نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

سمومُ موازينِ القوى

28/07/2025 - غسان شربل

من نطنز إلى صعدة: مواد القنبلة في قبضة الوكيل

24/07/2025 - السفير د. محمد قُباطي

في كذبة الوطنية السورية

21/07/2025 - غازي دحمان

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش


السكن الاجتماعي ينقذ أزمة العقار في المغرب من تداعيات الأزمة المالية العالمية




الرباط - مروة سالم - اهتدت الحكومة المغربية إلى تشجيع السكن الاجتماعي كوسيلة لإنقاذ قطاع العقار من حالة الاختناق التي ضربته منذ مدة بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على كافة أرجاء العالم.


صور لمشروع سكني في طور الإنجاز
صور لمشروع سكني في طور الإنجاز
ورغم التطمينات التي قدمتها الحكومة المغربية أكثر من مرة، إلا أن قطاع العقار عرف تراجعا خصوصا في ما يتعلق بالسكن الرفيع، إلا أن الخطة اتجهت نحو خلق انتعاشة في أصناف أخرى من العقارات من أجل إبقاء القطاع في مستواه، علما أن المغاربة يرفعون شعار امتلاك مسكن بل ويعتبرون على حد تعبيره "قبر الحياة".

فالأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، جهة حكومية متخصصة في إنجاز الإحصائيات والتوقعات الاقتصادية، تفيد أن أزيد من 40في المئة من أجر الموظفين المغاربة تخصص للسكن، ثم إن ارتفاع قيمة الإيجار، دفع عدد من الموظفين، بما فيهم المرتبين في السلالم الإدارية الدنيا، إلى اللجوء إلى الاقتراض البنكي من أجل امتلاك سكن.

"السعدية" واحدة من اللواتي تفضل أن يكون لها مسكن خاص، ولا تبالي بباقي حاجيات الحياة. تشتغل السعدية منظفة في إحدى الشركات الخاصة، توفي زوجها منذ سنوات طويلة، وتركها وحدها في مواجهة متاعب الحياة. قررت الخروج إلى العمل لتعول ابنها الوحيد، الذي بلغ حاليا عشرين سنة، وهو عاطل عن العمل. تقول إنها فكرت أن تستثمر كل ما جنته من سنوات الكد والعمل هنا وهناك من أجل توفير السكن، فقد كانت تقطن في حي صفيحي ضواحي العاصمة الرباط، وبمناسبة إطلاق الحكومة المغربية، مشروع "مدن بدون صفيح" انخرطت فيه بكل طواعية. لا تنكر أنها تواجه صعوبات جمة لتسديد المبلغ الشهري المحدد لها بـ 800 درهم، فقد استفادت من مسكن بقيمة 140 ألف درهم، ووقع اتفاق على أساس أن الدولة هي التي تضمن زبائنها مع المؤسسات البنكية في أفق تسديد المبلغ المذكور.

لقد كان العقار ولازال يمثل أحد أهم منفذ للاستثمار المربح في المملكة. مهاجرون مغاربة تهافتوا على شراء الممتلكات كوسيلة لإدخار الأموال التي جمعوها في المهجر، كما أن أغلب الموظفين وجدوا أنفسهم أمام مؤسسات بنكية واستفادوا من قروض السكن، التي لازالت فوائدها جد عالية مقارنة مع بلدان تعرف مستوى النمو شبيه بالمغرب.

واعتبر وزير السكنى المغربي احجيرة توفيق في تصريح خص به وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.ا) أن مشاريع السكن الاجتماعي هي التي أعادت الروح لقطاع العقار معترفا بأن المشاريع الخاصة بالسكن الاجتماعي أنقذت العقار في المغرب من الركود، ما يبرر حسب هذا المسؤول الحكومي حرص وزارته على المضي قدما في إطلاق مجموعة من المشاريع علها تعيد الحياة إلى قطاع كان دائما يعد رائدا في الاقتصاد المغربي. كما اعترف وزير السكنى في أكثر من مناسبة أن السكن الاجتماعي يشكو من نقص في الجودة، وهو يدعو دائما المنعشين العقاريين الخواص، الذين ينخرطون في إنجاز مشاريع السكن الاجتماعي، إلى تحسين جودة منتوجهم، علما أن الدولة تقدم مجموعة من الامتيازات للراغبين في الاستثمار في هذا القطاع.

وكانت الحكومة خلال جولة الحوار الاجتماعي الأخيرة مع المركزيات النقابية وممثلي أرباب المقاولات في المغرب قررت دعم إنجاز السكن الاجتماعي لفائدة العاملين في القطاع الخاص، علما أن هذه الفئة عادة ما تعترضها صعوبات في الحصول على قروض السكن بسبب الضمانات المتشددة التي تفرضها البنوك على الراغبين في اقتناء مساكن. فالقروض المتعلقة بهذا الجانب في الغالب ما تكون طويلة الأمد، تتعدى أحيانا 20 سنة، ما يعني ضرورة تشديد الشروط حتى لا يستفيد منها إلا من له ضمانات في الاستمرار في نشاطه العملي.

ولقد انتهى الحوار الاجتماعي، الذي دأبت الحكومة المغربية إجراءه مرتين في السنة، وتعلن عن نتائجه يوما أو يومين قبل احتفالات الطبقة العاملة بعيدها العالمي كل عام، إلى وضع برنامج للسكن الاجتماعي لفائدة العاملين الذين لا يستفيدون من الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص. ولتفعيل هذا المشروع على أرض الواقع، قرر الوزير الأول، باعتباره رئيسا للحكومة، تشكيل لجنة يرأسها شخصيا، وتضمن في عضويتها مسؤولين عن وزارة السكنى والداخلية والاقتصاد والمالية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المكلف بجمع التصريحات بالأجراء، وصندوق الإيداع والتدبير والاتحاد العام للمقاولات المغربية. وستعكف اللجنة على دراسة إمكانيات الحصول على أراضي بأثمنة رمزية لتقيم فيها السكن الاجتماعي الذي سيسوق للأجراء بأسعار تفضيلية.

ويعتبر وزير التشغيل المغربي أغماني جمال أن هذا المشروع يروم في عمقه إلى تحسين دخل الأجراء من خلال توفير السكن لهم وإعفائهم من مصاريف الإيجار. فأغلب العاملين في القطاع الخاص، وبسبب هزالة أجورهم، يضطرون إلى الاستقرار رفقة عائلاتهم أو الاستقرار في منازل غير صالحة للسكن تم استئجارها بمبالغ محدودة.

وفي هذا الصدد، صرح سائق سيارة أجرة في العاصمة أنه لم يفلح في الدخول في القفص الذهبي بسبب عدم توفره على مسكن قار ومستقل حيث يقول " اغلب الفتيات اللواتي تقدمت لخطبتهن رفضن الارتباط لأنني لا أملك مسكنا يؤوي أسرتي في المستقبل، ما اضطرني إلى العدول عن فكرة الزواج إلى حين تحقيق هذا المطلب."

مطلب يشكل عائقا لعدد من الشباب المغاربة خصوصا الذين يوجدون في خانة العاطلين عن العمل. لذلك ارتأت الحكومة أن تساهم أولا في حل هذا المشكل بالنسبة للعاملين من ذوي الدخل المحدود من خلال تخصيص الموارد المالية التي تجمع في صندوق الإيداع والتدبير من التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فعوض أن تبقى تلك الأموال مودعة لدى صندوق الإيداع والتدبير، فكرت الحكومة، في إطار التفاوض الأخير الذي أجرته مع المركزيات النقابية وممثلي المقاولات في المغرب، في استثمار تلك الأموال التي تقدر بمليارات الدراهم في إطار مشاريع سكنية لفائدة الأجراء ذوي الدخل المحدود.

إنها صيغة يرى أعضاء حكوميون مناسبة لتحسين الدخل بطريقة غير مباشرة، ثم ضمان كرامة العاملين في توفير لهم مسكن لائق وبمواصفات مقبولة.

وينتظر أن تعقد اللجنة المشتركة المكلفة بهذا المشروع قريبا للتدقيق في كيفية الإنجاز من خلال الانطلاق من الأموال المتوفرة وتحديد التركيبة المالية التي سيتطلبها المشروع

مروة سالم
الخميس 12 ماي 2011