نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


أعراب في البرلمانات ... البداوة العربية تقاوم التحديث و التغيير لا يلامس غير قشورها




أمستردام - عمر الكدي - لماذا لم يختف البدو من البلدان العربية، بالرغم من اختفائهم في معظم بلاد العالم؟ ولماذا لا تزال البداوة بعصبيتها القبلية تقاوم التحديث، وفي بعض الأحيان ترفض الولاء للدولة المركزية؟ هذا ما نلاحظه في دارفور حيث تسببت القبائل البدوية الرحل، التي تعتمد في معاشها على الإبل في الأزمة المستحكمة، وخاصة بعد الجفاف التي شهدته المنطقة، مما جعل رعاة الإبل يتوغلون مسافات أطول، وهو ما جعلهم في مواجهة مباشرة مع الفلاحين المستقرين في القرى


خيمة بدوية من الداخل
خيمة بدوية من الداخل
ففي سيناء تتسبب القبائل البدوية في العديد من المشكلات الأمنية للدولة، وخاصة فيما يتعلق بتهريب السلاح، البشر، ومن حين إلى آخر يتبادل رجال هذه القبائل النار مع رجال الأمن، وفي كثير من الأحيان لا يعتقد المصريون الذين يعيشون على وادي النيل أن هؤلاء مصريون، أما في إسرائيل فقد حوصر البدو في صحراء النقب، وبالرغم من الإجراءات التعسفية التي تمارسها السلطات الإسرائيلية على البدو، إلا أنها تقبلهم في صفوف قواتها المسلحة، بينما تمنع بقية العرب من ذلك، وهو ما يعكس أزمة ولاء لدى البدو.

البدو في البرلمان
في الكويت والأردن تسلل البدو إلى البرلمان، وتسببوا في الكثير من الأزمات بسبب التمسك بمصالحهم كقبائل، وعدم الموازنة بين هذه المصالح ومصالح البلد بشكل عام، كما أن الكثير من الانقلابات العسكرية، والدعوات الإيديولوجية التي ظهرت في البلاد العربية في الأربعين سنة الأخيرة، لا يمكن تفسيرها بمعزل عن الصراع بين الحضر والبدو، أو بين البادية والمدينة، وخاصة في ليبيا، موريتانيا، واليمن، وكان الباحث العراقي علي الوردي أول من أشار لهذه الظاهرة، وهو ما يجعلنا نتفهم هذا النكوص العجيب الذي يشهده العراق، حيث تحول من أكثر الدول الواعدة بعد الاستقلال، إلى مجرد رجل مريض. أما في اليمن فيخشى من انهيار الدولة المركزية وانقسامه إلى عدة كيانات قبلية، على غرار ما حدث في الصومال وأفغانستان، وهو ما قد يحدث أيضا في السودان.

وعلى خلاف بقية البدو في العالم، مثل شعب البوشمان، في جنوب إفريقيا وناميبيا، وقبائل الاسكيمو، وسكان أستراليا الأصليين الذين لم يعودوا قادرين على الوقوف في وجه الدولة المركزية، تستطيع القبائل البدوية في المنطقة العربية التسبب في مشاكل حقيقية للدولة والمجتمع، فإذا أهملت في محيطها الجغرافي تتحول مع الوقت إلى خطر داهم كما حدث في دارفور، أما إذا وصلت إلى السلطة من خلال الانقلابات العسكرية فيمكنها أن تعكس مسار المجتمع بالكامل، وتتسبب في تقويض المدن التاريخية، لتبني على حسابها مدنها الخاصة، وفقا للتفسير الخلدوني لهذه الظاهرة.

التغيير طال القشور فقط
عالم الاجتماع الليبي د. مصطفى التير، يرى أن التغير الذي حدث في البلدان العربية، هو تغير طال السطح فقط، وهو ما يطلق عليه بالتغير الاجتماعي السريع، أما الجوهر فلم يطاله التغيير، ويضيف الدكتور التير قائلا:
"كثير من المجتمعات العربية، وخصوصا غير المستقرة منها، أو غير الزراعية، تتميز بقوة القبيلة، والبداوة فيها قوية أيضا، كما أن النفط ظهر في المناطق البدوية الفقيرة باستثناء العراق، ومكنهم النفط من القيام بعملية تحديث، ولكن التحديث طال المحيط فقط، المباني، المدارس، المستشفيات، والطرق، وما يتبعها من استخدام التقنية الحديثة، لكن العقلية لم تتغير كثيرا، طبعا من استقر منهم في المدن لسنوات طويلة، يبدو أنهم تغيروا مقارنة بمن لم يستقروا، وإن حملوا معهم الكثير من الخصائص البدوية، أما البلدان التي لم يظهر فيها النفط فحافظ فيها البدو على انتمائهم القبلي، واستمرت العداوات القديمة بين القبائل، والانتماء يكون للقبيلة وليس للدولة، وإن كانت مسألة الانتماء يعاني منها كل العرب حتى المستقرين في المدن، ففي أغلب الأحوال لا يزال انتمائهم القبلي أقوى من انتمائهم للدولة، لأن فكرة المواطنة نفسها لم تتبلور في الكثير من البلاد العربية".

الولاء للنظام القائم
يشير الدكتور التير في هذا الخصوص إلى الباحث العراقي الدكتور علي الوردي، باعتباره أول من كتب عن هذه الظاهرة، مؤكدا أنه في حالة وجود نظام صارم يحكم المجتمع، يؤجل ظهور الحقائق على السطح، وعندما يزول هذا النظام تنفجر الحقائق المخفية دفعة واحدة، وهو ما حدث للعراق، فعودة القبلية بقوة بعد نهاية نظام صدام حسين، يؤكد أن التغيير طال القشور فقط، ويضيف التير قائلا:
"كما أن الأنظمة العربية لم تطور فكرة المواطنة، فظل الولاء للأسرة وللعشيرة وللقبيلة، بينما في الدولة الحديثة يفترض أن الولاء للوطن، ولهذا ظل الوطن لدينا مرتبطا بسلطة بعينها، ففي الدولة العربية الحديثة الولاء للنظام القائم، وعندما يتغير النظام يتغير الولاء، ولكن المفروض هناك شيء ثابت في المجتمع، فالعراق مثلا هو العراق، ومصر هي مصر، وهكذا يكون هناك شيء أوسع ممن هو يحكم العراق في تلك الفترة".

لماذا لا تزال نظرية ابن خلدون صالحة لتفسير جوانب كثيرة من الواقع العربي؟ هل هذا بسبب عبقرية أبن خلدون؟ أم بسبب ثبات الواقع؟ يرى الدكتور التير أن عبقرية أبن خلدون وثبات الواقع يجيبان على السؤال مضيفا:
"أبن خلدون هو أبو الامبريقية، وهي البحث العلمي القائم على ما هو موجود، وليس على ما هو في الذهن أو ما يتمناه الإنسان، وطبيعي أن جزء كبير من الواقع الذي درسه أبن خلدون لم يتغير، فنحن بالفعل لم نتغير كثيرا عن عصر أبن خلدون، ولكن هناك أفكارا كثيرة لأبن خلدون لا تزال حية من غير حتى موضوع البدو".

عدم القدرة على الوصول إلى الحداثة
لا يرى الدكتور التير أن البيئة هي السبب في عدم اختفاء البداوة من المنطقة العربية، وإنما عدم قدرة هذه المجتمعات من الوصول إلى الحداثة، أي إلى مستوى تغيير الفكر مضيفا:
"ففي البلاد العربية لا تزال المؤسسات ضعيفة، ليس هناك مأسسة للعلاقات وللمؤسسات، وما لم تتقوى المؤسسات فسيظل الولاء القبلي أقوى. في يوم من الأيام كان العالم كله يتكون من قبائل، ولكن التغير أدى إلى حلول نظام مكان نظام آخر، ولكننا نحن لم نفعل ذلك، نحن فقط استوردنا أنظمة أخذنا منها جزء وتركنا الباقي، بما في ذلك نظام الدولة الحديثة".

ينفي الدكتور التير أن تكون هناك طبقة وسطى حقيقة في البلدان العربية، مثل الطبقة التي ساهمت في تغيير مجتمعاتها في الغرب، كانت الطبقة الوسطى مجرد بدايات وسرعان ما انتكست، بسبب الانقلابات العسكرية، ومعظمها قادها أبناء الطبقات الفقيرة، والشرائح البدوية أكثر من الشرائح الحضرية، بالرغم من أن المنطقة العربية هي أول من شهد ظهور المدن في العالم، ولكن وفقا للتير انتقلت المدينة إلى أماكن أخرى حيث قادت العالم، وبقت هذه المنطقة مرهونة لصراعاتها المزمنة بين البدو والحضر

عمر الكدي - إذاعة هولندا العالمية
الثلاثاء 13 أبريل 2010