نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


حزب الاتحاد الديمقراطي: ثابت وظيفي ومتحوّل شعاراتي




فقد عمد بكل الأساليب الديماغوجية إلى إلصاق تهمة الإرهاب بالسوريين الثائرين على حكمه الفاسد المستبد؛ وعمل في الواقع الميداني على إبعاد السوريين من غير العرب السنة عن الثورة. كما استعان بطاقات المذهبيين و”العلمانيين”، ورجال الدين والأعمال، ممن كانوا على مدى عقود جزءًا من ماكينته السلطوية الشمولية المتغلغلة في سائر شعاب وثنايا الحياة العامة، على مستوى الدولة والمجتمع، والحياة الخاصة على صعيد الأفراد.


  هكذا بقدرة قادر، وجدنا الجميعَ يُعبّر عن خشيته من إرهاب قادم، واستعداد للتصدي لخطر لم يكن موجودًا بعد.
مع تزايد وتيرة الانشقاقات مع كل تحريك للقطاعات العسكرية، بهدف منع المتظاهرين والاعتصامات التي شملت معظم أنحاء سورية، لجأ النظام، بالتنسيق مع راعيه الإيراني، إلى إجراء آخر تمثّل في استقدام قوات مضمونة الجانب، تحارب السوريين تحت إمرته، وتتبادل الأدوار والوظائف معه، مع الحفاظ على هامش من الاستقلالية الشكلية بغرض التعمية والتضليل.
وهكذا دخلت قوات “حزب الله” والفصائل المذهبية العراقية، تحت شعار حماية المراقد “الشيعية المقدسة”. ودخلت قوات “حزب العمال الكردستاني”، تحت اسم حزب الاتحاد الديمقراطي، بذريعة حماية “المناطق الكردية”، والحفاظ على “الخصوصية الكردية”، والعمل من أجل تأمين حقوق الكرد.
مع تطور الأحداث، وظهور (داعش) “المنتظر” من جانب حلف النظام، رفع “حزب الله” النقاب عن دوره الحقيقي، ليعلن زعيمه أن قواته ستكون حيث يجب أن تكون فوق كل الأرض السورية، بهدف حماية النظام الذي هو، وفق توصيف نصر الله، عمود خط “المقاومة والممانعة”، تلك المقاومة التي أدرك السوريون والعرب مؤخرًا أنها تعني، وفق حسابات النظام الإيراني، تمزيق مجتمعاتهم، وإرباكهم بصراعات داخلية عقيمة، تلتهم مقدراتهم، وتحول بينهم وبين تنمية حقيقية. وكل ذلك بهدف إفساح المجال أمام تطبيق الخطط التوسعية التي وضعها أيديولوجيو “تصدير الثورة” الإيرانية، منذ ثمانينيات القرن المنصرم.
أما “حزب العمال الكردستاني”، فقد أنيطت به مهمة خاصة، تمثّلت في “ضبط” المجتمع الكردي، واتخاذ كل التدابير التي من شأنها الحد من درجة تفاعله مع الثورة السورية، ذلك التفاعل الذي كان لافتًا قويًا في البداية. فالكرد شاركوا بفعالية في الثورة، من موقعهم ككرد عانوا من الاضطهاد المزدوج على مدى عقود، نتيجة سياسات النظام التمييزية ضدهم؛ ومن موقعهم كسوريين توّاقين إلى نظام ديمقراطي، يضمن الحرية والعدالة والكرامة لجميع السوريين من دون أي استثناء. وكان دخول قوات الحزب المعني إلى الداخل السوري، لأداء دور متكامل مع دور “حزب الله” في ميدان دعم النظام.
الجدير بالذكر هنا، هو أن إيجاد مثل هذا التعاون، بين حزب علماني وآخر مذهبي، لم يكن السابقة الأولى في سلوكات النظامين السوري والإيراني، إذ كان قد سبقه تعاون وثيق بين الفصائل المذهبية العراقية والإيرانية من جهة، والمجموعات والخلايا الإرهابية التي كان حزب البعث “العلماني” يرسلها إلى العراق، تحت إشراف مكتب نصرة الشعب العراقي، وذلك بهدف إشعال حرب طائفية، تؤدي في نهاية المطاف إلى تفجير المجتمع العراقي من الداخل، ليصبح، بعد عملية الإنهاك، مهيأ لأي تطويع.
مع كل خطوة إيجابية، كانت المعارضة السورية تُقدم عليها في ميدان التعامل مع الملف الكردي السوري؛ كان الحزب المعني يرفع سقف المزاودات الشعاراتية من أجل الإمساك بالورقة الكردية السورية، مستغلًا واقع ضعف الأحزاب الكردية وترهّلها، قبل وبعد تشكيل المجلس الوطني الكردي السوري، وانشغال تلك الأحزاب بخلافات داخلية شللية هامشية، منعتها من اتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب.
وقد تمكن الحزب المعني، بفعل ماكينته الإعلامية التضليلية، من تجنيد أعداد كبيرة من الشباب الكردي السوري، هؤلاء الذين اعتقدوا أن انخراطهم في صفوف هذا الحزب وقواته سيمكنهم من رفع الظلم عن كاهل الكرد، وضمان حقوقهم، فأصبحوا بذلك وقودًا لمشاريعه التي مارس، من أجل تسويقها شعبويًا، كلَّ أساليب التضليل الإعلامي، ولعب باستمرار على وتر دغدغة المشاعر القومية، هذا إلى جانب المشاريع الوهمية مثل: “الإدارة الذاتية”، و”الكانتونات” و”الدستور”، ومشروع الفدرالية بأسمائه المختلفة.
لكن مع تطور الأحداث نتيجة المتغيرات، تبدلت أولويات الدول، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية في عهد أوباما، وتجسد ذلك في التوافق الأميركي – الروسي على تقسيم العمل، واستخدام قوات الحزب المعني هنا في محاربة الإرهاب الداعشي، الذي تشير كل الدلائل إلى أنه قد تشكّل واُعتمد لمصلحة النظامين الإيراني والسوري. أما الغاية فقد كانت وضع العالم أمام الخيار الزائف: إما الاستبداد أو الإرهاب، ليختار الأكثر انسجامًا مع حسابات المصالح، مقابل التعهد بتنفيذ المطلوب، بناء على صفقات التعهّد الجديدة، خاصة من جانب النظام.
في أيامنا هذه، نلاحظ تغييرًا جذريًا في خطاب حزب الاتحاد الديمقراطي، إذ لم تعد للخصوصية الكردية اي شأن في خطابه الديماغوجي، تلك الخصوصية التي لاذ بها منافقًا منذ اليوم الأول، ليبرر دخوله وتدخّله في الساحة الكردية السورية من جهة، وعدم اشتراكه في الثورة السورية إلى جانب سائر مكونات الشعب السوري من جهة ثانية.
فقد بات يُعلن، بمناسبة وبلا مناسبة، استعدادَه للقتال في أي بقعة سورية، لأنه “حزب سوري”، ويعمل من أجل سورية موحدة لكل السوريين. هذا في حين أن الجميع يعلم أنه مجرد تمويه دخاني لـ “حزب العمال الكردستاني”، ويأتمر في كل صغيرة وكبيرة بتعليمات قيادة الأخير التي تتحكّم فيه من قنديل، عبر منظومة الكوادر والمنظمات التابعة له. وكل ذلك يتم في إطار سياسة عامة تم الاتفاق عليها مع النظامين الإيراني والسورية. أما القيادات الكردية السورية التي تتظاهر بأنها صاحبة القرار في الحزب المعني، فهي مجرد واجهات للتعمية والتمرير.
لقد تمكن “حزب الاتحاد الديمقراطي” من المتاجرة المبتذلة بالقضية الكردية السورية العادلة، وها هو اليوم يتاجر بالمشروع الوطني السوري، الذي لا يمكن له أن يقوم في ظل نظام مستبد فاسد مفسد، يعتمد أدوات كهذي لقمع شعبه.
يبقى علينا أن نقول: إن مسؤولية المعارضة السورية تجاه كل ما جرى كبيرة، ولا بد أن تأخذ حيزًا واسعًا معمقًا من المراجعة النقدية الجرئية. فهي قد تعاملت مع قضيتها المصيرية بعقلية اتكالية تواكلية، وانشغلت بخلافات بينية ومزاحمات على مواقع وهمية، وراهنت على وعود الآخرين، وأفسحت المجال لاختراقات كثيرة أفقدتها القوة والمصداقية. وهذا موضوع سنتوقف عنده في مناسبة أخرى.
----------
جيرون

عبد الباسط سيدا
الجمعة 17 غشت 2018