نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


كتاب قمط لهدى النعيمي ..تجربة مبتكرة في تأثير مجلات الاطفال




صدر في الدوحة مؤخرا عن دار كتارا للنشر و التوزيع ، كتاب جديد للكاتبة القطرية الدكتورى هدى النعيمي ، و هو الاصدار الادبي الثامن للكاتبة حيث سبقه الى النشر مجموعات قصصية و كتاب نقدي و مسرحية اطفال اضافة الى رواية تحت الطبع ، اما الاصدار الجديد فهو عباره عن مجموعة قصصية تتحدث عن حكايات الكاتبة مع مجلات الاطفال التي أثرت فيها في مراحل الطفولة و المراهقة ، ثم عاودت قرائتها مجددا بوعي مختلف بعد تجربة انسانية خاصة ، وتقو ل الكاتبة في مقدمة كتابها


تدور قصص هذه المجموعة حول مجلات الاطفال المصورة التي اثرت في الأطفال والناشئة خلال سبعينات وحتى مطلع ثمانينات من القرن العشرين ، في تلك الفترة من الزمن، وقبل حقبة "الموبايلات" والانتشار الكثيف للتلفزيون كان للمجلات على أنواعها تأثير كبير على قرائها، وكانت واسعة الانتشار في الوطن العربي ، وكان للطفل نصيب من تلك المجلات خاصة في مصر و العراق التي اهتمت بمجلات الأطفال، و اصدرت عددا من السلاسل المتنوعة، منها ما هو ماخوذ عن اصدارات اجنبيه، و منها ما هو صناعة عربيه خالصة ، بدءاً من تأليف القصص، و ليس انتهاء عند رسوم الشخصيات الكرتونيه التي تمثل تلك الشخصيات ، و هو ما يسمى اليوم بفن "الكوميكس" .
بالبحث في تاريخ هذا الفن في العالم العربي، سنجد اسماء عدة وهبت نفسها لهذا النوع من الفنون و ابدعت فيه ، لكنها لم تجد حقها من التأريخ ، او التكريم الانساني، على الرغم من ان انتشار المجلات عند اجيال كثيره على امتداد القرين العشرين، أدى الى انتشار شخصيات بعينها، بعضها خرج من بين صفحات التراث العربي مثل السندباد، و رحلاته السبع التي كتبها كامل الكيلاني عام 1928 ، و بعضها تم صناعته حديثا مثل سمير في مصر، و الذي ابتُكرت شخصيته من خمسينيات القرن الماضى ، و ما تزال مجله سمير تصدر حتى اليوم .
في الخليج العربي ، تصدت مجله العربي الكويتيه منذ صدورها في خمسينيات القرن الماضي لإصدار ملحق صغير الحجم باسم العربي الصغير، يحمل معلومات عامة، وبعضها متخصصة ، كما يحمل قصصا متنوعة للاطفال دون ان يتوجه الى مرحلة سنيه بعينها ، ثم تحول العربي الصغير الى مجلة منفصله في عام 1986 ليكون له خصوصيه ، و استقلاليه و اعتباريه كمجلة للطفل العربي ، و في الامارات العربيه المتحدة ، صدرت مجلة "ماجد" عام 1979 تزامنا مع عام الطفل الذي احتفلت به هيئه الامم المتحدة ، و انتشر ماجد في الخليج ، و ما يزال يصدر مع تغير في شخصيات لم تكن موجودة في البدايه ، و هو شان الكثير من المجلات التي تغيرت مع تغير فنانين "الكوميكس" و دخول اجيال شابة ذات اهتمامات مختلفة الى الطاقم الفني للمجلة .
في قطر ، كانت تصل مجلات الطفل مثل "لولو الصغيرة و سمير و المزمار و سامر" و غيرها، وهناك جيل من الرجال و النساء – و انا احداهن – قرأ تلك المجلات ، و تأثر بها و كانت مفتاح القراءة ، و بوابة المكتبات التي نهلنا منها بعد ذلك ، و تبقي تلك المجلات المصوره ، و التي تحمل فن التاليف و فن الكاريكاتير ، و فن الاخراج الفني للطفل ، تبقى مهما تم استبعاد اثرها،  تشكل جزءاً من الذاكرة لدى العديد منا ، وخصوصا من شكلت القراءة و الكتابة الادبيه بعد ذلك جزءاً من كيانه الثقافي ، او ممن بقيت شخصيات مثل ميكي ، و بطوط عالقة بذهنه ، من خلال صور مجلات قديمة تصفحها ، و سعد بها ذات يوم قديم .
في هذه المجموعه ، تتخيل الكاتبه نفسها صغيرة تتصفح المجلة التي تصلها سواء من المكتبة المجاورة ، او من خلال الزميلات في المدرسة  نظرا لقلة انتشار المكتبات في تلك الحقبة من الزمن ، وبما ان الصغيرة تقرأ المجلة بمخيلتها الخصبة و البريئة يصعب عليها تقبل افكار كبيرة وردت في بعض تلك الصفحات ، لذا تبقى الاسئلة معلقة في الذهن حين لا يقدم الاب ، او الأم إجابة شافيه ، فتكبر الصغيرة وفي ذهنها ، ومخيلتها شبكة متناقضة من المعارف والاحاسيس ضمن حبكة قصصيه مختلفة في كل قصة ، وقد تعود لتقرأ تلك المجلات القديمه ، سواء التي احتفظت بها ، او التي صادفتها عند احد الزملاء ، او التي تحدثت عنها ندوة اقيمت في "كتارا" كما ورد في قصة "ماجد" ، وهكذا  تعود الصغيرة ، و هي تعرف الان حقيقة القراءه  لتتصفح مجلاتها القديمة لتراها بعيون اخرى ، و لتقع في نفسها وقعاً مختلفاً.
قبل كتابة أي قصة في هذه المجموعة ، أجرت الكاتبة بحثاً معمقاً بعض الشيئ حول كل مجلة تم تقديمها، و اعادت قراءة الاعداد القديمة منها ( الأعداد الصادرة خلال الستينيات و السبعنيات و الى مطلع الثمانينيات ) وقرأت الكاتبة كل ما تمكنت من الوصول اليه من تلك الأعداد القديمة ، وأغلبها تم من خلال تنزيل تلك أعداد المجلات من بعض المواقع الالكترونية المهتمة بهذا الشأن نظراً لفقدان الأصول الورقية ، و لعل أهم تلك الموقع "كوميكس العرب" ، كما عثرت الكاتبة على أعداد قديمة من بعض المجلات لدى الاصدقاء ، مثل أعداد العربي الصغير ، قبل ان تتحول من ملحق لمجلة العربي الى مجلة مستقلة ، واستغرق البحث في عالم المجلات المصورة القديمة عدة شهور ، و تفرغا طويلا ً، حيث كان هذا المشروع من ضمن اهتمامات الكاتبة منذ زمن ،  و لكن ضيق الوقت و عدم التفرغ ، يجعل من التأجيل سمة للمشاريع الادبية و الثقافيه التى نرغب في تقديمها واكمالها .
حيث ان القصص تدور حول مجلات الطفل ، وعن صدورها و تطورها ، فهي مكتوبة بشكل قصصي لتمثل وتعبر عن "قصة مجلة طفل" في كل قصة منها ، و اذا أخذنا اول حرف من كل كلمة في هذا العنوان الطويل ، يتشكل عنوان المجموعة وهو قَمْطُ ، و معنى قمط كما ورد في معجم المعاني الجامع ، و هو معجم عربي – عربي ، هو قَمْطُ الرضيع ، أي ضم أعضائه إلى جسدة ، و لفًه بالقماط ، و القماط أيضا يسمى المهاد ، وهكذا يُسمى بالطريقة التي ننطقه بها في الخليح العربي ، فالقمط هو ما يلف به الطفل الرضيع ، من هنا تاخذ المجموعة عنوانها ، فتلك المجلات كانت تلتف حول مخيلاتنا ، و تُلف بها عقولنا الصغيرة في ذلك الوقت ، و تضم المجموعة خمس عشرة قصة قصيرة ، كل قصة لها عنوان هو عنوان المجلة التي تدور حولها
 
قبل أن تقرأ  :
هذا المجموعة ليست مجرد مجموعة قصيصه فحسب ، بل هي إضافة لذلك إحتفالية أدبية بثقافة جيل كانت الكتب والمجلات الورقية مصدره الأساسي لتنمية الذوق والمعرفة وشحذ المخيلة ، و تقدم المجموعة معلومات تاريخيه هامة حول كل مجلة من تلك المجلات التي حظيت بقصة تعيدها لأذهان الجيل الذي أحبها ، وتزود منها فنيا ، ومعرفياً .
إنها، وباختصار تعيد الينا عوالم أحببناها، وتأخذنا الى بحر من المعلومات التي لم نكل نعرفها عن تلك الشخصيات التى تأثرنا بها قديما في طفولتنا، هذة المجموعة ليست موجهه للطفل الصغير بقدر ما هي موجهه للطفل الذي ما يزال يعيش بداخل كل منا.
 
 

المحرر الثقافي للهدهد
الجمعة 9 أبريل 2021