نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


حظر الهجرة يجبر مهربي البشر على البحث عن اعمال شريفة




أجاديز (النيجر) - كريستين باليتزا – يوجه المدرب بشير آما تعليماته بحماس وانفعال لأفراد فريق كرة القدم الذي يشرف عليه من حافة الملعب، وجاء اللاعبون الذين يشكلون الفريق من نيجيريا ومالي وساحل العاج والسنغال.



 
واللاعبون الشباب هؤلاء هم مهاجرين غير شرعيين، تقطعت بهم السبل في بلدة أجاديز الكائنة شمالي النيجر، حيث يلعبون في نادي "ناسارار" الذي يشرف عليه آما من أجل الحصول على الأموال التي تساعدهم على مواصلة رحلتهم إلى أوروبا.
وكلمة ناسارار تعني "الفرصة" في لغة الهاوسا المحلية بالنيجر، كما يقول المدرب آما، ذلك لأنه عندما يلتقي بمهاجرين يتمتعون بموهبة لعب كرة القدم، يعرض عليهم تجربة فرصة ثانية في الحياة عن طريق توقيع عقد معهم لممارسة اللعب مقابل أجور صغيرة.
ويعد تدريب فريق كرة القدم هو المهنة الثانية التي مارسها آما في حياته العملية، فحتى وقت قريب كان هذا الرجل الذي يبلغ من العمر 38 عاما يعمل في تهريب البشر، حيث يساعد الراغبين على السفر في رحلة عبر طرق صحراوية تحدق بها الأخطار تأخذهم من النيجر إلى ليبيا.
ويقول آما أنه اعتاد تنظيم هذه الرحلات لتسفير ما يصل إلى 250 شخصا كل أسبوع، مقابل رسوم تبلغ نحو 280 دولارا للشخص الواحد.
وسرعان ما حقق أما ثروة في بلدة أجاديز الصحراوية وهي بوابة للصحراء الأفريقية الكبرى، والتي يسافر عبرها سنويا عشرات الآلاف من الأشخاص المهاجرين معظمهم من منطقة غرب أفريقيا.
ولكن منذ أن حظرت حكومة النيجر رسميا في منتصف عام 2015 نقل المهاجرين عبر الصحراء الأفريقية، تغيرت حياة آما بشكل حاد.
ويشكو آما من أنه لم يحصل على سنت واحد خلال العامين الأخيرين، كما أن نادي كرة القدم الذي يرعاه لم يحقق أرباحا بعد.
ومن هنا فقد تقدم آما بطلب لصندوق الطوارئ التابع للاتحاد الأوروبي، للحصول على منحة قدرها 2800 دولار في إطار منح يقدمها الصندوق لتأسيس الشركات الناشئة، وذلك لإقامة مشروع خاص به.
وكان الاتحاد الأوروبي قد تعهد بدعم مشروعات التنمية الاقتصادية في النيجر بمنحها 2ر1 مليار دولار بحلول عام 2020، وذلك مقابل إغلاق طريق الهجرة الممتد من النيجر إلى ليبيا.
وفي حالة انطباق الشروط على آما الذي ينتمي إلى قومية الطوارق، فسيقوم بافتتاح متجر لبيع الملابس التقليدية.
ويعد آما واحدا من بين قرابة سبعة آلاف شخص "يمارسون أنشطة الهجرة"، التي تشمل تهريب البشر وأعمال الوساطة وقيادة السيارات، والذين حددتهم الحكومة في بلدة أجاديز التي يقطنها حوالي 120 ألف نسمة.
وبالإضافة إلى ذلك يتعيش عشرات الآلاف من السكان بشكل غير مباشر على الهجرة غير الشرعية، ومن بينهم أصحاب أماكن إيواء المهاجرين والأشخاص الذين يعملون في تغيير العملات، وقائدو سيارات الأجرة وأصحاب المطاعم ومصففي الشعر.
ويقول سيدي جوليس سكرتير المجلس المحلي للبلدة إنه منذ أن تم تنفيذ الحظر، عانى اقتصاد أجاديز من ركود كبير.
ويوضح قائلا إنه "تم اتخاذ قرار بأنه من الضروري إتاحة موارد جديدة للدخل لمهربي البشر السابقين".
وتقدم أكثر من 2300 شخص كانوا يمارسون في السابق نشاط تهريب البشر بطلبات للحصول على تمويل من مشروع الاتحاد الأوروبي الرائد، والذي تم بدء تنفيذه في تشرين ثان/نوفمبر الماضي.
ويأمل هؤلاء الأشخاص أن يفتتحوا متاجر لتفصيل الملابس، أو التدريب للعمل في صيانة السيارات أو إقامة مزارع لتربية الماشية، غير أنه في المرحلة الأولى من المشروع تم توفير التمويل لنحو 200 شخص فقط ممن تقدموا بالطلبات.
ويوضح جوليوس قائلا إنه يجب أن يكون مفهوما أن هذه الأموال التي تقدم لإقامة مشروعات ناشئة هي بمثابة نوع من المبادرة الرمزية، ويضيف "إننا بحاجة إلى إجراءات منظمة جيدا وبعيدة المدى لإتاحة الآلاف من الوظائف الحقيقية التي تدر عائدا حقيقيا".
ويتابع قائلا إنه يجب تنفيذ هذه الإجراءات بشكل سريع، حيث أن الكثيرين من مهربي البشر سيعودون إلى ممارسة نشاطهم السابق في السوق السوداء، في حالة افتقارهم إلى البدائل للحصول على الدخول.
وفي النيجر التي تعد واحدة من الدول الأكثر فقرا في العالم، حيث يبلغ متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد 380 دولارا سنويا وفقا لتقرير البنك الدولي، فإن الحصول على 2800 دولار يعد مبلغا كبيرا للغاية.
غير أن هذا المبلغ يعد زهيدا بالنسبة لمهربي البشر، وهذا هو السبب في أنه على الرغم من الحظر يواصل العديد من السكان المحليين في أجاديز العمل في تقديم الخدمات المتعلقة بتهريب المهاجرين في الخفاء.
وتعد أنشطة تهريب البشر عملا مغريا يحقق أرباحا كبيرة في أجاديز، حيث يحصل المهرب على دخل يصل إلى 15 ألف دولار في الشهر كما يقول ساليسو ليمان مدير منظمة "كاركارا" المحلية للمعونة، والتي تقدم المساعدة للاتحاد الأوروبي لتحديد الأشخاص المؤهلين للحصول على التمويل.
ويوضح ليمان أن الانسحاب من تجارة تهريب البشر يعد بالتالي قرارا يتعلق بالمسائل الأخلاقية بأكثر من كونه متعلقا بالأمور المالية.
ويقول ليمان"عليك أن تختار أساسا إما أن تكون مجرما يزاول نشاطه في العالم السري، أو أن تحصل على فرصة لبدء حياة جديدة".
واختار أمادو أوماكو أن يجرب حياة جديدة وإن جاء ذلك بعد تردد، ويريد أوماكو البالغ من العمر 52 عاما والذي كان يعمل من قبل في تجارة تهريب البشر أن يستخدم التمويل القادم من الاتحاد الأوروبي لبدء نشاط في سيارات الأجرة.
غير أن أوماكو وهو أب لثمانية أطفال يؤكد أيضا أنه لا يفهم السبب في أنه تم الآن تجريم مهنة مارسها بشكل لا يخالف القانون لمدة عقدين من الزمن، ويقول "إننا اعتدنا أن ننقل الناس مثلما تفعل وكالات السفر".
كما قدمت مارياما أمادو وهي صاحبة مطعم طلبا للحصول على تمويل الاتحاد الأوروبي، وصارت الطاولات في مطعمها خالية من الزبائن تقريبا بعد أن كان المطعم حافلا بالمهاجرين وأيضا بالسكان، على حد قول هذه السيدة التي تبلغ من العمر 34 عاما.
وتضيف أمادو إن دخلها انخفض إلى نحو أربعة دولارات في اليوم بعد أن كان يبلغ 110 دولارات يوميا، وهي تخطط لتجديد مطعمها باستخدام التمويل الأوروبي المخصص للمشروعات الناشئة، على أمل اجتذاب شريحة من الزبائن من ذوي الدخول المرتفعة.
وأصبح الاستمرار في تجارة تهريب البشر مسألة محفوفة بالمخاطر، ويقول مكتب المدعي العام في أجاديز إن قوات الأمن صادرت أكثر من 100 مركبة، وألقت القبض على عشرات من المهربين وسائقي السيارات الذين يستخدمونهم خلال العامين الماضيين، ويواجه المتهمون توقيع عقوبة السجن بحقهم لفترات قد تصل إلى 30 عاما.
وبالرغم من ذلك فإن كل من آما وأوماكو وأمادو يريد أن يرد على هذا الحظر ومقاومته، وهم أعضاء في رابطة تضم مهربي البشر السابقين في أجاديز، ويطالب أعضاء الرابطة الذين يبلغ عددهم عدة آلاف بإلغاء الحظر على نشاطهم السابق.
ويقول آما "إننا لن نجلس عاطلين للأبد، وإذا لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية سريعا، فسنعود لممارسة نشاطنا السابق".

كريستين باليتزا
الجمعة 11 ماي 2018