نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت

نظرة في الإعلان الدستوري

26/03/2025 - لمى قنوت


الشرع... تغيير المقاربة مع إسرائيل





إلى أيّ مدىً تشكل الضربة الإسرائيلية لمحيط القصر الجمهوري في دمشق، فجر أول من أمس الجمعة، رسالة حقيقية تشير إلى إمكانية وجود اجتياح أو تدخل عسكري إسرائيلي أشدّ، ربما اغتيال الرئيس أحمد الشرع أو دعم أكبر لتشكيل قوات مسلحة في جنوب سورية من الدروز، مدعومة من إسرائيل، أم كان المقصود تهديداً وتخويفاً للشرع ودعماً رمزياً لبعض الفصائل الدرزية المتمرّدة؟



لا يخفي قادة إسرائيل، من بنيامين نتنياهو إلى وزيري الخارجية والدفاع وقادة الجيش وغيرهم من مسؤولين، أنّ هنالك أجندة إسرائيلية تقوم على تقسيم سورية وإضعاف الحكم المركزي، لا تقف فقط عند حدود التواصل مع الدروز ودعم الانفصال، بل مع الأكراد، وأخيراً مع العلويين في منطقة الساحل، وهي أجندة مرتبطة بترتيبات في السرّ والعلن، وتحرّكات عسكرية وسياسية وحتى مالية في سورية، وما لم تنهض استراتيجية واضحة وصلبة من الحكم الجديد والدول العربية الداعمة له وتركيا لوضع حد نهائي لتلك الأجندة، فإن الأمور مستمرة في التدهور والتدحرج نحو تحقيق أهداف إسرائيل في سورية.

العامل الأكثر خطورة في ما يجري في سورية اليوم، دور إسرائيل في محاولة التلاعب واللعب بورقة الدروز، وحتى العلويين، وتشجيع بعض شخصياتهم المعروفة على التمرّد على الحكم الجديد، وعلى الانفصال. وتتحدث أوساط دبلوماسية أردنية رفيعة عن تدفق أموال هائلة من إسرائيل إلى السويداء لبعض الشخصيات لشراء الولاءات والمواقف. وبالرغم من ذلك، لا تزال نسبة كبيرة من الدروز يرفضون هذا الانجرار، لكنهم يشعرون بالعزلة والضعف، في ضوء خطابٍ يمينيٍّ يدغدغ مشاعر الشباب الدروز، واستثمار للأوضاع الاقتصادية المتردية هناك، من بطالة وفقر وشعور بالحرمان الاجتماعي، من عملاء إسرائيل، الذين يروّجون لتحسين كبير في أوضاع الدروز، إن بنوا علاقات عضوية أو موالية لإسرائيل، عبر بعض الشخصيات الدرزية في الجولان، التي تجمّل لهم الانضمام والتعاون مع إسرائيل.

المشكلة الكبرى أنّ الموقف الأميركي، بدرجة أوضح خلال مرحلة الرئيس دونالد ترامب، مرتبط بصورة كبيرة أولاً بمصالح إسرائيل ومنظور زعمائها، وثانياً بدور كبير يقوم به اللوبي الصهيوني في رفض رفع العقوبات أو تعليقها، والاستمرار في الضغط الاقتصادي والسياسي على حكومة أحمد الشرع. وفي المقابل، ثمّة انقسام عربي ملحوظ من النظام الجديد، ما يضعف أي موقف عربي مضاد للموقف الإسرائيلي، دولياً أو حتى إقليمياً.

لا يمكن إنكار حجم التحديات التي تواجه الحكم الجديد، داخلياً وخارجياً، ويبدي الرئيس الشرع ومطبخ القرار حوله ذكاءً وواقعية شديدة في التعامل مع هذه التعقيدات الكبيرة، ويسيرون بخطواتٍ حذرة وذكية نحو تجاوز حقول المتفجرات التي في طريقهم، ومن ذلك محاولة مواجهة الخطة الإسرائيلية بقدر كبير من الصبر وهدوء الأعصاب وإرسال رسائل عبر الوسطاء بعدم وجود نياتٍ لدى النظام الجديد بالدخول في صراع مع إسرائيل، وبأولوية بناء سورية، بل يتعمّد الشرع نفسه إرسال رسائل مثيرة وملتبسة عبر وسطاء وأجانب بعدم ممانعته السلام مع إسرائيل، وقد ذكر على مسمع أحد السياسيين العرب الكبار الذين زاروا دمشق أنّه يعتبر أنور السادات بطلاً قومياً. ولاحقاً، أرسل برقيات غزل إلى الحكومات العربية عندما رفض افتتاح مقرّات لجماعة الإخوان المسلمين في سورية.


ليس المجال هنا لمحاكمة هذا السلوك البراغماتي وتفسيره أو الحكم عليه، لكن الأقرب إلى ذلك كله أنّه يعمل على شراء الوقت وتفويت المجال على أجندة إسرائيل وحلفائها بتقسيم سورية، ومحاولة كسب دعم إقليمي ودولي لمحاولة فك الحصار على النظام الجديد، بخاصة العقوبات الاقتصادية، وتحسين الظروف الداخلية، لأنّ أي انخراطٍ في مواجهة إسرائيل، دون القدرة على توحيد البلاد وتحسين الخدمات والاستثمار والأمور الاقتصادية، وفق هذا المنطق، يعدّ انتحاراً، فضلاً عن أنّه يتعامل، في الوقت نفسه، مع المجموعات المسلحة الإسلامية التي دعمته وما زالت تشكّل قوته العسكرية، ولها أيديولوجيا ومواقف في مسألة الداخل، وحالة طائفية هشّة في داخل البلاد برزت خلال ما سُمي بأحداث الساحل.

من الواضح أنّ هذه السياسات لا تجدي نفعاً مع إسرائيل، ولم تفلح في تغيير أجندتها في سورية؛ وإذا كان الرئيس السوري يبحث عن حلول، فإنّ المطلوب هو الانتقال إلى خطواتٍ جديدةٍ أكثر فعالية، كأن يستعين بقوات عربية (الأردن، السعودية، مصر وقطر والإمارات) لنشرها في الجنوب السوري، بطلب من الحكومة السورية، وهو أمر طبيعي ومنطقي، وقد حدث في الأردن خلال مراحل سابقة ومع دول كثيرة، وهي الطريقة الوحيدة لقطع الطريق على نتنياهو ومشروعه في سورية وتعزيز الصوت الدرزي المعتدل. كذلك على الشرع الانفتاح أكثر في خطابه ولقاءاته على الدروز والعلويين والأكراد، وإيجاد تحالفاتٍ وثيقةً مع قياداتها الوطنية، وأن يأخذ بالاعتبار أنّه أمام مهمّة تاريخيّة تتمثّل بوحدة سورية، وأنّه رئيس لكل المواطنين وليس لشريحة واحدة فقط
-------------
 العربي الجديد

محمد أبو رمان
الاثنين 5 ماي 2025