إنسان رغم القضبان .... لقاء ايطالي لبناني مشترك حول تجربة المسرح داخل السجن

صحيح ان المثل اللبناني يقول الحق على الطليان الا ان الحق هذه المرة مع الطليان لأنهم ينقلون الينا حضارة السجون الايطالية. فهم سبقونا في وضع قانون تخفيض الأحكام والسماح للسجين حسن السلوك بالخروج من السجن للعمل نهارا والعودة اليه ليلا، ما يسمح له بالانخراط في المجتمع ويجعل من مسرحهم مسرحا جوالا".

بهذه الكلمات توجه ابو عبدو ومجدي الى الحاضرين باسم سجناء لبنان خلال الفعالية التي استضافها قصر الاونيسكو في بيروت يوم الجمعة الماضي.

ومشروع "العلاج بالدراما في السجن، منصة فنية جديدة" انطلق في تموز/يوليو لمدة 11 شهرا بتمويل من السفارة الايطالية في لبنان-مكتب التعاون للتنمية.

وفي اطار المشروع شارك المخرج الايطالي ارماندو بونزو الذي يعمل منذ عشرين سنة داخل سجن فولترا في منطقة توسكانا الايطالية في اللقاء حول "تجربة المسرح داخل السجن".

وقال بونزو "كان سجن فولترا افظع سجن في ايطاليا بيد انه الافضل اليوم بفضل النشاطات العديدة التي تقام داخله. حاليا ادرب سجناء داخل سجن رومية مدة خمسة ايام وارى انه من المهم احياء العديد من المشاريع في هذا المكان نظرا لظروفه القاسية".

اما ماركو بوزيلو رئيس بلدية فولترا وداعم مشروع بونزو فأوضح سبب اهتمامه بالسجن بقوله "لان السجناء ايضا أبناء مدينتي ولا أرى السجن مفصولا عن المدينة".

ويضيف رئيس البلدية "يقع سجن فولترا في قلب المدينة وثمة علاقة قوية بنيت بين ابنائها والسجن".

ويسهر غابرييل كيكيا السفير الايطالي في لبنان على نقل الثقافة الى داخل السجون اللبنانية مؤكدا ان هذا المشروع لن يكون الأخير، واعلن ان حكومة بلاده وافقت على مشروع ثنائي جديد لتحسين اوضاع السجون اللبنانية بقيمة 400 الف يورو، ينفذ بالتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات في لبنان.

وخلال اللقاء الذي نظم للتعريف بالتجربة اطلق وزير الداخلية والبلديات اللبناني زياد بارود مشروع "انسان رغم القضبان" الذي يهدف الى "تحسين نوعية حياة السجناء داخل السجون اللبنانية (...) لأن الوضع غير مقبول".

وقال بارود ان السجين هنا ينفذ عقوبتين "الأولى حرمانه من الحرية والثانية امضاء فترة محكوميته في ظروف سجن غير مقبولة".

ويتضمن مشروع "انسان رغم القضبان" وهو مشروع ثنائي وافقت على تمويله الحكومة الايطالية، تأليف 25 فريق عمل تضم خبراء في اختصاصات عدة يتوزعون على سجون لبنان من اجل اجراء احصاء شامل لها وتقديم 25 دراسة، توضع بناء عليها استراتيجية علمية لتأهيل السجون تبقى صالحة لمدة 30 عاما.

وكانت وزارة الداخلية رصدت 19 مليار ليرة لبنانية (حوالى 12,5 مليون دولار) من اجل بناء سجنين في شمال لبنان وجنوبه. واشار بارود في هذا الاطار الى ان هذا يحل مشكلة الاكتظاظ بينما يبقى الواقع داخل السجون على حاله.

وفي هذا الاطار افصح بارود عن عقده لقاءات مع كليات الطب في الجامعات الخاصة والجامعة اللبنانية من اجل تأمين دعم طبي للسجون، فضلا عن التنسيق مع جمعيات المجتمع المدني وفي مقدمتها "كثارسيس" والوزارات المعنية في امور السجون، كوزارات الصحة والعدل والشؤون الاجتماعية.

بذلك يكون بارود وفى بالوعد الذي قطعه للسجناء ابطال مسرحية "12 لبناني غاضب" التي قدمت في شباط/فبراير وآذار/مارس 2008 ثمانية عروض على مسرح مستحدث في سجن رومية في اطار مشروع رائد شكل جسر تواصل مع سجناء رومية والدولة والمجتمع المدني اللبناني الأوسع.

وانشأت المشروع زينة دكاش الممثلة والمخرجة اللبنانية والمديرة التنفيذية لمركز "كثارسيس" للعلاج بالدراما.

وقد فازت دكاش بجائزة المهر العربي الاولى عن الفيلم الوثائقي وبجائزة تقدير الجمهور في اطار "مهرجان دبي السينمائي الدولي" قبل ايام عن "12 لبناني غاضب".

وشمل اللقاء معرض صور من النشاط المسرحي التقطت داخل سجن فولتيرا وسجن رومية وعرض فيلم قصير حول التجربة الايطالية في المسرح داخل السجن والوثائقي "12 لبناني غاضب".

وحضر اللقاء ثلاثة سجناء سابقين هم حسين الخماسي وراتب الجباوي وجوزف ع. الذين شاركوا في مشروع العلاج بالدراما والمسرحية.

ومع استحسانهم لما قاله الوزير بارود، بيد انهم لم يخفوا "خيبة املهم" الكبيرة من قساوة المجتمع. وقال راتب فوق في رومية ارحم من ردود فعل المجتمع