نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


اليونان: مسار جديد للهجرة على ضفاف نهر إيفروس




بيتيون / سوفيكو -

جريجور ماير – تمر الوجوه كالأطياف في منتصف الليل عابرة طريق السكك الحديدية الذي يصل قرية "بيتيون" اليونانية بنهر "إيفروس" الذي يجري على امتداد الحدود التركية. في البداية مر وجهان، ثم أربعة وجوه وتبعهم أربعة آخرون، شباب يرتدون سترات خفيفة وأحذية رياضية ويحملون حقائب ظهر صغيرة، لا يريدون التحدث إلى أحد، لا يريدون أن يتعرف عليهم أحد، هم في عجلة من أمرهم، أحدهم فقط يصرح بأنهم فلسطينيون


 .
خلال أحد الصباحات و بعد يومين، في قريتين من قرى "سوفيكو"، شمال شرق اليونان، يسير شابان من أكراد شمال العراق على الطريق نحو الداخل، وقد أصابهما الإنهاك الواضح والوهن من شدة الجوع والعطش. الشابان هما: عادل علي، 31 عاماً، وسليمان جاليد، 30 عاماً، خرجا صباحاً من بين الشجيرات القائمة على ضفاف نهر "إيفروس"، وقد بدأت رحلتهما عبر أخطار النهر، في الليلة السابقة على متن قارب مطاطي. يقول عادل علي: "كان علينا أن نظل منتظرين في الجهة المقابلة أربعة أيام بين الأعشاب والشجيرات. حيث قام بعض المهربين بتنظيم الرحلة بواسطة القارب ثم أعطوا لنا الضوء الأخضر للانطلاق." وعليه يؤكد كلاً من علي وجاليد أن أحداً منهما لم ير قوات الأمن التركية، وقالا فقط إنهما يريدان الوصول إلى ألمانيا.
يتدفق نهر "إيفروس" الذي يطلق عليه بالتركية "ميريك" وبالبلغارية "ماريتسا"، على مسافة ما يقرب من 200 كيلومتر، ويعد فاصل حدي طبيعي بين اليونان وتركيا. وفي عام 2012، قامت اليونان بوضع سياج من الأسلاك الشائكة يمتد بطول 12 كيلومترا، إلا أنه يبقى من الصعب السيطرة بالكامل على الحدود النهرية.
وقد أرتفع عدد اللاجئين المحتجزين على نهر "إيفروس"، بشكل مفاجئ، ليصل في نيسان/ إبريل إلى 3986 لاجئ، بالرغم من أنه قبل شهر كان 1658 فقط، لكن المنحنى عاد للهبوط في آيار/مايو حيث تم تسجيل 660 لاجئا حديثي الوصول في أول أسبوعين من الشهر، مع الوضع في الاعتبار صعوبة معرفة العدد الذي وصل دون تسجيل.
يبدو أن الفلسطينيين القادمين من "بيتيون" يعرفون وجهتهم جيداً هذه الليلة، فهم ممن يستطيعون تحمل تكلفة انتقالاتهم إلى إيطاليا عبر البحر الأدرياتيكي أو عن طريق البلقان، المغلق، من خلال طرق بديلة عبر ألبانيا أو البوسنة والهرسك أو بلغاريا ورومانيا إلى وسط أوروبا.
وتعلن الشرطة اليونانية، مراراً وتكراراً، عن شن حملات ضد المهاجرين المختبئين في أعماق البلاد، ومرات عن التجار اللائي يحتجزون أشخاصا من عملائهم كرهائن حتي يرسل أقاربهم الأموال. كما اعتادت الشرطة على رصد المهاجرين غير الشرعيين ممن يستقلون شاحنات النقل والحافلات الصغيرة.
أما من يتم رصدهم في منطقة نهر "إيفروس" فيتم نقلهم أولاً إلى "فيلاكيو"، أقرب مخيم مغلق لتسجيل المهاجرين، حيث يتم أخذ بصمات الأصابع وإعطاءهم شهادة طلب لجوء، هذا الإجراء لا يستمر لأكثر من 25 يوماً، وبعدها يتم إرسال المهاجرين إلى مخيمات مفتوحة، والغالبية تكمل رحلتها إلى وسط أوروبا.
وفقاً لما قاله السيد "ليو دوبس"، المتحدث الرسمي لوكالة الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بأثينا، إن مخيم "فيلاكيو" كان يعج، في شهر نيسان/ إبريل، ب250 من المهاجرين، الذي انخفض عددهم مع منتصف شهر آيار/مايو إلى 169، من بينهم 111 من القصر بدون ذويهم. وقد أخذ اثنان من المدرسين يحاولان تعليم الأطفال، ومعظمهم كان من باكستان، بضع كلمات باللغة اليونانية، ليخففا من حدة ملل الانتظار في هذا المعسكر، وقد بدا على الأطفال استمتاعهم بالوقت.
أما قرية "بيتيون" فتعد واحدة من أكثر الممرات على ضفاف نهر "إيفروس" التي يرتادها المهاجرون، حيث مقهى "شاراما" الذي يتيح رؤية منطقة الفيضانات بالقرب من النهر، وهي ليست إلا منطقة عسكرية محظورة. ويقول "إيوانيس كيورتيديس" الذي بلغ سن التقاعد، "أشعر بالأسف والأسى عندما أرى باستمرار على ضفاف النهر مشهد الأطفال مع عائلاتهم وقد أصابهم الإنهاك، وهناك من يقدم لهم الحليب والماء والخبز والكعك".
منذ عدة سنوات، كان هذا الرجل، البالغ من العمر 64 عاماً، يعمل بائعاً في مدينة "شتوتجارت" الألمانية، ويعود في أشهر الصيف إلى مسقط رأس زوجته. وفي عام 1974، قامت شبه حرب بين اليونان وتركيا جراء الغزو التركي لشمال قبرص، مما جعله يتقدم للخدمة العسكرية، ومنذ ذلك الحين تعرف جيداً على نهر "إيفروس"، وكأحد السكان المحليين، كان يسمح له بالصيد على ضفاف النهر بل والدخول إلى المنطقة المحظورة ذاتها. ويقول "هذا النهر محفوف بالمخاطر على السطح يبدو هادئاً لكنه ثائرً في الأعماق، حيث تتخلله الكثير من التيارات والدوامات".
في الواقع، تشهد ضفاف نهر "إيفروس"، بشكل متكرر، غرقى من المهاجرين. ووفقاً للأرقام الرسمية، فقد لقى هذا العام 12 شخصاً حتفهم هناك و9 في العام الماضي، أو ريما أكثر. ويزعمون في "بيتيون" أن جثث بعض الغرقى لا يمكن استردادها، حيث أن الحراس الأتراك سيمطرون رؤوس العمال المدنيين اليونانيين بوابل من الطلقات التحذيرية.
" إيوانيس كيورتيديس" لا يثير دهشته أن المهاجرين لا يتم مهاجمتهم من قبل قوات الأمن التركية، فهو يعتقد أن كل شيء يتم مقابل المال، ومع ذلك فلا يمكن التحقق مما يتم بسهولة. ويشار كثيراً في الدوائر الحكومية في "أثينا" إلى أن اتفاقية الهجرة لعام 2015 بين تركيا والاتحاد الأوروبي لا تتضمن حدود نهر "إيفروس"، فالمهاجرون، الذين لا يحصلون على حق اللجوء، ممن يصلون عبر شرق بحر "أيجه" باتجاه اليونان، يمكنهم العودة إلى تركيا استناداً إلى هذه الاتفاقية. وبما أن هذا لا ينطبق على منطقة نهر "إيفروس"، تفترض "أثينا" أن "أنقرة" ليس لديها من الدوافع ما يجعلها تقوم بأبعاد اللاجئين عن هذا الحد بنفس الطريقة التي تتبعها على ساحل بحر "ايجه".
أيا ما يكون، حتى لو كان من الممكن تعطيل نشاط الهجرة في منطقة مثل منطقة نهر "إيفروس"، إذا اشتد الصراع في الشرق الأوسط، على سبيل المثال، سيتحول هذا الطريق المار بنهر "إيفروس"، في القريب العاجل، إلى أحد الطرق الرئيسية للاجئين.
(د ب أ) ط ز/ ب ت

جريجور ماير
الثلاثاء 19 يونيو 2018