سليم وردة "الجالس في الوسط " رحل الاعمال ووزير الثقافة اللبناني الجديد
يوم الفلسفة العالمي الذي صادف وقوعه هذه السنة نهار الخميس الفائت في 19 تشرين الثاني 2009كان مناسبة لسماع اول مداخلة لوزير الثقافة اللبناني الجديد الذي بدأ بالاشارة الى ان "هذا الفكر بات جزءً من النظام الديمقراطي والحياة العامة" قال وزير الثقافة اللبناني سليم وردة متحدثاً عن الفكر النقدي، وذلك في اول نشاط يشارك فيه بعد تعيينه وزيراً للثقافة. واضاف ان هذا الفكر يمثل ضرورة لمواجهة منطق الانظمة الشمولية وادواتها الدعائية، معتبراً انه "يضع المواطن امام خيارات واعية ومواقف تستند على الفهم".
ثم تحدثت السيدة سلوى السنيورة بعاصيري، الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، مشيرةً ان اليوم العالمي للفلسفة يهدف الى "تعزيز مكانة العقل بإعتبار ان العقل هو المُدرِكة التي تميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وتهيئه لقبول المعارف والتفاعل معها، وتجعل منه مسؤولاً بحق عن أعماله". واعتبرت "ان الغاية من إعمال الفكر النقدي ليس إشاعة الشك لمجرّد الشك، أكان في الموروث او المعتقد أو البنى المعرفية والقيمية، بل هو للتحرر من هيمنة الرأي الشائع، والموقف السائد".
استذكرت مديرة الجلسة، التي حملت عنوان "محور الشك واليقين: مقاربة نظرية"، الدكتورة مارلين كنعان قول الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت بـ"ان اعظم خير يمكن حصوله في مجتمع او بلد ما هو ان يكون فيها فلاسفة نقّاد".
"هل هذا واجب لأن الآلهة أمرت به أم ان الآلهة أمرت به لأنه واجب؟". هذا هو السؤال السقراطي الأساسي في محاورة يوثيفرو Euthyphro، التي يبحث فيها سقراط عمّا هو واجب. سقراط كان الفيلسوف الذي اختار الدكتور وضاح نصر الارتكاز عليه في معالجته لأسئلة الشك واليقين في الفكر القديم.
انتقد الدكتور نصر تصوّرات اللبنانيين عن النقد معتبراً اننا "في لبنان اصبحنا بارعين في نقد الغير ولا نهتم بنقد الذات". واشار الى قاعدة ان "المقتنع لا يشعر بالحاجة الى تسويغ معتقداته وقناعاته المسبقة للآخرين". هذا هو مأزق الاقتناع، وهو "حالة نفسية تنتج عن زوال التفكير باحتمال الخطأ". هذه الاستطرادات حثت بعض الحاضرين الى التذمّر ودعوته الى ولوج صلب الموضوع.
في الفلسفة السابقة مباشرةً لسقراط تمّ التخلي عن الميثولوجيا والتركيز على فهم الطبيعة من داخل الطبيعة دون اللجوء الى قوى خارج الطبيعة (الآلهة والأساطير...). وحاول ديمقريطس تفسير كل الظواهر بفرضية بسيطة: لا وجود إلا للذات والفراغ. فيما رأى بروتاغوراس ان المعرفة الموضوعية حلم مستحيل.
اهتم سقراط بالإنسان، ووثق بقدرة العقل على البحث عن الحقيقة والوصول اليها، مصرّاً على اخضاع كل مقولة للتحليل والنقد قبل قبولها. اما أهمية سقراط الرمزية فهي تنبع من شجاعته وحكمته وعمق حرّيته، ما جعل منه رمزاً للفضائل التي على المواطن ان يمتاز بها في مجتمع يصبو الى ان يكون ديمقراطياً.
كتاب الامام الغزالي "المنقذ من الضلال" كان اختيار الدكتورة والمتصوّفة سعاد الحكيم للتطرق الى بحث اسئلة الشك واليقين "في الفكر العربي والاسلامي". فبرأيها "قليلة هي الكتب التي تسمح للقارئ بالتعرّف على الحالة العقلية للمؤلف"، وهذه هي ميزة هذا الكتاب الذي يقودنا الى ان "نرافق المؤلف خلال تفتيشه عن الحقائق".
عايش الغزالي تباين الفرق الدينية الاسلامية وزعْم كلّ منها انها "الفرقة الناجية". بدأ النقد بنقد نفسه. طرح الثقة بالمحسوسات وقال ان حاكم العقل يبطل حاكم الحسّ. وتساءل عمّا إذا كان وراء العقل حاكم آخر يكذّب العقل في حكمه كما كذّب العقل الحسّ. وهنا صعب عليه ايجاد الدليل، واصابه "داء العقل" لمدّة شهرين، ولم تعد اليه صحته الا "بنور قذفه الله في الصدر"، كما يقول.
شكَّ الغزالي بالفكر الديني وأخضع للنقد كل المقولات الإسلامية، دون ان يشكّ بالإسلام نفسه. سمّى الفلسفة علماً. امضى ثلاث سنوات في تحصيلها. المهم في فكر الغزالي هو قراءته النقدية للعلوم الفلسفية. "لم يرفض كلّ الفلسفة فهو دعاها علماً، وإنّما قام بعملية نقدية تميّز الحقّ من الباطل بمرجعيّة الإسلام".
نبّه الى انه هناك مذاهب عدّة للمعتقد الواحد، ولا يلزم عن الاختلاف في المذهب التكفير. "قال بتعددية الآراء في المعتقد الواحد، لأن كل الآراء ليست نصاً قرآنياً او نبوياً". لم يشكّ بالنص الديني، ولكنّه "شكّ بكل نص عن النصّ الديني". لقد ازاح الفكر الاسلامي النظري من بين الانسان والنص الاساسي الذي هو القرآن. "ازاح كلّ الوسائط بين الإنسان والنصّ"، فألّف كتابه "إحياء علوم الدين" الذي اعطى فيه منهجيّة وترك الساءل ليتوصّل الى الحقّ بنفسه. "اعطاهم السنّارة لا نتاج صيده الشخصي".
ما طرحه الفكر المعاصر في مسألة الشك واليقين كان موضوع محاضرة الدكتور يوسف معلوف. يلاحظ معلوف ان الفكر النقدي بلغ اوجه في اوروبا في عصر الانوار، وقد اسهم هذا التطوّر في صقل روح اوروبية قائمة على الحرية والفردانية.
بدأت ملامح ممارسة النقد الجريء خلال عصر النهضة. وقد دفعت شجاعة بعض رجال الدين بهم الى دفع الثمن. فالراهب جيوردانو برونو حرق حيّاً عام 1600 لأنه دافع عن صوابية كوبرنيكوس، دون ان يتراجع كما فعل غاليلي. والراهب كومبانيلا انتقد سلطة ارسطو الذي تبنته الكنيسة فحكم عليه بالإعدام.
كان ايراسموس اول المفكرين الذين اخضعوا النص الديني للنقد، وقد انتقد نفاق رجال السياسة والدين. وانتهج مونتاني المنهج النقدي. اما مارتن لوثر كينغ، فقد حمل على تفسير الكتاب المقدّس منتقداً قمع الكنيسة كل مخالف للكاثوليكية. كما وصف جامعة السوربون بـ"أمّ الضلال"، فهذا الصرح كان من حماة العقيدة الكاثوليكية.
طبع فرانسيس بايكون الفكر البريطاني بطابعه، هذا الفكر الذي بلغ ذروته مع دافيد هيوم. طالب بايكون في كتابه "الأورغانون الجديد" بالتخلي عن المعتقدات السابقة في سبيل التجربة والحقيقة.
افتتح رينيه ديكارت عصر التنوير. معه صار العقل مصدر كلّ اشكال المعرفة، واخذت الفلسفة طابعاً نقدياً شاملاً. دعا في كتابه "مقال في المنهج" الى طرح "الشكّ المنهجي" وعدم قبول ايّ امر دون تفحّص.
اعمل سبينوزا النقد في الكتب المقدّسة، و"نزع الاسطرة عن النص". يعتبر كتابه "مقالة في اللاهوت والسياسة" من اهم ما قيل في حرّية التعبير، وكان رفضه كل ما لا يركن الى عقل الإنسان اصل النزاع بين العقلانية والسياسة والدين. ثم جاء ديدرو الذي اعتبر ان الخرافة اكثر خطراً على الله من الإلحاد، وفولتير الذي طاف في اوروبا ناشراً فكرة الحرّية، وروسو الذي جعل الحرّية اقدس ما يحصل عليه الإنسان.
في بريطانيا كان جون لوك اوّل مفكّر حديث. قال: "لا تتبعوا السلطات بطريقة عمياء، لا تخضعوا للعادات والتقليد دون تفكير".
اخضع كانط، الذي قال عنه شوبنهاور انه مدهش، المعرفة لـ"امتحان عسير". حدد النضج الانساني في كتابه "ما عصر الأنوار؟" بأنه خروج الإنسان من حالة القصور. والقصور هو عدم قدرة الإنسان على استخدام العقل دون مساعدة الآخرين. وضع هيغل في فلسفته الاحتوائية للأفكار حدّاً لكل من يظن نفسه خارج دائرة النقد. ودعا فيورباخ الى وعي الانسان تغرّبه وتخلّصه من الأوهام التي القاها على الله. اما خلفية ماركس النقدية للتعسّف والظلم، فهي لا تزال قائمة.
اعتُبر نيتشه ثائراً على الدين والسياسة. لم تحفظ الذاكرة الشعبية من فكره إلا إعلانه "موت الله". قال في كتابه "هكذا تكلم زرادشت": "ليست الدولة إلا ابرز مسخ بين المسوخ الباردة. تقول: انا الشعب". دعا الى تحرير الانسان وتخليصه من ذهنية القطيع. تطوُّر الفكر برأيه يبدأ بمرحلة الجمل (يتحمّل كل شيء دون مناقشة حبّاً بالقائد والمعلم) ثم ينتقل الى مرحلة الأسد (يرمي كلّ شيء ارضاً) قبل ان يعود طفلاً (التحرر من القيود القديمة وطرح التساؤلات).
وختم الدكتور معلوف محاضرته بإشارتين. الاولى هي اعتبار فيتجنشتين ان العالم هو كلّ ما يحدث، وأن ما يصعب التعبير عنه لا يجب ان ننطق به. والثانية هي ذكر ان هيدغر اختار قبل ايام من موته شعار "طرق لا مؤلفات" لتصدير مؤلفاته الكاملة. برأيه اراد هيدغر الاشارة الى أن فكره القائم على التساؤل الدائم هو طريق غير مكتمل.
بعد نهاية الجلسة، انتقد عدد من الحضور إغفال المؤتمر طرح التساؤلات الاساسية كـ"ما جدوى الفلسفة راهناً؟". كما انتقد البعض عدم الاهتمام بالفلسفات الهامشية التي لم تأخذ حقّها، وهذا هو الهدف من تخصيص يوم عالمي للفلسفة.
ثم تحدثت السيدة سلوى السنيورة بعاصيري، الأمينة العامة للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، مشيرةً ان اليوم العالمي للفلسفة يهدف الى "تعزيز مكانة العقل بإعتبار ان العقل هو المُدرِكة التي تميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وتهيئه لقبول المعارف والتفاعل معها، وتجعل منه مسؤولاً بحق عن أعماله". واعتبرت "ان الغاية من إعمال الفكر النقدي ليس إشاعة الشك لمجرّد الشك، أكان في الموروث او المعتقد أو البنى المعرفية والقيمية، بل هو للتحرر من هيمنة الرأي الشائع، والموقف السائد".
استذكرت مديرة الجلسة، التي حملت عنوان "محور الشك واليقين: مقاربة نظرية"، الدكتورة مارلين كنعان قول الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت بـ"ان اعظم خير يمكن حصوله في مجتمع او بلد ما هو ان يكون فيها فلاسفة نقّاد".
"هل هذا واجب لأن الآلهة أمرت به أم ان الآلهة أمرت به لأنه واجب؟". هذا هو السؤال السقراطي الأساسي في محاورة يوثيفرو Euthyphro، التي يبحث فيها سقراط عمّا هو واجب. سقراط كان الفيلسوف الذي اختار الدكتور وضاح نصر الارتكاز عليه في معالجته لأسئلة الشك واليقين في الفكر القديم.
انتقد الدكتور نصر تصوّرات اللبنانيين عن النقد معتبراً اننا "في لبنان اصبحنا بارعين في نقد الغير ولا نهتم بنقد الذات". واشار الى قاعدة ان "المقتنع لا يشعر بالحاجة الى تسويغ معتقداته وقناعاته المسبقة للآخرين". هذا هو مأزق الاقتناع، وهو "حالة نفسية تنتج عن زوال التفكير باحتمال الخطأ". هذه الاستطرادات حثت بعض الحاضرين الى التذمّر ودعوته الى ولوج صلب الموضوع.
في الفلسفة السابقة مباشرةً لسقراط تمّ التخلي عن الميثولوجيا والتركيز على فهم الطبيعة من داخل الطبيعة دون اللجوء الى قوى خارج الطبيعة (الآلهة والأساطير...). وحاول ديمقريطس تفسير كل الظواهر بفرضية بسيطة: لا وجود إلا للذات والفراغ. فيما رأى بروتاغوراس ان المعرفة الموضوعية حلم مستحيل.
اهتم سقراط بالإنسان، ووثق بقدرة العقل على البحث عن الحقيقة والوصول اليها، مصرّاً على اخضاع كل مقولة للتحليل والنقد قبل قبولها. اما أهمية سقراط الرمزية فهي تنبع من شجاعته وحكمته وعمق حرّيته، ما جعل منه رمزاً للفضائل التي على المواطن ان يمتاز بها في مجتمع يصبو الى ان يكون ديمقراطياً.
كتاب الامام الغزالي "المنقذ من الضلال" كان اختيار الدكتورة والمتصوّفة سعاد الحكيم للتطرق الى بحث اسئلة الشك واليقين "في الفكر العربي والاسلامي". فبرأيها "قليلة هي الكتب التي تسمح للقارئ بالتعرّف على الحالة العقلية للمؤلف"، وهذه هي ميزة هذا الكتاب الذي يقودنا الى ان "نرافق المؤلف خلال تفتيشه عن الحقائق".
عايش الغزالي تباين الفرق الدينية الاسلامية وزعْم كلّ منها انها "الفرقة الناجية". بدأ النقد بنقد نفسه. طرح الثقة بالمحسوسات وقال ان حاكم العقل يبطل حاكم الحسّ. وتساءل عمّا إذا كان وراء العقل حاكم آخر يكذّب العقل في حكمه كما كذّب العقل الحسّ. وهنا صعب عليه ايجاد الدليل، واصابه "داء العقل" لمدّة شهرين، ولم تعد اليه صحته الا "بنور قذفه الله في الصدر"، كما يقول.
شكَّ الغزالي بالفكر الديني وأخضع للنقد كل المقولات الإسلامية، دون ان يشكّ بالإسلام نفسه. سمّى الفلسفة علماً. امضى ثلاث سنوات في تحصيلها. المهم في فكر الغزالي هو قراءته النقدية للعلوم الفلسفية. "لم يرفض كلّ الفلسفة فهو دعاها علماً، وإنّما قام بعملية نقدية تميّز الحقّ من الباطل بمرجعيّة الإسلام".
نبّه الى انه هناك مذاهب عدّة للمعتقد الواحد، ولا يلزم عن الاختلاف في المذهب التكفير. "قال بتعددية الآراء في المعتقد الواحد، لأن كل الآراء ليست نصاً قرآنياً او نبوياً". لم يشكّ بالنص الديني، ولكنّه "شكّ بكل نص عن النصّ الديني". لقد ازاح الفكر الاسلامي النظري من بين الانسان والنص الاساسي الذي هو القرآن. "ازاح كلّ الوسائط بين الإنسان والنصّ"، فألّف كتابه "إحياء علوم الدين" الذي اعطى فيه منهجيّة وترك الساءل ليتوصّل الى الحقّ بنفسه. "اعطاهم السنّارة لا نتاج صيده الشخصي".
ما طرحه الفكر المعاصر في مسألة الشك واليقين كان موضوع محاضرة الدكتور يوسف معلوف. يلاحظ معلوف ان الفكر النقدي بلغ اوجه في اوروبا في عصر الانوار، وقد اسهم هذا التطوّر في صقل روح اوروبية قائمة على الحرية والفردانية.
بدأت ملامح ممارسة النقد الجريء خلال عصر النهضة. وقد دفعت شجاعة بعض رجال الدين بهم الى دفع الثمن. فالراهب جيوردانو برونو حرق حيّاً عام 1600 لأنه دافع عن صوابية كوبرنيكوس، دون ان يتراجع كما فعل غاليلي. والراهب كومبانيلا انتقد سلطة ارسطو الذي تبنته الكنيسة فحكم عليه بالإعدام.
كان ايراسموس اول المفكرين الذين اخضعوا النص الديني للنقد، وقد انتقد نفاق رجال السياسة والدين. وانتهج مونتاني المنهج النقدي. اما مارتن لوثر كينغ، فقد حمل على تفسير الكتاب المقدّس منتقداً قمع الكنيسة كل مخالف للكاثوليكية. كما وصف جامعة السوربون بـ"أمّ الضلال"، فهذا الصرح كان من حماة العقيدة الكاثوليكية.
طبع فرانسيس بايكون الفكر البريطاني بطابعه، هذا الفكر الذي بلغ ذروته مع دافيد هيوم. طالب بايكون في كتابه "الأورغانون الجديد" بالتخلي عن المعتقدات السابقة في سبيل التجربة والحقيقة.
افتتح رينيه ديكارت عصر التنوير. معه صار العقل مصدر كلّ اشكال المعرفة، واخذت الفلسفة طابعاً نقدياً شاملاً. دعا في كتابه "مقال في المنهج" الى طرح "الشكّ المنهجي" وعدم قبول ايّ امر دون تفحّص.
اعمل سبينوزا النقد في الكتب المقدّسة، و"نزع الاسطرة عن النص". يعتبر كتابه "مقالة في اللاهوت والسياسة" من اهم ما قيل في حرّية التعبير، وكان رفضه كل ما لا يركن الى عقل الإنسان اصل النزاع بين العقلانية والسياسة والدين. ثم جاء ديدرو الذي اعتبر ان الخرافة اكثر خطراً على الله من الإلحاد، وفولتير الذي طاف في اوروبا ناشراً فكرة الحرّية، وروسو الذي جعل الحرّية اقدس ما يحصل عليه الإنسان.
في بريطانيا كان جون لوك اوّل مفكّر حديث. قال: "لا تتبعوا السلطات بطريقة عمياء، لا تخضعوا للعادات والتقليد دون تفكير".
اخضع كانط، الذي قال عنه شوبنهاور انه مدهش، المعرفة لـ"امتحان عسير". حدد النضج الانساني في كتابه "ما عصر الأنوار؟" بأنه خروج الإنسان من حالة القصور. والقصور هو عدم قدرة الإنسان على استخدام العقل دون مساعدة الآخرين. وضع هيغل في فلسفته الاحتوائية للأفكار حدّاً لكل من يظن نفسه خارج دائرة النقد. ودعا فيورباخ الى وعي الانسان تغرّبه وتخلّصه من الأوهام التي القاها على الله. اما خلفية ماركس النقدية للتعسّف والظلم، فهي لا تزال قائمة.
اعتُبر نيتشه ثائراً على الدين والسياسة. لم تحفظ الذاكرة الشعبية من فكره إلا إعلانه "موت الله". قال في كتابه "هكذا تكلم زرادشت": "ليست الدولة إلا ابرز مسخ بين المسوخ الباردة. تقول: انا الشعب". دعا الى تحرير الانسان وتخليصه من ذهنية القطيع. تطوُّر الفكر برأيه يبدأ بمرحلة الجمل (يتحمّل كل شيء دون مناقشة حبّاً بالقائد والمعلم) ثم ينتقل الى مرحلة الأسد (يرمي كلّ شيء ارضاً) قبل ان يعود طفلاً (التحرر من القيود القديمة وطرح التساؤلات).
وختم الدكتور معلوف محاضرته بإشارتين. الاولى هي اعتبار فيتجنشتين ان العالم هو كلّ ما يحدث، وأن ما يصعب التعبير عنه لا يجب ان ننطق به. والثانية هي ذكر ان هيدغر اختار قبل ايام من موته شعار "طرق لا مؤلفات" لتصدير مؤلفاته الكاملة. برأيه اراد هيدغر الاشارة الى أن فكره القائم على التساؤل الدائم هو طريق غير مكتمل.
بعد نهاية الجلسة، انتقد عدد من الحضور إغفال المؤتمر طرح التساؤلات الاساسية كـ"ما جدوى الفلسفة راهناً؟". كما انتقد البعض عدم الاهتمام بالفلسفات الهامشية التي لم تأخذ حقّها، وهذا هو الهدف من تخصيص يوم عالمي للفلسفة.


الصفحات
سياسة








