نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


بيرلسكوني يركب موجة الدفاع عن الصليب والقيم الكاثوليكية لتحسين علاقته مع الكنيسة




روما - هانز يوخني كافساك - تزال عاصفة الاستياء والسخط مستمرة. قلما اتفق رجال السياسة والدين في إيطاليا مثلما اتفقوا على ما يبدو على رفض حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في مدينة ستراسبورج الفرنسية .


بيرلسكوني من الفضائح الى القيم
بيرلسكوني من الفضائح الى القيم
ساد الذهول والاستياء والاستغراب في إيطاليا من هذا الحكم الذي يعتبر تعليق الصلبان في فصول المدارس التابعة للدولة انتهاكا لحرية التدين لدى التلاميذ وذلك رغم مرور يومين على صدوره. و وصل الأمر برئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني للتعليق على الحكم بالقول إنه لابد من الشك في "عقل أوروبا السليم".

كما شنعت صحيفة "أفينيري" الكاثوليكية الإيطالية الشهيرة على قضاة المحكمة الأوروبية في عدد اليوم الخميس لأنها رأت أن هذا الحكم يفتح الباب أمام معاداة الصليب وقالت الصحيفة في معرض انتقاد الحكم إنه يجعل أوروبا بلا هوية. وحذر الفاتيكان من أن الحكم يطال جميع أوروبا وإن خص إيطاليا في بدايته.

ولا يخفى أن الكاثوليكية متأصلة ومتغلغلة في إيطاليا التي عناها الحكم بالدرجة الأولى، ذلك البلد الذي له تاريخ طويل ومشترك مع الكنيسة الكاثوليكية وباباوات الكنيسة مما جعل قضاة المحكمة الإدارية العليا في إيطاليا يصدرون حكمهم عام 2006 ضد المرأة الفنلندية الأصل التي رفعت دعوى تطالب فيها بنزع الصلبان من الفصول الدراسية بالمدرسة التي يدرس بها أبناؤها زاعمة أن هذه الصلبان تزعج أبناءها وتنتهك حقهم في حرية التدين.

قررت المرأة الطعن في حكم المحكمة الإدارية العليا في إيطاليا أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورج بعد أن رفضت دعواها في روما الذي برر قضاتها حكمهم آنذاك بالقول:أصبح الصليب اليوم رمزا لقيم إيطاليا ولقيم الدولة خاصة كما أن الدين الكاثوليكي هو الدين الوحيد المنصوص عليه في الدستور الإيطالي".
عندما أصدرت المحكمة الدستورية العليا بمدينة كارلسروه الألمانية عام 1995 حكما ضد وضع الصلبان في مدارس ولاية بافاريا واجه الكاردينال يوزيف راتسنجر الذي كان المرجعية الدينية الأولى آنذاك في الولاية وأصبح اليوم بابا الفاتيكان هذا الحكم بقوة.

ومن السهل اليوم معرفة ما يزعج البابا بينديكت السادس عشر بابا الفاتيكان جراء الحكم الجديد في ضوء انزعاجه السابق مما رآه "علمنة العالم القديم" حيث سارع سكرتير دولة الفاتيكان الكاردينال تارسيسو بيرتون للتعليق على هذا الحكم مثار الجدل بالقول:"إن أوروبا الألفية الثالثة هذه تسلبنا أغلى رموزنا ولا تدع لنا إلا يقطين عيد الهالوين الكاثوليكي".

كما رأى معلق صحيفة أفينيري أن تأثير هذا الحكم على الكاثوليك مثل تأثير نزع تمثال بوذا من الأماكن العامة في آسيا بالنسبة للبوذيين مضيفا:"إن هذا الحكم يعتبر خيانة أوروبية لما تبقى من أوروبا ولهذه الجذور الأوروبية كما أنه يفتح جرحا في روح أوروبا نفسها". وفي الوقت الذي لا يمكن لأحد تحقيق أي مكاسب من وراء حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورج فإن الفاتيكان مازال يراهن على الحكومة الإيطالية التي ستتقدم بطعن ضد هذا الحكم. وإذا لم تنجح هذه الدعوى فستضطر الحكومة لإجبار المدارس على نزع الصلبان من جدران فصولها.

بالنسبة لبيرلسكوني الذي اضطر لسماع الكثير من النقد اللاذع من الكنيسة الكاثوليكية جراء فضائحه الشخصية المتتالية فإن هذا الحكم يعتبر فرصة كبيرة لرئيس الوزراء الإيطالي للتودد للكنيسة حيث أن باستطاعته أن يتزعم الدفاع عن القيم المسيحية. كما أن بيرلسكوني لا يخطئ عندما يعتقد بأن المسيحية جزء لا يتجزأ عن إيطاليا حتى وإن لم تعد الكاثوليكية الرومانية دين الدولة في إيطاليا منذ نحو ربع قرن.

يبقى معرفة إلى أي مدى يؤثر هذا النزاع القضائي على دول أوروبية أخرى حيث أكد بيرتون أن هذا الأمر لا يخص إيطاليا بمفردها في حين يؤكد مجمع الأساقفة الكاثوليك في ألمانيا أن حكم محكمة ستراسبورج لن تكون له تداعيات بالنسبة لألمانيا.

غير أن الفاتيكان حث جميع مسيحي أوروبا على معارضة الحكم خاصة وأن محكمة ستراسبورج سجلت أن حكمها وإن كان يقصد به إيطاليا إلا أنه "مهم أيضا لدول أخرى".

هانز يوخني كافساك
الخميس 5 نونبر 2009