بيّنت الدراسة أنّ النساء في تونس يطالعن أكثر من الرجال
الأرقام كانت مفزعة، والأسباب تباينت من جهة إلى أخرى، ما حدا بالإعلام التونسيّ إلى إطلاق صيحات الفزع و التحذيرات من أنّ "مجتمع المعرفة" المنشود لا يزال صعب المنال.
أزمة كتاب
تقول دراسة "اللجنة الوطنية للاستشارة حول الكتاب والمطالعة" أنها اهتمت بعينة ممثلة لمختلف الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية للمجتمع التونسي (1029 مستجوبا) في محاولة لتحديد علاقة المواطن التونسي بالكتاب والمطالعة.
وكشفت الدراسة أنّ ربع التونسيين لم يقرؤوا كتابا واحدا في حياتهم، وقرابة العشرين بالمائة لا يحبون الكتاب أصلا. وثلاثة من أربعة تونسيين لم تطأ أقدامهم مكتبة عمومية ،وأن الجامعات لم تعد مكانا لمطالعة الكتب (18 بالمائة فقط قالوا أنهم يفضلون القراءة في الجامعة)، في حين حبّذت أغلبية العينة (أكثر من 94 بالمائة) المطالعة بالمنزل. وأشار 44 بالمائة من المستجوبين إلى أنهم لا ينفقون أكثر من ثلاثين دينارا سنويا لاقتناء الكتب.
وبيّنت الدراسة كذلك أنّ النساء في تونس يطالعن أكثر من الرجال بنسبة 7.51 بالمائة وان قرابة 6 قراء من بين 10 يطالعون أقل من 5 كتب كل سنة، وان 23.17 يطالعون ما بين 6 إلى 10 كتب في السنة باللغتين العربية والفرنسية، إما بحثا عن الثقافة العامة أو بسبب العادة أو الهواية.
واستنادا إلى إجابات العينة، فإن العزوف عن الكتاب و المطالعة عائد إلى "قلة الوقت" كما أكّد 57 بالمائة من المستجوبين، أو بعدم تحول المطالعة إلى عادة يومية (20 بالمائة)، فيما صرح 11 بالمائة أنهم يفضلون القيام بأنشطة أخرى عوض القراءة.
مُفارقة
تقلصت نسبة الأمية في تونس وفق الأرقام الرسمية إلى حدود 19 % من إجمالي السكان بعد أن كانت 27 % قبل عشر سنوات.في حين يبلغ عدد المكتبات العمومية 378 في مختلف أنحاء البلاد إضافة الى ما يعرف بالمكتبات المتجولة التي بلغ عددها 30 تغطي 1800 تجمعا ريفيا في محاولة لخلق عادة المطالعة مع سهولة الحصول على الكتاب.
وتُعرف تونس بـ"المعرض الدوليّ للكتاب" الذي يقام في أبريل – مايو من كلّ عام ، كما تعرف باحتفالاتها السنوية الضخمة لإحياء ذكرى شعرائها وأدبائها كالشاعر أبو القاسم الشابي و العلامة الطاهر بن عاشور والكاتب علي الدوعاجي، وبعض المناسبات العربية و الإسلامية على غرار "القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية".
إلا أن معظم تلك التظاهرات و الحركية الثقافية والأدبية لم تنعكس ايجابيا على نتائج دراسة الكتاب و المطالعة ، مما شكل مفارقة كبيرة لم يستسغها كثيرون.
يقول الشاعر والكاتب التونسيّ البحري العرفاوي أنّ "الإعلام الرسميّ يتحدّث عن محطات واحتفالات ومناسبات في حين أنها لا تتجاوز بعض الأعراف التي يكتفي فيها البعض بالشعارات والفرخ الخاويّ". ويضيف:"الثقافة ليست احتفالات، بل هي دربة على التفكير و التأمل و القراءة".
ثقافة الاستهلاك والرقابة يعيقان المطالعة
الأسباب التي قدمتها الدراسة الحكومية حول عزوف التونسيّ عن الكتاب والمطالعة على غرار ضيق الوقت وعدم اكتساب ثقافة المطالعة منذ الصغر، علاوة على انتشار "الثقافة الافتراضية" ومنافسة التكنولوجيات الحديثة، لم تقنع المتابعين في تونس.
وشكّك عدد من الكتاب والمعلقين التونسيين في تلك الأسباب في تعليقاتهم على نتائج الدراسة ، محملين البرنامج التربويّ مسؤولية عدم ترغيب الناشئة على المطالعة.
ويرى الشاعر البحري العرفاوي أن سيطرة ثقافة الاستهلاك ومخاطبة الغرائز في عصر العولمة له تأثير كبير على العزوف عن الكتاب، ويقول للقسم العربيّ:"هنالك رقابة صارمة تشرف عليها جهات دولية جعلت الناس تنصرف عن المطالعة مقابل مزيد الاهتمام بكتب الفراغ كعذاب القبر وكتب فنون الطبخ وأخرى تهتمّ بالسحر والشعوذة".
وشهد معرض تونس الدولي للكتاب العام الماضي انتقادات واسعة بعد أن فرضت إدارة المعرض رقابة صارمة على الكتب السياسية والدينية، مبررة تلك الإجراءات بـ"العمل على منع نشر الكتب التي تنشر أفكارا ظلامية وهدامة مقابل ترويج العناوين الداعية إلى تنوير العقل والانفتاح على الآخر".
ردّ الاعتبار للمعرفة
و بخصوص منافسة وسائل الاتصال الحديثة والانترنت للكتاب، يرى الشاعر البحري العرفاوي إنّ "للكتاب جاذبيته الخاصة وتأثره الخاص رغم منافسة النشر الالكترونيّ الذي أخذ الكثير من وقت الشباب" على حدّ تعبيره، مؤكدا أن الحلّ الوحيد للمصالحة بين التونسيّ و الكتاب هو "ردّ الاعتبار للمعرفة و العارفين وضرورة الاعتراف بنجومية المثقفين حتى لا يتطاول الفارغون على المثقفين ".
أما "اللجنة الوطنية للاستشارة حول الكتاب والمطالعة" فقد دعت إلى ضرورة "إعطاء دفع جديد للخطة الوطنية للترغيب في المطالعة واعتبارها شأنا وطنيّا عاما ليشمل أطرافا أخرى والانفتاح على نسيج المجتمع المدني".
بالإضافة إلى "وضع خطة شاملة لإنتاج الكتاب وتوزيعه والتنسيق بين مختلف الشبكات المكتبية وتطوير وسائل عملها فضلا عن إيجاد السبل الكفيلة بتنمية الميول القرائية وترسيخ المطالعة كممارسة ثقافية في المجتمع التونسي
أزمة كتاب
تقول دراسة "اللجنة الوطنية للاستشارة حول الكتاب والمطالعة" أنها اهتمت بعينة ممثلة لمختلف الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية للمجتمع التونسي (1029 مستجوبا) في محاولة لتحديد علاقة المواطن التونسي بالكتاب والمطالعة.
وكشفت الدراسة أنّ ربع التونسيين لم يقرؤوا كتابا واحدا في حياتهم، وقرابة العشرين بالمائة لا يحبون الكتاب أصلا. وثلاثة من أربعة تونسيين لم تطأ أقدامهم مكتبة عمومية ،وأن الجامعات لم تعد مكانا لمطالعة الكتب (18 بالمائة فقط قالوا أنهم يفضلون القراءة في الجامعة)، في حين حبّذت أغلبية العينة (أكثر من 94 بالمائة) المطالعة بالمنزل. وأشار 44 بالمائة من المستجوبين إلى أنهم لا ينفقون أكثر من ثلاثين دينارا سنويا لاقتناء الكتب.
وبيّنت الدراسة كذلك أنّ النساء في تونس يطالعن أكثر من الرجال بنسبة 7.51 بالمائة وان قرابة 6 قراء من بين 10 يطالعون أقل من 5 كتب كل سنة، وان 23.17 يطالعون ما بين 6 إلى 10 كتب في السنة باللغتين العربية والفرنسية، إما بحثا عن الثقافة العامة أو بسبب العادة أو الهواية.
واستنادا إلى إجابات العينة، فإن العزوف عن الكتاب و المطالعة عائد إلى "قلة الوقت" كما أكّد 57 بالمائة من المستجوبين، أو بعدم تحول المطالعة إلى عادة يومية (20 بالمائة)، فيما صرح 11 بالمائة أنهم يفضلون القيام بأنشطة أخرى عوض القراءة.
مُفارقة
تقلصت نسبة الأمية في تونس وفق الأرقام الرسمية إلى حدود 19 % من إجمالي السكان بعد أن كانت 27 % قبل عشر سنوات.في حين يبلغ عدد المكتبات العمومية 378 في مختلف أنحاء البلاد إضافة الى ما يعرف بالمكتبات المتجولة التي بلغ عددها 30 تغطي 1800 تجمعا ريفيا في محاولة لخلق عادة المطالعة مع سهولة الحصول على الكتاب.
وتُعرف تونس بـ"المعرض الدوليّ للكتاب" الذي يقام في أبريل – مايو من كلّ عام ، كما تعرف باحتفالاتها السنوية الضخمة لإحياء ذكرى شعرائها وأدبائها كالشاعر أبو القاسم الشابي و العلامة الطاهر بن عاشور والكاتب علي الدوعاجي، وبعض المناسبات العربية و الإسلامية على غرار "القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية".
إلا أن معظم تلك التظاهرات و الحركية الثقافية والأدبية لم تنعكس ايجابيا على نتائج دراسة الكتاب و المطالعة ، مما شكل مفارقة كبيرة لم يستسغها كثيرون.
يقول الشاعر والكاتب التونسيّ البحري العرفاوي أنّ "الإعلام الرسميّ يتحدّث عن محطات واحتفالات ومناسبات في حين أنها لا تتجاوز بعض الأعراف التي يكتفي فيها البعض بالشعارات والفرخ الخاويّ". ويضيف:"الثقافة ليست احتفالات، بل هي دربة على التفكير و التأمل و القراءة".
ثقافة الاستهلاك والرقابة يعيقان المطالعة
الأسباب التي قدمتها الدراسة الحكومية حول عزوف التونسيّ عن الكتاب والمطالعة على غرار ضيق الوقت وعدم اكتساب ثقافة المطالعة منذ الصغر، علاوة على انتشار "الثقافة الافتراضية" ومنافسة التكنولوجيات الحديثة، لم تقنع المتابعين في تونس.
وشكّك عدد من الكتاب والمعلقين التونسيين في تلك الأسباب في تعليقاتهم على نتائج الدراسة ، محملين البرنامج التربويّ مسؤولية عدم ترغيب الناشئة على المطالعة.
ويرى الشاعر البحري العرفاوي أن سيطرة ثقافة الاستهلاك ومخاطبة الغرائز في عصر العولمة له تأثير كبير على العزوف عن الكتاب، ويقول للقسم العربيّ:"هنالك رقابة صارمة تشرف عليها جهات دولية جعلت الناس تنصرف عن المطالعة مقابل مزيد الاهتمام بكتب الفراغ كعذاب القبر وكتب فنون الطبخ وأخرى تهتمّ بالسحر والشعوذة".
وشهد معرض تونس الدولي للكتاب العام الماضي انتقادات واسعة بعد أن فرضت إدارة المعرض رقابة صارمة على الكتب السياسية والدينية، مبررة تلك الإجراءات بـ"العمل على منع نشر الكتب التي تنشر أفكارا ظلامية وهدامة مقابل ترويج العناوين الداعية إلى تنوير العقل والانفتاح على الآخر".
ردّ الاعتبار للمعرفة
و بخصوص منافسة وسائل الاتصال الحديثة والانترنت للكتاب، يرى الشاعر البحري العرفاوي إنّ "للكتاب جاذبيته الخاصة وتأثره الخاص رغم منافسة النشر الالكترونيّ الذي أخذ الكثير من وقت الشباب" على حدّ تعبيره، مؤكدا أن الحلّ الوحيد للمصالحة بين التونسيّ و الكتاب هو "ردّ الاعتبار للمعرفة و العارفين وضرورة الاعتراف بنجومية المثقفين حتى لا يتطاول الفارغون على المثقفين ".
أما "اللجنة الوطنية للاستشارة حول الكتاب والمطالعة" فقد دعت إلى ضرورة "إعطاء دفع جديد للخطة الوطنية للترغيب في المطالعة واعتبارها شأنا وطنيّا عاما ليشمل أطرافا أخرى والانفتاح على نسيج المجتمع المدني".
بالإضافة إلى "وضع خطة شاملة لإنتاج الكتاب وتوزيعه والتنسيق بين مختلف الشبكات المكتبية وتطوير وسائل عملها فضلا عن إيجاد السبل الكفيلة بتنمية الميول القرائية وترسيخ المطالعة كممارسة ثقافية في المجتمع التونسي


الصفحات
سياسة








