نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور


خبير المالية حمادي شوشان : ميزانية تونس للتفقير وليست للتنمية




تونس : صوفية الهمامي - صادق مجلس الوزراء المنعقد أمس الاثنين على الصيغة النهائيّة لمشروعي قانون المالية لسنة 2014 وقانون المالية التكميلي لسنة 2013 ليتم إحالتهما على أنظار المجلس الوطني التأسيسي.
وكانت الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية ومنظمة الأعراف ونشطاء المجتمع المدني قد أعلنوا رفضهم الشديد لمشروعي الميزانية وقانون المالية لما تضمناه من أحكام وقرارات تهدف الى تفقير الطبقة الوسطى التونسية والحط من المقدرة الشرائية لأغلب الشرائح الاجتماعية، الى جانب اضعاف المؤسسات الاقتصادية بفرض ضرائب من شأنها أن تقلص من قدرتها التنافسية.
صحيفة "الهدهد الدولية" التقت بأحد أبرز الكفاءات التونسية في مجال المالية الأستاذ حمادي شوشان الخبير المختص في المالية العمومية الذي قدم قراءته في قانون المالية لسنة 2014.


 
* بعد حوالي 67 سنة من الغاء قانون الأحباس حركة النهضة تناقشه اليوم تحت قبة المجلس التاسيسي ؟
 
- هذا تكتيك سياسي ولعبة سياسية الغاية منها تحويل وجهة الحوار الوطني وافتعال مشاكل واهية ليست من أولويات هذه المرحلة الصعبة من عمر العباد والبلاد، فربح الوقت هو سمة الجانب الشكلي .
أما الجانب الاقتصادي علينا العودة الى التاريخ ومعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت الى إلغاء قانون الأحباس الذي ماتزال عدة قضايا منشورة الى اليوم بالمحاكم التونسية وهي محل نزاعات. 
والسبب الرئيسي قائم الذات هو عدم استغلال العقارات على أحسن وجه تكون نتيجته مردود مجزي يعود بالنفع على المجموعة الوطنية وكما يقول المثل التونسي "الحبس لا يباع ولا يمس"، وفتح مثل هذا الملف من جديد لا جدوى ترجى من وراءه اقتصاديا.
  
* يعيش التونسيون حالة من القلق والخوف وهم بانتظار صدور قانون المالية لسنة 2014 ، سيما بعد اعلان وزير المالية انه سيتم دفع اتاوة على السيارات والعقارات والشركات بداية من السنة القادمة ، ماهي قراءتكم للميزانية القادمة؟  
 
- أول ما لاحظناه في القانون المالي لسنة 2014 هذه السنة أنه صعب للغاية وكل المؤشرات توحي  بذلك، لأن السنة الفارطة تم تقدير نسبة نمو تقدر ب 4،5 % إلا أنه تم التراجع والتقليص فيها الى حدود 3% من الناتج المحلي الخام ومع نهاية هذه السنة يصعب تحقيق هذا الحد.
ثاني ملحوظة هي إنعدام المخطط وبالتالي افتقاد الرؤية الواضحة لسنة 2014، وفي إنعدام الرؤية فإن موازنات 2012 و2013 و2014 بنيت على فرضيات غير واقعية والنتيجة كانت عدم تحقيق النتائج المرجوة .
 كما اتسمت ميزانية 2013  بتفاقم العجز واختلال في الموازنة في الموارد والنفقات وبالتالي سجل ارتفاع  الحاجيات الى التداين الخارجي حيث سيبلغ موفى 2013 نسبة هامة أي 50% من الناتج المحلي الخام. 
وبالتوازي مع هذا الوضع المالي المتردي تم التخفيض في العديد من المناسبات من الترقيم السيادي لتونس الى مستوى المضاربة، ممّا يقلل من فرص الاقتراض الخارجي وبكلفة عالية هذا إذا تم أساسا، كما يقلص من فرص جلب المستثمرين الأجانب لخلق ثروات جديدة وفتح سوق للشغل تونس في أمس الحاجة إليها في هذه الفترة.
 
* ما هي أهم ملاحظتكم حول الأحكام التي تضمنها قانون المالية للسنة القادمة وما أكثرها خطورة ؟    
 
- من خلال القراءة الأولية لقانون المالية 2014 هناك أحكاما من شأنها أن تعطل الإقتصاد والإستثمار الخارجي وبصفة عامة الاقتصاد الوطني، من ذلك أنه تم صياغة أحكام جبائية على أرباح الشركات الغير مقيمة والمصدرة، وهذا ما يجرنا للقول أن هذا الإجراء يمكن ان يكون في ظروف أخرى مجدي ولكن ليس في حالة الاقتصادي التونسي المعتل.  
كما انه يتضمن أحكام جبائية أخرى من شأنها أن تمس من القدرة الشرائية للمواطن التونسي التي تتفاقم يوميا، خاصة الطبقة المتوسطة التي تزداد من سنة الى أخرى فقرا جراء الزيادات المجحفة والمتتالية في الأسعار، من جهة ومن جهة أخرى انزلاق الدينار التونسي الى مستويات متدنية.
وبصفة عامة فإن قانون المالية الجديد كرّس فكرة البحث عن الموارد الجبائية دون مراعاة الجانب الاجتماعي للمواطنين والقدرة التنافسية في الشركات والمؤسسات الوطنية.
 
 * وما حظ التنمية الجهوية في هذه الميزانية ؟ 
 
- ميزانية التنمية بقيت مرتهنة الى القروض الأجنبية، علما و أن سنة 2013 وعلى ضوء التسعة اشهر المنقضية فإن نفقات التصرف فاقت نسبة 84% وبلغت نفقات التنمية 6% ولم يتم إنجاز الا نسبة 43%   
ونلاحظ أيضاً ان ميزانية الدولة لسنة 2014 تواصل في نفس المنهج من نفقات التصرف ولم يتم اعتماد ترشيد نفقات الدولة بل انها تواصل في نفس نمط الإنفاق. 
مما يوفر موارد إضافية لنفقات التنمية التي تعتبر المحرك الاساسي للنمو وتوفير مواطن الشغل خاصة في الجهات المحرومة.
وبالتالي يمكن أن نصف ميزانية 2014 انها "للتفقير وليس للتنمية" كما عنونا ميزانية 2013 ميزانية "الإسراف وليس للاستثمار" .
 
* فزع التونسي فاق كل التوقعات من فرض الضرائب كيف ترون الخروج من هذا المأزق الجبائي؟  
 
- كان من الأجدر أن تقوم الدولة بإصلاحات جوهرية في النظام الجبائي عوضا أن تكبل المواطن التونسي وقدرته الشرائية والشركات وقدرتها التنافسية بأتواة ومعاليم جبائية جديدة تتراكم على ما كان يكابده في السابق.
من ذلك نحن لا نلاحظ ولا نستشف إجراءات جريئة وخاصة في معالجة ظاهرة التجارة الموازية، التي تمثل في الوقت الراهن 60% من الاقتصاد التونسي،  وهذا يشكل عدة مخاطر على قطاع الانتاج المهيكل وخلق منافسة غير شرعية وغير متكافأة.
كما يعتبر هذا القطاع الذي يجلب سيولة مالية ضخمة نجهل مصادرها ولا تخضع لأية رقابة من حيث الصرف ووجهات الصرف فيها ، مصدر أساسي لتجارة الممنوعات سيما الأسلحة أي تجارة الإرهاب وصناعة الموت. 
هذا ولم يتم التطرق الى النظام التقديري الذي يتمتع به 393 الف من الناشطين الاقتصاديين الخواص، وهذا لا يمت لأسس العدالة الجبائية حيث ان مساهمة هذا الصنف تم تقديرها من الناتج المحلي الخام ب 0،2 %.
 
* أخيرا كيف ترون الحل ؟  
 
- اتضح لكل متتبعي الشأن التونسي أن الوضع متأزما في ظل غياب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وعدم فاعلية المؤسسات الدستورية، التي من شأنها ان تبعث الطمأنينة على المدى القريب وكذلك عدم تشريك والاستئناس بآراء نشطاء المجتمع المدني والخبراء في عديد الميادين وفي إطار مؤسساتي على غرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تم حله. 
هذا يعتبر مفتاح لكل الحلول العملية لتخطي هذا الوضع المتأزم والنهوض بالاقتصاد من خلال تعبئة موارد وحسن التحكم فيها وتوجيهها الى خلق الثروة ذات قيمة مضافة تنتفع منها كمل الشرائح الاجتماعية والجهات بصفة عادلة ومجدية. 
 

صوفية الهمامي
الثلاثاء 19 نونبر 2013