| |||
لكن الكمين الذي واجه القوات الإسرائيلية أثناء انسحابها، والضربات الجوية التي تبعته، حولت العملية إلى قضية دبلوماسية امتدت أصداؤها من دمشق إلى واشنطن.
وقع الاشتباك في الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد، وهو يوم تميز بمسيرات مؤيدة للحكومة سرعان ما تحولت إلى مظاهرات غاضبة بمجرد وصول أنباء التدخل الإسرائيلي إلى الشارع.
ما اعتبره الإسرائيليون عملية ضرورية لمكافحة الإرهاب، رآه السوريون انتهاكاً لسيادتهم واختباراً لقدرة قيادتهم الجديدة على الرد.
سافر المبعوث الأميركي الخاص لسوريا توم براك إلى دمشق والتقى يوم الاثنين بالرئيس أحمد الشرع... بعد وقت قصير من اجتماع براك نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة على منصة "تروث سوشيال" يشيد فيها بالشرع وعمله في سوريا.
تضمن المنشور عبارة حادة تنصح إسرائيل بـ "الحفاظ على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وعدم السماح بحدوث أي شيء يعرقل تطور سوريا إلى دولة مزدهرة".
لم يترك التوقيت مجالاً للشك حول نية البيت الأبيض. فمهما كان التعاطف الذي قد تكنّه واشنطن للمخاوف الأمنية الإسرائيلية، فإن المسؤولين الأميركيين يعبرون عن إحباطهم مما يرونه عدم رغبة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تكييف العمليات في سوريا مع الاستراتيجية الدبلوماسية الأوسع للإدارة.
حذر المسؤولون الأميركيون منذ أشهر من أن الغارات الإسرائيلية، مهما كانت مبررة من منظور إسرائيل، تخاطر بتقويض موقف الشرع في لحظة تعتقد فيها واشنطن أنه بات منفتحاً على التعامل مع إسرائيل.
تنظر إسرائيل للأمور بشكل مختلف تماماً. فبينما ترى واشنطن في الشرع قائداً يجب دعمه، ترى إسرائيل فراغاً أمنياً.
لا يمكن تجاهل الاختلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالسياسة المناسبة تجاه سوريا. فواشنطن تريد من إسرائيل أن تبطئ وتيرتها لمنح سوريا مساحة للاستقرار، ولإعطاء الدبلوماسية فرصة، ولتجنب الخطوات التي قد تقوض زعيماً يسعى البيت الأبيض لاستمالته.
بينما تريد إسرائيل من واشنطن أن تفهم أن سوريا المستقرة هي اليوم طموح أكثر منها واقع، وأن الأمن لا يمكن إسناده إلى حكومة لا تزال تكافح لفرض سلطتها أو إلى آليات دولية نادراً ما تعمل عندما يكون الأمر مهماً.
الرسالة التي يجب على إسرائيل نقلها الآن إلى واشنطن بأدب وهدوء، ولكن بحزم: إسرائيل تدعم الانخراط الدبلوماسي مع سوريا وتتفهم أهداف الإدارة الأميركية. لكنها لا تستطيع أن تبني أمنها على أمل أن تتحقق السيطرة السورية على الجنوب فجأة.
إلى أن تتمكن الحكومة السورية الجديدة من ضمان عدم قدرة الفصائل الجهادية والوكلاء الإيرانيين والشبكات المرتبطة بحماس على العمل على طول الحدود بشكل موثوق، ستواصل إسرائيل العمل بشكل استباقي، ليس لتقويض دمشق، ولكن لمنع تكرار أسوأ فشل أمني في تاريخها.


الصفحات
سياسة









