نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر


شوربة الحلزون....أكلة شعبية زهيدة الثمن تستهوي مختلف الطبقات المغربية




الرباط - مروة سالم - اصطفت عربات لبيع الحلزون أمام ساحة باب الحد في الرباط، وتحولق حولها زبناء من مختلف الأعمار والفئات. هؤلاء لا يأخذون وقتا طويلا من أجل احتساء شوربة الحلزون، أو ما يعرف لدى المغاربة بـ"غلالة" أو "البابوش" (نسبة إلى شكل الحلزون). عملية لا تتطلب سوى بضعة دقائق مقابل مبلغ مالي هزيل، فيتناول الزبون هذه الأكلة الطبيعية وينصرف إلى حال سبيله.


شوربة الحلزون....أكلة شعبية زهيدة الثمن تستهوي مختلف الطبقات المغربية
خلال هذه الايام التي تتزامن وفصل الشتاء، ومع انخفاض درجات الحرارة، يكثر الطلب على شوربة الحلزون، وتجد طوابير من المواطنين من مختلف الأعمار تنتظر دورها لتظفر بـ"زلافة" (إناء دائري تباع فيه الشوربة) من هذه الأكلة المتميزة.
"لحسن"  أحد باعة شوربة الحلزون قرب المدينة القديمة بالعاصمة الرباط،  يعترف أن دخله الشهري من تسويق هذا الكائن الحيواني يعرف ارتفاعا ملحوظا خلال أيام فصل الشتاء، فالسبب الوحيد أن الزبناء تغريهم روائح الحساء المحضر بمنسمات وأعشاب تفوح رائحتها من بعيد وتشكل وسيلة كافية لإغراء المارة من أجل التوقف ودفع مبلغ لا يتجاوز عشرة دراهم (حوالي يورو واحد). كما يعترف "لحسن"  بأن تجارة الحلزون تبقى مربحة وتدر عليه مبالغ مالية لا يستهان بها تفوق في كثير من الأحيان مبلغ 20 ألف درهم (أي حوالي 2000 يورو) شهريا، وهو دخل يؤمن لـ "لحسن" اكتراء منزل وضمان مصروف محترم لأبنائه .
لتجار الحلزون فئة وفية من الزبناء الذين لا يترددون على الموائد التي تنصب في الطرقات والشوارع، يأتون خصيصا لاحتساء "زلافة" أو زلافتين"، ثم الانطلاق إلى حال سبيلهم. إقبال يفسره البعض بجودة ما يقدمه الباعة من منتوج منسم بالأعشاب، ثم إن الطريقة التي تعرض بها شوربة الحلزون تفتح الشهية، فالبائع الذي يقف خلف عربته، يضع فوقها طنجرة كبيرة مملوءة بالحساء، كما يضع رهن إشارة الزبناء أدوات تمكن من استخراج الحلزون من وقوقعته.  في السابق، كانت الاستعانة بالإبر، غير أنه وقعت تطورات، وفطن الباعة إلى تنوع الزبناء، وأيضا استقبالهم للسياح الأجانب الذين لا يترددون في التزاحم مع المواطنين المغاربة من أجل هذا الحساء المتميز، إلى ضرورة التفكير في استعمال القطع الخشبية الرقيقة التي تستعمل لتنقية الاسنان. فالتجار يرون في نشاطهم أحد الروافد التي تساهم في التعريف بهذا الكائن الحيواني الغني بالبروتينات وبعدد من أنواع الفيتامينات مثل فيتامين ب 12 وكاف وغيرها من الأحماض والأملاح الدقيقة. 
والغريب في الأمر أن هذه الشوربة كانت تحضر في السابق من قبل العائلات، إذ في الغالب ما تحرص عدد من ربات البيوت على طهي الحلزون وفق طقوس متعارف عليها. فالسيدة التي تعتزم إعداد شوربة الحلزون تضطر للذهاب إلى السوق، واختيار الحلزون المناسب، كما تضطر إلى شراء مجموعة من الأعشاب المنسمة أهمها الزعتر وقشور الرمان وحبات النافع والخزامى وجوزة الطيب وحبة حلاوة وعرق السوق وغيرها من الأعشاب التي لا يمكن التخلي عنها بغرض طهي شوربة حارة تعيد الدفء إلى الجسم. عملية أصبحت تستعصي على كثير من ربات البيوت اللواتي يفضلن حاليا اقتناء المشروب جاهز في الشوارع أو الأسواق، عوض تحمل مشقة الإعداد في المنزل، خصوصا أنه من بين الطقوس المتعارف عليها أن الحلزون، ومن أجل ضمان نظافته الجيدة، لا بد أن يترك "صائما" أي بدون أكل لمدة طويلة، وذلك بحفظه في كيش شبكي بعيدا عن أشعة الشمس. كما يخضع الحلزون لعمليات الغسل بالماء لمرات عديدة قبل وضعه حيا في طنجرة كبيرة مملوءة بالماء الممزوج بالأعشاب الطبيعية والمنسمات التي تشكل السائل المرفق للشوربة أو ما يعرف اختصارا بـ"البلول". 
ويشتكي التجار أنه بمجرد بروز تيار بين الأطباء المغاربة، المتخصصين في التغذية الطبيعية، الداعي إلى الاهتمام بالحلزون ككائن حيواني غني بالبروتينات  والفيتامينات،  حتى ارتفعت موجة شراء هذا الحيوان داخل الأسواق وبالتالي ارتفاع التكلفة، ما دفع هؤلاء التجار إلى الزيادة في ثمن البيع، ورغم الجانب السلبي من هذا "التشجيع الطبي على تناول الحلزون"، فإن أصحاب العربات بدأوا يعرفون رواجا منقطع النظير بفضل الإقبال المتزايد للمواطنين على شربته.
 يشار إلى أن حيوان الحلزون يوجد بكثرة في بعض المناطق بالمملكة المغربية خصوصا ضواحي العاصمة الرباط، كما يعرف انتشارا في المناطق الفلاحية التي تتميز بتربة جيدة في منطقة الغرب وضواحي العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء. ويتكلف بجمعه حشود من النساء وأيضا الأطفال الذين يجدون متعة كبيرة في ذلك. وتشير إحصائيات مكتب الصرف إلى أن تجارة الحلزون أخذت مكانتها مقارنة مع باقي المنتوجات الفلاحية المغربية التي تعرف رواجا تصديريا كبيرا. فهي تشكل ما لا يقل عن نسبة 3.1 في المئة من حجم صادرات المملكة المغربية إلى الخارج، خصوصا إلى دول الاتحاد الأوربي، لذا يشتكي التجار الصغار الناشطون في قطاع الحلزون من تدخل وسطاء يستغلون جهدهم في جمع هذا الحيوان مقابل أثمنة زهيدة، ليعاد بيعه إلى فئة من التجار بأثمنة خيالية خصوصا إذا تعلق الأمر بالشركات المتخصصة في صناعة مواد التجميل وأرباب مختبرات صناعة الكريمات.

مروة سالم
الاربعاء 26 ديسمبر 2012