نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الدور السعودي في اليمن: تنسيب الانتصار والهزيمة




لا حلول واضحة في أفق الأزمة اليمنية. الحرب التي اتخذت منعطفا حادا مع زحف الحوثيين باتجاه عدن في 22 مارس 2015، ما أدى إلى انطلاق عاصفة الحزم السعودية في 25 مارس 2015، مستمرة، بشكل أو بآخر، بصرف النظر عن المسمّيات.


جلوس اليمنيين، تحت راية الأمم المتحدة، للبحث في حل سياسي للأزمة، بدا استمرارا للحرب بشكل آخر، أكثر من كونه مسارا سياسيا لمعالجة الحرب. فالهوّة الفاصلة بين اللاعبين لا تزال أكبر من أن تتيح مكانا للسياسة.

الحوثيون يريدون من جنيف كسر معادلة “الحكومة مقابل المتمردين” واكتساب الشرعية السياسية كحزب من أحزاب اليمن المتصارعة وليس كميليشيا متمردة انقلبت على العملية السياسية وأجبرت الرئيس الشرعي على مغادرة البلاد. يصر الحوثيون على مفاوضات بين أحزاب سياسية.

من جهتها، حكومة عبدربه منصور هادي، حرصت على إيفاد وزراء إلى جنيف، لتكريس معادلة الشرعية مقابل الانقلابيين، وتسلّحت بالقرار الأممي 2216 الذي انتزعته الدبلوماسية الخليجية بدفع من انطلاق عاصفة الحزم.

ارتباك الأمم المتحدة في جنيف، وتصريحات مسؤوليها التي بدت متناقضة، كما ظهر في سقوط الإشارة إلى القرار 2216 من مرجعيات التفاوض في تصريح لممثل الأمين العام للأمم المتحدة ثم توضيح الأمر في بيان لاحق، تؤكد أن الحل السياسي بعيد وغامض. يضاف إلى ذلك استنفار الحوثيين وميليشيات علي عبدالله صالح من جهة، والقوات الحكومية اليمنية والمقاومة الشعبية من جهة ثانية، لفرض وقائع جديدة على الأرض تسبق وتواكب أي مباحثات سياسية.

تلتقي كل هذه العناصر وغيرها لتعلن أن اليمن دخل في مراوحة قد تطول، وهو ما استدرج عددا كبيرا من الكتابات، باتت تعتبر اليمن مأزقا سعوديا جديا. لا شك أن غياب معايير “كلاسيكية” للانتصار والهزيمة في اليمن تعقّد على المراقبين، الحكم على حصيلة عاصفة الحزم. لكن قراءة النتيجة من زاوية براغماتية تفيد بما هو مختلف.

يبدأ أي مسؤول سعودي تقييمه للواقع اليمني بالتأكيد على أن أي نتيجة الآن في هذا البلد، هي حكم أفضل من نتيجة السماح للحوثيين بالاستمرار في التقدم العسكري في اليمن سيما باتجاه الجنوب. فالرياض تنظر إلى الأزمة اليمنية بعدسة المواجهة مع إيران. وبالتالي تقييم نجاحها وفشلها إلى حد كبير بمدى ما ألحقته عاصفة الحزم من خسائر بما ترى الرياض أنه مشروع إيراني في اليمن.

وفق هذا المعيار، نجحت السياسة السعودية في قطع يد إيران عن هذا البلد. منذ عاصفة الحزم ما عاد متاحا لإيران الدخول إلى اليمن، بحرا أو جوا، خارج شروط قوات التحالف التي تقودها السعودية. وتعتبر الرياض أنها فرضت على إيران والميليشيات التابعة لها الالتزام بثلاثة خطوط حمر استراتيجية وهي؛ منع تعطيل التجارة عبر البحر الأحمر، منع التوغل في حضرموت ومنع التوغل في نجران.

تولي الرياض أهمية للحرب في اليمن ومدى انعكاساتها على الداخل السعودي. فعاصفة الحزم تزامنت مع انتقال للسلطة في المملكة العربية السعودية من جيل أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود إلى أحفاده، ما جعل الحرب في اليمن بمثابة الاختبار للجيل الجديد الحاكم، بصرف النظر عن مدى واقعية الربط بين الأمرين. ففي السياسة الانطباع جزء من الحقيقة ما لم يكن الجزء الأهم، وليس من فكاك من هذا الانطباع الذي تكوّن. كما أن عاصفة الحزم بما هي قرار سعودي بالمواجهة مع النفوذ الإيراني، أعادت الثقة إلى السعوديين خاصة، والعرب عامة، بأن ثمة زمنا عربيا جديدا.

في المقابل لا تقل التحديات عن مكتسبات عاصفة الحزم. فبعد ثلاثة أشهر من عمليات القصف الجوي لا يبدو أن الغارات ستكون كافية لفرض تراجع الحوثيين عما احتلوه. ولا يبدو النجاح حتى الآن حليف الجهد العسكري لقوات التحالف في إجبار الحوثيين على تسليم أسلحتهم أو السماح للسلطة الشرعية بالعودة إلى عدن، فما بالك بالعودة إلى صنعاء. وهنا تتداخل عوامل عدة. تصطدم الحرب الجوية بمحدودية قدرتها. وهذا اختبار عسكري جُرّب في أكثر من ميدان. لم تنجح قوات التحالف في بناء تحالف بري من دول حليفة لاسيما باكستان ومصر. كما أن القوات الموالية للرياض بيّنت عن أداء متفاوت.

أما سياسيا فالأمور أكثر تعقيدا. الجنوبيون الذين يشكلون حتى الآن، العمود الفقري للقوى الموالية للشرعية في اليمن، وتتصدر شخصياتهم الجسم السياسي اليمني الحليف للرياض، كهادي وخالد بحاح، ليسوا بالضرورة في وئام مع الأهداف السياسية للرياض. فإذا كانت السعودية تفضل يمنا موحدا، يبدو الجنوبيون كمن عثر في عاصفة الحزم على فرصة بناء قوة ذاتية تمكنهم من إعادة إحياء مشروع الانفصال عن الشمال، وإن لم يتم تظهير هذه المواقف في التصريحات السياسية. وبالتالي لا يبدو الجنوبيون، حقيقة، في عجلة من أمرهم لإعادة هادي إلى عدن إذا كانت العودة ستصب مياها في طاحونة حل سياسي يبقي اليمن موحدا.

كما لم تنجح الرياض حتى الآن في استمالة شخصيات يمنية شمالية، أو توجيه ضربة تفكك البنية القبلية والعسكرية التي يقوم عليها نفوذ الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، الحليف المفاجئ للحوثيين وعنصر قوتهم الأبرز. وفي جانب آخر لا يقل أهمية، دخلت العمليات العسكرية لقوات التحالف منطقة حساسة، باستثارتها عصبية يمنية معادية للسعودية نتيجة تداعيات الأعمال العسكرية على أمن اليمنيين، كما على شروط العيش التي ازدادت سوءا.

معايير النجاح والفشل في الحالة اليمنية، معايير معقدة ومركبة. ما حققته السعودية في هذا البلد ليس قليلا، والتحديات التي تواجهها ليست قليلة هي الأخرى.
-----------
العرب
 

 
 
 

نديم قطيش
الاربعاء 17 يونيو 2015