نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


يائسون و... طامح!






في الآونة الأخيرة، ارتفع منسوب اليأس عند اللبنانيين.

ثمة كلام، كان حصرا على أقلية مهملة، بدأ ينتشر على نطاق واسع: "انتهينا، لا أمل يرتجى".


  المتيقنون من سداد نافذة الأمل، لا ينتمون إلى فئة سياسية واحدة، ولا إلى طبقة اقتصادية واحدة، ولا إلى طائفة لبنانية محددة، ولا إلى شريحة عمرية محددة. إنك تجدهم، حتى في أكثر الزوايا التي كنت تلجأ إليها، لتستجدي قليلا من... التفاؤل.
أنهى عون عهده باكرا جدا وأسقط أسطورة "الرئيس القوي" وأدخله طرفا في معركة رئاسية
أسباب ذلك كثيرة. يمتد خوفهم على امتداد مشاكل لبنان المستعصية على المعالجة. وثقتهم بدأت تنهار بأحدث من دخل إلى منظومة السلطة.
تعرف الطبقة السياسية هذا الواقع، ولكنها تقف عاجزة حياله، كما تقف أمام الكثير غيره.
فاتحت بهذا الأمر زعيما لبنانيا، فهز رأسه موافقا، ورفع كلتا يديه إلى العلى، وكأن ليس باليد حيلة.
ثمة من يؤكد بأن هذه الطبقة هي السبب. بعجزها توزع السلبيات التي تنتجها خلافات سكان البرج العاجي على سائر اللبنانيين الذين يعيشون في بيئة موبوءة، وفي بطالة عارمة، وفي توقعات "أبوكاليبسية"، وفي فساد وقح، وفي دولة خاضعة لدويلة، وفي استبدال إقطاع قديم بآخر... لئيم.
اقرأ للكاتب أيضا: مزّقت... مقالي!
وثمة من يعتقد بأن هذا اليأس ولد في رحم الطبقة السياسية نفسها، وهي ترى نفسها تنتقل، كل فترة، من عقدة لا حل لها إلا بتنازلات مؤلمة إلى أخرى لا خلاص منها إلا بتسليم آخر قلاع الوجود.
وثمة من يعيد الموضوع إلى "مؤامرة" نجحت في تيئيس اللبنانيين من دولتهم، تحضيرا لإدخال تعديلات جوهرية على النظام السياسي وعلى الثقافة التي سبق وبني عليها المجتمع اللبناني.
يوافق مخضرمون في المسألة اللبنانية على كل هذه المسببات، ولكنهم يضيفون إليها معطى سياسيا يرونه حاسما، وهو انتقال لبنان من فترة انتظار رئاسية محتدمة كان يحكمها الفراغ في القصر الجمهوري، إلى فترة انتظار جديدة يحكمها الصراع بين "ورثة" الرئيس الحالي ميشال عون.
ويعتقد هؤلاء بأن موافقة عون على مباركة هذا الصراع، ولم تمر سنتان على ولاية تمتد طبيعيا على مدى ست سنوات، أنهى عهده باكرا جدا وأسقط أسطورة "الرئيس القوي" وأدخله طرفا في معركة رئاسية، وحده الله يعلم إذا كان الدستور هو من سوف يحدد خواتيمها.
وضع عراقيل أمام تشكيل الحريري لحكومته هدفه محاولة جذبه مجددا إلى خانة "التيار الوطني الحر" بعيدا عن جعجع وفرنجية وجنبلاط
وبما أن عون قد اختار صهره الوزير جبران باسيل للجلوس على كرسيه، فمن الطبيعي أن يكون قد أقحم نفسه في خط المواجهة إضعافا لمن يمكن أن يعترض طريق "ولي عهد" الجمهورية وهذا يشمل منافسين رئيسيين له وهما رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع والنائب السابق سليمان فرنجية، وممثل الاعتراض الوطني، "صاحب الكلمة اللاذعة"، أي وليد جنبلاط.
ويؤدي ذلك حكما إلى عرقلة تشكيل الحكومة المكلف بها حاليا الرئيس سعد الحريري لأنه يعيد البلاد إلى التعقيدات التي اصطدم بها الرئيس تمام سلام، حين كان مكلفا تشكيل الحكومة.
وعانى سلام لأكثر من عشرة أشهر حتى تمكن ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي كان يوضب حقائب الرحيل من بعبدا، من تشكيل الحكومة.
ومعروف أن تلك الحكومة كانت نتاج تفاهم ـ ورئاسة الجمهورية حجر الزاوية فيه ـ تم بين "تيار المستقبل" من جهة أولى وبين "التيار الوطني الحر" من جهة ثانية، تحت ظلال استعجال "حزب الله" الذي كانت قد بدأت للتو محاكمة مجموعة من جهازه الأمني بتهمة تنفيذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في لاهاي أمام "المحكمة الخاصة بلبنان".
ولذلك، من الواضح أن وضع عراقيل أمام تشكيل الرئيس سعد الحريري لحكومته هدفه محاولة جذبه مجددا إلى خانة "التيار الوطني الحر" بعيدا عن جعجع وفرنجية وجنبلاط ومن يمثلون من قوى اعتراض وطني، لضخ الحياة مجددا في "التسوية السلامية" ومن ثم في "الصفقة الرئاسية".
ومهما يكن عليه الأمر، فإن كل ذلك يفيد بأن اللبنانيين بدل أن يروا مسؤولين ينكبون على معالجة مشاكلهم المخيفة التي تتراكم، يجدون أنهم ينتقلون من معركة سياسية إلى معركة سياسية أخرى، وكأن قدرهم وقدر أبنائهم وقدر بلادهم مرهون لخدمة الصراع السياسي ـ السياسي، بدل أن يكون الصراع السياسي معقود على خدمتهم توفيرا لحد أدنى من العيش الكريم والآمن.
--------
الحرة

فارس خشّان
السبت 8 سبتمبر 2018