نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت


لماذا سيذهب نظام الأسد إلى موسكو؟





بعد 3 سنوات من الحرب، لا زال تحالف الرئيس بشار الأسد قريبًا كما كان. عندما أعلنت حكومة الرئيس فلاديمير بوتين أنها تحاول ترتيب محادثات سلام “سورية- سورية” لملء الفراغ بعد فشل محادثات “جنيف 2″ في ربيع 2014؛ بدا من الأكيد أن حليفهم السوري سينضم للعملية.


 
من الواضح أن الاستشارات كانت موجودة منذ البداية وحتى اللقاء: تم دعوة وزير الخارجية السوري “وليد المعلم” إلى موسكو لمحادثات مع نظيره الروسي “سيرجي لافروف” في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر، وتم منحه لقاءً نادرًا خاصًا مع بوتين، ولكن حتى مع عودة وزير الخارجية من اللقاءات مادحًا سياسات روسيا، إلا أنه ظل غير ملتزم، وقال إنه استمع “باهتمام كبير” لمقترحات بوتين وكلا الطرفين “وافقا على استمرار الاستشارات لوضع رؤية مشتركة تؤدي لحل سياسي في سوريا”.
بعد شهر، أصدر الكريملين مزيدًا من المعلومات عن اللقاء المخطط، وأشار إلى أن الحكومة السورية قررت المشاركة. في 27 كانون الأول/ ديسمبر، الوزارة السورية للشؤون الخارجية أصدرت بيانًا رسميًا تقول إنها ستشارك فعلًا في المحادثات القادمة، واصفة إياه “لقاءً تحضيريًا استشاريًا في موسكو يهدف للوصول لاتفاقية لعقد مؤتمر للحوار بين السوريين بدون أي تدخل خارجي“.
وجهات نظر مختلفة لبيان جنيف
تحت السطح، هناك بعض التنافرات السياسية المثيرة للاهتمام. بعكس ادعاءات بعض أطراف المعارضة: الأسد ليس دمية روسية واهتمام موسكو الرئيس في سوريا كان دائمًا بناءً لنفوذ دولية والحفاظ على تأثيرها هناك، ليس لإبقاء الأسد في السلطة، بالرغم من أن الهدف الأول يتطلب بشدة الهدف الأخير.
خلال الحرب، كان هناك إشارات صغيرة لعدم الاتفاق، بالرغم من أنها كانت تغطى دائمًا بتأكيدات مشتركة على العلاقات الصلبة والمتحسنة. في هذا السياق، كلما ازداد اهتمام روسيا بمشاركة المعارضة الضعيفة في المحادثات، كلما أبدت التزامها بما يسمى بيان جنيف. الدعوات أرسلت لما يقارب 30 عضوًا في المعارضة بداية الشهر الجاري، متضمنة تأكيدًا واضحًا على أن المحادثات ستبنى على البيان.
بيان جنيف: هو وثيقة رعتها الأمم المتحدة ووقعتها عدة دول في 30 حزيران/ يونيو 2012، بما فيها روسيا وأمريكا، وليس سوريا وإيران. خلال اللقاء الذي يوصف أحيانًا بـ”جنيف 1″. بيان جنيف الناتج يلحظ المبادئ المؤيدة على نطاق واسع لعملية سلام سورية، وشكلت الأساس لعقد محادثات جنيف 2.
بيان جنيف لا يذكر دور الأسد في سوريا، وهي حقيقة يؤكدها النظام وحليفه الروسي، ولكنه يؤكد على انتقال سياسي بإقرار أن عملية السلام يجب أن تتضمن حكومة وحدة وطنية مقبولة مشتركة بـ”صلاحيات تنفيذية كاملة”.
نظام الأسد لا يعجبه هذا إطلاقًا، فقد وافق على مضض على مبادئ البيان في وقت باكر في الحرب، مع إبداء بعض التحفظات، قبل أن تبدأ حالة الأسد العسكرية بالتطور منتصف 2013، وهذا مرتبط بالضغط الروسي أكثر من رغبة النظام للبحث عن حل وسط. لافروف اعترف أن الروسيين عليهم الضغط على الأسد للموافقة العلنية على بيان جنيف.
عندما انطلقت محادثات “جنيف 2″ في بداية 2014، سعى الوفد الحكومي للتملص من هذا الالتزام للانتقال السياسي وتحويل الموضوع نحو الإرهاب. منذ انهيار عملية جنيف 2 في شباط/ فبراير 2014، شجعت الحالة الدولية والإقليمية النظام. يبدو أن الأسد الآن يرفض أن يعيد إعلان موافقته على بيان جنيف، ويبدو ساعيًا لإزالته من الفضاء العام. بتأمله أن عملية السلام التي تقودها موسكو ستسمح له بالهرب من أي إصلاحات جذرية أو فرعية، يستطيع الأسد أن يكون سعيدًا بصعوبة لرؤيتهم يبعثون البيان من خلال خطة موسكو.
بالإضافة لذلك، هناك مخاوف أخرى: الحكومة السورية لا زالت غير قادرة على الحصول على شرعية من أي جزء من المعارضة، وتبدو حذرة من أن تنجرف نحو عملية خارج سيطرتها، حيث يمكن أن يتم الضغط على الأسد ليوافق على لغة جيدة على انتقال أو أن يجبر على القيام بتنازلات سياسية لإبقاء المعارضة موجودة.
تظل صفقة جيدة
مع ذلك، مكاسب مشاركة الأسد في عملية السلام التي يقودها الكريملن أكثر من المخاطر بكل تأكيد. لا تزيل المحادثات الولايات المتحدة من المعادلة وحسب، بل تجعل الروسيين سعداء. هذا مهم، منذ أن كانت الحكومة السورية الآن بحاجة لازدياد للدعم الاقتصادي وليس الدعم العسكري الخارجي فقط.
حتى مع تأكيد رئيس الوزراء “وائل الحلقي” للمواطنين المعنيين بالاقتصاد السوري المنهار أن خطوط الائتمان الغربية ستفتح قريبًا، وأن الدعم سيأتي قريبًا؛ فإن المفاوضات حول الدعم الروسي والإيراني استمرت خلال الخريف الماضي.
بالرغم من أن البعض يدعي الوصول لصفقة، فإن التفاصيل لا تزال غير واضحة. وبينما تزداد احتياجات السوريين؛ يقال إن الحكومة على وشك أن تزيل برنامج دعم الحكومة تمامًا، والذي قد يؤثر بشدة على الدعم الشعبي للأسد، فإن إيران وروسيا مضطرتان لشد أحزمتها بسبب انخفاض أسعار النفط. يجب أن يحذر الأسد الآن من إغاظة أي من حلفائه، خشية أن يقرروا أن تقليل الإنفاق على حليفهم السوري قد يبدو طريقة جيدة لتقليل التكاليف.
الموافقة على المبادرة الروسية يسمح كذلك للحكومة بعرض نفسها على أنها أكثر مرونة مع المعارضة، في وقت بدأ به المجتمع الدولي يفقد صبره من عناد كلا الطرفين. عندما وافق على المبادرة الروسية، وزير إعلام النظام “عمران الزعبي” كان سريعًا بتحديد الطبيعة الأولية وغير الملزمة لمحادثات موسكو، لكنه حاول أن يدعي الأرضية الأخلاقية العالية باتهامه المعارضة (تحديدًا الإخوان المسلمين السوريين) الذين أعلنوا “رفضهم القاطع” للعملية التي تقودها روسيا، بأنها عنيفة وعنيدة بجوهرها. لذلك فمن الطبيعي، بحسب الزعبي أنها “ستكون ضد أي حوار أو مبادرة أو مصالحة”، ليظهر حكومته كالطرف الأكثر المنطقية في الصراع.
خطة الأسد في موسكو
حتى الآن، المجموعتان المعارضتان الآتيتان إلى موسكو هما الأقرب للأسد والروسيين، ولكن الحكومة السورية عملت على إبقاء خطط هروبها مفتوحة. منذ الموافقة على المبادرة الروسية، حكومة الأسد وممثلوها شددوا تكرارًا على الطبيعة الأولية وغير الملزمة لمحادثات موسكو. مستشارة الأسد، بثينة شعبان (الذي يتوقع أن تكون جزءًا من وفد الحكومة) تقول إن لقاء موسكو “حوار تحضيري استشاري مع المعارضة لمناقشة الأساسيات التي يفترض أن تمهد لترتيب مؤتمر حوار“، لتعني أنه لا شيء يمكن أن يقرر في كانون الثاني وأن أي محادثات حقيقية ستأخذ مكانًا في إطار مختلف.
بالتالي، فإن الحكومة السورية تعتبر هذا بداية عملية سيحاول الأسد في مرحلة مختلفة أن ينقلها لدمشق ويسيطر عليها، مع تعريتها من نتائج محادثات جنيف حول انتقال سياسي. للآن، الروسيون يجب أن يظلوا راضين والغرب يحتاج أن يرى الأسد عاملًا مسؤولًا، والموافقة على المحادثات في موسكو سيساعد بإعادة الكرة إلى ملعب المعارضة.

--------------------------

ارون لوند :مركز كارنيغي.

ارون لوند
الاحد 18 يناير 2015