نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


بغداد منصة للدّبلوماسية الإقليميّة... وتفكير في التّجديد للكاظمي!




يبدو أن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الشرق أوسطية، ومشاركته في قمتي جدة السعودية - الأميركية، والعربية - الأميركية، حركت المشهد الإقليمي. فقد سارعت روسيا إلى التحرك في اتجاه طهران لعقد قمتين، ثنائية مع إيران وثلاثية انضمت إليها تركيا. وقد وصفت زيارة الرئيس فلاديمير بوتين لطهران بأنها رد على زيارة بايدن، وأن قمم طهران أتت لإقامة توازن مع قمم جدة التي دارت حول زيارة الرئيس الأميركي.


 
بعد ذلك بأيام، وقّعت روسيا مع أوكرانيا، برعاية الأمم المتحدة وتركيا، على اتفاقية لضمان تصدير مخزون الحبوب الأوكراني العالق في الموانئ والصوامع، والمقدر بـ25 مليون طن عبر ممرات آمنة. والأحد وصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى القاهرة مستهلاً جولة على عدد من الدول الأفريقية التي تمتلك علاقات سياسية وتجارية مع روسيا، ما يهدّد أمنها الغذائي. 
 
هذا من الجهة الروسية التي تسعى إلى كسر الطوق الذي أحاطتها به الدول الغربية. فهي تريد أن تقول للولايات المتحدة إنها موجودة بقوة في الشرق الأوسط، وإنها تمتلك عناصر قوة مهمة في علاقاتها مع العديد من الدول الناشئة التي تضررت جراء الحرب في أوكرانيا، وروسيا تملك مفاتيح التخفيف من المخاطر على أمنها الغذائي. لكن ثمة مستوى آخر يحصل فيه حراك دبلوماسي كبير غداة زيارة الرئيس بايدن. إنه الحراك العربي الإيراني الذي تدفع به الدبلوماسية العراقية التي يقوم بها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي. فقد نجح الأخير منذ شهر نيسان (أبريل) 2021 في إقناع المسؤولين السعوديين والإيرانيين بإجراء لقاءات ثنائية في بغداد، من أجل البحث عن خفض مستوى التوتر بين البلدين.
 
وحصلت خمسة اجتماعات كان لها الطابع الأمني. ويوم السبت الفائت، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إنه يجري التحضير لعقد جولة سادسة من المحادثات السعودية الإيرانية في بغداد، لكنه سيكون هذه المرة سياسياً وعلنياً يشارك فيه وزيرا خارجية البلدين الأمير فيصل بن فرحان، وحسين أمير عبد اللهيان، بمعنى أنه سيكون على مستوى أرفع، ما يعطي إشارة إلى أن ثمة تقدماً يحصل في العلاقات بين البلدين. وقد أكد وزير الخارجية العراقي أن هذا الاجتماع سيحصل قريباً جداً بعدما أبلغه ولي العهد السعودي في جدة موافقته على أن يكون دبلوماسياً. سبقت ذلك معلومات عن تعيين الكويت سفيراً جديداً لها في طهران، والتأكيد أن أبو ظبي تفكر جدياً في تعيين سفير جديد لها أيضاً. 
 
إذاً، هناك حراك جديد على الصعيد الدبلوماسي في المنطقة. فزيارة الرئيس بايدن التي قيل إنها أتت لإعادة إحياء علاقات أميركا مع حلفائها في المنطقة، نجحت في مكان ما، ولكنها لم تعد بالمنطقة إلى زمن الاصطفافات الدولية الحادة. فدول المنطقة تدير علاقاتها الخارجية وفق مصالحها، ومصالحها عامل متحرك على الدوام. والاصطفاف الذي يشبه اصطفاف الحلفاء في الحروب الكبرى غير وارد في الشرق الأوسط الجديد.
 
وحتى مع إيران التي تشكل التهديد الأول لأمن دول المنطقة، وسلامة نسيجها الاجتماعي، بدءاً من العراق نفسه، فإن الدول العربية المركزية، وفي طليعتها الخليجية، تبقي على قنوات الحوار وتبادل الأفكار لخفض التوترات، ولا تسلم أوراقها للولايات المتحدة اللاهثة خلف اتفاق 2015 النووي، وفي المقابل لا تمنح روسيا التأييد الذي تتمناه، وتبقى على حافة المواقف، بحيث إنها ترفض أن تدفع أثماناً لصراعات لا تعنيها.
بالنسبة إلى مقاربة العلاقات مع إيران، تدرك القيادات العربية أن طهران مصدر تهديد استراتيجي أول، لكنها غير معنية بصراع مفتوح ودموي معها، في ظل المواقف المتقلبة لدول الغرب، وفي الطليعة الولايات المتحدة. وإذا كانت من وسيلة لخفض التوير مع طهران، والعودة إلى ستاتيكو في العلاقات بسقوف تضمن التخفيف من التوترات، ومنع مواجهة كبيرة تدمّر المنطقة، ولا يفيد منها أحد، فالمباحاثات بين الرياض وطهران تكون خطوة في الاتجاه الصحيح، من دون التسليم لطهران بسياستها التوسعية العدوانية.
 
هنا الدور العراقي مهم، لأن العراق يكاد يصبح  "المختبر" المعتمد للعلاقات العربية الإيرانية في المرحلة المقبلة. ومن هنا الحديث المتزايد عن البحث في اعتماد بغداد منصة للدبلوماسية الإقليمية من خارج الاصطفافات الدولي يكون دورها من خلال إقرار قمة إقليمية دورية على غرار القمة الأخيرة لدول الجوار العراقي التي عقدت في آب (أغسطس) 2021. هذه المنصة قد تستدعي في لحظة ما الاتفاق على التجديد لمصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة، باعتباره نقطة تقاطع إقليمية في قلب بغداد. 
--------

النهار العربي
 

علي حمادة
الخميس 28 يوليوز 2022