نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


تشيلي قد تنسى الدكتاتور بينوشيه ولكن لن تنسى " فيكتور خارا"الفنان الثوري




سانتياجو دي تشيلي - كارلوس درات – ربما تتمكن تشيلي بعد أربعة عقود من الانقلاب العسكري على الشرعية، نسيان الدكتاتور الذي قام بهذا العمل المشين، رغبة منها في رأب الصدع، ومداواة الجراح، ولكنها لا تستطيع أن تنسى من قدموا أرواحهم فداءا للوطن وتحدوا الدكتاتور في عنفوانه، ليصبحوا أيقونات ستظل خالدة أبد الدهر.


جدارية بطول 200 متر تخليدا للمغني فكتور خارا، الذي عذب وقتل بسبب معارضته لانقلاب تشيلي عام 1973
جدارية بطول 200 متر تخليدا للمغني فكتور خارا، الذي عذب وقتل بسبب معارضته لانقلاب تشيلي عام 1973
كان من بين هؤلاء الأبطال فيكتور خارا، الذي تحتفل تشيلي هذا العام بالذكرى الأربعين لرحيله المأسوي على يد سلطات الانقلاب العسكري المدعوم من قبل الولايات المتحدة وأيضا في شهر أيلول /سبتمبر ، ولكن قبل ثلاثين عاما من هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك.

جدير بالذكر أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان قد دعت إلى تنظيم مسيرات حاشدة بمناسبة مرور 40 عاما على الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال بينوشيه ضد حكومة سلفادور الليندي أول رئيس ماركسي منتخب، مما أسفر عن مصرع الليندي واختفاء أكثر من 30 ألف شخص من المعارضين للانقلاب بالإضافة لتعرض نحو 40 ألف آخرين لانتهاكات رهيبة لحقوق الإنسان ومن بينهم رئيسة تشيلي السابقة ميشيل باشليه التي تعرضت للتعذيب والاعتقال واضطرت إلى الهرب من البلاد ولم تعد إلا بعد انتهاء الحقبة الدكتاتورية التي استمرت من 1973 إلى 1989.

وقد عمدت حكومة الانقلاب إلى التخلص من كافة المعارضين ولهذا لم يسلم فيكتور خارا المغني وعازف الجيتار والكاتب المسرحي وعضو الحزب الشيوعي من تبعات الانقلاب العسكري الذي اقتاده زبانيته ضمن جميع المعارضين إلى استاد العاصمة سانتياجو، والذي يحمل الآن اسم خارا، والذي استخدم عام 1973 كمعتقل لتعذيب المعارضين.

وقد تعرض خارا للتعذيب الشديد وقطعت أوصاله وتم التنكيل به لمنعه من الغناء ضد النظام وأخيرا نفذ فيه حكم الإعدام رميا بالرصاص. في عام 2009 تم نقل جثمان الفنان الشعبي الفلكوري إلى مثواه الحالي في المقبرة الوطنية ليرقد بسلام بعد أن تم التحقيق في أسباب وفاته والتي أعلنت أنه قد تعرض لإطلاق النيران بعد التعذيب الشديد وأن عدد الرصاصات قد بلغ الثلاثين طلقة.

ولا تزال أغاني فيكتور خارا تسكن قلوب الملايين من الكادحين والمناضلين في العالم ضد الظلم والاستغلال ومن أشهر هذه الأغنيات أغنية "الروح" التي أهداها إلى جيفارا قبل وفاته بشهور في بوليفيا عام 1967.
جاءت الجنازة الرسمية التي أقيمت لخارا عام 2009 بمناسبة مراسم إعادة دفن رفاته، مهيبة وسادها حالة من الوقار الشديد ليس فقط بالنسبة لعائلة خارا وإنما لكل أسرة تشيلية فقدت فردا من العائلة ولم تعرف مصيره حتى الآن .
وفي هذا العام وبعد مرور أربعون عاما على الانقلاب العسكري لا زالت تشيلي ترفع شعار لن ننسى أحداولن ننسى شيئا .

كما افتتحت تشيلي جدارية بطول 200 متر تمثل فنان الشعب "خارا" الذي كرس فنه وحياته من أجل الكادحين في بلاده.
لا زالت تشيلي تعاني مرارة الظلم، بسبب حالات الكثير من المختفين الذين لم يعرف مصيرهم، وبسبب العدالة البطيئة التي لم تطبق، فهناك أكثر من 1300 دعوى منظورة أمام المحاكم بسبب حالات اختفاء لم يجر التحقيق فيها ولهذا دعت الرئيسة السابقة باشليه إلى ضرورة ان تأخذ العدالة مجراها حتى ترقد أرواح ضحايا تشيلي في سلام وتشعر عائلاتهم بشيء من الراحة والسكينة.

استمر حكم نظام الانقلاب العسكري في تشيلي ما يقرب من سبعة عشر عاما، وبدأت وقائعه بإطلاق النيران على قصر لامونيدا "الرئاسي" فيما قام سلاح الجو بقصف القصر الرئاسي ثم اعتقال جميع المعارضين، بعد إعلان مصرع الليندي منتحرا، وفقا للرواية الرسمية التي روجها بينوشيه. لا زال الجيران في منطقة سان بورخا يذكرون كيف جاء الجنود إلى المنطقة وقاموا بجمع كل الكتب الماركسية وتم اقتحام المنازل واعتقال ساكنيها .

وقد عمدت حكومة الانقلاب التي بدأت في عام 1973 واستمرت حتى عام 1990 إلى التخلص من كل الوثائق والمستندات المتعلقة بحكومة الليندي وكل الكتب التي تدعو إلى الديموقراطية أو الحريات وقد أطلقت على هذه الكتب "الكتب التحريضية " وكان يتم جمع هذه الكتب وحرقها في جميع الحدائق العامة، بحيث اعتاد الناس على رؤية ارتفاع السنة اللهب وعلى رؤية السماء رمادية من شدة الدخان.

على مدى سنوات طويلة لم يتغير الوضع في تشيلي كانت الرقابة على الصحف لا هوادة فيها وكانت الإقالة أو النفي هي أهون الأضرار التي من الممكن أن يتعرض لها صحفي تجاوز الخطوط الحمراء المتفق عليها.
كما عانى الفنانون من مختلف طوائف الفن من موسيقيين وشعراء وكتاب ورسامين من النظام القمعي خاصة أولئك الذين لم تتماش آرائهم مع آراء حكومة الانقلاب وعلى رأسهم خوان مانويل سيرات مؤلف "بينيلوب" و"البحر الابيض المتوسط" الذي منع من الغناء بعد أن وصلت تقارير سرية تذكر أنه قد قام بتعليقات سلبية على نظام الحكم في تشيلي أثناء غنائه في الأرجنتين عام 1983 .

كما تم حظر كتب كلا من ماريو بارجاس يوسا وبابلو نيرودا الحائزان على جائزة نوبل للأدب كما تم منع جميع كلاسيكيات الأدب الماركسي من التداول في البلاد. كان كل ما يدعو إلى الحريات ممنوعا ومحرما ويتم حرقه وكانت المسرحيات التجريبية ترمز لحرق الكتب بحرق الملاءة الحمراء رمز الشيوعية .

يوجد مشروع لجامعة دييجو بورتاليس لجمع نسخ من جميع الكتب التي تم حرقها والتي منع الشعب منها على اعتبار أنها كتب تخريبية تحريضية كما أطلق عليها نظام الانقلاب وقد تطوع العديد من أجل المساهمة في جمع هذه المكتبة التي أطلق عليها اسم "المكتبة المستعادة". ومن الطريف في الامر أن بينوشيه نفسه قد تم العثور في مكتبته الخاصة على ما يقرب من 55 ألف من النصوص التي تقدر قيمتها بنحو ثلاثة ملايين دولار .

أما عن التساؤل إن كان الجنرال قد قرأ هذه النصوص أم لا فترد عليها مذكرات بينوشيه نفسه والتي قال فيها " في العاشرة تماما أكون في فراشي اقرأ لمدة ربع ساعة في المسائل الفلسفية والتاريخ السياسي".

كارلوس درات
السبت 19 أكتوبر 2013