نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور


بشرى للنساء المغربيات ...حبس وعقوبات مالية لمن يتحرش بهن




الرباط- مروة سالم - تنفست النساء المغربيات الصعداء بمجرد ما وصل إلى اسماعهن أن الحكومة أفرجت أخيرا عن مشروع قانون يجرم التحرش بهن سواء في المنزل أو في الشارع أو في مقر العمل أو في أي فضاء من الفضاءات العمومية أو الخاصة.


لقد نزل خبر تجريم التحرش ضد النساء بردا وسلاما على " الجنس اللطيف" بسبب انتشار الظاهرة في المجتمع المغربي الذي يتميز بأنه لا يمنع الاختلاط خلافا لبعض المجتمعات خصوصا الخليجية منها. فالمرأة تتعلم إلى جانب الرجل في الكليات وفي المدارس، وتشتغل إلى جانبه في مختلف الإدارات العمومية والمؤسسات الاقتصادية وكذا السياسية، ما أدى إلى ارتفاع الأصوات المطالبة بحماية المرأة من مختلف أشكال التحرش اللفظي والجسدي والجنسي.
إنه الموضوع الذي كان إلى وقت غير بعيد يعد من الطابورات، إلا أن تركيز جمعيات المجتمع المدني خصوصا الجمعيات النسائية والحقوقية كسر جدار الصمت على الظاهرة، وتمخض النقاش إلى أن وصل إلى تفكير قانوني يحمي المرأة من أي ممارسة تمس كرامة المرأة المغربية وتحط من كبريائها.

ففي السنوات التي خلت، ليس غريبا أن تصادف رجلا وهو يتتبع خطوات امرأة في الشارع العمومي، يشنف آذانها بعبارات تحيل على الإعجاب وأحيانا إشارات تحط بالأخلاق، ومختلف أنواع التغزل الذي يثير غضب عدد كبير من المارة.
هدى، شابة لا يتجاوز عمرها 24 سنة، تعترف بانزعاجها الكبير لما تتعرض له وسط الشارع العمومي من "ممارسات التحرش" من قبل شباب وأيضا من قبل رجال في مقتبل العمر. وتقول إن ظاهرة التحرش ليست حكرا على رجال ينتمون إلى سن معين، (تقصد فئة الشباب) بل هناك رجال تتجاوز أعمارهم الأربعين لا يتوقفون عن التضييق على الشابات خصوصا أمام مدخل الكليات أو أمام مدخل الأحياء الجامعية حيث تقطن الطالبات.

فمن مظاهر التحرش الممارس على فئة الطالبات خصوصا تتبع خطواتهن من قبل رجال يركبون سياراتهم، يعملون ما في وسعهم لإقناع الشابات بمرافقتهن إما إلى مقهى أو إلى أي فضاء آخر سواء أكان عاما أو خاصا.
وإلى جانب هذه المظاهر التي للأسف أصبحت مألوفة في مختلف الشوارع المغربية، هناك من يلقي باللوم على النساء ويضعهن في قفص الاتهام ويعزو تعرضهن للتحرش إلى طريقة لباسهن وإلى قبولهن الاختلاط بالجنس الخشن في مختلف مناحي الحياة. غير أن هذا الأمر مردود عليه من طرف كثيرين من الذين يعتبرون أن هناك صنفا من الرجال مستعد لأن يتحرش بالمرأة ويعاكسها بألفاظ وحركات غير لائقة مهما كانت طريقة لباسها أي سواء كانت متبرجة أو محجبة، أو كانت تركب سيارتها أو تسير بطريقة محتشمة وسط الشارع، "إنه صنف من الذين يحتاجون مقتضيات زجرية حتى يعدلوا عن ممارساتهم المشينة التي لا تليق بالمرأة باعتبارها كائن مكرم وله مكانة في المجتمع المغربي" حسب ما تقول أسماء، التي تعمل في أحد البنوك وهي في الثلاثينات من عمرها.

لقد أفضى النقاش المجتمعي الذي دار حول موضوع التحرش ضد النساء إلى التفكير الجدي لمحاربة الظاهرة، وتطلب الوضع ضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات القانونية والزجرية للحد من الظاهرة اقتداء بعدد من المجتمعات خصوصا الغربية منها التي تتعامل مع هذا الموضوع بحزم كبير وبمسؤولية عالية.

فالمشروع المقترح من طرف وزارة المرأة والتضامن والأسرة يهدف إلى الحد من ظاهرة التحرش ضد النساء ومختلف أشكال العنف التي تمارس ضدها، لذا فإنه تطلب تنسيقا دقيقا مع وزارة العدل والحريات باعتبارها المسؤولة عن متابعة من تورط في سلوكات التحرش والعنف ضد النساء من خلال تنفيذ العقوبات وإقرار مقتضيات زجرية سواء تعلق الأمر بالعنف الجسدي أو العنف المعنوي المرتبط بالتحرش الجنسي، لذلك فإن مشروع القانون ليس مستقلا بذاته، بل عبارة عن إدخال مجموعة من التعديلات على القانون الجنائي، وتعديل بعض الفصول لملاءمتها مع خيار مكافحة التحرش ضد التحرش.

وبالنسبة إلى بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة، فإن مشروع قانون محاربة التحرش بالنساء جاهز ولا يمكن اتخاذ أي خطوات إلى الوراء مصرة على ضرورة إخراج القانون إلى الوجود. وتفاديا لكل نقاش من شأنه أن يعيق ميلاد هذا المشروع. ففي رأيها الذي أدلت به سواء أمام أعضاء مجلس الحكومة في لقاء أسبوعي بمناسبة عرضها للمشروع أو أمام أعضاء البرلمان خلال مساءلتها حول الموضوع، فإنه لا بد من التقدم، واعدة بأن يتم تشكيل لجنة لدراسة المشروع دراسة متأنية خصوصا أن الأخير يقترح عقوبات غير مسبوقة في حق كل رجل يثبت تورطه في التحرش ضد امرأة حتى لو كانت زوجته، كما يقترح عقوبات زجرية قاسية يمكنها أن تثير غضبا كبيرا وسط فئة الرجال من الذين يمارسون العنف ضد زوجاتهم ويعتبرون ذلك حقا من حقوق الزوجية وليس من حق أي أحد أن يتدخل، أحرى أن تفرض عليه عقوبات مالية وربما سالبة الحرية إن كان من بين من يرتكبون رزيلة التحرش.

الوزيرة المغربية الحقاوي ترغب في أن يكون هذا المشروع موضوع تشاور واسع بين مختلف الفاعلين المهتمين بقضية المرأة، كما أنها تتعهد بأخذ بعين الاعتبار التعديلات التي ستقترح عندما يصل المشروع إلى البرلمان بغرفتيه. و تلح المسؤولة عن قطاع المرأة والأسرة على أن المشروع يهم كل النساء لذلك من الضروري إبداء الرأي حوله وتوسيع رقعة التشاور حتى يخرج إلى الوجود في أقرب الآجال.

والمعلوم أنه بسبب حساسية الموضوع، فإن مشروع قانون محاربة التحرش ضد النساء سبق أن أثير في عدة محطات وفي عهد حكومات سابقة وأثيرت بشأنه مشاورات استغرقت أزيد من ست سنوات، إلا أن طبيعة تدخل المشروع كانت وراء طول انتظاره إلى أن تحمست للأمر وزيرة التضامن والأسرة، المنتمية إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الائتلاف الحكومي المغربي.

وحسب مسودة مشروع القانون، فإن من أولى النقاط التي اهتم بها تحديد مفهوم التحرش الجنسي وتعريفه بأنه كل إمعان في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية. ومن سولت له نفسه ارتكاب مثل هذه الممارسات، فإنه يتعرض إلى عقوبات حبسية يمكن أن تصل إلى خمس سنوات سجنا وأداء غرامات مالية يمكن أن تصل إلى ما لا يقل عن 50 ألف درهم (حوالي 5000 يورو).

وفي ما يخص التحرش في الإدارات العمومية، أي الذي يحدث داخل مكاتب وفضاءات العمل، فقد أبدى القانون شدة في التعامل مع هذا النوع من التحرش خلافا لممارسات أخرى من قبيل المعاكسات التي تجرى في الشوارع، التي يمكن أن تؤدي بأصحابها إلى البقاء وراء القضبان لمدة تصل إلى السنتين.ولم يهتم المشروع بالتحرش فقط، بل تناول كل الأفعال التي من شأنها أن تلحق أضرارا مادية ومعنوية بالمرأة بما في ذلك الزوجة في علاقتها بزوجها، ففي هذا السياق، جرم السب والقذف من قبل الأزواج لزوجاتهم، وكذا تعنيف الزوجة أو إبعادها من بيت الزوجية واستلاب مالها، فشريحة واسعة من المجتمع المغربي ما زالت تنظر إلى العنف الذي يمارسه الزوج ضد زوجته على أنه عنف «مشروع» وشأن خاص بين الأزواج. لذلك، لم تتوقف الوزيرة الحقاوي، واستحضارا للمقاربة الشمولية للمشروع، بأن تصفه بأنه «من أهم القوانين التي طال انتظارها»، لأنه يتضمن جملة من الأحكام الزجرية الضرورية للحد من هذه الظاهرة التي تنامت داخل المجتمع المغربي الذي جاوزت فيه نسبة النساء المعنفات 60 في المئة.(د ب ا) أ.ع/ ب ت 2013

د ب ا
الخميس 12 ديسمبر 2013