفضل الممارسة الدينية".

الدالاي لاما القادم

يصرّ الدالاي لاما الرابع عشر على ضرورة الحفاظ على هذه المؤسسة الروحية العريقة التي تعود إلى 600 عام.

ولمنع تدخل بكين، أوصى أتباعه برفض أي مرشح يتم تعيينه من قبل الحكومة الصينية.

يقول الدكتور جينبا: "قد يُظهر الناس احتراماً شكلياً خوفاً على حياتهم، لكنهم لن يعترفوا بالدالاي لاما الذي تعيّنه بكين".

ويضيف: "بإمكان الصين أن تفرض سيطرتها على الناس جسدياً، لكنها لن تكسب قلوبهم وعقولهم".

وتواصل بكين ترويج خطاب مفاده أنها حرّرت التبت من نظام ثيوقراطي متخلف، وسارت بها نحو الحداثة.

لكن أتباع الدالاي لاما يؤكّدون أنهم سيواصلون العمل من أجل الحفاظ على استقلال القيادة الروحية للبوذية التبتية بعيداً عن النفوذ الصيني.


سواميناثان ناتاراجان - خدمة بي بي سي العالمية
الاحد 6 يوليوز 2025