نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


“حرب الطرق” تشتعل في الشمال استباقا لتطبيق سوتشي






افتتح العام الجديد بجولة اقتتال فصائلي جديدة، بدأت بهجوم هيئة “تحرير الشام”، “النصرة” سابقاً، على بلدة دارة عزة في ريف حلب الغربي. وهي البلدة التي تنازعت السيطرة عليها مع حركة “نور الدين الزنكي”، لتتمكن الأخيرة من احكام السيطرة عليها. والبلدة تعتبر البوابة إلى منطقة عفرين وما زالت طريقا تجاريا مهما لحركة البضائع، وطريقا وحيدا لنقل النفط الخام من أقصى شرق سوريا إلى إدلب.


 

وهو ما يوضح أن الهدف المباشر من الهجوم هو تعزيز سيطرة “تحرير الشام” على الطرق والمعابر والموارد.

وتعتبر حرب السيطرة على الطرق عنوان الشهور المقبلة، على غرار ما عرف بحرب الأنفاق في الغوطة الشرقية، أو حرب النفط كما حصل بين الفصائل الإسلامية والجهادية وحتى فصائل الجيش الحر.

مع خلاف الصراع على الموارد في الاقتتالات السابقة، يشكل تطبيق البند الثامن من اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا سبب تلك الحرب. فالاتفاق الذي وقعه الرئيسان بوتين واردوغان في 17 أيلول (سبتمبر) الماضي تأخر تطبيقه، وخصوصا البند المذكور والذي نص على “استعادة الحركة على طرق الترانزيت”، أي طريقي حلب ــ دمشق واللاذقية ــ حلب في وقت حُدد بنهاية 2018.

وتشير المعلومات إلى أن قيادة “تحرير الشام” اتخذت قرارها باستباق تطبيق الاتفاق بإبعاد خصومها المنافسين، والتي تعتبر حركة “الزنكي” أبرزهم وأقواهم. وهو ما يفسر تركيز هجومها على مناطق سيطرة الحركة في ريف حلب الغربي، حيث تمكنت من انتزاع عدة قرى وتقدمت لتهدد اهم معاقل “الزنكي” في بلدة عنجارة التي أصبح مصيرها شبه محسوم لصالح “تحرير الشام”. خلف هذا يكمت الاعتقاد بأن القضاء على “الزنكي” سيسهل القضاء على الخصوم الضعفاء الآخرين، والذين توسع مناطق نفوذهم مع حشدها (تحرير الشام) خيرة مقاتليها في ريف حلب الشرقي.

وزجت القيادة العسكرية لـ”تحرير الشام” بقوات النخبة والعصائب الحمراء وجيش البادية في حربها ضد “الزنكي”، ما سهل على باقي مكونات “الجبهة الوطنية للتحرير” سرعة السيطرة على مناطق ريف معرة النعمان الشرقي، في جرجناز وتلمنس والغدفة. ووسعت الوطنية حربها إلى جبل شحشبو في ريف حماة الشمالي، وسيطرت على مناطق حيش ومعرة حرمة والفطيرة ومعرة الصين جنوب معرة النعمان.

وتقهقرت “الزنكي” إلى معقلها دون ان تتلقى مؤازرة بسبب انقطاع الطرق وعدم مقدرة الكتائب الصغيرة التي تقدمت من عقرين و”درع الفرات” على فك الحصار عليها أو احراز أي تقدم، من قبيل استعادة السيطرة على دارة عزة أو الطرق الجبلية هناك. كذلك يعود سبب التقهقر إلى انشغال “الجبهة الوطنية ” في جنوب إدلب وشرقها.

مع تحجيم دور الزنكي وهزيمتها، التي بدأت تتضح حتى لحظة كتابة هذا التقرير (مساء الجمعة)، يعني عمليا استفراد “تحرير الشام” بمناطق كبيرة. وهذا ما سينعكس على مقدرة أنقرة على تنفيذ التزاماتها مع موسكو حول تطبيق اتفاق سوتشي. وهو سيعني أن فتح طرق الترانزيت سيكون برعاية وحراسة “تحرير الشام”، وفي حال رفض موسكو لذلك سيتعين على أنقرة الايعاز إلى “الجبهة الوطنية” لبدء حرب كبيرة ضد “تحرير الشام” تبعدها عن الطرق الدولية وتحصرها شمال طريق حلب – اللاذقية. وبالطبع ستنضم فصائل “درع الفرات” أو الجيش الوطني إلى عملية عسكرية جراحية معقدة للغاية. وما يزيد صعوبتها هو غياب حركة “الزنكي” المنكسرة أخيراً.

من جهة أخرى. لم تتلق فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” إشارة مؤازرة أو بدء معركة من تركيا، ولعل هذا ما يفسر حياء مشاركة بعض فصائلها كجيش إدلب الحر، والفرقة الساحلية الأولى، والقطاع الشمالي في فيلق الشام المقرب من تركيا. وما ينطبق على تلك الفصائل ينطبق على فصائل “درع الفرات” جميعها. فهي لم تأخذ ضوءا أخضر بالمشاركة أو ضوءا أحمر يمنعها، مما أربك قادتها وجعلهم في حيرة من أمرهم. ذلك حصر مشاركتهم بالتهديد والوعيد على وسائط التواصل الاجتماعي المتعددة.

عسكريا، ظهرت مقدرة “تحرير الشام” على الاستجابة السريعة والحشد وقوة المركزية فيها، مقابل سوء تخطيط وقلة الانضباط. ومقارنة الاستراتيجية العسكرية توضح أن قيادة تحرير الشام ركزت على هدف محدد وأجلت باقي الأهداف وخصوصا “صقور الشام”، وحشدت كل طاقتها في ريف حلب الغربي ضد “الزنكي”. في المقابل انشغلت “الوطنية” بأهداف صغيرة هنا وهناك وتركت حليفها “الزنكي” يتعرض لهجم كبير بالدبابات وراجمات الصواريخ وآلاف المقاتلين من قوات النخبة لديها. ولم تتمكن عمليات “الوطنية” من ترتيب صفوف الفصائل وإقناع أغلبها بالمشاركة وترك القرار لمشاركة فردية لدى عدد كبير منها.

إعلاميا، شنت “تحرير الشام” حربا إعلامية كبيرة ومركزة على غرف تطبيق “التلغرام” وتويتر ومن خلال تسجيلات صوتية على عدة وسائط، أتبعت سياسة الضخ الإعلامي وبث الاشاعات مع بدء الهجوم على كل قرية أو بلدة. ومارست خداعا لعدد كبير من المقاتلين الذين تركوا نقاطهم أو محاور قتالهم، مما أسفر عن سقوط النقاط مسبقاً. كما تسببت تلك الحرب الإعلامية في وقوع عدد كبير من الأسرى بيد مقاتلي النخبة لدى “تحرير الشام”. واستخدم الذراع الإعلامي تلفيق أخبار ورسائل محادثة تشير إلى فرار القائد العام والمسؤول الأمني في “الزنكي” وهو ما سبب حالة توتر دفعت القادة في الزنكي إلى بث اشرطة مصورة من غرف العمليات.

هذا وقد لفت عدد من المتابعين أن رغبة تركيا كانت القضاء على “الزنكي” وهو الفصيل الأكثر براغماتية والذي تحالف مع “فتح الشام” وشكل “تحرير الشام” مع القاعدة إثر بدء مسار أستانة. ولكنه عاد وانقلب عليها وخاض حربين ضدها، آخرها استمرت 70 يوما تمكن “الزنكي” على إثرها من السيطرة على دارة عزة التي فقدها اليوم.
--------
القدس العربي


منهل باريش
الاحد 6 يناير 2019