نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


جهود وأساليب حديثة وتمويل للحفاظ على لغات أمريكا اللاتينية الأصلية من الانقراض




مدريد - إيجناسيو نايا - أصبحت اللغات الأصلية في أمريكا اللاتينية عرضة للإنقراض بمعدل يثير الإنزعاج. ويبدو أن الطريقة الوحيدة لإنقاذها هي اللجوء إلى الوسائل الحديثة مثل إنشاء حساب على موقع التواصل الإجتماعي تويتر بلغة الأيمارا أو إصدار صحيفة واسعة الإنتشار بلغة كويشوا أو تدوين الوثائق القانونية بلغة ناهواتل أو ابتكار تطبيقات لبرامج أندرويد بلغة الجوراني.


جهود وأساليب حديثة وتمويل للحفاظ على لغات أمريكا اللاتينية الأصلية من الانقراض
وتبدو هذه الوسائل بعيدة المنال، غير أن بعض الخبراء يعتقدون أن هذه الوسائل قد تكون هي الطريقة الوحيدة لكي تستمر هذه اللغات التي تتحدث بها أقليات في أمريكا اللاتينية على قيد الحياة في مواجهة الضغوط من جانب اللغتين الأسبانية والبرتغالية في المنطقة. 
ويقول الصحفي الأسباني ألبرتو جاسكون إنه لم يحدث على الإطلاق من قبل أن تعرضت لغات كثيرة مثل هذه للتدمير وبسرعة شديدة، وقد حصل جاسكون على جائزة من منظمة دول أمريكا اللاتينية التي كانت خاضعة للإحتلال الأسباني أو البرتغالي على كتاباته الاستقصائية حول المعونة الأوروبية لمشروعات تتم في أمريكا اللاتينية لدعم التنوع اللغوي.
 ويصف جاسكون في كتابه الذي يضم 250 صفحة وضع اللغات الأصلية في أمريكا اللاتينية ويحلل الطرق التي أسهم بها الإتحاد الأوروبي لتقديم المساعدة في هذه القضية حيث تم الاعتراف بالجهود التي يقوم بها لصالح هذه القضية. 
وقال جاسكون في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية ( د.ب. أ )  : " ولكن في الحقيقة لا يتم تنفيذ إلا القليل جدا على أرض الواقع " .
 وأوضح أن الاتحاد الأوروبي الذي يسهم بمعظم التمويل في مجال الثقافة في مختلف أنحاء العالم يمنح فقط ما نسبته خمسة في المئة من هذه المعونات لأمريكا اللاتينية .
 وأضاف إنه باعتبار أن معظم هذا التمويل يذهب إلى ترميم وحماية التراث الوطني والآثار فإن اللغات تحظى بمكانة هامشية فيه.
 ويدرك جاسكون الذي يبلغ من العمر 35 عاما إنه في الوقت الذي يواجه فيه العالم أزمة إقتصادية يكون من الصعب إقناع الحكومات بتمويل مشروعات ليست لها صفة إنسانية عاجلة.
وأكد أن عدم الاستثمار في الثقافة يقوض مستقبل أمريكا اللاتينية، موضحا أن الأسباب الرئيسية لحركات النزوح الجماعية والعزلة الاجتماعية والتهميش وحتى الحروب لها علاقة بالصراعات الثقافية والعرقية والمتعلقة بالهوية.
وهذا هو السبب في أن أوروبا التي عانت من تاريخ يتسم بالدموية والقسوة في القرن العشرين أسست اتحادها على الاحترام الصارم للقوميات والمجموعات العرقية المختلفة. 
وتحظى اللغات بحماية خاصة لدى الإتحاد الأوروبي. 
وينفق الاتحاد الأوروبي نحو واحد في المئة من ميزانيته السنوية التي تبلغ قرابة 130 مليار يورو على ترجمة وثائقه إلى اللغات الرسمية للدول الأعضاء التي يبلغ عددها 23 لغة.
 كما أن الإتحاد الأوروبي هو المكان الوحيد في العالم الذي وضع ميثاقا للغات الإقليمية أو لغات الأقليات مع لوائح لتشجيع وحماية هذه اللغات.
 و قال جاسكون إن دول أمريكا التي كانت خاضعة للإحتلال الأسباني أو البرتغالي لا تزال بعيدة عن وضع مثل هذا الميثاق، غير أنه تم اتخاذ خطوات مهمة خلال الأعوام الخمسين الأخيرة، وتتراوح هذه الخطوات بين وضع السكان الأصليين في الاعتبار إلى اعتراف جميع دساتير دول أمريكا اللاتينية بحقوق اللغات الأصلية. 
وأشار إلى أن هذه الحقوق تعد إجبارية في بعض الدول مثل بوليفيا. 
وأوضح جاسكون أنه ينبغي الآن اتخاذ خطوة تالية لكي يكون المواطنون قادرين على ممارسة هذه الحقوق، وهذا يتطلب استثمارا في كل قطاعات الادارة، كما أنه من المطلوب إنفاق الكثير من الأموال على المدرسين والقضاة والمسئولين والكتب والوثائق الرسمية. 
ويوجد بأمريكا اللاتينية أحد أعلى المعدلات للتنوع اللغوي في العالم.
 ويوجد ما يقدر بنحو ما بين 250 إلى 450 لغة حية في المنطقة، غير أن هذه اللغات في طريقها للإختفاء، وهناك نحو 600 لغة في جميع أنحاء العالم على وشك الانقراض، وتموت لغة كل أسبوعين تقريبا وكثير منها في أمريكا اللاتينية.
 وأكد جاسكون أن اللغة هي من بين أولى الأشياء التي لا يرغب الناس في التخلي عنها إذا كان هناك أمل في حياة أفضل وفرص أكبر.
 ويشبه بقاء اللغات على قيد الحياة نظرية داروين حول بقاء الكائنات الحية، فاللغات التي تتكيف بشكل أفضل مع الظروف العالمية هي الأكثر احتمالا للبقاء، كما أن اللغات المرتبطة بالدول القوية التي تتمتع بمصالح مالية أكثر قوة تكون في حالة أفضل. 
ومن الصعب أن نجد جهة تساند مشروعا تحريريا للغة كويشوا أو مجموعة للتواصل بلغة أيمارا.
 ومع ذلك بدأت بعض اللغات المحلية تكافح لتحافظ على وجودها، كما أن اللغة تعد في حد ذاتها سوقا، ففي الهند توجد مواقع إلكترونية باللغة الهندية يفوق عدد المواقع باللغة الانجليزية وهو أمر كان لا يمكن تخيله منذ عشرين عاما مضت، وهنا يمكن إثبات أن اللغة الأضعف هزمت اللغة الأقوى حيث تمتلك سلاحا فعالا وهو ملايين من مستخدمي الإنترنت بتلك اللغة.
 أما في أمريكا اللاتينية فان دخول المواطنين على المواقع الإليكترونية التي تستخدم اللغات الأصلية لا يزال محدودا على الرغم الاتجاه نحو التزايد.
وأشار جاسكون إلى أن ذلك يمثل أول فجوة رقمية يحتاج إلى سدها.
 وقال إن لغات الاقليات تحتاج إلى تقنيات جديدة  " مناسبة " لتصميم البرامج الإليكترونية والمحتوى الخاص بها، مشيرا إلى أن لغة كويشوا يتكلم بها 13 مليون شخص ومن السهل أن يكون لها مواقع إلكترونية وتطبيقات رقمية خاصة بها.
 وتساعد زيادة الوعي بالثقافة الأصلية وتأسيس شبكات للأقليات وجماعات الضغط السياسية على الحفاظ على اللغات حية .
 وأضاف جاسكون إن وصول زعماء مثل إيفو مورا ليس في بوليفيا للحكم لم يكن بمحض الصدفة، ومع ذلك فإن بوليفيا وهي دولة فقيرة يشكل السكان الأصليون ما نسبته 60 في المئة من سكانها تحتاج إلى المعونة الدولية لحماية الأقليات اللغوية فيها .
وأصبح جاسكون الذي يعيش في مدينة ساراقويسا التي تقع بين ولايتي قطالونيا والباسك خبيرا بطريقتين مختلفتين لحماية اللغات التي يتحدث بها سكان هاتين المنطقتين من إسبانيا وهما طريقتان تعدان الأكثر نجاحا في العالم. 
وأوضح جاسكون أنه تم الإعتراف بكل من قطالونيا والباسك كنموذجين في هذا الصدد، وهما نموذجان لأن هاتين اللغتين تعرضتا للإضطهاد خلال فترة الديكتاتورية التي استمرت 40 عاما في أسبانيا وفي خلال 30 عاما فقط استطاعتا التغلب على الفجوة والاستمرار في الحياة بشكل كامل.
ومن الصعب أخذ الدروس من هذه التجربة بحيث يمكن تطبيقها بسهولة على اللغات الأصلية في أمريكا اللاتينية.
 وتعد قطالونيا والباسك من أغني الولايات الإسبانية فمعدل التصنيع بهما كبير كما أن الإيرادات والدخل الفردي فيهما أعلى من المتوسط القومي على صعيد إسبانيا كلها، ومن هنا فإن المجتمعات المحلية فيهما تمتلك المال والنفوذ للتفاوض. 
وتم في الولايتين تطبيق برامج مكثفة للتعليم باللغات المحلية، وفي أمريكا اللاتينية يتعين على اللغات الأصلية البارزة عبر الحدود في ست أو سبع دول أن تتتعاون معا من أجل تنفيذ مثل هذه البرامج. 
وقال جاسكون إن " الوجاهة الاجتماعية " هى عنصر أساسي لاستمرار اللغة على قيد الحياة. 
وأوضح أن العامل الأساسي الذي يساعد على استمرار لغة ما هو الوجاهة الاجتماعية التي تمثلها هذه اللغة، ومن المهم أن يكافح المتحدثون باللغة من أجل الحفاظ عليها مثلما يفعل أهالي قومية جوراني حاليا بتأسيس الأكاديمية الخاصة بهم. 
غير أن جاسكون قال إن المساندة التمويلية هي الحد الأدنى لإنقاذ اللغات التي يمكن أن تموت ويجب أن تأتي المساعدة من الحكومات المحلية ورجال الأعمال. 
وأضاف إن التحدي الحقيقي يتمثل في الوصول إلى ما يسمى بالكتلة الحرجة التي يعني بها الحشد اللازم حتى تصبح اللغة مستحقة للمساعدة المالية، موضحا أن مثل هذه الكتلة الحرجة ستساعد جوجل على تطوير محرك للبحث بلغة الجوراني أو المساعدة في تمويل شركة محلية للبرمجيات تستخدم لغة أيمارا.

إيجناسيو نايا
الاحد 10 فبراير 2013